Feedback

على أطلال الجزيرة العربية

١. عفت الديار و أنكرت قصّادها
حيّا الحيا تلك الديار و جادها

٢. أبلت بشاشتها الخطوب و أقصدت
فرسانها و تخرّمت أجوادها

٣. و أباد فتيتها الزمان و طالما
مرّ الزمان بفتية فأبادها

٤. هي حسرة فازدد و أنت أخو هوى
حقّ الوفاء عليك أن تزدادها

٥. حيّيتهنّ منازلا مهجورة
سبت المنيّة هندها و سعادها

٦. و حبست فيهنّ المطيّ مسائلا
عن أهل ودّك نؤيها و ثمادها

٧. و سكبت ما شاء الهوى بطلولها
حمر الدّموع . أما تخاف نفادها ؟

٨. تلك الدموع قصيدة قد جوّدت
عيناك يوم فراقهم إنشادها

٩. من أنّه الثكلى أخذت رويّها
و من القلوب قد استعرت مدادها

١٠. جاءت مهذّبة القوافي ما اشتكت
إبطاءها و زحافها و سنادها

١١. فإذا تلتها العين و هي نديّة
سكر الزمان بلحنها فأعادها

١٢. الحزن أرسلها و وقّع لحنها
واختار في شوط القريض جيادها

١٣. غرّاء هذّبها و أحكم صنعها
صنع البيان فأتعبت نقّادها

١٤. الشعر ما ملك النفوس و هزّها
و أثار ثائرها الكمين وقادها

١٥. تتلو الطبيعة في الصباح قصائدا
بذّت بهنّ لبيدها وزيادها

١٦. إنّي لتطربني الحمامة أنشدت
فوق الغصون فرنّحت ميّادها

١٧. و يهزّني لحن النسيم مقبّلا
نور الخمائل لاثما أورادها

١٨. و الصبح مرّ على الربى بحنانه
فكسى بلؤلؤ دمعه أجيادها

١٩. والموج يخطب في الصخور مثرثرا
حنقا و ينقم كبرها و عنادها

٢٠. و الليل غطّى في رداء سكونه
جسم البسيطة شمّها ووهادها

٢١. يا نفحة حملت إليّ من الربى
غبّ الرّبيع شقيقها و زبادها

٢٢. أمّي الجزيرة و اسرقي من غيدها
برد الثغور على الصبا و برادها

٢٣. ما للجزيرة. لا تفيق من الكرى
طلع الصباح فنبّهي آسادها

٢٤. ملّ الشعوب من الرقاد و بكّروا
للطيّبات فهل تملّ رقادها

٢٥. بنت الغزاة الفاتحين تحكّمت
فيها العداة و أحكمت أصفادها

٢٦. ملكوا عليها الدجلتين و حرّموا
بردى وذادوا بالظبى ورّادها

٢٧. و كست جنودهم العواصم فارتدّت
ثوب الحداد وودّعت أعيادها

٢٨. يا للعواصم خطّة مغزوّة
ملك الغريب بياضها و سوادها

٢٩. الدهر فلّ سيوفها هنديّة
بيضا و حطّم بالقراع صعادها

٣٠. مدّت إلى الفيحاء كفّ رجائها
متروكة و ترقّبت إسعادها

٣١. ما أسرع الفيحاء ، لولا أنّها
طغت الخطوب فرّيثت أنجادها

٣٢. و شكت لبغداد الخطوب و ما درت
أنّ الخطوب تعرّقت بغدادها

٣٣. حبست مياه الرّافدين و حلاّت
عن ورد دجلة لخمها و إيادها

٣٤. و يح العروبة ! حلّمت أحبابها
ريب الزمان و نزّقت حسّادها

٣٥. هي جنّة ما ارتادها ذو شرّة
إلاّ و أطمع حسنها مرتادها

٣٦. كالطير أسكر لحنها صيّادها
فمشى إليها بالردى و اصطادها

٣٧. ذاك الجمال جنى على أبنائها
ظلما و جلّل بالأذى أحفادها

٣٨. و لقد أقول لغاصبين مشوا بها
مرحا و أثقلها الشقاء و آدها

٣٩. هي جذوة حاولتم إطفاءها
و الظلم راح محولا إيقادها

٤٠. أقبلتم كالمرشدين و ساءكم
بعد الكرى أن تستبين رشادها

٤١. قلتم نؤيّد منعة استقلالها
لكنكم أيّدتم استبعادها

٤٢. إنّ الغزالة لو ملكتم أمرها
لحبستم عن جلّق آرادها

٤٣. يا عصبة الأمم القوية . حاذري
بأس الضعاف و حزمها و كيادها

٤٤. لا تأمني بأس الأعراب إنّهم
كادت تفارق بيضهم أغمادها

٤٥. و كأنّني بالصيد من أمرائها
يوم الحميّة أنكرت أحقادها

٤٦. و كأنّني بالتاج ألّف شملها
نظما و لمّ نثيرها و بدادها

٤٧. هلّلت للنشء الجديد و قد مشى
يصلى الحياة و حربها و جهادها

٤٨. و خشعت للنشء الجديد و قلت ذا
جند الشام فمن يطيق جلادها

٤٩. حيّيت فيه حماتها أبطالها
يوم النزال كماتها قوّادها

٥٠. تلك المهار و لا أكابد لوعة
إن مدّ في عمري شهدت طرادها