Feedback

غربة الروح

١. أترعي الكأس أدمعا و رحيقا
حقّ بعض الهموم أن لا نفيقا

٢. سلم الجمر لي و عاش بقلبي
أريحيّ اللّهيب عذبا أنيقا

٣. يا شامي يا قبلة الله للدنيا
و يا راحها المصفّى العتيقا

٤. أترع الكأس من هواك لتروى
كبدي من هواك لا لتذوقا

٥. مزّقيها تغمرك طيبا و نورا
لا تملّي الطيوب و التمزيقا

٦. لملم الفجر ذكرياتي دما سكبا
و مجدا غمرا و عهدا و ثيقا

٧. لملم الفجر ذكرياتي فما لملم
إلاّ أقاحيا و شقيقا

٨. كبريائي فوق النجوم و لولاها
لما كنت بالنجوم خليقا

٩. جلّ شعري – أقيه الرّوح من كلّ
هوان – و الشعر كالعرض يوقى

١٠. ما شكوت العدو كبرا و لكنّي
شكوت المبرّأ الموثوقا

١١. و أخا لي سقيته الودّ صرفا
فسقاني من ودّه الممذوقا

١٢. طبعي الحبّ و الحنان فما أعرف
للمجد غير حبّي طريقا

١٣. و كنوزي – و ليس تحرسها الجنّ
تنادي المحروم و المرزوقا

١٤. لم يضق بالعدوّ حلمي و غفراني
و أفدي بمقلتي الصديقا

١٥. لا أريد الإنسان إلاّ رحيما
باختلاف الهوى و إلاّ شفيقا

١٦. لي قبور كنزت فيها شبابي
و صبوحي على المنى و الغبوقا

١٧. يا قبور اللدات : كل شقيق
حاضن في الثرى أخاه الشقيقا

١٨. وسعت هذه القبور فؤادي
كيف تشكو – و هي في السماوات – ضيقا

١٩. كيف لا تنبت الرّياحين و الشوق
و قلبي على ثراها أريقا

٢٠. مقلتي يستحمّ في دمعها الطيف
و تحنو فلا يموت غريقا

٢١. ينزل الجرح من فؤادي على الحبّ
و يلقى التدليل و التشويقا

٢٢. شامة الفتح نام ( فارسك) النجد
و حقّ الوفاء أن يستفيقا

٢٣. سبقته أحبابه للمنايا
فرحمت المجلّى المسبوقا

٢٤. و نعم عدت ( للعقيق ) و لكن
فارق الأهل و اللدات (العقيقا )

٢٥. أنا كالطّير ألف صحراء لفّته
مهيض الجناح شلوا مزيقا

٢٦. مات أيكي و مات وردي فلا تعجيل
أعنى به و لا تعويقا

٢٧. غربتي قد سئمت غربة روحي
و مللت التّغريب و التّشريقا

٢٨. غربتي غربتي على النّأي و القرب
أراني إلى دجاها مسوقا

٢٩. حدت عنها غربا و شرقا و طوّفت
فما اجتزت سهمها المرشقا

٣٠. (فارس) المجد لم تزغرد
عذارى المجد إلاّ انتخى و كان و السّبوقا

٣١. و له الطّرفة المليحة تغني
عن نقاش و تسكت المنطيقا

٣٢. و بيان تخاله الوشي و الأطيا
ب شتّى و اللؤلؤ النسوقا

٣٣. فيه عمق البحار تزخر بالدرّ
و فيه متارف الموسيقا

٣٤. و ضمير يكاد يسرف في الحسّ
فيجزي حتّى الخفيّ الدّقيقا

٣٥. عالم يسكب العذوبة في العلم
فتستاف عنبرا مسحوقا

٣٦. يا لنسر تقحّم الشمس حتّى
ملّ عزّ الشموس و النحليقا

٣٧. حقّ عبئين من سنين و مجد
أن يكفّا من شأوه و يعوقا

٣٨. يهرم النسر فالطريق عثار
ذكريات الصبا زحمن الطريقا

٣٩. عبّ منها النسر الحبيس فردّته
لدنيا الشموس حرّا طليقا

٤٠. غمرت قلبه حنينا و أشواقا
و يمناه لؤلؤا و عقيقا

٤١. عالم الذكريات نمنمه الخالق
حتّى يدلّل المخلوقا

٤٢. هو من أريحيّة الله ماشئنا
رحيقا صفوا و مسكا فتيتا

٤٣. حال بيني و بين لقياك دهر
سامني عبئه فكنت المطيقا

٤٤. أنزلتني على فروق رزاياه
فحيّا عطر السماء (فروقا)

٤٥. ضاق لبنان بي و كان رحيبا
و تنزّى حقدا و كان رفيقا

٤٦. ما للبنان رحت أسقيه حبّي
و سقاني مرارة و عقوقا

٤٧. أنا أغليته بلؤلؤ أشعاري
و طوّقت جيده تطويقا

٤٨. و زرعت النّجوم في ليل لبنان
فرفّ الدّجى نديّا و ريقا

٤٩. دلهتني (سمراء لبنان ) أطيابا
و قدّا مهفهفا ممشوقا

٥٠. و جمالا غالى بزينته الله
و ثنّى و ثلّث التدقيقا

٥١. و عفافا ذاد الشفاه و خلىّ
للعيون السّلاف و التّحديقا

٥٢. جنّ قلب الدّجى بأهدابها الوطف
فأغنى جفنا و كحلّ موقا

٥٣. قد أرادوا لبنان سفحا ذليلا
و أردناه شامخا مرموقا

٥٤. و حمدت الجلىّ بلبنان لمّا
كشفت لي اليقين و التلفيقا

٥٥. إن عتبنا على الكنانة إدلالا
فقد يعتب الصّديق الصّديقا

٥٦. و هبتنا فرعونها و وهبناها
على العسر يوسف الصدّيقا

٥٧. كيف يشري العبيد كافور
بالمال و كافور كان عبدا رقيقا

٥٨. أرز لبنان لن يكون لكافور
متاعا و للأرقّاء سوقا

٥٩. يا قبور في الشام ربّ قبور
أنزلتها النوى مكانا سحيقا

٦٠. موحشات : إلاّ عزيفا من الجـ
ـنّ يرجّ الدّجى و إلاّ نعيقا

٦١. هائمات كالنور طارت صبابا
تي إليها فما استطعن اللحوقا

٦٢. غرّبتنا العلى قبورا و أحياء
و عاثت بشملنا تفريقا

٦٣. و اغتراب القبور من حيل المـ
ـوت ليخفى كنوزه و العلوقا

٦٤. تسمع الرّيح حين تصغي حنينا
من فؤادي على الثرى و شهيقا

٦٥. ما لقومي غال الحمام فريقا
منهم و العقوق غال فريقا

٦٦. ظلم الكنز أهله فتمنّى
أن يكون المبدّد المسروقا

٦٧. فارقوني معطّرين من الفتح
و خلّوا لي الأسى و الشهيقا

٦٨. أظمأتني وجوههم حين غابت
فأردت الذكرى سلافا و ريقا

٦٩. عهدها بالخلوق عهد قديم
ألفت غرّة المجلّى الخلوقا

٧٠. يا لدات الفتوح ، نسقي منايانا
و يسقينا الهوى ترنيقا

٧١. بيننا صحبة الاّباء و عزّ
أمويّ يطاول العيّوقا

٧٢. و كفاح كعصف ضجّ في الدّنيا
رعودا هدّارة و بروقا

٧٣. و المروءات كالغرائر في الرّيف
ملاح لا تعرف التزويقا

٧٤. و عقود من السنين نظمناها
سجونا و كبرياء و ضيقا

٧٥. نحن كنّا الزلزال نعصف بالشرق
نرجّ الشعوب حتّى تفيقا

٧٦. فابتدعنا من ألرؤى واقع الحقّ
و من غمرة الظلام البريقا

٧٧. نقحم الغامض الأشمّ من المجد
و نأبى الممهّد المطروقا

٧٨. نحن عطر السجون عطر المنايا
نحمل الجرح مطمئنا عميقا

٧٩. نحن كالشمس جرحها وهّج الدّنيا
غروبا منوّرا و شروقا

٨٠. نحن و الشام و الفتوحات و الأحزان
دنيا تزيّنت لتروقا

٨١. ما درى الشرق قبلنا سكرة الحقّ
و لا خمرها و لا الراووقا

٨٢. نحن عشق للغوطتين براه الله
حتّى يؤلّه المعشوقا

٨٣. نحن في الكأس نغمة ، نحن في النـ
ـغمة صهباء : صفّقت تصفيقا

٨٤. خمرة النّور خمرة الثأر و الإيمان
طابت بردا و طابت حريقا

٨٥. يعرف الحقّ قيمة الجوهر
الفرد و يغلى جديده و العتيقا

٨٦. يعذر الحرّ حين لا يخطئ العزم
و إن كان اخطأ التوفيقا

٨٧. يا رئيسي من أربعين زحمناها
إباء مرّا و بأسا حنيقا

٨٨. أنت نشّأتني على الصبر و العزّ
كما تلاهف الحسام الذليقا

٨٩. مننتدى الشام و الوزارة ضماّنا عريقا
يفي هواه عريقا

٩٠. و هموم كأنّهن الأمانيّ جمـ
ـالا و نشوة و سموقا

٩١. مترفات ترعرعت في فؤادينا
و طابت شمائلا و عروقا

٩٢. يرد الخطب منك قلبا سريّا
و بيانا عفّا و وجها طليقا

٩٣. من يعلّ النديّ بعدك بالشهـ
ـد المصفّى و من يسدّ الفتوقا

٩٤. هدرت بالنديّ خطبتك الشمّاء
و الريق لا يبلّ الحلوقا

٩٥. أنكرتك الحياة بالشيب و السقـ
ـم فهيّء للفارك التطليقا

٩٦. حمل الموت من لداتك شوقا
يستحثّ الخطى و عتبا رقيقا

٩٧. و كتابا من الهوى نمّوقه
فأجادوا البيان و التنميقا

٩٨. و طيوفا تبرّجت لكرى جفنيك
حتّى يرضى و حتّى تليقا

٩٩. غيّب القبر منك شمّاء مجد
وعرة تزحم النجوم سحوقا

١٠٠. يتلقّاك (هاشم) في ربى عدن
و يستقبل المشوق المشوقا

١٠١. حيّ عنّي سعدا و قبّل محيّا
كالضحى باهر السنى مرموقا

١٠٢. و أبا أسعد سقته دموعي
و سليمان ( و النّديم ) الصّدوقا

١٠٣. و اسق (قدري) و (عادلا) و (جميلا)
من حنيني طيب الهوى و الرّحيقا

١٠٤. و اشك حزني (لمظهر) و (نجيب)
راع دهر أخاكما فأفيقا

١٠٥. لي حقوق على القبور الغوالي
و يوفّى قبر الكريم الحقوقا