١. عفت الديار و أنكرت قصّادها
حيّا الحيا تلك الديار و جادها
٢. أبلت بشاشتها الخطوب و أقصدت
فرسانها و تخرّمت أجوادها
٣. و أباد فتيتها الزمان و طالما
مرّ الزمان بفتية فأبادها
٤. هي حسرة فازدد و أنت أخو هوى
حقّ الوفاء عليك أن تزدادها
٥. حيّيتهنّ منازلا مهجورة
سبت المنيّة هندها و سعادها
٦. و حبست فيهنّ المطيّ مسائلا
عن أهل ودّك نؤيها و ثمادها
٧. و سكبت ما شاء الهوى بطلولها
حمر الدّموع . أما تخاف نفادها ؟
٨. تلك الدموع قصيدة قد جوّدت
عيناك يوم فراقهم إنشادها
٩. من أنّه الثكلى أخذت رويّها
و من القلوب قد استعرت مدادها
١٠. جاءت مهذّبة القوافي ما اشتكت
إبطاءها و زحافها و سنادها
١١. فإذا تلتها العين و هي نديّة
سكر الزمان بلحنها فأعادها
١٢. الحزن أرسلها و وقّع لحنها
واختار في شوط القريض جيادها
١٣. غرّاء هذّبها و أحكم صنعها
صنع البيان فأتعبت نقّادها
١٤. الشعر ما ملك النفوس و هزّها
و أثار ثائرها الكمين وقادها
١٥. تتلو الطبيعة في الصباح قصائدا
بذّت بهنّ لبيدها وزيادها
١٦. إنّي لتطربني الحمامة أنشدت
فوق الغصون فرنّحت ميّادها
١٧. و يهزّني لحن النسيم مقبّلا
نور الخمائل لاثما أورادها
١٨. و الصبح مرّ على الربى بحنانه
فكسى بلؤلؤ دمعه أجيادها
١٩. والموج يخطب في الصخور مثرثرا
حنقا و ينقم كبرها و عنادها
٢٠. و الليل غطّى في رداء سكونه
جسم البسيطة شمّها ووهادها
٢١. يا نفحة حملت إليّ من الربى
غبّ الرّبيع شقيقها و زبادها
٢٢. أمّي الجزيرة و اسرقي من غيدها
برد الثغور على الصبا و برادها
٢٣. ما للجزيرة. لا تفيق من الكرى
طلع الصباح فنبّهي آسادها
٢٤. ملّ الشعوب من الرقاد و بكّروا
للطيّبات فهل تملّ رقادها
٢٥. بنت الغزاة الفاتحين تحكّمت
فيها العداة و أحكمت أصفادها
٢٦. ملكوا عليها الدجلتين و حرّموا
بردى وذادوا بالظبى ورّادها
٢٧. و كست جنودهم العواصم فارتدّت
ثوب الحداد وودّعت أعيادها
٢٨. يا للعواصم خطّة مغزوّة
ملك الغريب بياضها و سوادها
٢٩. الدهر فلّ سيوفها هنديّة
بيضا و حطّم بالقراع صعادها
٣٠. مدّت إلى الفيحاء كفّ رجائها
متروكة و ترقّبت إسعادها
٣١. ما أسرع الفيحاء ، لولا أنّها
طغت الخطوب فرّيثت أنجادها
٣٢. و شكت لبغداد الخطوب و ما درت
أنّ الخطوب تعرّقت بغدادها
٣٣. حبست مياه الرّافدين و حلاّت
عن ورد دجلة لخمها و إيادها
٣٤. و يح العروبة ! حلّمت أحبابها
ريب الزمان و نزّقت حسّادها
٣٥. هي جنّة ما ارتادها ذو شرّة
إلاّ و أطمع حسنها مرتادها
٣٦. كالطير أسكر لحنها صيّادها
فمشى إليها بالردى و اصطادها
٣٧. ذاك الجمال جنى على أبنائها
ظلما و جلّل بالأذى أحفادها
٣٨. و لقد أقول لغاصبين مشوا بها
مرحا و أثقلها الشقاء و آدها
٣٩. هي جذوة حاولتم إطفاءها
و الظلم راح محولا إيقادها
٤٠. أقبلتم كالمرشدين و ساءكم
بعد الكرى أن تستبين رشادها
٤١. قلتم نؤيّد منعة استقلالها
لكنكم أيّدتم استبعادها
٤٢. إنّ الغزالة لو ملكتم أمرها
لحبستم عن جلّق آرادها
٤٣. يا عصبة الأمم القوية . حاذري
بأس الضعاف و حزمها و كيادها
٤٤. لا تأمني بأس الأعراب إنّهم
كادت تفارق بيضهم أغمادها
٤٥. و كأنّني بالصيد من أمرائها
يوم الحميّة أنكرت أحقادها
٤٦. و كأنّني بالتاج ألّف شملها
نظما و لمّ نثيرها و بدادها
٤٧. هلّلت للنشء الجديد و قد مشى
يصلى الحياة و حربها و جهادها
٤٨. و خشعت للنشء الجديد و قلت ذا
جند الشام فمن يطيق جلادها
٤٩. حيّيت فيه حماتها أبطالها
يوم النزال كماتها قوّادها
٥٠. تلك المهار و لا أكابد لوعة
إن مدّ في عمري شهدت طرادها