Feedback

كتب العذار على الخدود سطورا

١. كتبَ العذارُ على الخدودِ سُطورا
من يَتْلُها يَكُ في الهوى معذورا

٢. وبدا البنفسجُ بينَ وردِ خدودهم
غضاً فمازج وردها الكافورا

٣. فكسا ربيعُ الحُسنِ روضَ جمالهم
من نورِه فوقَ الحريرِ حريرا

٤. ومعنبرُ الصدغينِ ضم عِذاره
في عارضيهِ إلى العبيرِ عبيرا

٥. بدرٌ به كلفُ العبادِ فيا لَهُ
عجباً فقد شابَ الظلامُ النورا

٦. يا للرجالِ لمقلةٍ مخمورةٍ
يغدو المحب بكأسِها مخمورا

٧. أَبكي ويضحكُ كالغمامِ إذا بكى
حُزناً تبسمت الرياضُ سرورا

٨. وترى لآليء ثغرهِ منظومةً
ولديه لؤلؤ عبرتي منثورا

٩. عهدي به والعيشُ صافٍ شربُهُ
والدهرُ لم يُحدثُ له تكديرا

١٠. يا حبذا ليلٌ يُقضى بالمنى
طالَ السرورُ به وكان قَصيرا

١١. ولقد أَلفتُ نِفارَها وهَوَيْتُها
إذ ليس يُنكَرُ للظباءِ نِفارُ

١٢. يا جارةً للقلبِ جائرةً دعي
ظُلمي وإلا قلتُ جارَ الجارُ

١٣. قلبي كطرفي ما يفيقُ إفاقةً
سكران ما دارتْ عليه عُقارُ

١٤. صَبٌّ بصب الدمعِ محترق الحشا
خطرت ببال بلائهِ الأَخطارُ

١٥. لم يخشَ من خطرِ الهوى حتى حمى
ذاكَ القوام شبيهه الخطارُ

١٦. يذري الدموعَ كأنهن عوافٌ
لابْنِ المملكِ شيركوه غزارُ

١٧. من آلِ شاذي الشائدينَ بنا العُلَى
أَركانُهن لَها ذمٌ وشفارُ

١٨. حسنتْ بهم للدولةِ الأيامُ وال
أَعمالُ والأَحوالُ والآثارُ

١٩. قد حازَ ملكَ الشامِ يوسفٌ الذي
في مصر تغبطُ عصرَهُ الأعصارُ

٢٠. نصرَ الهُدى فتوطدَ الإسلامُ في
أَيامهِن وتضعضعَ الكُفارُ

٢١. وكتيبةٍ مثل الرياضِ كأنما
راياتُها منشورةٌ أَزهارُ

٢٢. وكأنما خُضرُ البيارقِ للقنا
وُرقٌ وهاماتُ العُداة ثمارُ

٢٣. وكمائمُ الأَغماد عن زهرِ الظبى
فتقت فكل صقيلةٍ نُوَارُ

٢٤. وعلى شعاعِ الشمسِ لمع حديدها
يبدو كما يعلو اللجَين نُضارُ

٢٥. عَبيتَها بعزيمةٍ مشفوعةٍ
بالنصرِ منكَ تُعينُها الأَقدارُ

٢٦. لما لقيتَ جموعهم منظومةً
صيرتَ ذاكَ النظمَ وهو نثارُ

٢٧. في حالَتَيْ جُودٍ وبأسٍ لم يزلْ
للتبرِ والأَعداءِ منك تَبارُ

٢٨. تهبُ الأُلوفَ ولا تهابُ أَلوفَهم
هانَ العدو عليكَ والدينارُ

٢٩. لما جرى العاصي هنالك طائعاً
بدمائهم فخرتْ به الأَنهارُ

٣٠. وتحطمتْ عند القرون قرونُهم
بل كلت الأنيابُ والأظفارُ

٣١. عبروا المعرةَ مالكينَ معرةً
والعارُ يملك تارةً ويعارُ

٣٢. أو ما كفاهم يوم حمص وكفهم
في بعلبك بمثلها الإنذارُ

٣٣. أهلي بجلقَ والعراق مراقبو
حالي وطرفُ رجائهم نظارُ

٣٤. بادرتُ نحوكَ بالرجاءِ مؤملاً
ليكونَ منكَ إلى النجاحِ بدار

٣٥. وقطعتُ أَبوابَ الملوكِ إليكم
والصفُو تحجزُ دونَهُ الأكدارُ

٣٦. ما منزلٌ من يرى في
هِ غير عارٍ فعار

٣٧. به تماطُ الأذايا
وترخَصُ الأوضارُ

٣٨. والعيشُ فيه قريرٌ
والطيشُ فيه وقارُ

٣٩. والسبتُ في كل يومٍ
لمن يرى مختارُ

٤٠. نارٌ تطيبُ أَلا اعجبْ
لجنةٍ هي نارُ

٤١. لئنْ مَنَعَ الغيثُ عن زورةٍ
فغيثُ فضائلهِ زائرُ

٤٢. وما غابَ مَنْ شخصُ آلائهِ
إذا غابَ عن ناظري حاضرُ

٤٣. بدُركَ فُزْتُ وهل فائزٌ
بدُركَ في صفقةٍ خاسرُ

٤٤. وما روضةٌ أُنُفٌ نَوْرُها
لناظرِ ذي طربٍ ناضرُ

٤٥. بنفسجُها عارضٌ مُغْزِرٌ
ونرجسهُا ناظرٌ ساحرُ

٤٦. فثغرُ الأَقاحي بها باسمٌ
ووجهُ الأَماني لها ناشرُ

٤٧. كأن سقيطَ الندى بينها
لآليءُ ينثُرُها ناثرُ

٤٨. بأحسنَ من روضِ أشعارهِ
وقد جادَها فضلُهُ الماطرُ

٤٩. تَقر بقُربكَ لا بل يَقر
برؤيتكَ القلبُ والناظرُ

٥٠. أَقول لركبٍ بالخيارةِ نُزلٌ
أَثيروا فما لي في المقامِ خيارُ

٥١. همُ رحلُوا عنكَ الغداةَ وما دَرَوا
بأَنهمُ قد خَلفوكَ وساروا

٥٢. حليفُ اشتياقٍ لا ترى من تحبهُ
وفي القلبِ من نارِ الغرامِ أُوارُ

٥٣. أَجيروا من البلوى فؤادي فعندكم
ذمامٌ له يا سادتي وجوارُ

٥٤. المشمسُ لانتظارِنا مصفر
والروضُ إلى لقائنا مُفتر

٥٥. قمْ نغتنم الوقتَ فهذا العمرُ
لا لبثَ له فمَنْ بهِ يَغتر

٥٦. بلغتَ بالجد ما لا يبلغُ البشرُ
ونلتَ ما عَجَزتْ عن نيلهِ القُدَرُ

٥٧. يهتدي للذي أَنت اهتديتَ له
ومن له مثلُ ما أَثرتَهُ أَثرُ

٥٨. أَسرتَ أم بسُراك الأرضُ قد طويتْ
فأنتَ إسكندرٌ في السيرِ أم خَضرُ

٥٩. أوردْتَ خيلاً بأقصى النيلِ صادرةً
عن الفراتِ يقاضي وِرْدَها الصدَرُ

٦٠. تناقلتْ ذكرَكَ الدنيا فليس لها
إلا حديثكَ ما بينَ الورى سمرُ

٦١. فأنتَ مَنْ زانتِ الأيامُ سيرته
وزادَ فوقَ الذي جاءَتْ بهِ السيرُ

٦٢. لو في زمانِ رسول الله كنتَ أتت
في هذه السيرةِ المحمودةِ السورُ

٦٣. أصبحتَ بالعدلِ والإقدام مُنفرداً
فقل لنا أَعليٌّ أنتَ أم عمرُ

٦٤. إسكندرٌ ذكروا أخبارَ حكمته
ونحنُ فيكَ رأينا كل ما ذكروا

٦٥. ورُستمٌ خبرونا عن شجاعتهِ
وصارَ فيك عياناً ذلك الخبرُ

٦٦. إفخْر فإن ملوكَ الأرضِ أذهلهمْ
ما قد فعلتَ فكلٌّ فيكَ مفتكرُ

٦٧. سهرتَ إذ رقدوا بل هجتَ إذ سكنوا
وصُلْتَ إذ جبنوا بل طلتَ إذ قصروا

٦٨. يستعظمونَ الذي أدركتَهُ عجباً
وذاكَ في جنبِ ما نرجوهُ محتقرُ

٦٩. قضى القضاء بما نرجوه عن كثبٍ
حتماً ووافقكَ التوفيقُ والقدرُ

٧٠. شكتْ خيولُكَ إدمانَ السرى وشكتْ
من فَلها البيضُ بل من حَطْمها السمرُ

٧١. يَسرْتَ فتحَ بلادٍ كانَ أَيسرُها
لغيرِ رأيكَ قُفلاً فَتحُهُ عَسِرُ

٧٢. قرنتَ بالحزمِ منكَ العزمَ فاتسقتْ
مآربٌ لكَ عنها أَسفرَ السفرُ

٧٣. ومَنْ يكونُ بنورِ الدينِ مُهتدياً
في أَمرِهِ كيف لا يقوى له المرَرُ

٧٤. يرى برأيكَ ما في الملكِ يبرمُهُ
فأنتَ منه بحيثُ السمعُ والبَصرُ

٧٥. لقد بغتْ فئةُ الإفرنجِ فانتصفتْ
منها بإقدامكَ الهنديةُ البترُ

٧٦. غرستَ في أرضِ مصر من جسومهمُ
أَشجارَ خط لها من هامهم ثمرُ

٧٧. وسالَ بحرُ نجيعٍ في مقامِ وغى
به الحديدُ غمامٌ والدمُ المطرُ

٧٨. أَنهرتَ منهم دماءً بالصعيدِ جرى
منها إلى النيلِ في واديهمُ نَهَرُ

٧٩. رأوا إليكَ عبورَ النيلِ إذ عدموا
نصراً فما عبروا حتى اعتبروا

٨٠. تحتَ الصوارمِ هامُ المشركينَ كما
تحتَ الصوالجِ يوماً خفتِ الأُكرُ

٨١. أَفنتْ سيوفُكَ مَن لاقتْ فإنْ تركتْ
قوماً فهم نفرٌ من قبلها نفروا

٨٢. لم ينجُ إلا الذي عافته من خبثٍ
وحشُ الفلا وهو للمحذورِ منتظرُ

٨٣. والساكنونَ القصورَ القاهرية قد
نادى القصورُ عليهم أنهم قُهروا

٨٤. وشاورٌ شاوروه في مكائدهم
فكادَهُ الكيدُ لما خانه الحذرُ

٨٥. كانوا من الرعبِ موتى في جلودهم
وحين أَمنْتَهم من خوفهم نُشروا

٨٦. وإِن من شيركوه الشركَ منخزلٌ
والكفرَ منخذلٌ والدينَ منتصرُ

٨٧. عول على فئةٍ عندَ اللقاءِ وفتْ
وعد عن تركمانٍ قبلهُ غدروا

٨٨. وكيف يُخذلُ جيشٌ أَنتَ مالكُه
والقائدانِ له التأييدُ والظفرُ

٨٩. أَجابَ فيكَ إلهُ الخلقِ دعوةَ مَنْ
يطيبُ بالليلِ من أَنفاسهِ السحرُ

٩٠. قل في الكرامِ لهُ
مُشبهٌ وإنْ كثروا

٩١. همةٌ مباركةٌ
في الشفا لها أَثرُ

٩٢. ليس في السيوفِ سوى
للمهند الأَثرُ

٩٣. عيدانِ فطْرٌ وطُهرُ
فتحٌ قريبٌ ونَصْرُ

٩٤. ذا موسمُ للأماني
بالنجحِ موفٍ مُبر

٩٥. وذاكَ موسمُ نُغْمَى
أَخلافُها تستدر

٩٦. هذا من الصومِ فطر
وذاك للصومِ بَدْرُ

٩٧. كلاهما لكَ فيه
حقاً هناءٌ وأَجرُ

٩٨. وفيهما بالتهاني
رسمٌ لنا مستمرُ

٩٩. طهارةٌ طابَ منها
أَصلٌ وفرعٌ وذكرُ

١٠٠. نجلٌ على الطهْرِ نامٍ
زكا له منكَ نجرُ

١٠١. محمود الملكُ العا
دلُ الكريمُ الأَغرُ

١٠٢. وبابنهِ الملك الصا
لحِ العيونُ تَقرُ

١٠٣. مولىً به اشتد للدي
نِ والشريعةِ أَزْرُ

١٠٤. نورٌ تجلى عياناً
ما دونَهُ اليومَ ستْرُ

١٠٥. أَضحتْ مساعيكَ غُراً
كما أَياديكَ غُزرُ

١٠٦. وكل قصدِكَ رُشْدٌ
وكل فعْلكَ برُ

١٠٧. وإن حبكَ دينٌ
وإن بغضَكَ كفُرُ

١٠٨. لنا بيُمناكَ يُمْنٌ
كما بيُسراكَ يُسْرُ

١٠٩. وللموالين نفعٌ
وللمعادينَ ضُرُ

١١٠. وللسماءِ سحابٌ
وسحبُ كَفيكَ عشرُ

١١١. ناديك بالرفدِ رحبٌ
نداكَ للوفدِ بحرُ

١١٢. عدلٌ عميمٌ وجودٌ
غمرٌ ويسرٌ وبشرُ

١١٣. وفي العطِيةِ حلوٌ
وفي الحمِيةِ مُر

١١٤. قد استوى منك تقوَى ال
لهِ سر وجَهرُ

١١٥. تُقاكَ والملكُ عندَ ال
قياسِ عقد ونحرُ

١١٦. يا أَعظمَ الناسِ قدراً
وهل لغيرِكَ قدرُ

١١٧. وساهراً حين ناموا
وقائماً حين قروا

١١٨. ما اعتدتَ إلا وفاءً
وعادةُ القومِ غدرُ

١١٩. وفعلُكَ الدهرَ غزوٌ
للمشركينَ وقهرُ

١٢٠. وفعلُ غيرِكَ ظلمٌ
للمسلمين وقسرُ

١٢١. يفتر من كل ثغرٍ
إلى ابتسامكَ ثغرُ

١٢٢. رومٌ به وفرنجٌ
في شَفْعهم لكَ وترُ

١٢٣. حربٌ عوانٌ وفتحٌ
على مرادكَ بكرُ

١٢٤. بنو الأَصافرِ من خش
يةِ انتقامكَ صفرُ

١٢٥. لم يبقَ للكفرِ ظفرٌ
لا كان للكفرِ ظفْرُ

١٢٦. وما دَجَى ليلُ خطبٍ
إلا وعزمُكَ فجرُ

١٢٧. أَصبحتَ بالغزوِ صَباً
وعنه مالكَ صبر

١٢٨. لكسرِ كل يتيمٍ
إسعافُ بركَ جبرُ

١٢٩. في كل قلبِ حسودٍ
من حر بأْسكَ جمرُ

١٣٠. تمل تطهيرَ مَلْكٍ
له الملوكُ تَخرُ

١٣١. يُزْهَى سريرٌ وتاجٌ
به ودستٌ وصدرُ

١٣٢. وكيف يعملُ للطا
هرِ المطهرِ طهرُ

١٣٣. هذا الطهورُ ظهورٌ
على الزمانِ وأَمرُ

١٣٤. وذا الختانُ ختامٌ
بمسكهِ طابَ نشرُ

١٣٥. رزقتَ عمراً طويلاً
ما طالَ للدهرِ عُمرُ

١٣٦. كيفَ قُلتم في مقلتيهِ فتورُ
وأَراها بلا فتورٍ تجورُ

١٣٧. لو بَصُرْتُمْ بلحظه كيفَ يَسْبي
قُلتُم ذاكَ كاسرٌ لا كَسيرُ

١٣٨. مُوترٌ قَوْسَ حاجبيهِ لإصما
ءِ فؤادي كأنهُ مَوْتورُ

١٣٩. لا تَسَلْني عن اللحاظِ فعقلي
طافحٌ من عُقارِهن عَقيرُ

١٤٠. كيف يَصْحو من سُكره مُستهامٌ
مَزجَتْ كأسَهُ العُيونُ الحُورُ

١٤١. أَوْرَثتْه سقامَها الحَدَقُ النج
لُ وأَهدتْ له النحولَ الخصورُ

١٤٢. ما تَصيدُ الأُسدَ الخوادِرَ إلا
ظَبَياتُ كناسهن الخُدورُ

١٤٣. كُل غُصنيهِ الموشحِ هَيْفا
ءَ على البَدْرِ جَيْبُها مَزور

١٤٤. وجناتٌ تُجنى الشقائق منها
وثنايا كأَنها المنثورُ

١٤٥. وبنفسي مُعنبرُ الصَدغِ والعا
رض فوقَ العبيرِ منه العبيرُ

١٤٦. مقْطَعٌ للقُلوبِ يَقطعُ فيها
باقتدارٍ وخَطهُ المَنشورُ

١٤٧. فتأمَل منه عذاريهِ تعلم
أَن معذولَ حُبهِ معذورُ

١٤٨. مُنثني العطفِ مُنتشي الطرفِ في في
هِ الحُميا وطَرْفُهُ المخمورُ

١٤٩. أَيسَ العاذلون مني فيه
مثلما خابَ في قبولي المشيرُ

١٥٠. ألأمْرِ المَلامِ يَنْقادُ قلبي
وعليهِ من الغَرامِ أَميرُ

١٥١. قلْ لحُلْوٍ حالٍ من الحُسنِ في هج
رِكَ حالي حَزْنٌ وعَيْشي مَريرُ

١٥٢. بفؤادي حَلَلْتَ والنارُ فيه
فيه منكَ جنةٌ وسَعيرُ

١٥٣. نارُ قلبي لضيفِ طيفك تبدو
كل ليلٍ فيهتدي ويَزُورُ

١٥٤. وأَرَى الطَيفَ ليس يَشْفي غليلي
كيفَ يَشفْي الغليلَ زَوْرٌ زُوْرُ

١٥٥. ما مُدامٌ يُديرها ثَملُ العط
فِ بنَفْسي كؤوسُها والمدُيرُ

١٥٦. بنْتُ كرمٍ تُجلَى على ابنِ كريمٍ
وجهُهُ من شُعاعها مُستنيرُ

١٥٧. من سَنا كأْسها المعاصمُ والأَن
فُسُ فيها أَساوِرٌ وسُرورُ

١٥٨. ولها في الكؤوسِ في حالة المَزْ
جِ حبابٌ وفي النفوسِ حُبورُ

١٥٩. وكأن الحبابَ في الكأسِ منها
شَرَرٌ فوقَ نارهِ مُستطيرُ

١٦٠. طابَ للشاربينَ منها الهوا
ءانِ فَلَذ الممدودُ والمقصورُ

١٦١. من يَدَيْ ساحرِ اللواحظِ قلبي
بهواهُ مُسْتَهْتَرٌ مَسْحُورُ

١٦٢. للحُميا في فيهِ طعمٌ وفي عي
نيهِ سُكْرٌ وفوقَ خديه نُورُ

١٦٣. من سجايا الصلاحِ أَبْهى وهذا
مَثَلٌ دونَ قَدْرِه مذكورُ

١٦٤. ما رياضٌ بنَوْرِها زاهراتٌ
غَردتْ في غُصونهن الطيورُ

١٦٥. كل غصنٍ عليه من خَلعِ النوْ
رِ رداءٌ ضافٍ ووشيٌ حَبيرُ

١٦٦. وُرْقُها في منابرِ الأَيكِ منها
واعظاتٌ من شأنها التذكيرُ

١٦٧. وكأن الروضَ الأَنيقَ كتابٌ
وكأَن الأَشجارَ فيه سطورُ

١٦٨. أشبَهَ الشرْبُ فيه شارِبَ أَلْمَى
أَخضر النبتِ والرضابُ نميرُ

١٦٩. وكأَن الهَزارَ راهبُ دَيْرٍ
بألحانهِ تَحَلى الزبورُ

١٧٠. وكأن القمري مقرىء آيٍ
قد صفا منه صوتهِ والضميرُ

١٧١. كمعاني مَدْحيك حُسناً ومن أَي
نَ يُباري البحرَ الخضَم الغديرُ

١٧٢. مستجيرٌ جَوْري وإني منه
بابنِ أَيوبَ يوسفٍ مستجيرُ

١٧٣. أَنتَ مَنْ لم يَزَلْ يَحن إليهِ
وهو في المَهدِ سَرْجُهُ والسريرُ

١٧٤. فضلهُ في يَدِ الزمانِ سوارٌ
مثلما رأيُه على المُلْكِ سُورُ

١٧٥. كَرَمٌ سابغٌ وجُودٌ عميمٌ
وندىً سائغٌ وفضلٌ غزيرُ

١٧٦. راحةٌ أم سحابةٌ وبَنانٌ
أَم غَمامٌ وأَنحلٌ أَم بحورُ

١٧٧. كل يومٍ إلى عداكَ من الدهْ
رِ عَداكَ المَخُوفُ والمحذورُ

١٧٨. وتَولى وليكَ الطالعُ السع
دُ وعادَى عدوكَ التقديرُ

١٧٩. سارَ بالمكرُماتِ ذِكرُكَ في الدن
يا وإن اليسيرَ منها يَسيرُ

١٨٠. للحَيا والحياءِ ما إن في كف
كَ والوجهِ سائلٌ وعَصيرُ

١٨١. لقد اسْتُعْذِبَتْ لديكَ المرارا
تُ كما اسْتُهِلْتْ إليكَ الوعورُ

١٨٢. من دم الغادرينَ غادرتَ بالأَم
سِ صعيدَ الصعيدِ وهو غديرُ

١٨٣. ولكلٍ مما تطاولت فيهم
أَملٌ قاصرٌ وعمرٌ قصيرُ

١٨٤. لاذَ بالنيلِ شاورٌ مثل فرعو
نَ فذل اللاجي وعز العبورُ

١٨٥. شارك المشركين بغياًن وقدماً
شاركتها قريظةٌ والنضيرُ

١٨٦. والذي يدعي الإمامة بالقا
هرةِ ارتاعَ إنه مقهورُ

١٨٧. وغدا المَلْكُ خائفاً من سُطاكم
ذا ارتعاد كأَنه مقرور

١٨٨. وبنو الهنفري هانُوا ففروا
ومن الأُسدِ كل كلبٍ فرورُ

١٨٩. إنما كان للكلابِ عواءٌ
حيثما كان للأُسودِ زئيرُ

١٩٠. وقليبٌ عندَ الفرارِ سليبٌ
فهو بالرعبِ مطلقٌ مأسورُ

١٩١. لم يبقوا سوى الأَصاغر للسب
ي فودوا أَن الكبيرَ صغيرُ

١٩٢. وحميتَ الأسكندريةَ عنهم
ورحى حربهم عليهم تدورُ

١٩٣. حاصروها وما الذي بانَ من ذَب
كَ عنها وحفظها محصورُ

١٩٤. كحصارِ الأَحزابِ طَيْبَةَ قدماً
وبني الهدى بها منصور

١٩٥. فاشكر اللهَ حين أَولاكَ نصراً
فهو نعمَ المولى ونعمَ النصيرُ

١٩٦. ولكم أَرجفَ الأَعادي فقلنا
ما لما تذكُرونه تأْثيرُ

١٩٧. ولجأْنا إلى الإلهِ دُعاءً
فلوجهِ الدعاءِ منهُ سُفورُ

١٩٨. وعلمنا أَن البعيدَ قريبٌ
عندَهُ والعسيرَ سَهْلٌ يسيرُ

١٩٩. ورقَبْنا كالعيدِ عَوْدَكَ فاليو
مَ بهِ للأَنامِ عيدٌ كَبيرُ

٢٠٠. مثلما يرقُبُ الشفاءَ سقيمٌ
أو كما يَرْتَجي الثراءَ فَقيرُ

٢٠١. عادَ من مصرَ يوسفٌ وإلى يع
قوبَ بالتهنئاتِ جاءَ البشيرُ

٢٠٢. عادَ منها بالحمدِ والحمدُ لل
هِ تعالىَ فإنه المشكورُ

٢٠٣. فلأَيوبَ من إيابِ صلاح الد
ينِ يومٌ به تُوفى النذورُ

٢٠٤. وكذا إذ قميصُ يوسفَ لاقَى
وَجْهَ يعقوبَ عادَ وهو بَصيرُ

٢٠٥. ولكم عودةٌ إلى مصر بالنص
رِ على ذكرِها تمر العصورُ

٢٠٦. فاستردوا حق الإمامةِ ممن
خانَ فيها فإنهُ مستعيرُ

٢٠٧. وافترعها بكراً لها في مدى الده
رِ رواحٌ في مدحكم وبكورُ

٢٠٨. أنا سَيرْتُ طالعُ العَزْمِ مني
وإلى قَصدِكَ انتهى التسييرُ

٢٠٩. وأرى خاطري لمدحكَ إلفاً
إنما يألَفُ الخطيرَ الخطيرُ

٢١٠. بعقودٍ من دُر نظمي في ال
مدحِ تحلى بها العُلى لا النحورُ

٢١١. ولكَ المأثراتُ في الشرقِ والمغ
ربِ يُروى حديثُها المأثورُ

٢١٢. وببغدادَ قيلَ إن دمشقا
ما بها للرجا سواك مجيرُ

٢١٣. ما يرى ناظرٌ نظيرَكَ فيها
فهي رَوْضٌ بما تجودُ نضيرُ

٢١٤. لطاوي الإقبالِ عندكَ نشرٌ
وَلميْتِ الآمال منكَ نُشورُ

٢١٥. ومن النائباتِ أَني مقيمٌ
بدمشقٍ وللمقامِ شُهورُ

٢١٦. لا خليلٌ يقولُ هذا نزيلٌ
لا أميرٌ يقولُ هذا سميرُ

٢١٧. لستُ أَلقى سوى وجوهٍ وأَيْدٍ
وقلوبٍ كأنَهن صُخورُ

٢١٨. سُرِقَتْ كسوَتي وبانَ من الكل
توانٍ في رَدها وقصورُ

٢١٩. واعتذارُ الجميعِ أَن الذي تم
قضاءٌ في لوحهِ مسطورُ

٢٢٠. ولَعَمْري هذا صحيحٌ كما قا
لوا ولكن قلبي به مكسورُ

٢٢١. أَجيرانَ جيرونَ مالي مُجيرُ
سوى عطفكُمْ فاعدِلوا أو فجوروا

٢٢٢. وما لي سوَى طيفكمْ زائرٌ
فلا تمنعُوهُ إذا لم تَزُوروا

٢٢٣. يَعز علي بأن الفؤادَ
لديكُمُ أسيرٌ وعنكُمْ أَسيرُ

٢٢٤. وما كُنتُ أَعلمُ أني أعي
شُ بَعْدَ الترقِ إني صَبُورُ

٢٢٥. وفتْ أَدمعي غيرَ أن الكَرَى
وقلبي وصبريَ كُلٌّ غَدُورُ

٢٢٦. إلى ناسِ باناس ليس صَبْوةٌ
لها الوجدُ داعٍ وذكرى مُثيرُ

٢٢٧. يَزيدُ اشتياقي وينمُو كما
يزيدٌ يزيدُ ثَوارا يَثورُ

٢٢٨. ومن بردى بَرْدُ قلبي المَشُوق
فها أَنا من حَرهِ مُستَجيرُ

٢٢٩. وبالمَسْرجِ مَرْجو عيشي الذي
على ذكرهِ العذْبِ عَيْشي مَريرُ

٢٣٠. نأَى بيَ عنكم عَدو لَدودٌ
ودَهْرٌ خَؤونٌ وحَظٌّ عَثورُ

٢٣١. فقدتكُمُ فَفَقَدْتُ الحياةَ
ويومَ اللقاءِ يكونُ النشُورُ

٢٣٢. أيا راكبَ النضْوِ يُنضي الركابَ
تسيرُ وخطب سُراه يَسيرُ

٢٣٣. يَؤُم دمشقَ ومنْ دونها
تُجابُ سُهولُ الفَلا والوُعُورُ

٢٣٤. وجلقُ مَقْصدُه المُسْتَجارُ
لقد سَعدَ القاصدُ المُستجيرُ

٢٣٥. إذا ما بلغتَ فبلغهُمُ
سلاماً تأرجَ منه العبيرُ

٢٣٦. تطاوَلْ بسؤليَ عند القُصَيْر
فَمنْ نَيْله اليومَ باعي قصيرُ

٢٣٧. وكنْ لي بريداً ببابِ البريد
فأَنتَ بأَخبارِ شوقي خَبيرُ

٢٣٨. أُعَنْوِنُ كتبي بشكوى العناء
وفيهن من بث شجوي سطورُ

٢٣٩. متى تجد الري بالقَرْيَتين
خوامسُ أَثرَ فيها الهجيرُ

٢٤٠. ونحو الجُلَيْجل أُزجي المطي
لقد جَل هذا المرامُ الخطيرُ

٢٤١. تُراني أُنيخُ بأَدْنَى ضُمَيرٍ
مطايا بَراها الوَجا والضمورُ

٢٤٢. وعند القُطَيْفَةِ المشتهاةِ
قُطوفٌ بها للأَماني سُفورُ

٢٤٣. ومنها بكوريَ نحو القُصَيْرِ
ومنيةُ عُمريَ ذاكَ البُكورُ

٢٤٤. ويا طيبَ بُشرايَ من جلقٍ
إذا جاءَني بالنجاحِ البشيرُ

٢٤٥. ويستبشرُ الأَصدقاءُ الكرامُ
هنالكَ بي وتُوفى النذورُ

٢٤٦. تُرَى بالسلامةِ يوماً يكون
ببابِ السلامةِ مني عُبورُ

٢٤٧. وأَن جوازي بباب الصغيرِ
لَعَمري من العُمرِ حَظٌّ كَبيرُ

٢٤٨. وما جنةُ الخُلْدِ إلا دِمشقٌ
وفي القلبِ شوقاً إليها سَعيرُ

٢٤٩. ميادِينُها الخُضُر فيحُ الرحابِ
وسَلْسالها العَذْبُ صافٍ نميرُ

٢٥٠. وجامعُها الرحبُ والقُبةُ ال
مُنيفَةُ والفَلَكُ المُستديرُ

٢٥١. وفي قبةِ النسْرِ لي سادةٌ
بهم للكارمِ أُفْقٌ مُنيرُ

٢٥٢. وبابُ الفراديسِ فرْدَوسُها
وسُكانُها أَحسَنُ الخلقِ حورُ

٢٥٣. والأرزة فالسهمُ فالنيْربان
فجناتُ مِزتِها فالكُفورُ

٢٥٤. كأن الجواسقَ مأهولةً
بروج تَطَلعُ منها البدورُ

٢٥٥. بنَيْرَبها تَتَبرا الهمومُ
بربوتها يتربى السرورُ

٢٥٦. وما غَر في الربوة العاشقي
نَ بالحُسنِ إِلا الربيبُ الغَريرُ

٢٥٧. وعند المُغارة يومَ الخميسِ
أَغارَ على القَلْبِ مني مُغيرُ

٢٥٨. وعندَ المُنَيْبعِ عينُ الحياةِ
مَدَى الدهرِ نابعةُ ما تغورُ

٢٥٩. بجسرِ ابن شواش تم السكون
لنفسي بنفسيَ تلك الجسورُ

٢٦٠. وما أنسَ لا أنسَ أُنسَ العُبورِ
على جسْرِ جسْرين إني جَسورُ

٢٦١. وكم بت أَلهو بقربِ الحبي
بِ في بيتِ لِهْيا ونامَ الغَيورُ

٢٦٢. فأَينَ اغتباطيَ بالغُوطتينِ
وتلكَ الليالي وتلك القُصورُ

٢٦٣. لمُقْرِىء مَقْرَى كقُمريها
غناءٌ فصيحٌ وشَدْوٌ جَهيرُ

٢٦٤. وأشجارُ سَطْرَى بَدَتْ كالسطُو
رِ نَمقَهُن البليغُ البصيرُ

٢٦٥. وأَينَ تأملْتَ فُلْكٌ يَدُورُ
وعينٌ تقورُ وبحرٌ يمورُ

٢٦٦. وأَينَ نظرتَ نسيمٌ يَرِق
وزهرٌ يَرُوقُ وروضُ نَضيرُ

٢٦٧. كأَن كمائمَ نُوارِها
شُنوفٌ تركَبُ فيها شُذورُ

٢٦٨. ومثلُ اللآلي سقيطُ الندى
على كل منثورِ نَوْرٍ نثيرُ

٢٦٩. مَدارُ الحياةِ حَياها المُدِر
مَطارُ الثراءِ ثراها المَطيرُ

٢٧٠. وموعدُها رَعْدُها المستطيلُ
وواعدُها بَرْقُها المستطيرُ

٢٧١. إلامَ القساوَة يا قاسيُون
وبين السنا يتجلى سَنيرُ

٢٧٢. لديكَ حبيبي ومنكَ الحُبا
وعندكَ حُبي وفيكَ الحبورُ

٢٧٣. فيا حَسْرَتا غبْتُ عن بلدةٍ
بها حَظيتْ بالحُظوظِ الحضور

٢٧٤. ومُنذ ثَوَى نور دِينِ الإل
هِ لم يبقَ للشامِ والدين نُورُ

٢٧٥. وإني لأَرجو من الله أنْ
يُقَدرَ بعد الأُمورِ الأُمورُ

٢٧٦. وللناسِ بالمَلكِ الناصرِ الص
لاحِ صلاحٌ ونَصْرٌ وَخيرُ

٢٧٧. لأَجل تَلافيهِ لم يتلَفُوا
لأَجلِ حيا برهِ لم يَبُوروا

٢٧٨. بفيضِ أَياديهِ غيثُ النجاح
لأَهلِ الرجاءِ سَموحٌ دَرور

٢٧٩. مليكٌ بجَدواه يَقْوَى الضعيفُ
ويثرَى المقُل ويَغْنَى الفَقيرُ

٢٨٠. أَرى الصدقَ في ملكهِ المستقيم
ومُلك سواه ازوِرارٌ وزورُ

٢٨١. لعزَ الوَلي وذل العَدُو
نوالٌ مبر وبأْسٌ مُبيرُ

٢٨٢. بنعمته للعفاةِ الحُبورُ
بسطوتهِ للعُداةِ الثبُورُ

٢٨٣. هو الشمسُ أَفلاكُه في البلادِ
ومَطْلَعُهُ سَرْجهُ والسريرُ

٢٨٤. إذا ما سطا أَو حَبا واجتبَى
فما الليثُ مَنْ حاتمٌ ما ثَبيرُ

٢٨٥. إيابُ ابن أَيوبَ نحو الشآمِ
على كل ما ترتجيهِ ظهورُ

٢٨٦. بيوسفَ مصرٍ وأَيامه
تَقَر العُيونُ وتَشفَى الصدورُ

٢٨٧. رأَتْ منك حمصُ لها كافياً
فواتاك منها القوي العسيرُ

٢٨٨. مليكٌ ينادي رجائي ندَاهُ
ومولى جَداهُ بحمدي جَديرُ

٢٨٩. وكم قد فللتَ جموعَ الفرنج
بحد اعتزامٍ شباهُ طريرُ

٢٩٠. بضربٍ تَحذفُ منه الرؤوسُ
وطَعنٍ تَخسف منه النحورُ

٢٩١. وغادرتَ غادرهم بالعَراءِ
ومن دمهِ كل قَطرٍ غَديرُ

٢٩٢. بجردٍ عليها رجالُ الهياج
كأَن صُقوراً عليها صُقورُ

٢٩٣. من التركِ عند دَبابيسها
صحاحُ الطلَى والهوادِي كُسورُ

٢٩٤. سهامُ كنائنها الطائرات
لَهُن قلوبُ الأَعادي وكورُ

٢٩٥. وعندهم مثل صَيْد الصوارِ
إذا حاولوا الفتحَ صَيدا وصُورُ

٢٩٦. بجيشكَ أزعجتَ جأشَ العَدُو
فما نَضَرٌ منه إلا نَفورُ

٢٩٧. تركتَ مصارعَ للمشركينَ
بطونُ القشاعمِ فيها قُبورُ

٢٩٨. تزاحمُ فرسانَها الضارياتُ
فتصدِمُ فيها النسورَ النسُورُ

٢٩٩. وإن تَولدَ بكرِ الفُتوحِ
إذا ضُرِبَتْ بالذكور الذكورُ

٣٠٠. إلي شكا الفَضلُ نَقصَ الزمانِ
وهل فَاضلٌ في زماني شكورُ

٣٠١. حَذارك من سطوةِ الجاهلينَ
وذو العلمِ من كل جهلٍ حذورُ

٣٠٢. وهل يلدُ الخيرَ أو يستقيمُ
زمانٌ عقيمٌ وفَضلٌ عَقيرُ

٣٠٣. شكَتْ بكْرُ فضلي تَعْنيسَها
فما يجلُبُ الود كفءٌ كَفور

٣٠٤. فقلتُ لفضلي أَفاقَ الزمانِ
ودر المُرادُ ودارَ الأَثيرُ

٣٠٥. وعاشَ الرجاءُ وماتَ الإياسُ
وسُر الحجا وأَنارَ الضميرُ

٣٠٦. ووافى المليكُ الذي عَدْلُهُ
لذي الفضلِ من كل ضَيْمٍ يُجيرُ

٣٠٧. فلستُ أُبالي بعَيْث الذئاب
إذا ما انتحى لي ليثٌ هصورُ

٣٠٨. ملَكتَ فأَسْجحْ فما للبلادِ
سواكَ مجيرٌ ومولىً نصيرُ

٣٠٩. وفي معصمِ المْلكِ للعز منك
سوارٌ ومنكَ على الدين سورُ

٣١٠. لكَ اللهُ في كل ما تبتغيهِ
بحقٍ ظهيرٌ ونعمَ الظهيرُ

٣١١. أما المفسدونَ بمصر عَصَوْكَ
وهذي ديارهمُ اليومَ قورُ

٣١٢. أَما الأدعياءُ بها إذ نشطت
لإبعادهمْ زال منكَ الفتورُ

٣١٣. ويومُ الفرنج إذا ما لقُوكَ
عبوسٌ برغمهم قمطريرُ

٣١٤. نهوضاً إلى القدسِ يشفي الغليلَ
بفتحِ الفتوحِ وماذا عسيرُ

٣١٥. سَلِ الله تسهيلَ صعب الخطوب
فهو على كل شيءٍ قديرُ

٣١٦. إليكَ هجرتُ ملوكَ الزمان
فمالكَ واللهِ فيهم نظيرُ

٣١٧. وفجركَ فيه القرى والقران
جميعاً وفجرُ الجميع الفجورُ

٣١٨. وأَنتَ تريقُ دماءَ الفرنجِ
وعندهمُ لا تُراقُ الخمورُ

٣١٩. لا أَوحش الله من أُنسي بقربكمُ
ولا أَراني فيكم غير إيثاري

٣٢٠. ولا عدمتكمُ في كل نائبةٍ
حفَاظ سري وأَعواني وأنصاري

٣٢١. فعندكم لا فقدتُ البرَ عندكمُ
فراغُ بالي وأَوطاني وأَوكاري

٣٢٢. يا ساكني مصر قد فقتم بفضلكم
ذي الفضائلِ من سُكانِ أَمصارِ

٣٢٣. للهِ دركمُ من عُصبةٍ كرُمتْ
ودر مصركمُ الغناء من دارِ

٣٢٤. يمينكَ دأبها بذلُ اليسارِ
وكفكَ صوبُها بدرُ النضارِ

٣٢٥. وإنكَ من ملوكِ الأَرضِ طُراً
بمنزلةِ اليمينِ من النهارِ

٣٢٦. وأَنتَ البحرُ في بث العطايا
وأَنتَ الطودُ في بادي الوقارِ

٣٢٧. أَعز الدين غيث الجود غوث ال
ورى طود العلى شمس النهارِ

٣٢٨. حليفُ المجدِ رب الفخرِ تربُ ال
سماحِ أَخو الحجا زاكي النجارِ

٣٢٩. غزيرُ المجتدى غمرُ الأيادي
منيرُ المجتلى عالي المنارِ

٣٣٠. إذا عثرَ الأَماجدُ في مقامٍ
فعز الدينِ مأمونُ العثارِ

٣٣١. فتىً سبقَ الكرامَ فلم يطيقوا
وقد ركضوا لحوقاً بالغبارِ

٣٣٢. لئن جهلَ الزمان فأَنتَ عذرٌ
له فامحُ الإساءةَ باغتفارِ

٣٣٣. فإنكَ من رداءِ الفخرِ كاسٍ
وإنكَ من لباسِ العارِ عارِ

٣٣٤. وليكَ في بلادِ اليمنِ والٍ
وجارُكَ في رياضِ الأمنِ حجارِ

٣٣٥. وزائرةٍ وليس بها حياءٌ
وليس تزورُ إلا في النهارِ

٣٣٦. ولو رهبتْ لدى الإقدام جوري
لما رغبتْ جهاراً في جواري

٣٣٧. أَتتْ والقلبُ في وهجِ اشتياقٍ
لتظهرَ ما أُواري من أُواري

٣٣٨. ولو عرفتْ لظَى سطواتِ عزمي
لكانتْ من سُطاي على حذارِ

٣٣٩. تقيمُ فحينَ تُبصرُ مِن أَناتي
ثباتَ الْطَودِ تسرعُ في الفرارِ

٣٤٠. تُفارقني على غيرِ اغتسال
فلم أَحلُلْ لزورتها إزاري

٣٤١. أيا شمسَ الملوكِ بقيتَ شمساً
تنيرُ على الممالكِ والديارِ

٣٤٢. يجد إلى العلى أبداً بداراً
فلا عبرَ الأذى منه بدارِ

٣٤٣. لئن حمي المزاج فغيرُ بدعٍ
فنارُ ذُكاكَ تقذفُ بالشرارِ

٣٤٤. أَحماكَ استعارتْ لفحَ نارٍ
لعزمكَ لم تزلْ ذات استعارِ

٣٤٥. فقد نهضتْ إليكَ بلا احتشامٍ
وقد جسرتْ عليكَ بلا اعتذارِ

٣٤٦. وما إن حُم ليث الغابِ إلا
ليوقدَ نارَهُ عندَ الغوارِ

٣٤٧. ولفحُ العارضِ الساري دليلٌ
من الغيثِ المُلث على انهمارِ

٣٤٨. وما أحمى مزاجكَ غيرَ لطفٍ
لخلقكَ سالبٌ لطفَ العُقارِ

٣٤٩. أُهني الملكَ الناص
رَ بالملكِ وبالنصرِ

٣٥٠. وما مهد من بنيا
ن دين الحق في مصرِ

٣٥١. وما أَسداهُ مِن برٍ
بلا عدٍ ولا حصرِ

٣٥٢. وما أحياهُ من عدلٍ
وما خففَ مِن إصرِ

٣٥٣. وإعلاء سَنا السن
ة في بحبوحة القصرِ

٣٥٤. قد استولى على مصرٍ
بقح يوسفُ العصرِ

٣٥٥. وأحيا سنةَ الإحسا
نِ في البدوِ وفي الحضرِ

٣٥٦. قد خطبنا للمستضيء بمصرِ
نائبِ المصطفى إمامِ العصرِ

٣٥٧. وخذلنا لنصرة العَضُدِ العا
ضدِ والقاصرَ الذي بالقصرِ

٣٥٨. وأَشعنا بها شعارَ بني الع
باسِ فاستبشرتْ وجوهُ النصرِ

٣٥٩. ووضَعْنا للمستضيء بأمر ال
له عن أوليائه كل إصرِ

٣٦٠. وتركنا الدعي يدعو ثبوراً
وهو بالذل تحت حَجْرٍ وحَصْرِ

٣٦١. وتباهتْ منابرُ الدينِ بالخط
بةِ للهاشمي في أرضِ مصْرِ

٣٦٢. وجرى من نَداه دجلةُ بغدا
دَ بشطرٍ ونيلُ مصر بشطرِ

٣٦٣. وقد اهتز للهدى كل عِطفِ
مثلما افتر بالمُنى كل ثَغْرِ

٣٦٤. فبجدواه زائلٌ كل فقرٍ
وبنعماهُ آهلٌ كل فقرِ

٣٦٥. ونداءُ الهدى أَزالَ مِن الأس
ماعِ في كل خطةٍ كل وَقْرِ

٣٦٦. نشكرُ اللهَ إذ أَتم لنا النص
رَ ونرجو مزيدَ أَهلِ الشكرِ

٣٦٧. ولدينا تضاعفتْ نِعَمُ ال
لهِ وجلتْ عن كل عدٍ وحَصْرِ

٣٦٨. فاغتدى الدينُ ثابتَ الركنِ في مص
رَ محوطَ الحمى مصونَ الثغرِ

٣٦٩. واستنارتْ عزائمُ الملكِ العا
دلِ نورِ الدينِ الكريم الأغر

٣٧٠. وبنو الأَصفرِ القوامصُ منه
بوجوهٍ من المخافةِ صُفرِ

٣٧١. عَرَفَ الحق أهلُ مصْرَ وكانوا
قبلَهُ بين مُنكرٍ ومُقر

٣٧٢. هو فتحٌ بكْرٌ ودونَ البرايا
خصنا اللهُ بافتراعِ البكْرِ

٣٧٣. وحَصَلُنا بالحمدِ والأَجرِ والنص
رِ وطيبِ الثنا وحُسنِ الذكرِ

٣٧٤. ونشرنا أَعلامنا السودَ مَهراً
للعدى الزرقِ بالمنايا الحمرِ

٣٧٥. واستعدنا من أدعياءَ حقوقاً
تُدعَى بينهم لزيدٍ وعمرِو

٣٧٦. والذي يدعي الإمامةَ بالقا
هرةِ انحط في حضيضِ القهرِ

٣٧٧. خانَهُ الدهرُ في مناهُ ولا يط
معُ ذو اللب في وفاءِ الدهرِ

٣٧٨. ما يُقامُ الإمامُ إلا بحقٍّ
ما تحازُ الحسناءُ إلا بمهرِ

٣٧٩. خلفاءُ الهدى سَراةُ بني الع
باس والطيبونَ أَهلُ الطهرِ

٣٨٠. بهمُ الدينُ ظافرٌ مستقيمٌ
ظاهرٌ قوةً قويُ الظهرِ

٣٨١. كشموسِ الضحى كمثلِ بدور ال
تم كالسحبِ كالنجومِ الزهرِ

٣٨٢. قد بلغنا بالصبْرِ كل مرادٍ
وبلوغُ المرادِ عُقْبَى الصبْرِ

٣٨٣. وتمامُ الحبورِ ما تم من خط
بةِ خيرِ الخلائفِ ابنِ الحَبْر

٣٨٤. مَهْبطُ الوحي بيته منزل الذكْ
ر بشفعٍ من المثاني ووِتْرِ

٣٨٥. ليس مُثري الرجال مَنْ مَلَك الما
لَ ولكنما أخو اللب مُثْرِ

٣٨٦. ولهذا لم ينتفعْ صاحبُ القص
رِ وقد شارفَ الدثُورَ بدثرِ

٣٨٧. لسوى نظمِ مدحهِ أَهجرُ النظْ
مَ فما مدحُ غيرهِ غير هُجرِ

٣٨٨. وأرتنا له قلائدَ م
نٍ وبرٍ ليست بجيدٍ ونَحْرِ

٣٨٩. وبإنعامه تزايدَ شكري
وبتشريفهِ تضاعفَ فخري

٣٩٠. كم ثراءٍ وقوةٍ وانشراحٍ
منه في راحتي وقلبي وصدري

٣٩١. وعلي النذورُ في مثلِ ذا اليو
مِ وهذا يومُ الوفاءِ بنَذري

٣٩٢. واستهلت بوارقَ الأنعم الغُر
به في حيا الأيادي الغُزرِ

٣٩٣. نعشَ الحق بعدَ طولِ عثارٍ
جَبَرَ الحق بعدَ وَهْنٍ وكسرِ

٣٩٤. دامَ نصرُ الهدى بملكِ بني الع
باسِ حتى يكونَ يوم الحشرِ

٣٩٥. هجرتكمُ لا عن ملالٍ ولا غَدْرِ
ولكن لمقدُورٍ أُتيحَ منَ الأَمرِ

٣٩٦. وأَعلمُ أَني مخطىءٌ في فراقكم
وعُذْريَ في ذنبي وذنبيَ في عُذري

٣٩٧. أَرى نُوَباً للدهرِ تُحْصى وما أَرى
أَشد من الهجران في نُوب الدهرِ

٣٩٨. بعيني إلى لُقْيا سواكمْ غشاوَةٌ
وسمعي إلى نجوى سواكم لذو وَقْرِ

٣٩٩. وقَلبي وصَدْري فارقاني لبُعدكم
فلا صدرَ في قلبي ولا قلبَ في صدري

٤٠٠. وإني على العهدِ الذي تعهدُونَهُ
وسري لكم سري وجَهْري لكم جهري

٤٠١. تجرعتُ صرْفَ الهم من كأْسِ شوقكمْ
فها أَنا في صَحْوِي نزيفٌ من السكرِ

٤٠٢. وإن زماناً ليس يَعْمُرُ موطني
بسُكناكمُ فيه فليس منَ العمرِ

٤٠٣. وأقسمُ لو لم يَقسم البينُ بيننا
جوى الهم ما أَمسيتُ مُنْقَسِمَ الفكرِ

٤٠٤. أَسيرُ إلى مصرٍ وقلبي أَسيركُمْ
ومن عَجَبٍ أَسري وقلبيَ في أَسْرِ

٤٠٥. أَخلاي قد شَط المزارُ فأَرْسلوا ال
خيالَ وزُورُوا في الكرى واربَحُوا أَجْري

٤٠٦. تذكرتُ أَحبابي بجلقَ بعدما
ترحلتُ والمشتاقُ يأنَسُ بالذكرِ

٤٠٧. أَخلاي فقري في التنائي إليكُمُ
بحق غناكمْ بالتداني ارْحَمُوا فَقْري

٤٠٨. وناديتُ صبري مستغيثاً فلم يجبْ
فأسبلْتُ دمعي للبكاء على صبري

٤٠٩. ولما قصدْنا من دمشقَ غباغباً
وبتنا من الشوقِ الممض على الجمرِ

٤١٠. نزلنا برأْسِ الماءِ عند وداعنا
مواردَ منْ ماءِ الدموعِ التي تجري

٤١١. نزلنا بصحراءِ الفَقيعِ وغُودِرَتْ
فواقعُ من فيضِ المدامعِ في الغُدرِ

٤١٢. ونهنهتُ بالفَوارِ فَوْرَ مدامعي
ففاضتْ وباحتْ بالمكتم من سري

٤١٣. سرينا إلى الزرقاءِ منها ومن يُصبْ
أُواماً يَسرْ حتى يرى الوِرْدَ أَو يَسْرِ

٤١٤. أَعادَتْكِ يا زرقاءُ حمراءَ أَدمعي
فقد مزجتْ زُرْقَ المواردِ بالحُمْرِ

٤١٥. وسُودُ هُمومي سودَتْ بيض أَزْمُني
فيومي بلا نُورٍ وليلي بلا فجرِ

٤١٦. أَيا ليلُ زِدْ ما شئتَ طولاً وظلمةً
فقد أَذْهَبَتْ منكَ السنا ظلمةُ الهَجْرِ

٤١٧. تذكرتُ حَمامَ القُصَيرِ وأَهلَهُ
وقد جُزْتُ بالحمام في البلدِ القفرِ

٤١٨. وبالقريتين القريتين وأين من
مغاني الغواني منزل الأُدم والعفر

٤١٩. وردنا من الزيتونِ حسْمَى وأيلة
ولم نسترحْ حتى صدَرْنا إلى صدْرِ

٤٢٠. غَشينا الغَواشي وهي يابسةُ الثرى
بعيدةُ عَهْدِ القُطرِ بالعَهْد والقَطْرِ

٤٢١. وضن علينا بالندى ثَمَدُ الحَصَى
ومن يرتجي رِياً من الثمدِ النزْرِ

٤٢٢. فقلتُ اشرحي يا لخمْسِ صدراً مطيتي
بصدرٍ وإلا جادكِ النيلُ للعِشْر

٤٢٣. رأَينا بها عينَ المواساة أَننا
إلى عين موسى نبذلُ الزادَ للسفْرِ

٤٢٤. وما جسرتْ عيني على فيضِ عبرةٍ
أكفكفُها حتى عَبَرنا على الجسْرِ

٤٢٥. وملتُ إلى أرضِ السديرِ وجَنةٍ
هنالكَ من طلحٍ نضيدٍ ومن سدْرِ

٤٢٦. وجُبْنا الفلا حتى أَتَينا مباركاً
على بركة الجُب المُبشرِ بالقَصْرِ

٤٢٧. ولما بدا الفسطاطُ بشرْتُ ناقتي
بمن يَتَلقى الوفدَ بالوَفْرِ والبشْرِ

٤٢٨. ولم أنس يومَ البين بالمَرْح نَشْرنا
مطاويَ سرٍ في الهوى أَرج النشْرِ

٤٢٩. وقد أَقبلتْ نُعْمٌ وأَترابُها كما
تطلعَ بَدْرُ التم في الأَنجمِ الزهرِ

٤٣٠. وقفنا وحادينا يحث وناقتي
تزم ولاحينا لمُغرمنا مُغَرِ

٤٣١. وكل بنانٍ فوقَ سِنٍ لَنادم
وكل يدٍ فوقَ التريبةِ والنحرِ

٤٣٢. وبيعَ فؤادي في مناداةِ شوقهم
فسِمتهم أنْ يأخذوا الروحَ بالسعْرِ

٤٣٣. بكت أُم عمرٍو من وشيكِ ترحلي
فيا خجْلتا من أُم عمرٍو ومنْ عمرو

٤٣٤. تقولُ إلى مصرٍ يسيرُ تعجباً
وماذا الذي تبغي ومن لكَ في مصر

٤٣٥. تُبَددُ في سَهْلٍ من العيشِ شملنا
وتنظمُ سلْكَ العيشِ في المَسْلَكِ الوَعْرِ

٤٣٦. فقلْ أَيما عُرْفٍ حداكَ على النوى
ومن ضَلةٍ أَنْ تطلبَ العُرْفَ بالنكرِ

٤٣٧. ومَنْ فارقَ الأَحبابَ مستبدلاً بهم
سواهم فقد باعَ المرابحَ بالخُسْرِ

٤٣٨. فقلتُ ملاذي الناصرُ الملكُ الذي
حصلتُ بجدواه على المُلْكِ والنصرِ

٤٣٩. فقالتْ أَقمْ لا تعدم الخيرَ عندنا
فقلت وهل تُغني السواقي عن البحرِ

٤٤٠. فقالتْ صلاح الدينِ قلتُ هو الذي
به صارَ فضلي عاليَ الحظ والقَدْرِ

٤٤١. ثقي برجوعٍ يضمنُ اللهُ نُجحَهُ
ولا تَقْنَطِي أَنْ نُبْدِلَ العُسرَ باليسرِ

٤٤٢. وإِن صلاحَ الدينِ إنْ راحَ مُعْدِمٌ
إليه غَدا من فَيْضِ نائلهِ مُثري

٤٤٣. نَعز بأَفضالِ العزيزِ وفضلهِ
ونَحْسبُ نفعاً كل ما مَن من ضُر

٤٤٤. عطيتُهُ قد ضاعفتْ منةَ الرجا
ومنتُهُ قد أَضعفتْ منةَ الشكرِ

٤٤٥. وماذا يحد المدح منه فإنما
مناقبُهُ جَلتْ عن الحد والحَصْرِ

٤٤٦. تحدرَ بالفوارِ دمعي على الفَوْرِ
فقلتُ لجيراني أَجيروا من الجورِ

٤٤٧. وأَصعبُ ما لاقيتُ أَني قانعٌ
من الطيفِ مُذْ بنتمْ بزورٍ من الزورِ

٤٤٨. قيلَ في مصرَ نائلٌ عدَدَ الرم
لِ ووفْرٌ كنيلها الموفورِ

٤٤٩. فاغتررْنا بها وسرْنا إليها
ووقعنا كما ترى في الغرورِ

٤٥٠. وحظينا بالرملِ والسيرِ فيه
ومنعنا مِن نيلها الميسور

٤٥١. وبرزنا إلى المبرز نشكو
سدراً من نزولنا بالسديرِ

٤٥٢. وعددنا في الرعاعِ فلا في ال
عير ندعى ولا في النفيرِ

٤٥٣. قيلَ لي سِرْ إلى الجهادِ وماذا
بالغٌ في الجهادِ جهدَ مسيري

٤٥٤. ليس يقوَى في الجيشِ جأْشي ولا قو
سي يُرى موتُوراً إلى موتورِ

٤٥٥. أَنا للكُتبِ لا للكتائبِ إِقدا
مي وللصحْفِ لا الصفاح حضوري

٤٥٦. كاد فضلي يضيعُ لولا اهتمامُ ال
فاضلِ الفائضِ الندي بأُموري

٤٥٧. وأَنا منه في ملابسِ جاهٍ
رافلاً منه في حبيرِ حُبورِ

٤٥٨. فهو رَقى من الحضيضِ حظوظي
وسما بي إلى سريرِ السرورِ

٤٥٩. يا ملكاً أَيامُهُ لمْ تَزَلْ
يفصلهِ فاضلة فاخره

٤٦٠. غاصتْ بحارُ الجودِ مُذْ غُيبَتْ
أَنْملُكَ الفائضةُ الزاخرهْ

٤٦١. ملكتَ دنياكَ وخَلفْتَها
وسِرْتَ حتى تملكَ الآخرهْ

٤٦٢. ما صورةٌ ما مثلُها صُورَهْ
كأنها في العُمقِ مطمورَهْ

٤٦٣. تُمطرُ للري ومن ذا رأَى
مطمورةً للري ممطورَهْ

٤٦٤. منكوحةٌ ما لم تَضَعْ حملَها
مسدودةُ الأنفاسِ محصورَهْ

٤٦٥. محرورةُ القلبِ ولكنها
مضروبةٌ بالبَرْدِ مقرورَهْ

٤٦٦. كأنما النارُ بأحشائها
على اشتداد البردِ مسجورَه

٤٦٧. تَظَل مُلْقاة على رأْسها
خمارةٌ تُحْسَبُ مخمورَهْ

٤٦٨. مُعارَةُ الهامةِ من غيرِها
قصيرةُ القامةِ ممكورَهْ

٤٦٩. كأنها رأْسٌ بلا جُثةٍ
موصولةٍ إنْ شئتَ مبتورَهْ

٤٧٠. كهامةٍ صلْعاءَ محلوقةٍ
ما استعملتْ مُوسَى ولا نُورَهْ

٤٧١. زامرةٌ في فمها زمرُها
وهيَ بغيرِ الزمْرِ مشهورَهْ

٤٧٢. دَوارةٌ إنْ أَنتَ أَرسلْتَها
مهتوكةُ الأَستارِ مستورَه

٤٧٣. مَنْ فَضها تبصقُ في وجههِ
كأنها بالفُحشِ مأمورَهْ

٤٧٤. تورِثُ تعبيساً لمن باسَها
وهيَ على ذلكَ مشكورَهْ

٤٧٥. معسولةٌ ريقتُها مُزةٌ
وهي على اللذةِ مقصورَهْ

٤٧٦. وهي على ما هيَ في إثْرِهِ
مَرْسَلةٌ بالهَضْم منصورَهْ

٤٧٧. إن عُقلت قرت وإن أُنشطتْ
فَرتْ وثارتْ مثلَ مذعورَهْ

٤٧٨. كم عسلٍ ذاقتْ وكم سُكرٍ
وأَنعُمٍ ليستْ بمكفورَهْ

٤٧٩. ملمومةٌ من صخرةٍ صَلْدَةٍ
فاجرةٌ بالماءِ مفجورَهْ

٤٨٠. من الصفا جسمٌ ولكنْ ترى
على صَفاءِ الماءِ تامورَهْ

٤٨١. فيا حليفَ المأثُرات التي
أَضحتْ لأَهلِ الفضلِ مشهورَهْ

٤٨٢. أَنعمْ وعجل حَل إشكالها
فهيَ لدى فضلك مأْسورَهْ

٤٨٣. لهفي على مَنْ كانَ صبحي وجهُهُ
فعدمتُ حينَ عدمتُهُ أنوارَهُ

٤٨٤. سكنَ الترابَ وغاضَ ماءُ حياتهِ
مُذْ أَطفأَتْ ريحُ المنيةِ نارَهُ

٤٨٥. الدينُ في ظُلَمٍ لغيبةِ نُورهِ
والدهرُ في غَمٍ لفقدِ أَميرِهِ

٤٨٦. فليندُبِ الإسلامُ حامي أَهلهِ
والشامُ حافظُ مُلكهِ وثغورِهِ

٤٨٧. ما أَعظمَ المقدارَ في أَخطاره
إذ كان هذا الخطبُ في مقدورِهِ

٤٨٨. ما أكثرَ المتأسفينَ لفقدِ مَنْ
قَرتْ نواظرهم بفقدِ نظيرِهِ

٤٨٩. ما أَعوَصَ الإنسانَ في نسيانه
أَوَما كفاهُ الموتُ في تذكيرِهِ

٤٩٠. مَنْ للمساجدِ والمدارسِ بانياً
للهِ طوعاً عن خلوصِ ضميرِهِ

٤٩١. من ينصرُ الإسلامَ في غزواتهِ
فلقد أُصيبَ بركنهِ وظهيرِهِ

٤٩٢. مَنْ للفرنج من لأَسرِ ملوكها
من للهُدى يبغي فكاكَ أَسيرِهِ

٤٩٣. من للخُطوبِ مُذللاً لجماحها
من للزمانِ مُسَهلاً لوعورِهِ

٤٩٤. مَنْ كاشفٌ للمعضلاتِ برأيهِ
مَنْ مشرقٌ في الداجيات بنورِهِ

٤٩٥. مَنْ للكريمِ ومَنْ لنعشِ عثارِهِ
من لليتيمِ ومن لجبرِ كسيرِهِ

٤٩٦. مَنْ للبلادِ ومَنْ لنصرِ جيوشها
من للجهادِ ومن لحفظِ أُمورِهِ

٤٩٧. منْ للفتوحِ محاولاً أبكارَها
برواحهِ في غَزْوهِ وبُكورِهِ

٤٩٨. مَنْ للعُلى وعُهودها مَنْ للندى
ووفودهِ مَنْ للحِجا ووفورِهِ

٤٩٩. ما كنتُ أَحسبُ نورَ دينِ محمدٍ
يخبو وليلُ الشركِ في ديجورِهِ

٥٠٠. أَعزِزْ علي بليثِ غابٍ للهدى
يخلو الشرى من زورهِ وزئيرِهِ

٥٠١. أَعزِزْ علي بانْ أَراهُ مغيباً
عن محفلٍ مُتَشرفٍ بحضورِهِ

٥٠٢. لهفي على تلكَ الأَناملِ إنها
مُذ غيبت غاض الندى ببحورِهِ

٥٠٣. ولقد أَتى منْ كنتَ تجري رسمَهُ
فضعِ العلامةَ منكَ في منشورِهِ

٥٠٤. ولقد أَتى مَنْ كنتَ تكشفُ كربَهُ
فارفعْ ظلامتَهُ بنصرِ عشيرِهِ

٥٠٥. ولقد أتى مَنْ كنتَ تُؤمنُ سربَهُ
وقعْ له بالأَمنِ مِنْ محذورِهِ

٥٠٦. ولقد أَتى مَنْ كنتَ تُؤثرُ قربَهُ
فأَدمْ له التقريبَ في تقريرِهِ

٥٠٧. والجيشُ قد ركبَ الغداةَ لعرضهِ
فاركبْ لتُبْصِرَه أَوان عبورِهِ

٥٠٨. أَنتَ الذي أَحييتَ شرعَ محمدٍ
وقضيتَ بعدَ وفاتهِ بنُشورِهِ

٥٠٩. كم قد أَقمتَ من الشريعةِ مَعْلَماً
هو منذ غبتَ مُعَرضٌ لدُثورِهِ

٥١٠. كم قد أَمرتَ بحفرِ خندقِ معقلٍ
حتى سكنتَ اللحد في محفورِهِ

٥١١. كم قيصرٍ للرومِ رُمْتَ بقسرهِ
إرواءَ بيضِ الهندِ من تامورِهِ

٥١٢. أُوتيتَ فتحَ حصونهِ وملكتَ عُقْ
رَ بلادهِ وسبيتَ أَهل قصورِهِ

٥١٣. أَزَهِدْتَ في دارِ الفناءِ وأَهلها
ورغبت في الخُلْدِ المقيمِ وحورِهِ

٥١٤. أَو ما وعدتَ القدس أَنك منجزٌ
ميعادَهُ في فتحهِ وظهورِهِ

٥١٥. فمتى تجير القدس من دَنَسِ العدا
وتقدس الرحمن في تطهيرِهِ

٥١٦. يا حاملينَ سريرَهُ مهلاً فمنْ
عَجَبٍ نهوضكم بحملِ ثَبيرِهِ

٥١٧. يا عابرينَ بنعشهِ أَنشقتُمُ
من صالحِ الأَعمالِ نشرَ عبيرِهِ

٥١٨. نزلتْ ملائكةُ السماءِ لدفنهِ
مستجمعينَ على شفيرِ حفيرِهِ

٥١٩. ومنَ الجفاءِ له مُقامي بعدهُ
هَلا وفيتُ وسرتُ عندَ مسيرِهِ

٥٢٠. حَياكَ معتلُ الصبا بنسيمهِ
وسقاكَ مُنهل الحيا بدُرورِهِ

٥٢١. ولبستَ رضوانَ المهيمنِ ساحباً
أَذيالَ سنْدسِ خزهِ وحريرِهِ

٥٢٢. وسكنتَ عليينَ في فردوسهِ
حلْفَ المسرةِ ظافراً بأَجورِهِ

٥٢٣. تذاكرَ من ورادِ مصرَ عصابةٌ
حديثَ فتىً طابَ الندي بذكرِهِ

٥٢٤. وقالوا رأَينا فاضلاً ذا نباهةٍ
أَديباً يفوقُ الفاضلينَ بفخرِهِ

٥٢٥. يدينُ حبيب والوليد لنظمه
ويحمدُهُ عبدُ الحميدِ لنثرِهِ

٥٢٦. ولو عاشَ قسٌ في زمانِ بيانهِ
لكان مشيداً في البيانِ بشكرِهِ

٥٢٧. فضائلُهُ كالشمسِ نوراً ولم تزلْ
مناقبُهُ في الدهرِ أَعدادَ زهرِهِ

٥٢٨. بيانٌ هو السحرُ الحلالُ وإننا
نَرَى معجزاً من فضلهِ حل سحرِهِ

٥٢٩. ذوو الفضلِ هم عند الحقيقةِ أَبحرٌ
ولكنهم أَضحوا جداولَ بحرِهِ

٥٣٠. يضوعُ مهب الحمدِ من عرفِ عرفهِ
وتأرَجُ أَرجاءُ الرجاءِ بنشرِهِ

٥٣١. فقلتُ لهم هذا الذي تصفونَهُ
أَبو اليُمنِ تاجُ الدينِ أَوْجَهُ عصرِهِ

٥٣٢. أُعيذُكمُ أَنْ تغفلوا عن أُموره
وأَنْ تتركوهُ نُهبةً لمغيرِهِ

٥٣٣. عفا اللهُ عنكم قد عفا رسمُ وُدكم
خلعتم على عهدي دِثارَ دثورِهِ

٥٣٤. بما بيننا يا صاحبي من مودةٍ
وفاءَكَ إني قانعٌ بيسرِهِ

٥٣٥. وهذا أَوان النصح إنْ كنتَ ناصحاً
أَخاً فقبيحٌ تركُهُ بغرورِهِ

٥٣٦. وإني أَرى الأريَ المَشورَ مَشورةً
حَلَتْ موقعاً عند امرىءٍ من مُشيرِهِ

٥٣٧. تَحمَلْتُ عبءَ الوجدِ غيرَ مُطيقهِ
وعَلمتُ صبرَ القلبِ غيرَ صَبورِهِ

٥٣٨. صِلوا مَن قضى من وحشةِ البينِ نحبَهُ
ونَشرُ مطاوي أُنسهِ في نُشورِهِ

٥٣٩. رعى اللهُ نجداً إذ شكرنا بقربكم
قصارَ ليلاي العيشِ بينَ قصورِهِ

٥٤٠. وإذْ راقتِ الأَبصارُ حُسنى حسانهِ
وأَطربتِ الأَسماع نجوى سميرِهِ

٥٤١. وإذ بُكرات الروضِ أَلسنةُ الصبا
تعبرُ في أَنفاسها عن عبيرِهِ

٥٤٢. وإذ تكتب الأَنداء في شجراتهِ
وأَوراقها إملاءَ وُرقِ طيورِهِ

٥٤٣. أَيا نجد حياك الحيا بأَحبتي
بهم كنت كالفردوسِ زين نحورِهِ

٥٤٤. وما طابَ عَرف الريح إلا لأَنه
أَصابَ عَبيراً منك عند عبورِهِ

٥٤٥. ومُطْلَقَةٍ لما رأَتنيَ موثقاً
أَعِنةَ دمعٍ أُنزِعَتْ من غديرِهِ

٥٤٦. تُناشدني باللهِ مَن لي ومَنْ ترى
يقوم لبيتٍ شدته بأُمورِهِ

٥٤٧. فقلتُ لها باللهِ عودي فإنما
هو الكافلُ الكافي بجبرِ كسيرِهِ

٥٤٨. هو الفلكُ الدوارُ لكن على الورى
مقدرةٌ أَحداثُهُ من مديرِهِ

٥٤٩. عذريَ أَضحى عاذلي في خُطوبهِ
فيا مَنْ عذيرُ المُبتلى من عذيرِه

٥٥٠. يُجرعني من كأْسهِ صرْفَ صرْفهِ
فعيشٌ مريرٌ ذوقُهُ في مُرورِهِ

٥٥١. ولستُ أَرى عاماً من العمرِ ينقضي
حميداً ولم أَفرحْ بمر شُهورِه

٥٥٢. لحى اللهُ دهراً ضاقَ بي إذ وَسِعتُه
بفضلي كما ضاقتْ صدورُ صدورِهِ

٥٥٣. فلم أرَ فيها واحداً غيرَ واعدٍ
يخيلُ لي زَوْرَ الخيالِ بزُورِهِ

٥٥٤. وما كنتُ أَدري أَن فضلي ناقصي
وأَن ظلامَ الحظ من فيضِ نورِهِ

٥٥٥. كذلك طولُ الليلِ من ذي صبابةٍ
يُخبرهُ عن عيشهِ بقصورِهِ

٥٥٦. وما كنتُ أَدري أَن عقليَ عاقلي
وأَن سراري حادثٌ من سُفورِه

٥٥٧. وكان كتابُ الفضلِ باسمي مُعنوناً
فحاولَ حَظي مَحوَهُ من سطورِهِ

٥٥٨. فيا ليتَ فضلي ألآسري قد عَدِمتهُ
فأَضحى فداءً في فكاكِ أَسيرِهِ

٥٥٩. أَرى الفضلَ معتادٌ له خَسفُ أَهلهِ
كما الأُفق معتادٌ خسوفُ بدورِهِ

٥٦٠. أَقولُ لعزمي إن للمجدِ منهجاً
سهول الأَماني في سلوكِ وعورِهِ

٥٦١. فَهونْ عليكَ الصعبَ فيه فإنما
بأَخطارهِ تَحظَى بوصلِ خطيرِهِ

٥٦٢. ومالي يا فكري سواكَ مُظاهرٌ
وقد يستعينُ المبتلى بظهيرهِ

٥٦٣. فخل مغنىً خاضَ في غمراتهِ
وحسبكَ معنىً خضت لي في بحورِهِ

٥٦٤. وكنْ لي سفيرَ الخيرِ تسفرْ مطالبي
فحظ الفتى إسفارُهُ بسفيرِهِ

٥٦٥. وقُلْ للذي في الجدبِ أَطلقَ جَدهُ
سبيلَ الحيا حتى همَى بدرورِهِ

٥٦٦. لماذا حبستمْ مخلصاً في ولائكم
وما اللهُ ملقي مؤمنٍ في سعيرِهِ

٥٦٧. وكم فَدْفَدٍ جاوزتُ أَجوازَهُ سُرىً
كأَني وِشاحٌ جائلٌ في خصورِهِ

٥٦٨. بمهريةٍ تحكي بكفي زمامَها
وأَحكي لكد السيرِ بعضَ سيورِهِ

٥٦٩. وخاطبَ أَبكارَ الفدافدِ جاعلٌ
بكَارَ المهاري في السرى من مهورِهِ

٥٧٠. وإن رجاءً بالإمامِ أَنوطُهُ
حقيقٌ بآمالي ابتسامُ ثغورِهِ

٥٧١. تقر بعلياهُ الخلافةُ عينها
فناظرُها لم يكتحلْ بنظيرِهِ

٥٧٢. أَرى اللهَ أَعطى يوسفاً حسنَ يوسفٍ
ومكنَهُ في العالمينَ لخيرِهِ

٥٧٣. برتني صروفُ الحادثاتِ فآوِني
تضعْ منيَ الإنعام عند شكورِهِ

٥٧٤. كذا القلمُ المبري آوتْهُ أَنملٌ
فقامَ يؤدي شكرَها بصريرِهِ

٥٧٥. وما زهَرٌ هامي الربابِ يحوكُهُ
تعمم هامات الربى بحريرهِ

٥٧٦. كأَن سقيطَ الطل في صفحاتهِ
سحيراً نظيمَ الدر بينَ نثيرهِ

٥٧٧. يقابلُ منه النرجسُ الوردَ مثلما
رأَتْ وجنةَ المعشوقِ عينُ غيورِهِ

٥٧٨. وللوردِ خدٌّ بالبنفسجِ معذرٌ
ونرجسهُ طرفٌ رَنا بفتورِهِ

٥٧٩. بأَبهجَ من شعرٍ مدحتكُمُ به
ومعناكُمُ مستودعٌ في ضميرِهِ

٥٨٠. وما حق هذا الشعرِ لا لجريرهِ
وقد سارَ في الآفاقِ جيشُ جريرهِ

٥٨١. لا راحةَ في العيشِ سوى أَنْ أَغْزُو
سيفي طَرَباً إلى الطلَى يَهْتز

٥٨٢. في ذُل ذوي الكفرِ يكونُ العز
والقُدرةُ في غيرِ جهادٍ عَجْزُ

٥٨٣. شادنٌ كالقضيبِ لدْنُ المهزه
سلبتْ مقلتاهُ قلبي بغُمزَهْ

٥٨٤. كلما رُمْتُ وصلَه رامَ هجري
وإذا زدتُ ذلة زادَ عزهْ

٥٨٥. للصبا من عِذاره نسجُ حُسْنٍ
رقمَ المسْكُ في الشقائقِ طرزَهْ

٥٨٦. وعزيزٌ علي أن اصطباري
فيه قد عزهُ الغرامُ وبزهْ

٥٨٧. ما رأَى ما رأيتُ مجنونُ ليلى
في هواهُ ولا كُثيرُ عَزهْ

٥٨٨. ما ذكرنا الفسطاطَ إلا نسينا
ما رأَينا بالنيربينِ والأرْزَهْ

٥٨٩. فمها الجيزةِ الجوازي لها المي
زةُ حسناً على ظِباءِ المزهْ

٥٩٠. ونصيري عليه نائلُ عز ال
دين ذي الفضل خلدَ اللهُ عزهْ

٥٩١. فَرغَ الكنزَ من ذخائرَ مالٍ
مالئاً من نفائسِ الحمدِ كنزَهْ

٥٩٢. همةٌ مستهامة بالمعالي
للدنايا أَبيةٌ مُشْمئزهْ

٥٩٣. سلطتِ المطلَ على نجازها
وضيعتْ حقي في مجازها

٥٩٤. وِصالُها من الحياةِ مُنيتي
مَن ليَ بالفُرصةِ في انتهازِها

٥٩٥. وجنتُها الوردةُ في احمرارها
وقدها البانةُ في إهتزازِها

٥٩٦. شمسُ الضحى في الحسنِ لم تُضاهها
بدرُ الدجى في التِم لم يوازِها

٥٩٧. أَعطاهُ رب العالمينَ دولةً
عزةُ أَهلِ الدينِ في إعزازِها

٥٩٨. حازَ العُلى ببأْسهِ وجودهِ
وهو أَحق الخلقِ باحتيازِها

٥٩٩. بجدهِ أَفنى كنوزاً فَنيَ ال
ملوكُ في الجد على اكتنازِها

٦٠٠. مهلكُ أَهلِ الشركِ طراً روحها
أرمنها إفرنجها إنجازها

٦٠١. تفاخرَ الإسلامُ من سلطانه
تفاخرَ الفرسِ بأَبراوازها

٦٠٢. تَهَن من فتحِ عزازٍ نصرةً
أوقعت العداةَ في اعتزازِها

٦٠٣. واليومَ ذلتْ حَلبٌ فإنها
كانت تنالُ العز من عزازِها

٦٠٤. وحلبٌ تنفي كمُشُتكينها
كما انتفتْ بغدادُ عن قيمازِها

٦٠٥. بَرَزْتَ في نصرِ الهُدى بحجةٍ
وضوحُ نهج الحق في إبرازِها

٦٠٦. كم حاملٍ للرمحِ عادَ مبدياً
عَجْزَ عجوزِ الحي عن عكازِها

٦٠٧. ارفعْ حظوظي من حضيضِ نقصها
وعد عن هُمازها لُمازِها

٦٠٨. والشعرُ لابد له من باعثٍ
كحاجةِ الخيلِ إلى مهمازِها

٦٠٩. استوحشَ القلبُ مذ غبتم فما أنسا
وأَظلمَ اليومُ مذ بنتم فما شَمسَا

٦١٠. ما طبتُ نفساً ولا استحسنتُ بعدكمُ
شيئاً نفيساً ولا استعذبتُ لي نَفَسا

٦١١. قلبي وصبري وغمضي والشبابُ وما
أَلفتمُ من نشاطي كلهِ خلسا

٦١٢. وكيف يُصبحُ أَو يُمسي محبكمُ
وشوقكم يتولاهُ صباحَ مسا

٦١٣. عادتْ معاهدكمْ بالجزعِ دراسةً
وإن معهدكمْ في القلبِ ما درسا

٦١٤. وكنتُ أَحدسَ منكم كل داهيةٍ
وما دهانا من الهجرانِ ما حدَسَا

٦١٥. لما هدتْ نارُ شوقي ضيفَ طيفكمُ
قريتُهُ بالكرَى اذرارَ مقتبسا

٦١٦. ورمتُ تأنيسَهُ حتى وهبتُ له
إنسانَ عيني أَفديهِ فما أَنِسا

٦١٧. أَنا الخيالُ نحولاً فالخيالُ إذا
ما زارني كيفَ يلقَى مَنْ بهِ التبسا

٦١٨. لهفي على زمنٍ قضيتُه طَرَباً
إذ لم أكنْ من صروفِ الدهرِ مُحترسا

٦١٩. عسى يعودُ شبابي ناضراً ومتى
أَرجو نضارةَ عودٍ للشبابِ عسى

٦٢٠. وشادنٍ يغرسُ الآسادَ ناظرُهُ
فديتُهُ شادناً للأسدِ مُفترسا

٦٢١. في العطْفِ لينٌ وفي أَخلاقهِ شَوَسٌ
يا لينَ عطْفَيْهِ جَنبْ خُلْقَه الشوَسا

٦٢٢. إن بَان لبسٌ مضينا لاجئينَ إلى ال
فتَى الحسامِ بنِ لاجينَ بنابلسا

٦٢٣. يميتُ أَعداءَه بأْساً ونائلُهُ
يُحيي رجاءَ الذي من نجمهِ أَيسا

٦٢٤. ممزق المازق المنسوج عثيره
وقد محا اليوم ليل النقع فانطمسا

٦٢٥. لا زلتَ مستوياً فوقَ الحصانِ وفي
حصنِ الحفاظِ ومَنْ عاداكَ منتكسا

٦٢٦. قلْ للمليكِ صلاحِ الدينِ أَكرمَ من
يمشي على الأَرضِ أَو مَنْ يركبُ الفَرسا

٦٢٧. من بعدِ فتحكَ بيت القدس ليس سوى
صورٍ فإنْ فُتحَتْ فاقصدْ طرابلسا

٦٢٨. أَثرْ على يومِ انطرسوسَ ذا لجبٍ
وابعثْ إلى ليلِ أَنطاكيةَ العسسا

٦٢٩. وأَخلِ ساحلَ هذا الشامِ أَجمعه
من العداة ومَنْ في دينهِ وكؤسا

٦٣٠. ولا تدعْ منهم نَفْساً ولا نَفَساً
فإنهم يأْخذونَ النفْسَ والنفَسا

٦٣١. نزلتَ بالقدسِ فاستفتحتَهُ ومتى
تقصدْ طَرابُلُساً فانزلْ على قَلسا

٦٣٢. يا يومَ حطينَ والأَبطالُ عابسةٌ
وبالعجاجةِ وجهُ الشمسِ قد عَبَسا

٦٣٣. رأيتُ فيه عظيمَ الكفرِ محتقراً
مُعفراً خده والأَنفُ قد تَعَسا

٦٣٤. يا طهرَ سيفٍ برى رأْسَ البرِنْسِ فقد
أَصابَ أَعظمَ من بالشركِ قد نجسا

٦٣٥. وغاصَ إذْ طارَ ذاكَ الرأْسُ في دمهِ
كأنه ضفدعٌ في الماءِ قد عطسا

٦٣٦. ما زالَ يعطسُ مزكوماً بغدرتهِ
والقتلُ تشميتُ من بالغدرِ قد عطسا

٦٣٧. عرى ظُباهُ من الأَغمادِ مهرقةً
أَدماً من الشركِ رَداها بهِ وَكَسَا

٦٣٨. مَنْ سيفُهُ في دماءِ القومِ منغمسٌ
من كل من لم يزلْ في الكُفرِ منغمسا

٦٣٩. أَفناهُم قتلهمْ والأَسرُ فانتكوا
وبيتُ كفرهمُ من خُبثهم كُنسا

٦٤٠. أَطيبُ بأَنفاسٍ تطيبُ لكم نَفْساً
وتعتاضُ منْ ذكراكمُ وحشتي أُنسا

٦٤١. وأسأل عنكم عافياتٍ دوارِسٍ
غَدَتْ بلسانِ الحالِ ناطقةً خَرْسا

٦٤٢. معاهدكمْ ما بالُها كعهودِكُم
وقد كَرَرتْ من دَرْسِ آثارِها دَرْسِا

٦٤٣. وقد كانَ في حَدْسي لكُمْ كل طارقٍ
وما جئتمُ من هجركم خالَفَ الحَدْسا

٦٤٤. أرى حَدَثانَ الدهْرِ يُنْسَى حديثُهُ
وأَما حديثُ الغَدْرِ منكُمْ فلا يُنْسَى

٦٤٥. تَزُولُ الجبالُ الراسباتُ وثابتٌ
رسيسُ غَرامٍ في فؤادي لكُمْ أَرْسَى

٦٤٦. حَسبْتُ حبيبي قاسيَ القلبِ وَحْدَهُ
وقلبُ الذي يَهْوَى بحملِ الهَوى أَقْسَى

٦٤٧. أَما لكمُ يا مالكي الرق رِقةً
يطيبُ بها مملوككمْ منكمُ نَفْسا

٦٤٨. وإن سروري كنتُ أَسمعَ حسهُ
فمذ سرتُ عنكم ما سمعتُ له حسا

٦٤٩. وإن نهاري صارَ ليلاً لبعدكمْ
فما أَبصرَتْ عيني صباحاً ولا شَمْسا

٦٥٠. بكيتُ على مستودعاتِ قلوبكمْ
كما قد بكتْ قدْماً على صخْرِها الخنسا

٦٥١. فلا تحبسوا عَني الجميلَ فإنني
جَعَلْتُ على حُبي لكم مُهْجَتي حَبْسا

٦٥٢. رأَيتُ صلاحَ الدينِ أَفضلَ مَنْ غَدا
وأشرفَ مَنْ أَضحى وأكرمَ من أَمسى

٦٥٣. وقيلَ لنا في الأرضِ سبعةُ أَبْحُرٍ
ولسنا نرى إلا أناملَهُ الخَمْسا

٦٥٤. سَجيتُهُ الحُسنى وشيمتُهُ الرضا
وبطشتُهُ الكُبرى وعزمتُهُ القَعْسا

٦٥٥. فلا عدمتْ أَيامنا منه مشرقاً
ينيرُ بما يولي ليالينا الدمْسا

٦٥٦. جنودُكَ أَملاكُ السماءِ وظنهمُ
عداتُكَ جن الأرضِ في الفتكِ لا الإِنسا

٦٥٧. فلا يستحقُّ القدسَ غيرُكَ في الورى
فأَنتَ الذي من دونهم فتحَ القُدسا

٦٥٨. ومنْ قبلِ فتحِ القُدسِ كنتَ مقدَّساً
فلا عَدِمَتْ أَخلاقُكَ الطُّهْر والقُدسا

٦٥٩. وطَهرْتَهُ من رِجْسهمْ بدمائهم
فأَذهبتَ بالرِّجس الذي ذَهبَ الرِّجْسا

٦٦٠. نَزَعْتَ لباسَ الكُفْرِ عن قُدْسِ أَرضها
وأَلبَسْتهَا الدِّينَ الذي كشفَ اللَّبسا

٦٦١. وعادتْ ببيتِ اللّهِ أَحكامُ دينه
فلا بَطركاً أَبقيتَ فيها ولا قَسا

٦٦٢. وقد شاعَ في الآفاقِ عنكَ بشارةٌ
بأَن أَذان القدسِ قد أَبطَلَ النقسا

٦٦٣. جرى بالذي تَهْوَى القضاءُ وظاهَرَتْ
ملائكةُ الرَّحمنِ أَجنادَكَ الحُمسا

٦٦٤. وكم لبني أَيوبَ عبدٌ كعنترٍ
فإنْ ذُكروا بالبأْسِ لا يَذْكُروا عَبْسا

٦٦٥. وقد طابَ رَياناً على طبريةٍ
فيا طيبَها مغنىً ويا حسنها مرسَى

٦٦٦. وعكا وما عكا فقد كانَ فتحُها
لإجلائهم عن مُدْنِ ساحلهم كَنْسا

٦٦٧. وصيدا وبيروتُ وتبنينُ كلُّها
بسيفكَ أَلفى أَنفَهُ الرَّغْمَ والتعْسْا

٦٦٨. ويافا وأَرسوفٌ وتُبنَى وغزَّةٌ
تَخِذْتَ بها بين الطُّلى والظُّبى عُرْسا

٦٦٩. وفي عسقلانَ الكفرُ ذلَّ بملككمْ
فمنظرُهُ بلْ أَمرُهُ اربدَّ وارجسَا

٦٧٠. وصارَ بصورٍ عصبة يرقبونكمْ
فلا تُبطئوا عنها وحَسُّوهمُ حسَا

٦٧١. توكلْ على اللّهِ الذي لكَ أَصبحتْ
كلاءتُهُ دِرعاً وعصمتهُ ترْسا

٦٧٢. ودمِّرْ على الباقينَ واجتثَّ أَصلَهُمْ
فإنكَ قد صَيرْتَ دينارَهم فَلْسا

٦٧٣. ولا تنسَ شركَ الشرقِ غربك مروياً
بماءِ الطُّلى من صادياتِ الظبى الخمسا

٦٧٤. وإنَّ بلادَ الشرقِ مظلمةٌ فَخُذْ
خراسانَ والنهرينِ والتُّركَ والفُرْسا

٦٧٥. وبعد الفرنجِ الكَرْكَ فاقصدْ بلادَهُم
بعزمكَ واملأ من دمائهمُ الرَّمْسا

٦٧٦. أَقامتْ بغاب الساحلين جنودكم
وقد طردتْ عنه ذئابَهمُ الطُّلْسا

٦٧٧. سحبتَ على الأُرْدُنِّ رُدْناً من القنا
رُدَينيّةً مُلْداً وخَطِّيّةً مُلْسا

٦٧٨. حططتَ على حطِّينُ قدرَ ملوكهمْ
ولم تُبقِ من أَجناسِ كفرهمُ جِنْسا

٦٧٩. ونعْمَ مجالُ الخيلِ حطِّينُ لم تكنْ
معاركُها للجُرْدِ ضرْساً ولا دَهْسا

٦٨٠. غداةَ أُسُودُ الحربِ مُعْتَقِلُوا القَنا
أَساوِدُ تبغي من نُحورِ العِدا نَهْسا

٦٨١. أَتوا شُكُسَ الأخلاقِ خُشْناً فليّنتْ
حُدودُ الرِّقاقِ الخُشْنُ أَخلاقَها الشُّكسا

٦٨٢. طردتَهُمُ في المُلْتقى وعكستَهُمْ
مُجيداً بحكمِ العَزْمِ طَرْدَكَ والعَكْسا

٦٨٣. فكيفَ مكسْتَ المشركينَ رؤوسَهُمْ
ودأْبُكَ في الإحسانِ أن تُطْلِقَ المَكْسا

٦٨٤. كسرتَهُمْ إذْ صَحَّ عزمُكَ فيهمُ
ونكَّسْتَهمْ إذْ صارَ سهمهُمُ نَكْسا

٦٨٥. بواقعةٍ رَجّتْ بها الأَرضُ جيشَهم
دماراً كما بُسَّتْ جبالَهُمُ بَسّا

٦٨٦. بطونُ ذئابِ الأَرضِ صارتْ قبورُهمْ
ولم تَرْضَ أَرضٌ أَنْ تكونَ لهم رَمْسَا

٦٨٧. وطارتْ على نارِ المواضي فراشُهُمْ
صلاءً فزادتْ من خمودِهمُ قَبْسا

٦٨٨. وقد خشعتْ أَصواتُ أَبطالها فما
يعي السّمعَ إلاَّ من صليلِ الظُّبى هَمْسا

٦٨٩. تُقادُ بدأْ ماءِ الدِّماءِ ملوكهمْ
أُسارَى كَسُفْنِ اليمِّ نُطّتْ بها القَلْسا

٦٩٠. سبايا بلادُ اللّهِ مملوءةٌ بها
وقد شُرِيَتْ بَخْساً وقد عُرِضَتْ نَخْسا

٦٩١. يُطافُ بها الأَسواق لا راغبٌ لها
لكثرتها كم كثرةٍ تُوجب الُوَكْسا

٦٩٢. شكا يَبَساً رأْسُ البرِنْسِ الذي به
تَنَدَّى حسامٌ حاسمٌ ذلكَ اليُبْسا

٦٩٣. حسا دَمَهُ ماضي الغرارِ لقدرهِ
وما كان لولا غدرهُ دَمُهُ يُحْسَى

٦٩٤. فللهِ ما أَهدَى فتكتْ بهِ
وأطهرَ سيفاً معدماً رجسَهُ النّجْسا

٦٩٥. نسفتَ بهِ رأْسَ البرِنْسِ بضربةٍ
فأشبهَ رأسي رأْسَهُ العهْنَ والبُرْسا

٦٩٦. تبوّغَ في أَوداجهِ دمُ بغيهِ
فصالَ عليه السّيفُ يلحسُهُ لحسا

٦٩٧. بعثتَ إمامَ أُمةِ النارِ نحوَها
فزارَ إمام أَرناطها ذلكَ الحبسا

٦٩٨. وللّهِ نصُّ النصرِ جاءَ لنصلهِ
فلا قُونَساً أَبقى لرأْسٍ ولا قَنْسا

٦٩٩. حكَى عنقَ الداويَّ صُلَّ بضربةٍ
طريرُ الشبا عُوداً لمضرابهِ حسا

٧٠٠. أَيوم وغىً تدعوه أَم يوم نائلٍ
وأَنتَ وهبتَ الغانمينَ به الخُمسا

٧٠١. وقد طابَ ريّاناً على طبريّةٍ
فيا طيبَها رِياً ويا حُسْنَها مرسى