Feedback

سبحان ذي الجبروت والبرهان

١. سُبحانَ ذي الجَبروتِ وَالبُرهانِ
وَالعِزِّ وَالمَلكوتِ وَالسُلطانِ

٢. وَالحَمدُ لِلَّهِ الكَريمِ الرازِقِ ال
خَلّاقِ مُتقنِ صَنعَةِ الإِنسانِ

٣. وَاللَهُ أَكبَرُ لا إِلَهَ سِواهُ لي
سُبحانَهُ هُوَ لِلصَوابِ هَداني

٤. أَصبَحتُ أَنظمُ مَدحَ أَكرَمِ مُرسَلٍ
لَهجاً بِهِ في رائِقِ الأَوزانِ

٥. وَتَخِذتُهُ لي جُنَّةً وَمَعونَةً
فيما أَرومُ فَصانَني وَكَفاني

٦. حَبَّرت فيهِ قَصيدَةً أَودَعتُها
مِن مُسنَدِ الأَخبارِ حُسن مَعاني

٧. في وَصفِهِ مِن بَدءِ تَشريفاتِهِ
حَتّى الخِتامِ بِحُسنِ نَظمِ مَعاني

٨. وَلَمَدحُهُ أَولى وَأَجدَرُ أَن يُرى
فيهِ الهُدى وَيعانُ فيه مُعاني

٩. لَمّا بَنى اللَهُ السَماواتِ العُلى
سَبعاً تَعالى اللَهُ أَكرَم باني

١٠. فَسَمَت وَزانَتها بِحِكمَةِ صُنعِهِ
زهرُ النُّجومِ وَزانَها القَمَرانِ

١١. وَالأَرضُ سَبعاً مَدَّها فَتَذَلَّلَت
وَتَزَيَّنَت بِبَدائِعِ الأَلوانِ

١٢. وَرَسَت عَلَيها الشامِخات بِإِذنِهِ
فَحَمَت جَوانِبَها مِنَ المَيَدانِ

١٣. وَأَتَمَّ خَلقَ العَرشِ خَلقاً باهِراً
فَغَدا مِنَ الإِجلالِ ذا رَجفانِ

١٤. كَتَبَ الإِلَهُ اِسمَ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ
فَوقَ القَوائِمِ مِنهُ وَالأَركانِ

١٥. فَسَرى السُّكونُ بِهِ وَقَد كَتَبَ اِسمهُ
في جَنَّةِ المَأوى عَلى الأَغصانِ

١٦. وَخِيامُها وَقِبابُها وَعَلى مَصا
ريعِ القُصورِ تَفَضُّل المنّانِ

١٧. فَلِذاكَ آدَم حينَ تابَ دَعا بِهِ
مُتَوَسِّلاً فَأُجيبَ بِالغُفرانِ

١٨. لَولاهُ لَم يُخلَق أَبونا آدَم
وَجَحيمُ نارٍ أَو نَعيمُ جِنانِ

١٩. قَد كانَ آدَمُ طينَةً وَمُحَمَّدٌ
يُدعى نَبِيّاً عِندَ ذي الإِحسانِ

٢٠. مِن فِضَّةٍ بَيضاءَ طينَةُ أَحمَدٍ
مِن تُربَةٍ أَضحَت أَعَزَّ مَكانِ

٢١. عُجِنَت مِنَ التَسنيمِ بِالماءِ الَّذي
زادَت بِهِ شَرَفاً عَلى الأَبدانِ

٢٢. غُمِسَت بِأَنهارِ النَّعيمِ فَطُهِّرَت
وَتَعَطَّرَت وَسَمَت عَلى الأَكوانِ

٢٣. وَغَدَت يُطافُ بِها السَمَواتُ العُلى
وَالأَرضُ تَشريفاً عَلى الأَكوانِ

٢٤. أَنوارُهُ كانَت بِجَبهَةِ آدم
لا تَختَفي عَمَّن لهُ عَينانِ

٢٥. وَبِجَبهَةِ الزَهراءِ حَوّا أَشرَقَت
لِلحَملِ بِالمَبعوثِ بِالفُرقانِ

٢٦. وَمِنَ الكَرامَةِ لِلمُشَفَّعِ أَنَّها
في كُلِّ بَطنٍ جاءَها وَلدانِ

٢٧. وَأَتَت بِشيثٍ وَحدَهُ مُتَفَرِّداً
لِيبينَ فَضلُ الواضِحِ البُرهانِ

٢٨. وَبِصُلبِ آدَمَ كانَ وَقت هُبوطِهِ
وَبِصُلبِ نوحٍ وَهوَ في الطوفانِ

٢٩. وَبِصُلبِ إِبراهيمَ حينَ رَمى بِهِ
في نارِهِ أَشقى بَني كَنعانِ

٣٠. وَعَلى سِفاحٍ ما اِلتَقى يَوماً مِنَ ال
أَيّامِ مِن آبائِهِ أَبَوانِ

٣١. مِن كُلِّ صُلبٍ طاهِرٍ أَفضى إِلى
أَحشاءِ طاهِرَة الإِزارِ حصانِ

٣٢. أُخِذت مِنَ الرُّسلِ الكِرامِ لِنَصرِهِ
إِن أَدرَكوهُ مَواثِقُ الإِيمانِ

٣٣. وَكَذاكَ في الكُتبِ القَديمَةِ وَصفُهُ
يُتلى عَلى الأَحبارِ وَالرُهبانِ

٣٤. عَيناهُ فيها حُمرَةٌ مُتَقَلِّدٌ
بِالسَيفِ لا يَرتاعُ لِلأَقرانِ

٣٥. يَعفو وَيَصفَحُ لا يُجازي مَن أَتى
بِإِساءَة ناءٍ مِنَ العُدوانِ

٣٦. لا بِالغَليظِ الفَظِّ وَالسَخّابِ في ال
أَسواقِ إِذ يَتَشاجَرُ الخَصمانِ

٣٧. حرزٌ لِأُميّينَ مِن مَسخٍ وَمِن
خَسفٍ وَمِن حَصَبٍ وَمِن طوفانِ

٣٨. لا يَنتَهي حَتّى يُقيمَ المِلَّةَ ال
عَوجاءَ بِالتَوحيدِ وَالتِبيانِ

٣٩. يَشفي القُلوبَ الغلفَ وَالآذانَ مِن
صَمَمٍ وَيَفتَحُ أَعيُنَ العُميانِ

٤٠. في مَجمَعِ الكَتفَينِ مِنهُ شامَةٌ
هِيَ لِلنُّبُوَّةِ فيهِ كَالعُنوانِ

٤١. وَبِمَكَّةَ الفَيحاء مَولِدُهُ فَقَد
فاقَت لِذَلِكَ سائِر البُلدانِ

٤٢. مِنها مَهاجِرهُ إِلى أَرضٍ بِها
نَخلٌ كَثيرٌ زينَ بِالقنوانِ

٤٣. هِيَ يَثرِبٌ هِيَ طيبَةٌ هِيَ دارُهُ
حُظِيَت بِمَجدٍ شامِخِ البُنيانِ

٤٤. وَعَلى بِلادِ الشامِ يَظهَرُ مُلكُهُ
فَيُذِلُّ قَهراً عُصبَةَ الصُلبانِ

٤٥. وَاِستعلنَ الحَقّ المُبين بِنورِهِ
بَينَ الجِبالِ الشُّمِّ مِن فارانِ

٤٦. ما مِن نَبِيٍّ مُجتَبى إِلّا لَهُ
يَومَ المَعادِ إِذا أَتى نورانِ

٤٧. وَيَجيءُ تابِعُهُ بِنورٍ واحِدٍ
وَلِأَحمَد الداعي إِلى الإيمانِ

٤٨. في كُلِّ جُزءٍ مِنهُ نورٌ وَالَّذي
يَتلوهُ ذو نورَينِ يَبتَدِرانِ

٤٩. وَلنَعت شَعيا لِلنَبِيِّ مُحَمَّدٍ
وَلِنَعتِ حِزقيلٍ كَذاكَ أَتاني

٥٠. وَصِفاتُ أُمَّتِهِ كَذَلِكَ بُيِّنَت
فيها لِقَلبِ العالمِ الروحاني

٥١. غرّ لِآثارِ الوضوءِ عَلَيهِم
نورٌ مُضيءٌ ساطِعُ اللَمَعانِ

٥٢. وَالحَمدُ لِلَّهِ العَظيمِ شِعارُهُم
في البُؤسِ وَالأَفراحِ وَالأَحزانِ

٥٣. وَإِذا عَلَوا شَرَفاً كَبيراً كَبَّروا
أَصواتهُم كَالنَحلِ بِالقُرآنِ

٥٤. فيهِم صَلاةٌ مرَّة لَو أَنَّها
كانَت لِعادٍ لَم تُصَب بِهَوانِ

٥٥. وَهُم رُعاةُ الشَّمسِ وَالقَمَرِ الَّذي
تُطوى مَنازِلُهُ عَلى حُسبانِ

٥٦. وَهُم الَّذينَ يُقاتِلونَ عِصابَةَ ال
دَجّالِ ذي التَضليلِ وَالبُهتانِ

٥٧. لَمّا رَأى موسى الكَليمُ صِفاتَهُم
وَعَطاءَهُم مِن عِزَّةٍ وَصيانِ

٥٨. سَأَلَ اللّحوقَ بِهِم وَتِلكَ فَضيلَةٌ
خَلُصَت لِأَمَّتِهِ بِكُلِّ أَوانِ

٥٩. كانَت يَهود بِهِ عَلى أَعدائِها
يَستَفتِحونَ بِسالِفِ الأَزمانِ

٦٠. وَبِوَصفِهِم أَضحى المُتوّجُ تُبَّع
بِالمُصطَفى العَرَبِيِّ ذا إيمانِ

٦١. لَكِنَّهُم حَسَدوهُ بَغياً وَاِعتَدوا
كَعُدُوِّهم في السَّبتِ بِالحيتانِ

٦٢. هُوَ أَحمَدُ الهادي البَشيرُ مُحَمَّد
قَتّالُ أَهلِ الشِّركِ وَالطُّغيانِ

٦٣. هُوَ شاهِدٌ مُتَوَكِّلٌ هُوَ مُنذِرٌ
وَمُبَشِّرُ الأَبرارِ بِالرّضوانِ

٦٤. هُوَ فاتِحٌ هُوَ خاتَمٌ هُوَ حاشِر
هُوَ عاقِبٌ هُوَ شافِعٌ لِلجاني

٦٥. قُثمٌ ضَحوكٌ سَيِّدٌ ماحٍ مَحى
بِالنورِ ظُلمَةَ عابِدي الأَوثانِ

٦٦. وَهوَ المُقَفّى وَالأَمينُ المُصطَفى ال
أُمِّيُّ أَكرَمُ مُرسَلٍ بِبَيانِ

٦٧. وَهوَ الَّذي يُدعى نَبِيّ مَلاحِمٍ
وَمَراحِمٍ وَمَثاب ذي عِصيانِ

٦٨. وَهوَ اِبنُ عَبدِ اللَهِ صَفوَة شَيبَة ال
حَمدِ بن هاشِم الذَبيح الثاني

٦٩. أَصلُ الدِياتِ فِداؤُهُ مِن ذَبحِهِ ال
مَنذورِ إِذا هُوَ عاشِرُ الأخوانِ

٧٠. وَالأَبيَضُ البَضُّ المُعَظَّمُ جَدُّهُ
شَيخُ الأَباطِحِ سَيِّدُ الحمسانِ

٧١. لَمّا اِصطَفى اللَّهُ الخَليلَ وَزادَهُ
شَرَفاً وَنَجّاهُ مِنَ النّيرانِ

٧٢. اِختارَ إِسماعيلَ مِن أَولادَهِ
وَبَني كنانَةَ مِن بَني عَدنانِ

٧٣. ثُمَّ اِصطَفى مِنهُم قُرَيشاً وَاِصطَفى
أَبناءَ هاشِم الفَتى المِطعانِ

٧٤. ثُمَّ اِصطَفى خَيرَ الأَنامِ مُحَمَّداً
مِن هاشِم فَسَمَت عَلى قَحطانِ

٧٥. وَأَبانَ كَعب جَدّهُ في خُطبَةٍ
بِعُروبَةٍ في سائِرِ الأخوانِ

٧٦. فَضل النَبِيِّ وَودّ أَن يَبقى إِلى
أَيّامِهِ لِقِتالِ ذي شَنَآنِ

٧٧. وَلَقَد بَدَت أَنوارُهُ بِجَبينِ عَب
دِ اللَهِ ظاهِرَةً لِذي عِرفانِ

٧٨. وَبَدَت لِآمِنَةَ الحِصان لِحَملِها
بِأَخَفّ حملٍ راجِحِ الميزانِ

٧٩. حَتّى بَدَت أَنوارُهُ في وَضعِها
فَرَأَت قُصورَ الشامِ رُؤيَةَ داني

٨٠. وَلَدَتهُ عامَ الفيلِ يَومَ اِثنَينِ فَاِح
تازَ الفَخارَ بَفَضلِهِ الإِثنانِ

٨١. بِرَبيع الأَدنى بِثاني عَشرَة
وَيُوافِقُ العِشرينَ مِن نيسانِ

٨٢. وَتَحَدَّثت بِوِلادِهِ الأَحبارُ وَال
رُهبانُ وَالواعي مِن الكُهّانِ

٨٣. خَمَدَت لَهُ نارُ المَجوسِ وَزلزلَت
مَعَ الاِنشِقاقِ جَوانِبُ الإيوانِ

٨٤. وَرَأى أَنوشَروان رُؤيا رَوَّعَت
مِنهُ الفُؤادَ فَظَلَّ ذا رَجَفانِ

٨٥. فَمَضى الرَّسولُ إِلى سَطيح سائِلاً
فَأَتى الجَوابُ إِلى أَنوشروانِ

٨٦. أَن سَوفَ يَظهَرُ أَمرُ دينِ مُحَمَّدٍ
حَتّى يُزيلَ الملكَ مِن ساسانِ

٨٧. سَعدَت حَليمَةُ ظِئرهُ بِرضاعِهِ
وَحَوى الفَخارَ رَضيعهُ بِلَبانِ

٨٨. وَرَأَت بِهِ البَرَكات مِنذُ غَدَت بِهِ
وَأَتانُها في الرَّكبِ خَيرُ أَتانِ

٨٩. وَغَدَت تدرُّ لَها الشِّياهُ العجفُ في ال
زَمَنِ المَحيلِ وَأَقبَلَ الثَديانِ

٩٠. فَأَتَت إِلَيهِ وَأَسلَمَت وَحَليلها
فَتَبَوَّءا لِلرُّشدِ دارَ أَمانِ

٩١. وَلِأَربَع مِن عُمرِهِ لَمّا غَدا
مَع صِبيَة أَترابهُ الرِّعيانِ

٩٢. شَرَحَ المَلائِكُ صَدرَهُ وَاِستَخرَجوا
مِنهُ نَصيبَ الدَّاحضِ الشَيطانِ

٩٣. وَلَقَد تَطَهَّرَ بَعدَ عَشرٍ صَدرهُ
مِن كُلِّ ما غِلّ بِشَرحٍ ثانِ

٩٤. مَلأوهُ إيماناً وَحلماً وافِراً
وَسَكينَةً مَعَ رَأفةٍ وَحَنانِ

٩٥. وَوَقَتهُ مِن لَفحِ الهَجيرِ غَمامَة
وَهوَ اِبنُ عَشرٍ أَجمَل الغِلمانِ

٩٦. يَغدو كَحيلاً داهِناً وَقَرينُهُ
شعثُ الغَدائِرِ رُمَّصُ الأَجفانِ

٩٧. وَمَضَت لِسِتٍّ أَمُّهُ وَتَكَفَّلَ ال
جَدُّ الشَفيقُ لَهُ بِحُسنِ حضانِ

٩٨. وَأَتى بِهِ وَهوَ اِبنُ سَبعٍ عَمُّهُ
وَقَدِ اِشتَكى رَمَداً إِلى دَيراني

٩٩. فَأَبى النُزولَ فَزلزلَت جُدرانُهُ
فَاِرتاعَ عِندَ تَزَلزُلِ الجُدرانِ

١٠٠. فَاِنحَطَّ حينَئِذٍ وَأَخبرَ جَدَّهُ
بِنُبُوَّةِ الوَلَدِ العَظيمِ الشّانِ

١٠١. وَبِجِدِّهِ اِستَسقى الغَمائِمَ جَدُّهُ
فَتَبَجَّسَت بِالوابِلِ الهَتّانِ

١٠٢. وَلَقَد تَرَحَّلَ جَدُّهُ لِهَنائِهِ
سَيفُ بنُ ذي يَزَنٍ إِلى غَمدانِ

١٠٣. فَحَباهُ سَيفٌ عِندَها بِبِشارَةٍ
تَعلو الهَناءَ بِمَقتَلِ السودانِ

١٠٤. أَفضى إِلَيهِ بِسِرِّهِ في أَحمَد ال
هادي البَشيرِ وَكانَ ذا خُبرانِ

١٠٥. وَتَكَفَّلَ العَمُّ الشَفيقُ بِأَمرِهِ
لَمّا غَدا مُتَكَمِّلاً لِثَمانِ

١٠٦. وَرَأى عَظيمَ الخَيرِ مِن بَرَكاتِهِ
هُوَ وَالعِيال إِذا أُتو بِخوانِ

١٠٧. وَشَكا إِلَيهِ عَمُّهُ ظَمَأً بِهِ
في مَوضِعٍ خالٍ مِن الغُدارنِ

١٠٨. فَسَقاهُ إِذ رَكَضَ التُرابَ بِرِجلِهِ
ماءً يُرَوّي غلَّةَ الظَمآنِ

١٠٩. وَمَضى بِهِ نَحوَ الشَآمِ مُسافِراً
وَهوَ اِبنُ عَشرٍ بِعَدها ثِنتانِ

١١٠. وَرَأى بُحَيراءُ الغَمامَ لِظِلِّهِ
في الحَرِّ عِندَ تَوَقُّدِ الصُوّانِ

١١١. وَرَأى الظِلالَ تَميدُ أَنى مالَ مِن
شَجَرٍ هُناكَ ظَليلهُ الأَفنانِ

١١٢. وَجَرى لَهُ في بِضعِ عَشرَةَ حجَّةٍ
نَبَأٌ يَسُرُّ فُؤادَ ذي إيقانِ

١١٣. إِذ كانَ سافَرَ مَع زُبَيرٍ عَمُّهُ
فَرَأى بَعيراً صائِلاً بِجنانِ

١١٤. فَمَضى إِلَيهِ فَحينَ عايَنَ عزَّهُ
أَهوى ذَليلاً ضارِباً بِجرانِ

١١٥. فَعَلاهُ مُمتَطِياً فَأَذعَنَ بِعدَما
قَد كانَ غَيرَ مُذَلَّلٍ مِذعانِ

١١٦. وَكَذاكَ عِندَ رُجوعِهِم مِن شَأنِهِم
مَرّوا بِوادٍ مُفعَمٍ مَلآنِ

١١٧. فَغَدا أَمامَهُم فَغَادَرَ ماؤهُ
يَبساً طَريقاً ذَلَّ لِلرُكبانِ

١١٨. وَأَغَذَّ في خَمسٍ وَعِشرينَ السُرى
نَحوَ الشآمِ بِمَتجَرٍ لِرَزانِ

١١٩. فَرَآهُ نَسطورا فَأَخبَرَ أَنَّهُ
أَزكى نَبِيٍّ خاتَم الأَعيانِ

١٢٠. وَرَآهُ مَيسَرَة الغُلام رَفيقُهُ
وَمِنَ الهَجيرِ يُظِلُّهُ مَلَكانِ

١٢١. وَكذا خَديجَةُ أَبصَرَت فَتَزَوَّجَت
رَغباً بِهِ مِن خِبرَةٍ وَعَيانِ

١٢٢. جادَت عَلَيهِ بِنَفسِها وَبِمالِها
فَسَمَت بِهِ شَرَفاً عَلى النّسوانِ

١٢٣. وَبَنَت قُرَيش البَيتَ حينَ تَهَدَّمَت
بِالسَيلِ مِنهُ قَواعِدُ الحيطانِ

١٢٤. وَاِشتَدَّ في الحَجَرِ الكَريمِ نِزاعُهُم
مَن مِنهُم لِلرَّفعِ مِنهُ يُعانِ

١٢٥. ثُمَّ اِرتَضوا فيهِ بِأَوَّلِ داخِلٍ
فَأَتى الأَمينُ الطَيِّبُ الأَردانِ

١٢٦. وَهوَ اِبنُ خَمسٍ مَع ثَلاثينَ اِحتَوى
حَزمَ الكُهولِ وَقُوَّةَ الشُبّانِ

١٢٧. وَاِختَصَّ في وَضعِ الإِزارِ بِحِكمَةٍ
بِالرَّفعِ دونَهُم وَدونَ البانِ

١٢٨. كانَ التَعَبُّدُ دَأبَهُ لِلَّهِ مِن
قَبلِ النُّبَوَّةِ لَيسَ عَنهُ بِوانِ

١٢٩. يَأتي حراءً لِلتَعَبُّدِ هاجِرَ ال
أَصنامِ هَجرَ المُبغِضِ الغَضبانِ

١٣٠. وَكَذاكَ كانَ إِذا رَأى الرُؤيا اِنجَلَت
كَالصُبحِ واضِحَةً عَلى بُرهانِ

١٣١. وَأَتَت عَلَيهِ أَربَعونَ فَأَشرَقَت
شَمسُ النُّبُوَّةِ مِنهُ في رَمضانِ

١٣٢. في سَبع عَشرَةَ لَيلَةً في يوم الاِث
نَينِ المُخَصَّصِ مِنهُ بِالرّجحانِ

١٣٣. لَم يَبقَ مِن حَجَرٍ وَلا مَدَرٍ وَلا
شَجَرٍ وَلاَ جَبَلٍ وَلا كُثبانِ

١٣٤. إِلّا وَناداهُ السَلامُ عَلَيكَ بِال
لَفظِ الفَصيحِ كَناطِقٍ بِلِسانِ

١٣٥. رَمَت الشَّياطينَ الرُّجومُ لِبَعثِهِ
وَتنَكَّس الأَصنام لِلأَذقانِ

١٣٦. وَالجِنُّ تَهتِفُ في الظَّلامِ بِسَجعِها
بِنُبُوَّةِ المَبعوثِ بِالخَيرانِ

١٣٧. وَأَتاهُ جِبريلُ الأَمينُ مُعَلِّماً
مِن عِندِ رَبٍّ مُنعمٍ مَنّانِ

١٣٨. فَحَصَ التُرابَ لَهُ فَأُنبِعَ ماؤُهُ
فَأَراهُ كَيفَ وَضوءُ ذي قُربانِ

١٣٩. وَأَتاهُ بِالسَّبعِ المَثاني فَاِنَثنى
جَذلاً بِسَبعٍ في الصَّلاةِ مَثاني

١٤٠. وَأَتاهُ يَأمرُهُ لِيُنذِرَ قَومَهُ
طرّاً وَيَبدَأَ بِالقَريبِ الداني

١٤١. فَدَعا إِلى الرَّحمَنِ جَلَّ ثَناؤُهُ
وَنَهى عَنِ الإِشراكِ وَالكُفرانِ

١٤٢. وَرَمى الرِبا وَالخَمر وَالأَنصاب وال
أَزلامَ وَالفَحشاءَ بِالبُطلانِ

١٤٣. وَأَتى بِدينٍ مُستَقيمٍ واضِحٍ
ظَهَرَت شَريعَتُهُ عَلى الأَديانِ

١٤٤. فَهَدى قَبائِلَهُ فَلَم يَتَقَبَّلوا
بَل قابَلوا المَعروفَ بِالنُّكرانِ

١٤٥. ما زالَ يُنذِرُ قَومَهُ في منعَةٍ
حَتّى ثَوى العَمُّ الشَفيقُ الحاني

١٤٦. وَمَضَت خَديجَةُ بَعدَهُ لِسَبيلِها
مَرضِيَّةً فَتَفاقَمَ الرّزءانِ

١٤٧. فَاِشتَدَّ حينَئِذٍ عَلَيهِ أَذاهُم
وَبَدا لَهُ طَمَعُ العَدُوِّ الشاني

١٤٨. فَأَتى ثَقيفاً فَاِعتَراهُ أَذاهُمُ
فَأَوى إِلى ظِلٍّ بِقَلبٍ عانِ

١٤٩. وَاِبنا رَبيعَةَ شَيبة وَأَخوهُ في
علِيِّةٍ لِعنائِهِ يَرَيانِ

١٥٠. فَحَنتهُما رَحِمٌ عَلَيهِ فَأَرسَلا
بِالقطفِ مَع عَدّاسٍ النَّصراني

١٥١. فَرَأى عَلاماتِ النُبُوَّةِ فَاِهتَدى
وَلَكِن هُما عَمّا رَأى عميانِ

١٥٢. وَغَدا عَلى الأَحياءِ يَعرِضُ نَفسَهُ
لِبَلاغِ أَمرِ مُهَيمنٍ دَيّانِ

١٥٣. يَأَتي القَبائِلَ يَستَجيرُ فَلا يَرى
إِلّا ذَوي التَكذيبِ وَالخُذلانِ

١٥٤. فَهُناكَ هاجَرَ جَعفَرٌ وَرِفاقُهُ ال
أَخيارُ نَحوَ مَواطِنِ الحبشانِ

١٥٥. فَحَنا النَجاشِيُّ المُنيبُ عَلَيهِم
كَحُنُوِّ والِدَةٍ عَلى وِلدانِ

١٥٦. وَأَقامَ يَعرِضُ نَفسَهُ حَتّى اِلتَقى
مِن خَزرَجٍ بِالسَّتَّةِ الشُجعانِ

١٥٧. وَأَتوا وَمِثلهُم إِلَيهِ فَبايَعوا
في موسِمِ العامِ الجَديدِ الثاني

١٥٨. وَبِعامِهِ هَذا رَأى في لَيلَةِ ال
مِعراجِ ما قَرَّت بِهِ العَينانِ

١٥٩. وَاِزادادَ تَطهيراً بِشَرح صَدرِهِ
في لَيلَةِ المَسرى بِلا نُقصانِ

١٦٠. أَسرى مِنَ البَيتِ الحَرامِ بِهِ إِلى
أَقصى المَساجِدِ لَيسَ بِالوَسنانِ

١٦١. فَعَلا البُراقَ وَكانَ أَشَرَف مَركبٍ
يَطوي القِفارَ بِسُرعَةِ الطَيَرانِ

١٦٢. حَتّى أَتى البَيتَ المُقَدَّسَ وَاِرتَقى
نَحوَ السَماءِ فَجازَ كُلَّ عَنانِ

١٦٣. ما مِن سَماءٍ جاءَها مُستَفتِحاً
إِلّا لَقوهُ بِتُحفَةٍ وَتَهاني

١٦٤. وَلَقَد رَأى أَبَوَيهِ آدَمَ ثُمَّ إِب
راهيمَ فَليُبشر بِهِ الأَبَوانِ

١٦٥. وَلَقَد رَأى يَحيى وَعيسى ثُمّ ها
رونَ المُحَبَّبَ رُؤيَةَ اليَقظانِ

١٦٦. وَكَذاكَ موسى ثُمَّ إِدريسَ الرَضِي
فَتَباشَروا كَتَباشُرِ الإِخوانِ

١٦٧. وَلَقَد دَنا كَالقابِ مِن قَوسَينِ أَو
أَدنى إِذا ما قُدِّرَ القَوسانِ

١٦٨. كَشَفَ الحِجابَ وَكَلَّمَهُ فَما
أَحظاهُ بِالتَقريبِ مِن إِنسانِ

١٦٩. فَرَضَ الصَّلاةَ عَلَيهِ خَمساً أَصلُها
خَمسونَ وَهيَ الأَجرُ في الحُسبانِ

١٧٠. ثُمَّ اِنثَنى نَحوَ الفِراشِ مُقَمَّصاً
مِن ذي الجَلالِ بِأَشرَفِ القُمصانِ

١٧١. لَكِنَّهُ أَضحى بِمَكَّةَ خائِفاً
إِن قالَ مِن تَكذيبِ ذي بُهتانِ

١٧٢. فَغَدا يُحَدِّثُهُم بِوَصفِ المَسجِدِ ال
أَقصى حَديثَ مُعايِنٍ وَمُدانِ

١٧٣. وَلَقَد دَنا البَيت المَقدّس مِنهُ بِال
بَطحاءِ يَنعَتُهُ بِلا نِسيانِ

١٧٤. فَعَموا وَأَبصَرَ قَولَهُ حَقّاً أَبو
بَكرٍ بِعَينِ حَقيقَةِ الإِيمانِ

١٧٥. فَأَذاعَ بِالتَصديقِ لَم يَرهَب وَلَم
يَرتَب مِنَ الحَقِّ المُبينِ بِشانِ

١٧٦. فَلِذَلِكَ التَصديقِ سادَ وَسُمِّيَ ال
صِدّيق وَهوَ اِسمٌ سَما بِمَعاني

١٧٧. وَأَتى عَلى الأَنصارِ عامٌ ثالِثٌ
يعدّونَ أَنفُسَهُم بِخَيرِ أَماني

١٧٨. فَأَتَوهُ في السَبعينَ ثُمَّتَ أَقبَلوا
مِن أَشرَفِ العَقَباتِ كَالغَضبانِ

١٧٩. مُتَتابِعينَ فَبايَعوهُ بِبَيعَةٍ
عُقِدَت بِحُسنِ السَمعِ وَالآذانِ

١٨٠. وَبِعَمِّهِ العَبّاسِ أُحكِمَ عَقدُها
مِنهُم وَأَتقَنَ غايَةَ الإِتقانِ

١٨١. سَعدَت بِهِ أَوسٌ وَفازَت خَزرَجٌ
فَحَوى الفَخارَ بِنَصرِهِ الحَيّانِ

١٨٢. فَأولَئِكَ الأَنصارُ خفّاً أَحسَنوا
نَصرَ النَّبِيِّ بِمُرهَفٍ وَسِنانِ

١٨٣. فَهُناكَ آذَنَ صَحبَهُ لِيُهاجِروا
مُستَنبِطينَ لِذَلِكَ الإيذانِ

١٨٤. وَأَقامَ مُصطَبِراً وَعُيِّرَ صَحبهُ
حيناً لِمُرِّ الهَجرِ وَالهِجرانِ

١٨٥. وَدَرَت قُرَيشٌ بِالحَديثِ فَأَظهَرَت
ما عِندَها مِن مُضمَرِ الأَضعانِ

١٨٦. وَتَشاوَروا في قَتلِهِ أَو حَبسِهِ
أَو بُعدِهِ وَمَضَوا عَلى كِتمانِ

١٨٧. فَأَتاهُ جِبريلُ الأَمينُ مُخَبِّراً
بِجَميعِ ما أَخفَوا مِنَ الشَنَآنِ

١٨٨. وَفّى بِمَكَّةَ بِضعَ عَشرَةَ حِجَّةً
يَلقى الأَذى في السِرِّ وَالإِعلانِ

١٨٩. حَتّى أَتى إِذنٌ فَسارَ مُهاجِراً
نَحوَ المَدينَةِ هِجرَةَ القُطّانِ

١٩٠. وَأَتى أَبا بَكرٍ بِحَرِّ ظَهيرَةٍ
سِرّاً فَتابَعَهُ بِغَيرِ تَوانِ

١٩١. حَلا بِثَورِ غادِهِ فَلَقَد غَدا
وَهُما بِهِ مِن أَشرَفِ الغيرانِ

١٩٢. باضَت عَلى البابِ الحَمامَةُ وَاِغتَدى
يَهِنُ العَناكِبَ طامِس الأَكنانِ

١٩٣. وَاِشتَدَّ تطلابُ العداةِ فَأَجزَلوا
فيهِ الرَّشا وَنَفائِسَ الأَثمانِ

١٩٤. فَسَرى سُراقَةُ تابِعاً فَرَآهُما
وَهُما بِظَهرِ البيدِ يَرتَمِيانِ

١٩٥. فَهَوَت يَدا فَرَسِ الحَريصِ بِصُلبَةٍ
صَلدٍ وَثارَت وَهيَ ذاتَ عثانِ

١٩٦. فَغَدا عَلى عِلمٍ يُعَمّي عَنهُما
إِذ كانَ أَيقَنَ غايَةَ الإيقانِ

١٩٧. ثُمَّ اِنبَرى المُختارُ يَجتابُ الفَلا
بِتَواتُرِ الإِدلاجِ وَالذّملانِ

١٩٨. وَتَسامَعَت أَنصارُهُ بِقُدومِهِ
فَتَقَلَّدوا فَرَحاً بِكُلِّ يَمانِ

١٩٩. وَأَتَوهُ بِالتَرحيبِ وَالبُشرى مَعَ ال
تَعظيمِ بِالإِخباتِ وَالخُضعانِ

٢٠٠. وَغَدوا يَفدونَ النَّبِيِّ مُحَمَّداً
بِالمالِ وَالأَرواحِ وَالوِلدانِ

٢٠١. لَم يَلقَهُ مِنهُم فَتاةٌ أَو فَتى
إِلّا بِقَلبٍ نَيِّرٍ جَذلانِ

٢٠٢. فَاِستَبشَرَ القَلبُ الشَريفُ بِما رَأى
مِن حُسنِ أَخلاقٍ وَمِن إِحسانِ

٢٠٣. ما مِنهُم مِن مَنزِلٍ إِلّا رَجا
أَنَّ النَبِيَّ لَهُ مِنَ السُكّانِ

٢٠٤. يَعدونَهُ إِن حَلَّ فيهِم أَنَّهُم
لِنَبِيِّهِم مِن خَيرِ ما جيرانِ

٢٠٥. لَكِنَّ ناقَتَهُ سَرَت مَأمورَةً
قَد أُعفِيَت مِن حَبسَةِ الأَرسانِ

٢٠٦. حَتّى لَقَد بَرَكَت بِأَشرَفِ مَنزِلٍ
بِمَكانِ مَسجِدِهِ بِلا حيدانِ

٢٠٧. فَنَمى السُرورُ وَأَصبَحَ الأَنصارُ في
عيدٍ بِمَن شَرفَت بِهِ العيدانِ

٢٠٨. وَتَكَنَّفَ اِبنَ سَلامٍ الفَضلُ الَّذي
بِالمُصطَفى أَفضى إِلى سَلمانِ

٢٠٩. عَرَفاهُ مَعرِفَةَ اليَقينِ فَأَصبَحا
وَهُما بِثوبِ الرُشدِ مُشتَمِلانِ

٢١٠. وَاِبتاعَ سَلمانَ اِبتِياعاً بِالَّذي
وَفّاهُ مِن ذَهَبٍ وَمِن فسلانِ

٢١١. دَخَلَ المَدينَةَ فَاِكتَست حُلَلَ الرِضى
وَتَعَطَّرَت بِالروحِ وَالرَيحانِ

٢١٢. أَضحَت بِهِ بَعدَ الخُمولِ شَهيرَةً
بِالفَضلِ سامِيَةً عَلى الأَوطانِ

٢١٣. قَرَنَت بِمَكَّةَ في الفَخارِ وَحُرِّمَت
وَبِهِ سَما وَتَشَرَّفَ الحَرَمانِ

٢١٤. وَتَضاعَفَت بَرَكاتُها بِدُعائِهِ
فَلَها عَلى أُمِّ القُرى مثلانِ

٢١٥. فَصلُ الحَلالِ مِنَ الحَرامِ وَقُبّة ال
إِسلامِ وَهيَ القَلبُ لِلإيمانِ

٢١٦. وَغُبارُها يَشفي السّقامَ وَرَبعُها
مَأوى الهُدى وَمَعونَةُ اللَهفانِ

٢١٧. مَن ماتَ فيها صابِراً فَشَفيعُهُ ال
مُختارُ يَومَ تَفَرُّقِ الخلّانِ

٢١٨. رَمَضانُها أَلفٌ وَجُمعَتُها جَزَت
أَلفاً زَكى وَتَضاعفُ الأَجرانِ

٢١٩. وَصَلاةُ مَسجِدِها بِأَلفٍ في سِوى ال
بَيتِ المُقَبَّلِ عِندَهُ الرُكنانِ

٢٢٠. شَدُّ الرِحالَ إِلَيهِ مَشروعٌ وَلَو
فَتَكَ الوَجى بِالجَسرَةِ المِذعانِ

٢٢١. ما بَينَ مِنبَرِهِ وَمَوضِعِ قَبرِهِ
هِيَ رَوضَةٌ مِن جَنَّةِ الحَيَوانِ

٢٢٢. يا سائِلي عَن مُعجِزاتِ المُصطَفى
خُذ ما وَعى قَلبي وَقالَ لِساني

٢٢٣. لَقَدِ اِصطَفاهُ اللَهُ جَلَّ ثَناؤُهُ
وَحَباهُ مِنهُ بِمُعجِزِ القُرآنِ

٢٢٤. هُوَ مُعجِزٌ في نَفسِهِ بِوُضوحِهِ
وَعِنايَةٍ بِالحَقِّ مِن عُنوانِ

٢٢٥. وَحِفاظُهُ مِن خلَّةٍ وَتَناقُضٍ
وَمِنَ الزِّيادَةِ فيهِ وَالنُقصانِ

٢٢٦. وَخُروجُهُ بِالنَّظمِ وَالإِيجازِ عَن
سَجعِ الكَلامِ وَصيغَةِ الأَوزانِ

٢٢٧. وَبَقاؤُهُ غَضّاً جَديداً رائِقاً
بِالحُسنِ لِلأَبصارِ وَالآذانِ

٢٢٨. وَإِذا قَضى بِالشَيءِ كانَ كَما قَضى
لا يَستَطيعُ مَرَدُّهُ الثَقَلانِ

٢٢٩. لا يَدخُل التَبديلُ في آياتِهِ
كَلّا وَما إِعجازُهُ بِالفاني

٢٣٠. لَمّا تَحَدّى الخَصمَ أَن يَأتوا بِما
هُوَ مِثلهُ عَجِزوا عَنِ الإِتيانِ

٢٣١. شَهِدوا لَهُ بِطلاوَةٍ وَحَلاوَةٍ
وَفَصاحَةٍ وَبَلاغَةٍ وَبَيانِ

٢٣٢. وَهُم الخُصومُ لَهُ فَكَيفَ بِفِرقَةٍ
نَبَذوا الهُدى بِغَباوَةِ الأَذهانِ

٢٣٣. جَعَلوا القُرانَ إِشارَةً وَعِبارَةً
تُحكى وَمَخلوقاً وَقَولَ فُلانِ

٢٣٤. وَلِمُعجِزِ القَمَرِ الَّذي بَهَرَ العِدى
مِن أَكبَرِ الآياتِ وَالبُرهانِ

٢٣٥. سَأَلَت قُريشٌ آيَةً فَأَراهُم
قَمَرَ السَماءِ وَجُرمهُ نِصفانِ

٢٣٦. بِقعيقِعانِ النِّصف مِنهُ وَنِصفهُ
بِأَبي قُبيسٍ يَشهَدُ الجَبَلانِ

٢٣٧. فَإِذا العِداةُ يُكابِرونَ عيانَهُم
شَرُّ الرِجالِ مُكابِر لِعَيانِ

٢٣٨. ثُمَّ اِرتَأوا ظُلماً وَعدواً بَينَهُم
سِرّاً رَويّة مُفكِرٍ حَيرانِ

٢٣٩. قالوا سَلوا السُفّارَ إِن شَهِدوا بِما
أَبصَرتهُم حَقّاً بِلا نُكرانِ

٢٤٠. فَهوَ اليَقينُ وَلَيسَ سِحراً فَاِلتَقوا
بِالنّاسِ مِن مَثنى وَمِن وحدانِ

٢٤١. فَإِذا الَّذي نَكَروهُ حَقٌّ واضِحٌ
لَكِنَّهُم كانوا ذَوي عُدوانِ

٢٤٢. وَحَديثُ جابِر الشَّهير وَزادهُ
النَّزرُ اليَسيرُ وَكَثرَةُ الإِخوانِ

٢٤٣. وَكَفاهُم مِن غَيرِ نَقصٍ مُعجِز
بادي العَيانِ لِعالمٍ رَبّاني

٢٤٤. وَقَضاءُ دينِ أَبيهِ مِن تَمرٍ لَهُ
لَم يُوف لِلغُرَماءِ بِالسَهمانِ

٢٤٥. فَقَضاهُم وَالتَمرُ بَعدُ بِحالِهِ
أَرضى الغَريمَ وَوارِثَ المِديانِ

٢٤٦. وَحَديثُ أُمّ سليمٍ المَروِيِّ عَن
أَنَسٍ وَقَد بَعَثَتهُ بِالرّغفانِ

٢٤٧. نَحوَ النَبِيِّ فَرَدَّها وَدَعا لَها
الجَفلى وَكانَت أَكلَة الجوعانِ

٢٤٨. فَأَتوهُ أَرسالاً فَلَم يَصدُر فَتى
عَن تِلكَ إِلّا ذا حَشا شَبعانِ

٢٤٩. وَشَكا إِلَيهِ الجوعَ جَيشٌ هَمُّهُم
نَحرَ الحمولَةِ رَبَّةَ الكيرانِ

٢٥٠. فَأَتوا بِزادٍ مِثلَ شاةٍ رابِض
فَدَعا لَهُ بِاليُسرِ وَالنّميانِ

٢٥١. وَالقَومُ أَلفٌ مَع مِئاتٍ أَربَع
كُلٌّ غَدا بِالمزودِ المَلآنِ

٢٥٢. وَدَعا رِجالاً شربُ كُلٍّ مِنهُم
فرقٌ وَيَأكُل جذعَة مِن ضانِ

٢٥٣. شَبِعَ الرِّجالُ الأَربَعونَ بِمدِّهِ
وَرَووا بِشربِ العَشرَ رِيَّ بِطانِ

٢٥٤. وَدَعا مَعَ المائَةِ الثَلاثونَ الألى
شَبِعوا بِما مِقدارُهُ مُدّانِ

٢٥٥. وَلَهُم سَوادُ البَطنِ حزَّ فَكُلُّهُم
قَد نالَ مِنهُ أَبرَكَ اللَحمانِ

٢٥٦. كانَت تُمَدُّ مِنَ السَماءِ جِفانُهُ
بِتَضاعُفِ البَرَكاتِ لا بِجفانِ

٢٥٧. وَدَعا أَبو أَيّوبَ أَكرَم مُرسَلٍ
وَطَعامُهُ يَقتاتُهُ رَجُلانِ

٢٥٨. وَأَتاهُ مَع مِئَةِ ثَمانونَ اِكتَفوا
وَقِرا أَبي أَيّوبَ لَيسَ بِفانِ

٢٥٩. وَلَقَد حَبَتهُ بِعُكَّةَ مِن سَمنِها
مَرضِيَّةً مِن خَيرِ ما نِسوانِ

٢٦٠. فَإِذا بِها مَلأى عُقيبَ فَراغِها
سَمناً لَهُ شَرَفٌ عَلى السّمنانِ

٢٦١. وَحَديثُ بِنتِ بَشيرٍ المَأثورِ في
تَمرٍ بِهِ قَصَدَت أَبا النُعمانِ

٢٦٢. فَدَعا بِأَهلِ الخَندَقِ المَيمونِ مِن
شَيخٍ وَمِن كَهلٍ وَمِن شُبّانِ

٢٦٣. شَبِعوا جِميعاً وَهوَ مِن بَرَكاتِهِ
يَنمى وَيَكثُرُ لَيسَ مِن قَنوانِ

٢٦٤. وَحَديثُ تَمرِ أَبي هُرَيرَةَ ظاهِرُ ال
إِعجازِ مُتَّضَحٌ لِذي تِبيانِ

٢٦٥. عِشرينَ تَمرَةً اِستَعَدَّ وَتَمرَةً
بِجِرابِهِ لَم يَبلُها المَلوانِ

٢٦٦. يَجني عَلى طولِ المَدى فَكَأَنَّهُ
يَجنيهِ مِن نَخلٍ لَهُ صنوانِ

٢٦٧. وَلَقَد غَدا الدّوسي مِنهُ مُزَوَّداً
خَمسينَ وِسقاً في رِضى الرَّحمَنِ

٢٦٨. كانَ الجِرابُ لَدَيهِ مَحفوظاً إِلى
قَتلِ الإِمامِ المُرتَضى عُثمانِ

٢٦٩. وَشَكا إِلَيهِ الجَيشُ مِن ظَمَأٍ وَهُم
في مَهمَهٍ لَيسوا عَلى غُدرانِ

٢٧٠. فَلَقوا فَتاةً في الفَلاةِ وَقَد أَتَت
بِمزادَتَينِ بِظَهرِ ذي وَخدانِ

٢٧١. فَدَعا وَسَمّى اللَهَ يَتفُلُ فيهِما
فَاِنهَلَّتا كَمُجَلجلٍ هَتّانِ

٢٧٢. فَرووا وَأَنَّ مَزادَتَيها شُدَّتا
وَهُما بِأَزكى الماءِ وافِرَتانِ

٢٧٣. فَمَضَت بِبِرٍّ ثُمَّ ماءٍ وافِر
وَهُدى إِلى قَومٍ ذوي أَوثانِ

٢٧٤. وَكَذاكَ أَدخَلَ في إِناء كَفَّهُ
وَالجَيشُ من ظَمَأٍ ذَووا هيمانِ

٢٧٥. فَلَظَلَّ يَنبُعُ مِن أَصابِعِهِ الرَوى
وَيَرودُ قَلبَ الحائِمِ الحَرّانِ

٢٧٦. وَلَقَد تَفَجَّرت الرّكِيُّ بِسَهمِهِ ال
مَغروزِ فيها مِن أَعَزِّ كنانِ

٢٧٧. وَأَتى عَلى بِئرٍ تَمَنَّعَ ماؤُها
أَن يُستَقى بِالدَلوِ وَالأَشطانِ

٢٧٨. فَغَدَت بِماءٍ فيهِ فاضِل ريقهِ
نَهراً مِنَ الأَنهارِ ذا جَرَيانِ

٢٧٩. وَشَكى ذَوو بِئرٍ تَمَنَّعَ ماؤُها
في الصَيفِ عِندَ تَوَقُّدِ الحَرّانِ

٢٨٠. فَتَلا عَلى سَبعٍ عُدِدنَ مِنَ الحَصى
ما شاءَ مِن ذِكرٍ وَمِن قُرآنِ

٢٨١. فَرَموا بِها فيها فَلَم يُرَ قَعرُها
مِن بَعدِ مِن ماءٍ بِها مَجانِ

٢٨٢. وَتَحَوَّلَ المِلحُ الأُجاجُ بِريقِهِ
عَذباً يَلذُّ لِشارِبٍ ظَمآنِ

٢٨٣. وَسَقى فَرَوّى بِالذَّنوبِ حَديقَةً
فَكَفى المشَقَّةَ صاحِبَ البُستانِ

٢٨٤. وَاِسمَع حَديثَ أَبي هُرَيرَةَ إِذ غَدا
وَفُؤادُهُ بِالجوعِ ذو أَشجانِ

٢٨٥. فَأَتى النَبِيَّ المُصطَفى مُتَعَرِّضاً
فَليبشرِ الدوسِيُّ بِالإِحسانِ

٢٨٦. فَأَتاهُ قَعب ملؤُهُ لَبَناً فَلَم
يَملِك طَماعَة جائِعٍ لَهفانِ

٢٨٧. قالَ اُدعُ لي الفُقَراءُ أَهلَ الصّفَّةِ ال
شُعثُ الرُؤوس الضُمَّرِ الأَبدانِ

٢٨٨. فَأَتوا فَلَم يَصدُر فَتى عَن قَعبِهِ
إِلّا بِصَدرٍ ناعِمٍ رَيّانِ

٢٨٩. ثُمَّ اِرتَوى الدوسِيُّ بَعدَ إِياسِهِ
عَلَلاً عَلى نَهلٍ فَثِق بِبَيانِ

٢٩٠. وَرَأى اِبنُ مَسعودٍ وَكانَ غليّماً
يَرعى بِأَجرٍ لَم يُعَب بِخِيانِ

٢٩١. فَأَتاهُ عَبدُ اللَهِ بِالشاةِ الَّتي
لَم يَفتَرِعها الفَحلُ بِالنَزَواتِ

٢٩٢. فَتَحَلَّبَت لَبَناً لَهُ وَتَقَلَّصَت
فَجَرى بِوفقِ مُرادِهِ الأَمرانِ

٢٩٣. وَكَذاكَ مَرَّ بِأُمِّ مَعبَد الَّتي
وَصَفَتهُ وَصفَ المُعرِبِ المتقانِ

٢٩٤. فَأَتَت بِشاةٍ حائِلٍ في ماحِلٍ
منعَ العِيال دَرائِر الأَلبانِ

٢٩٥. فَدَعا وَسَمّى اللَهَ يَمسَحُ ضرعَها
مَسحاً وَيُمريهِ بِخَيرِ بَنانِ

٢٩٦. فَاِجتَرَّت العَجفاءُ بَعدَ مَجاعَةٍ
وَغَدَت تدرُّ بِتُحفَةِ العجلانِ

٢٩٧. فَرَووا جَميعاً وَالفَتاةُ وَغادَرَت
مِلءَ الإِناءِ لزَوجِها الغرثانِ

٢٩٨. وَسَرى بِقفَرٍ في مِئات أَربعٍ
فاتَتهُم شاةٌ لَها قرنانِ

٢٩٩. فَرَووا بِخالِصِ دَرِّها ثُمَّ اِغتَدَت
مِن حَيثُ جاءَت لَم تُصَب بِمَكانِ

٣٠٠. وَثَنى إِلَيهِ دَوحَتَينِ فَمالَتا
حَتّى تَخَلَّت مِنهُما الساقانِ

٣٠١. فَأَظَلَّتاهُ وَعادَتا فَإِذا هُما
فَوقَ العُروقِ الخُضرِ قائِمَتانِ

٣٠٢. وَدَعا إِلَيهِ بِأَرضِ مَكَّةَ دَوحَةً
فَأَتَت مُحَيّيةً وَلَم تَستانِ

٣٠٣. وَأَتاهُ أَعرابِيٌّ اِتّضَحَت لَهُ
سُبُلُ الهُدى بِالقَطعِ وَالإِيقانِ

٣٠٤. لَمّا أَتَتهُ دَوحَةٌ شَهِدَت لَهُ
بِنُبُوَّةِ المَلِكِ العَظيمِ الشانِ

٣٠٥. وَدَعا بِعذقٍ مِن أَعالي نَخلَةٍ
فَأَتى إِلَيهِ وَعادَ نَحوَ إِهانِ

٣٠٦. وَعَلا حراءَ ذات يَومٍ فَاِنثَنى
لِجَلالِهِ مُتَزَلزِل الأَركانِ

٣٠٧. فَغَدا يُسَكِّنُهُ وَيشعِرهُ بِمَن
قَد حَلَّهُ مِن خُلَّصِ الأَعيانِ

٣٠٨. وَشَكا إِلَيهِ صِيال سانِيَةٍ لَهُم
قَومٌ فَذَلَّ لَهُ البَعيرُ الساني

٣٠٩. أَهوى إِلَيهِ ساجِداً مُتَذَلِّلاً
وَأَطاعَهُم مِن بَعدِ ما عِصيانِ

٣١٠. وَكَذاكَ خَرَّ لَهُ بَعيرٌ ساجِداً
قَد أَقبَلَت عَيناهُ بِالهَملانِ

٣١١. يَشكو إِرادَةَ أَهلِهِ نَحراً لَهُم
فَأَغاثَهُ غَوث الأَسيرِ العاني

٣١٢. وَبِهِ بَطيءُ الخَيلِ أَصبَحَ سابِقاً
لَمّا عَلاهُ وَصارَ خَيرَ حِصانِ

٣١٣. وَبَعير جابِرٍ المُخَلَّفِ بِالوَجى
فيهِ غَدا ذا قَسوَةٍ وَإِرانِ

٣١٤. وَحَديثُهُ بِالغائِباتِ مُؤَيَّدٌ
بِوُقوعِ ما يجلى مِنَ الحدثانِ

٣١٥. كَصَحيفَةٍ دَرَسَ الَّذي قَد أودعت
مِن جورِها ضَربٌ مِنَ الدّيدانِ

٣١٦. قَصَدَت قُريشُ بِها قَطيعَةَ هاشِمٍ
فَأُزيلَ ما فيها مِنَ العُدوانِ

٣١٧. فَدَرى النَبِيُّ بِها فَأَعلَمَ عَمَّهُ
وَالأَمرُ خافٍ مِن ذَوي الطُغيانِ

٣١٨. وَحَديثُهُ بِمَصارِعِ القَتلى عَلى
بَدرٍ غَداةَ تَقابل الصَفّانِ

٣١٩. وَحَديثهُ العَبّاس بِالمالِ الَّذي
أَعطاهُ أُمَّ الفَضلِ في كِتمانِ

٣٢٠. وَسَرى عُمَيرٌ نَحوَ طيبَةَ بَعدَ أَن
أَضفى عُقودَ الشَرِّ مَع صَفوانِ

٣٢١. مُتَقَلِّداً بِالسَيفِ يَبغي غِرَّةً
لِمُمَنَّعٍ مِن كَيدِ ذي شَنَآنِ

٣٢٢. فَأَتى بِهِ الفاروقُ يُمسِكُ سَيفَهُ
يَخشى مَعَرَّةَ غادِرٍ خَوّانِ

٣٢٣. قالَ المُؤَيّدُ خَلِّهِ وَأَذاعَ ما
كانا بِهِ في الغَيبِ يَأتَمِرانِ

٣٢٤. فَرَأى عُمَير ما دَعاهُ لِرُشدِهِ
فَاِنقادَ بَعدَ نُفورِهِ لِليانِ

٣٢٥. وَتَكَلَّمَت في فَتحِ مَكَّةَ فرقَةٌ
سَمِعوا بِلالاً مُعلِناً بِآذانِ

٣٢٦. فيهِم أَبو سُفيانَ كُلٌّ قالَ ما
فيهِ القَذى إِلّا أَبا سُفيانِ

٣٢٧. فَأَتاهُم الهادي فَأَخبَرَ بِالَّذي
قالوا وَوُفِّقَ مُمسِكٌ لِلِسانِ

٣٢٨. وَقَضى بِصُلحٍ بِعدَهُ سَيُصيبُهُ
بِالسَيِّدِ الحَسَنِ اِبنهِ فِتيانِ

٣٢٩. وَلَقَد رَأى رَجُلاً فَأَخبَرَ أَنَّهُ
يَلِدُ الخَوارِجَ شَرَّ ما ولدانِ

٣٣٠. وَقَضى بِأَنَّ المَخدِجَ اليَد فيهِم
وَبِهِ عَلِيٌّ كانَ ذا إيقانِ

٣٣١. وَعَلى المَشارِقِ وَالمَغارِبِ جُندُهُ
أَضحَوا بِمَوعِدِهِ ذَوي سُلطانِ

٣٣٢. وَبِوَعدِهِ ظَفَروا بِكَنزَي فارِسٍ
وَالرّوم ينفقُ فيهِما الكَنزانِ

٣٣٣. وَكَذاكَ أَخبَرَ ذاتَ يَومٍ صَحبَهُ
أَن سَوفَ يَظهَرُ بَعدَهُ صِنفانِ

٣٣٤. صنفٌ بِأَيديهِم سِياطٌ تُشبِهُ ال
أَذنابَ مِن بَقَرٍ وَصِنفٌ ثاني

٣٣٥. مِن كاسِياتٍ عارِياتٍ فِتنَة
لِلنّاسِ بِالتَمييلِ وَالميلانِ

٣٣٦. رُفِعَت كَأَسنِمَةُ الجِمالِ البُختِ
مِن فَوقِ الرُؤوسِ حَبائِلَ الشَيطانِ

٣٣٧. وَيَجيءُ قَومٌ لا أَمانَةَ عِندَهُم
مِن عُصبَةٍ ثلجِ البُطونِ سِمانِ

٣٣٨. وَسَتَظهَرُ التُركُ الصِغار الأَعيُن ال
دُلف الأُنوفِ مُدَمِّروا البُلدانِ

٣٣٩. يَحكي مِجَنّا مُطرِقاً وَجهَ الفَتى
مِنهُم وَقَد ظَهَروا بِهَذا الآنِ

٣٤٠. فَتَكوا بِأَطرافِ البِلادِ وَنَحنُ في
ثِقَةٍ بِهِ مِن كَيدِهِم وَأَمانِ

٣٤١. ضَمِنَ النَبِيُّ لِبَيضَةِ الإِسلامِ أَن
لا تُستَباحُ ثِقوا بِخَيرِ ضَمانِ

٣٤٢. وَقَضى بِهَرجٍ هائِلٍ هُوَ ظاهِر
في عَصرِنا هَذا مِنَ العجمانِ

٣٤٣. قَتَلت طُغاة خَوارِزمَ رِجالنا
وَسَبوا حَريمَ الناسِ بَعدَ صِيانِ

٣٤٤. وَكَذاكَ أَخبَرَ أَن سَبَّ صحابهِ
ما لِلمُصِرِّ عَلَيهِ مِن غُفرانِ

٣٤٥. عِلماً بِقَومٍ يَجهَرونَ بِسَبِّهِم
مِن كُلِّ غمرٍ فاحِشٍ لَعّانِ

٣٤٦. وَسَموا الصَّحابَةَ بِالنِّفاقِ فَيا لَهُ
حَدَثاً تُصَمُّ لِأَجلِهِ الأُذُنانِ

٣٤٧. فَلَقَد وَجَدنا وَعدَهُ مُتَيَقّناً
فيما ذَكَرت بِمَسمَعٍ وَعَيانِ

٣٤٨. وَالصَّخرُ لانَ لَهُ بِيَومِ الخَندَقِ ال
مَيمونِ لينَ التُربِ وَالأَطيانِ

٣٤٩. وَلَقَد تَبَدَّت لِلصَحابَةِ كَدِيَة
لَم يَستَطيعوا حَفرَها بِجفانِ

٣٥٠. فَأَتى فَرَشَّ الماءَ رَشّاً فَوقَها
فَغَدَت لَهُ تَنهالُ كَالكُثبانِ

٣٥١. ظَهَرَت قُصورُ الشامِ مِنهُ بِضَربَةٍ
وَقُصورُ فارِس رَبَّة الإيوانِ

٣٥٢. ظَهَرَت بِأُخرى ثُمَّ أُخرى أَظهَرَت
يمناً بِضَربَةِ ضامِرٍ سَغبانِ

٣٥٣. وَالجِذعُ حَنَّ إِلَيهِ عِندَ فِراقِهِ
شَوقاً حَنينَ الهائِمِ الوَلهانِ

٣٥٤. فَأَتى يُسَكِّنُهُ وَقالَ مُخَيِّراً
إِن شِئتَ تَرجِع أَخضَرَ العيدانِ

٣٥٥. أَو إِن تَشَأ في الجَنَّةِ العُليا تَكُن
فَاِختارَ غَرساً في نَعيمِ جنانِ

٣٥٦. وَبِكَفِّهِ الحَصياتُ سَبعاً سَبَّحَت
وَبِأَمرِهِ في كَفِّ كُلِّ هجانِ

٣٥٧. وَهما وَزيراهُ وَعُثمانُ الَّذي
بِكَريمَتَيهِ زَكى لَهُ النورانِ

٣٥٨. وَنوت لَهُ حَمّالَةُ الحَطَبِ الأَذى
فَلَبِئسَما هَمَّت بِهِ مِن شانِ

٣٥٩. فَأَظَلَّهُ ملكٌ بِفَضلِ جَناحِهِ
فَاِنصاعَتِ اللَكعاء بِالحِرمانِ

٣٦٠. وَسَعى أَبو جَهلٍ إِلَيهِ بَعدَ أَن
حَلَفَ اللَعينُ بِأَخبَثِ الأَيمانِ

٣٦١. لَو قَد رَآهُ ساجِداً لَسَطا بِهِ
فَلَكَيفَ أَدبَرَ عَنهُ ذا نكسانِ

٣٦٢. لَمّا رَأى مَن لَو دنا لَتَخَطَّفوا
أَعضاءَهُ كَتَخَطُّفِ العِقبانِ

٣٦٣. وَأَتاهُ ذو كَيد بِفهرٍ فَاِنثَنى
وَبَنانهُ بِاليَبسِ شَرُّ بَنانِ

٣٦٤. وَكَفاهُ رَبُّ العَرشِ شَرَّ عِصابَةٍ
مَرَدوا عَلى السُخرِيِّ وَالطّعنانِ

٣٦٥. مُستَهتِرينَ بِأَرضِ مَكَّةَ خَمسَةً
لَم يَكتَمِل لِهَلاكِهِم يَومانِ

٣٦٦. وَأَتَت شَياطينُ الفِجاجِ إِلَيهِ في
أَيديهِم شُهُبٌ مِنَ النّيرانِ

٣٦٧. يَبغونَهُ كَيداً فَأَطفَأَ نارَهُم
فَتَفَرَّقوا بِمَذَلَّةٍ وَهَوانِ

٣٦٨. وَأَرادَ شَيطانٌ أَذاهُ فَشَدَّهُ
بَينَ السَواري شَدَّ عان جانِ

٣٦٩. لَولا دُعاء سابِق أَضحى لَفي
وَسَطِ المَدينَةِ لُعبَةَ الصِّبيانِ

٣٧٠. وَذراع شاةِ الخَيبَرِيَّة أَصبَحَت
بِالسُمِّ تُخبِرُهُ بِلا أَكنانِ

٣٧١. وَاِنقضّ طائِرٌ اِستَقَلَّ بِحقّةٍ
فَرَمى بِما فيها مِنَ الجنّانِ

٣٧٢. وَأَعادَ عَين قَتادَة فَتَمَيَّزَت
بِجَمالِها في وَجهِهِ العَينانِ

٣٧٣. وَرَأى بِبابِ خِباءِ قَومٍ ظَبيَةٍ
مَحبوسَةً عَن مَرتَعِ الغزلانِ

٣٧٤. نَطَقَت فَنادَتهُ السَلامُ عَلَيكَ كُن
لي مُطلقاً لِأَسير نَحوَ إِراني

٣٧٥. قالَ الشَديدُ الحلمِ أَنتِ رَبيطَةٌ
وَنَصيب أَقوامٍ مِنَ الحَيوانِ

٣٧٦. قالَت فَلي خشفانِ إِن أَهمَلتني
يَهلِك لفَقدِ رضاعي الخَشفانِ

٣٧٧. عذّبتُ كالعشّارِ إِن لَم آتِكُم
مِن بَعدِ أَن أَغذوهُما بلبانِ

٣٧٨. فَسَقَتهُما وَأَتَت إِلَيهِ فَشَدَّها
بِحِبالِ قَنّاصٍ أُغِرنَ مِتانِ

٣٧٩. وَدَعا بِمالِكِها فَأَطلَقَها لَهُ
فَمَضَت لَها زَجل مِنَ الشُكرانِ

٣٨٠. وَأَتى إِلَيهِ حارِسٌ في كمِّهِ
ضَبٌّ وَكانَ المَرءُ ذا كُفرانِ

٣٨١. فَهَدتهُ لِلحُسنى شَهادَةُ ضَبِّهِ
بِرِسالَةِ المَبعوثِ مِن عَدنانِ

٣٨٢. وَأَتى أُوَيسٌ وَهوَ ذِئبٌ سائِلاً
قسطاً يَكونُ لَهُ عَلى القِطعانِ

٣٨٣. فَأَبوا فَقالَ لَهُ فَخالسهُم إِذاً
فَسَطا تعطّفهُ عَلى البُرحانِ

٣٨٤. وَأَتَت يَهودُ معدَّةً لِمَسائِلٍ
فَأَجابَهُم عَنها بِغَيرِ تَواني

٣٨٥. عَرَفوا نُبُوَّتَهُ بِها وَبِغَيرِها
لَكِنَّهُم ضَلّوا عَنِ العِرفانِ

٣٨٦. وَلَقَد رَأى مِن خَلفِهِ كَأَمامِهِ
وَكَذا النَّهارُ وَلَيلهُ سيّانِ

٣٨٧. وَتَنامُ عَيناهُ وَلَيسَ بِغافِلٍ
لَكِن بِقَلبٍ مُبصِرٍ يَقظانِ

٣٨٨. وَأَتى إِلى العَبّاسِ ثُمَّ دَعا لَهُ
وَلِولدِهِ في الدارِ بِالغُفرانِ

٣٨٩. فَتَلاهُ تَأمينُ الجِدارِ وَقَبلها
لَم يُسمَعِ التَأمينُ مِن جُدرانِ

٣٩٠. وَدَعا عَلِيّاً يَومَ خَيبَرَ وَهوَ لا
يَسطيعُ حَرباً أَرمَدَ الأَجفانِ

٣٩١. فَدَعا لَهُ مَع تَفلِ ريقَتِهِ فَلَم
تَرمُد لَهُ مِن بَعدِهِ عَينانِ

٣٩٢. وَدَعا لَهُ أَن لا يضرَّ بِجِسمِهِ
حَرٌّ وَلا بَردٌ بِكُلِّ أَوانِ

٣٩٣. فَشِتاؤُهُ فيهِ القَميصُ كَجبَّةٍ
وَالصَيفُ فيهِ الفَروُ كَالكِتّانِ

٣٩٤. وَكَذا اِبنُ عَبّاسٍ أَعَدَّ طهورَهُ
فَدَعا لَهُ بِالعِلمِ وَالتِبيانِ

٣٩٥. فَحَوى العُلومَ وَكانَ طَوراً راسِخاً
فيها وَأَمعَنَ غايَةَ الإِمعانِ

٣٩٦. وَشَكا إِلَيهِ وَهوَ فَوقَ المِنبَرِ ال
مَيمونِ شاكٍ ظاهِر البابانِ

٣٩٧. يَشكو البِلادَ وَقَحطَها فَدَعا فيا
غَيث السَّماءِ هَلُمَّ بِالهُطلانِ

٣٩٨. وَأَقامَ سَبعاً لا يريمُ فَجاءَه
شاكٍ يَخافُ تَهَدُّمَ الحيطانِ

٣٩٩. فَدَعا فَأَحدَقَ بِالمَدينَةِ صَحوها
بَل عَن سِواها الغَيثُ لَيسَ بِوانِ

٤٠٠. فَأَقامَ شَهراً لا يَمُرُّ مُسافِر
إِلّا بِوادٍ مُفعَم البِطنانِ

٤٠١. وَدَعا بِغَيثٍ ذي صِفاتٍ عدَّة
فَأَتى كَما حَلّا بِلا نُقصانِ

٤٠٢. وَدَعا لِشَخصٍ بِالجَمالِ فَجاوَزَ ال
تِسعينَ وَهوَ كَأَجمَلِ الشُبّانِ

٤٠٣. وَلَقَد رَوى أَنَسٌ دَعا بِالعُمرِ وال
بَركاتِ وَالأَولادِ لي وَحَباني

٤٠٤. فَرَأَيتُ لي مِئَةً وَسِتَّة أَنفُس
لِلصُلبِ كانوا أَبرَكَ الغِلمانِ

٤٠٥. وَالكَرمُ يَحمِلُ مَرَّتَينِ وَتجتَني
لِتَضاعُفِ البَرَكاتِ في بُستانِ

٤٠٦. وَبَغى أَخو دوسٍ هِدايَةَ أمِّهِ
فَأَبَت فَأَقبَلَ مُستَهلّ الشانِ

٤٠٧. وَدَعا لَهُ وَلِأُمِّهِ بِمَحَبَّةٍ
حَلَّت بِباطِنِ كُلِّ ذي إيمانِ

٤٠٨. وَدَعا المُهيمن أَن يُسَلِّطَ كَلبَهُ
يَوماً عَلى مُتَمَرِّدٍ فَتّانِ

٤٠٩. فَأَظلَّهُ سَفرٌ فَخافَ دُعاءَهُ
فَدَعا بِمَن مَعَهُ مِنَ الأَخدانِ

٤١٠. فَتَحَلَّقوا هُم وَالرَواحِلُ حَولَهُ
فَدَهاهُ بَأسُ غَضَنفَرٍ غَضبانِ

٤١١. فَاِغتالَهُ مِن بَينِهِم فَإِذا بِهِ
وَسطَ العَرينِ مُمَزَّقُ الجُثمانِ

٤١٢. وَاِشتَدَّ بَردُ غَدوَةٍ فَتَخَلَّفوا
عَنها تَخَلُّفَ عاجِزٍ كَسلانِ

٤١٣. فَدَعا بِكَسرِ البردِ عَنهُم فَاِغتَدوا
يَتَرَوَّحونَ بِفاضِلِ الأَردانِ

٤١٤. هُوَ أَوَّلُ البناءِ خَلقاً آخرٌ
في البَعثِ جَدَّدَ دارِسَ الأَديانِ

٤١٥. وَاِضرِب لَهُ في بَعثِهِ مِن بَعدِهِم
مَثَلاً كَدارٍ قَد بَناها الباني

٤١٦. فَسَمَت وَراقَت غَيرَ موَضِعِ لَبنَةٍ
وَمُحَمَّدٌ هُوَ مُكمِلُ البُنيانِ

٤١٧. فَضلُ الكِرامِ المُصطفينَ جَميعهُم
بَخصائِصَ اِجتَمَعَت لَهُ وَمَعاني

٤١٨. عَمَّ البَرايا بِالرّسالَةِ إِنسِهِم
وَالجِنّ ثمَّتَ خصَّ بِالفُرقانِ

٤١٩. جُعلَت لَهُ الأَرضُ البَسيطَةُ مَسجِداً
وَتُرابُها جُعلَ الطَهورَ الثاني

٤٢٠. وَلَهُ الغَنائِمُ حُلّلَت وَلِنصرِهِ
ريحُ الصَّبا كانَت مِنَ الأَعوانِ

٤٢١. وَالرُّعبُ كانَ عَلى مَدى شَهرٍ لَهُ
بِقلوبِ مَن عاداهُ وَخز سِنانِ

٤٢٢. خلعَت عَلَيهِ قَطيفَةٌ مِن سُندُسٍ
فَلَهُ اِستِقامَ الزُّهدُ عَن إِمكانِ

٤٢٣. وَأَتى إِلَيهِ هَدِيَّة مِن رَبِّهِ
مِن جَنَّةِ الفِردَوسِ قطفٌ داني

٤٢٤. وَلَقَد أَتى عَنهُ حَديثٌ مُسنَدٌ
سَأَسوقُ مَعناهُ لِذي نشدانِ

٤٢٥. في خصلَتَينِ يَفوقُ آدَمَ فيهِما
وَهُما لِأَهلِ الحَقِّ واضِحتانِ

٤٢٦. شَيطانُ آدَم كافِرٌ يغوي وَقَد
وَصَلَت هِدايَتُهُ إِلى الشَيطانِ

٤٢٧. وَلزَوجه عَونٌ عَلَيهِ وَإِنَّهُ
بِنِسائِهِ قَد كانَ خَير مُعانِ

٤٢٨. وَحَليلَتا نوحٍ وَلوطٍ ضَلَّتا
فَهُما بِرَبِّ العَرشِ كافِرَتانِ

٤٢٩. وَنِساؤُهُ الخَيرات هُنَّ نِساؤُهُ
مَع ناعِماتٍ في الجِنانِ حِسانِ

٤٣٠. حُرّمنَ أَن ينكحنَ تَعظيماً لَهُ
مِن بَعدِهِ وَعُصِمنَ مِن بُهتانِ

٤٣١. وَهوَ الحَبيبُ وَلَم يَفُتهُ خلَّةٌ
وَلَهُ الكَلامُ وَرُؤيَةُ الرَحمَنِ

٤٣٢. لَو أَنَّ موسى في زَمانِ نَبِيِّنا
أَضحى لَهُ تَبَعاً وَلَم يستانِ

٤٣٣. وَلذكره المَرفوع مُقتَرِنٌ إِلى
ذِكرِ الإِلَهِ فَلَيسَ يَفتَرِقانِ

٤٣٤. بِحَياتِهِ في الحجرِ أَقسَمَ مَن بِهِ
في الشَرعِ يعقدُ مُحكَم الأَيمانِ

٤٣٥. وَبَنى عَلى خلق عَظيمٍ وَصفهُ
فَسَمَت لَهُ في المَجدِ غرَّ مَعانِ

٤٣٦. وَدَعا جَميع أولي النُّبُوَّةِ بِاِسمِهِم
وَدَعاهُ بِالتَعظيمِ في القُرآنِ

٤٣٧. وَكَذاكَ رَدَّ اللَهُ عَنهُ عَلى أولي ال
تَكذيبِ رَدَّ مُماحِل حَنّانِ

٤٣٨. وَسِواهُ رَدَّ عَلى الخُصومِ مُماحِلاً
عَن نَفسِهِ فَتَبايَنَ الحالانِ

٤٣٩. وَلما أَتى في النّورِ وَالحجَراتِ مِن
تَعظيمِهِ كاف لِذي إيمانِ

٤٤٠. فَلَقَد نُهوا أَن يَجعَلوهُ كَبَعضِهِم
عِندَ الخِطابِ وَيَجهَروا بِلِسانِ

٤٤١. الآخرونَ وَلَيسَ عَن نَقصٍ بِهِم
لَكِن تَفَضُّلَ مُحسِن مَنّانِ

٤٤٢. هُم يَشهَدونَ عَلى عُيوب سِواهُم
وَعُيوبهم في سُترَةٍ وَصِيانِ

٤٤٣. وَهُمُ الكِرامُ السابِقونَ غَداً وَهُم
نِصفٌ لِأَهلِ الفَوزِ أَو ثُلُثانِ

٤٤٤. سُبحانَ مَن مَنَحَ النَبِيَّ مُحَمَّداً
مِنهُ بِحُسنِ الخلقِ وَالإِحسانِ

٤٤٥. لَكَأَنَّهُ قَد صاغَهُ مِن فِضَّةٍ
وَكَساهُ نوراً ساطِع اللَمَعانِ

٤٤٦. مُتَبلّج بادي الوَضاءَةِ باهِر
في الحُسنِ دانَ لِنورِهِ القَمَرانِ

٤٤٧. في الوَجهِ تَدويرٌ وَأشربَ حمرَة
فَوقَ البَياضِ الزاهِرِ الخَدّانِ

٤٤٨. رَوّاهُما ماءَ الجَمالِ فَأَصبحا
وَهُما بِرَونَقِ رَوضَةٍ نَضِرانِ

٤٤٩. رَحِبُ الجَبينِ تَخالُ ضَوءَ جَبينهُ
كَالشَمسِ بَعدَ الصَحوِ في نيسانِ

٤٥٠. زانَ اِمتِدادُ الحاجِبَينِ جَبينَهُ
حَتّى كَأَنَّهُما لَهُ نونانِ

٤٥١. بِجَبينِهِ عرقٌ يدرُّ إِذا سَطا
غَضَباً عَلى الأَعداءِ يَومَ طِعانِ

٤٥٢. وَإِذا أَتاهُ الأَمنُ زانَ جَبينهُ
عرقٌ تَحَدَّرَ فَوقَهُ كَجُمانِ

٤٥٣. في عَينِهِ دَعَجٌ وَفي أَهدابِهِ
وَطَف يَليقُ بِنَرجِسِ الأَجفانِ

٤٥٤. أَقنى يَلوحُ النُّور مِن عرنينِهِ
حُلو المَياسِمِ أَشنَبُ الأَسنانِ

٤٥٥. يَفتَرُّ عَن مِثلِ اللآلِئِ ضَمَّها
شَفَتانِ كَالياقوتِ مُشرِقَتانِ

٤٥٦. كَالمِسكِ نَكهَتُهُ وَأَطيَب مَخبَراً
ما خالَ عَنهُ بِطيبِها البَردانِ

٤٥٧. وَالرَّأسُ مِنهُ لَم تُعجِبهُ صَلعَةٌ
وَالشَّعرُ فاقَ مَنابِتَ الرَيحانِ

٤٥٨. رَجُلٌ أَثيثُ النَّبتِ لا قططٌ وَلا
سبطٌ يعطّرُ نَشرَ دهنِ البانِ

٤٥٩. ما جازَ شَحمَة أُذنِهِ وَلَرُبَّما اِس
تَرخى بِفَرعِهِ الكَتِفانِ

٤٦٠. فاقَ الصَّباح بِحُسنِ فَرقٍ يهتَدي
بِضِيائِهِ قَلبُ الفَتى الحَيرانِ

٤٦١. زانَ المُهيمِنُ عارِضَيهِ بِصُنعِهِ
فَهُما بِأَطهَرِ مَنبِتٍ عَطِرانِ

٤٦٢. تَتَلألأُ الشّعراتُ نوراً فيهِما
لَهُما السَّنا وَالعِزّ مُكتَنِفانِ

٤٦٣. وَكَأَنَّ إِبريقاً مَصوغاً فضَّةً
عُنقٌ لَهُ فاقَت بِحُسنِ لِيانِ

٤٦٤. وَالصَدرُ أَنوَرُ فيهِ مَسرَبَة سَمَت
حُسناً كَخَطِّ الكاتِبِ المِتقانِ

٤٦٥. وَذِراعُه كَسَبيكَةٍ مِن فِضَّةٍ
وَيزينُ رَحبَ الكَفِّ لينُ بنانِ

٤٦٦. هِيَ جَونَةُ العَطّارِ إِن شُمَّت وَإِن
لُمِسَت فَتِلكَ كَزُبدَةِ اللَبّانِ

٤٦٧. كَتِفاهُ قَد خُصّا بِأَشرَفِ خاتَمٍ
عَلم النُّبُوَّةَ زينَ بِالخيلانِ

٤٦٨. وَالبَطنُ مِنهُ لَم تعبهُ ثَجلَة
هُوَ في الجمالِ وَصَدرِهِ سيّانِ

٤٦٩. وَكَأَنَّ ساقَيهِ بِغَرزِ رِكابِهِ
جمّارَتا شَماء بَيضاوانِ

٤٧٠. قَدَماهُ خَلقُهُما سَوِيٌّ ثُمَّ لَم
يُدرِكهُما في رِفعَةٍ قَدَمانِ

٤٧١. لا بِالطَويلِ وَلا القَصيرِ وَإِن مَشى
بَينَ الطِوالِ فَأَنضَر الأَغصانِ

٤٧٢. لا ظِلَّ في قِصَرِ الزَّمانِ وَطولِهِ
فَوقَ الثَّرى لِقَوامِهِ الرَيّانِ

٤٧٣. ما قابَلَ الشَّمسَ المُنيرَةَ في الضُّحى
وَالبَدر وَهوَ بِأَكمَلِ الدَورانِ

٤٧٤. إِلّا تَلَألَأَ نورُهُ فَعَلاهُما
فَهُما لَهُ بِالفَضلِ مُعتَرِفانِ

٤٧٥. وَإِذا سَنا المِصباح قابَلَ نورهُ
سَلَبَ الذُبال تَشَعشعَ الوقدانِ

٤٧٦. أَو ما سَمِعت بِرَبِّهِ النَّطعَ الَّذي
أَضحى لَهُ عَرَقُ النَبِيِّ يُداني

٤٧٧. فَلَقَد حَوَتهُ في عَتائِدِ طيبِها
فَشَآ فُنونَ الطيبِ وَالإِدهانِ

٤٧٨. وَأَتَتهُ أُمُّ عَروس اِلتَمَسَت لَها
مِنهُ الَّذي هُوَ مُصلِحٌ لِلشانِ

٤٧٩. مَلَأَ النَبِيُّ لِهذِهِ قارورَةً
عَرَقاً لَهُ سَمَحَت بِهِ الزندانِ

٤٨٠. كانَت يَضوعُ عَلى المَدينَةِ طيبُها
فَيُقالُ هَذا عِطرُ بِنتِ فُلانِ

٤٨١. فَخر المَلابِس كُلّها بِجَمالِهِ
وِبِهِ تُزانُ بَدائِعُ الأَلوانِ

٤٨٢. يُنمي إِذا لَبِسَ البَياضَ بَهاؤُهُ
وَيُنيرُ إِن وافى بِأَحمَرَ قانِ

٤٨٣. وَيُضيئُ إِن لَبِسَ السَّوادَ بَياضُهُ
حَتَّى يُنَوِّرَ مُظلِمَ الأَكنانِ

٤٨٤. وَتَراهُ في خُضرِ الثَيابِ كَرَوضَةٍ
غِبَّ السَماءِ غَضَيضَة الأَفنانِ

٤٨٥. وَلَقَد عَلاهُ حُلَّتانِ تَرَوّيا
بِالزَّعفَرانِ الغَضِّ صَفرَوانِ

٤٨٦. يُهدي إِلى الحِبَرِ الفَخار إِذا أَتى
وَعَلَيهِ مِن يَمَنِيِّها بُردانِ

٤٨٧. مِن كُلِّ أَصنافِ الثِّيابِ لِباسُهُ
مِن قُطنِها وَالصّوفِ وَالكِتّانِ

٤٨٨. قَد كانَ يَلبسُ جبَّة مَزرورَة
في الحَربِ عِندَ تَناوُلِ الأَقرانِ

٤٨٩. وَكَذاكَ في الأَسفارِ يَلبسُ جُبَّةً
شامِيَةً ضاقَت بِها الكُمّانِ

٤٩٠. ما جازَ نِصف السّاقِ مِنهُ قَميصُهُ
وَالكُمُّ مِنهُ حَدُّهُ الكوعانِ

٤٩١. وَلَهُ رِداءٌ أَخضَرٌ يَلقى بِهِ
مَن جاءَ مِن وَفدٍ مِنَ البُلدانِ

٤٩٢. وَعِمامَة سَوداء يُشرِقُ وَجهُهُ
فيها لَهُ مِن خَلفِهِ طَرَفانِ

٤٩٣. وَلَهُ قُلُنسُوَةٌ لِيَومِ إِقامَةٍ
وَلِظَعنِهِ أُخرى لَها أُذُنانِ

٤٩٤. شَرُفَ السَراويلُ المَصونُ بِلِبسِهِ
وَبِلبسِ ساقَيهِ سَما الخُفّانِ

٤٩٥. وَحَوَت نِعالَ السَّبقِ فَخراً إِذ حَوى
قَدَمَيهِ مِن مَخصوفِها نَعلانِ

٤٩٦. حُبُّ النَبِيِّ عَلى النُّفوسِ مُقَدَّمٌ
وَالمالِ وَالأَولادِ وَالرَيحانِ

٤٩٧. كَلِفَ الجَمادُ بِحُبِّهِ وَدَليلُهُ
ما جاءَ عَن أحدٍ وَعَن حمدانِ

٤٩٨. مِن صِدقِ حُبِّهِما لَهُ أَفذو الحِجى
أَولى بِهِ حُبّاً أَمِ الحَجَرانِ

٤٩٩. حَسَنُ الخَلائِقِ لَم يَكُن بِمُعَنّفٍ
أَحَداً وَلا بِالفاحِشِ اللعّانِ

٥٠٠. فَكِهٌ يُداعِبُ أَهلَهُ وَصِحابهُ
بِالحَقِّ مَحروسٌ مِن البطلانِ

٥٠١. فاقَ العَذارى في الخُدورِ حَياؤُهُ
لا جَبهَ فيهِ لِصاحِبٍ أَو شاني

٥٠٢. مِن لُطفِهِ ما مَرَّ قَطّ بِنِسوَةٍ
إِلّا وَسَلَّمَ أَو عَلى صِبيانِ

٥٠٣. وَإِذا دَعاهُ المَرءُ كانَ جَوابُهُ
لَبَّيكَ لِلأَصحابِ وَالغِلمانِ

٥٠٤. وَلَقَد رَوى أَنَسٌ فَقالَ خَدَمتُهُ
عَشراً فَلَم يَنقِم عَلَيَّ لِشاني

٥٠٥. ما قالَ أُفٍّ وَلَم يَقُل لِم عاتِباً
في حالِ إِهمالي وَلا نِسياني

٥٠٦. وَبِمسمَعٍ مِنهُ وَمَرأى كانَ في
بَيتِ اِبنَةِ الصِدّيقِ جارِيَتانِ

٥٠٧. يَتَغَنَّيانِ فَأَنكَرَ الصَّدّيقُ إِذ
قَد كانَ يُضربُ عِندَهُ دَفّانِ

٥٠٨. قالَ الكَريمُ السَّهلُ كُفَّ فَإِنَّها
أَيّامُ عيدٍ فَاِسمَعوا إِخواني

٥٠٩. وَحَديث عائِشَةَ الرِّضى وَوُقوفه
مَعَها لِتَنظُرَ فِرقَة الحبشانِ

٥١٠. كانوا بِمَسجِدِهِ وَهُم مِن ضارِبٍ
بِحِرابِهِ دَرَقاً وِمِن زَفّانِ

٥١١. كانَت تَكلُّ فَتَستَريحُ بِأُنسِها
بِوقور لا ضَجر وَلا تَعبانِ

٥١٢. وَرَأى أُناساً عِندَ دَركلةٍ لَهُم
فَتَفَرَّقوا رَهَباً بِكُلَّ مَكانِ

٥١٣. فَدَعاهُم يا آلَ إِرفدة اِثبتوا
لِتَبينَ فُسحَةُ أَشرَفِ الأَديانِ

٥١٤. وَاِستنشدَ الأَشعارَ مُستَمعاً لَها
مُستَحسِناً مِن غَيرِ ما نُكرانِ

٥١٥. أَهدى لَهُ العَبّاسُ أَبياتاً بِها
مَدحٌ يَفوقُ قَلائِدَ العُقيانِ

٥١٦. فَدَعا لَهُ وَأَتاهُ كَعبٌ مادِحاً
بِقَصيدَةٍ مَرضِيَّةِ الأَوزانِ

٥١٧. أَجازَهُ وَلَطالَما مِن قَبلِها
سَمِعَ المَدائِحَ فيهِ مِن حسّانِ

٥١٨. هُوَ رَحمَةٌ لِلنّاسِ مُهداة فَمن
قَبل الهِدايَةَ فازَ بِالرّضوانِ

٥١٩. مِن الصِّفاتِ المَعنَوِيَّةِ حلمُهُ
وَالصَّفحُ عَن ذَنبِ المُسيءِ الجاني

٥٢٠. لَقِيَ الأَذى مِن قَومِهِ وَمُرادُهُ
إِصلاحُهُم وَهُم ذَوي أَضغانِ

٥٢١. سَأَلوهُ تَحويلَ الصَفا ذَهَباً لَهُم
وَزوال شمٍّ في الشِّعابِ رعانِ

٥٢٢. وَهُناكَ خُيِّرَ إِن تَشَأ أُعطوا الَّذي
سَأَلوهُ فَإِن كَفَروا فَزَجرٌ دانِ

٥٢٣. أَو إِن تَشَأ فَاِستَأن عَلَّ غَوِيَّهُم
يضحي رَشيداً قالَ بَل أَستاني

٥٢٤. وَلَقَد أَتى مَلِكُ الجِبال إِلَيهِ مِن
رَبِّ السَّماءِ القاهِرِ السُّلطانِ

٥٢٥. لَو شاءَ سَوّى الأَخشَبين عَلَيهِم
لَكِن تَرَبَّصَ رَأفَةً وَحَنانِ

٥٢٦. وَأَتاهُ يَلتَمِسُ النَوالَ وَيَجتَدي
مِنهُم فَتى جافٍ مِنَ العُربانِ

٥٢٧. جَبَذَ النَبِيَّ فَأَثَّرَت في نَحرِهِ ال
وَضّاح جَبذَة بردِهِ النَّجراني

٥٢٨. فَتَبَسَّمَ المُختار ثُمَّ أَمَدَّهُ
بِعَطاء لا سئمٍ وَلا مَنّانِ

٥٢٩. وَرَمى اليَهوديّ الخَبيثُ خَبيئَةً
مِن سِحرِهِ في بِئرِ ذي أورانِ

٥٣٠. لِيَكيدَهُ فَكَفاهُ رَبٌّ لَم يَزَل
يَحميهِ كَيدَ الساحِرِ الخَزيانِ

٥٣١. لَم يَلقَهُ يَوماً بِوَجهٍ باسِر
لَكَأَنَّهُ ما كانَ ذا شَنَآنِ

٥٣٢. وَلَقَد ثَوى اِبنُ أبيٍّ الواهي العُرى
رَأسُ النِّفاقِ وَمَعدَن الإِدهانِ

٥٣٣. صَلّى عَلَيهِ وَزادَ في اِستِغفارِهِ
حَتّى نَهاهُ عَنهُ نَهيَ ثانِ

٥٣٤. رَؤوفٌ بِأُمَّتِهِ رَحيمٌ يَترُكُ ال
عملَ الكَثير الأَجرِ في الميزانِ

٥٣٥. لا رَغبَة عَنهُ وَلَكِن يَقصِدُ ال
تَخفيفَ عَن ضُعَفاء غَير مِتانِ

٥٣٦. وَيَزيدُ طول صَلاتِهِ فَيخِفُّها
لِسَماعِ صَوتِ الطِّفلِ ذي الأَشجانِ

٥٣٧. عِلماً بِحرقَةِ أُمِّهِ لِبُكائِهِ
هَذا لَعَمرُكَ مُصطَفى الرَحمَنِ

٥٣٨. وَلَقَد بَكى وَدَعا لِأُمَّتِهِ إِلى
أَن جاءَهُ فيهِم جَوابُ أَمانِ

٥٣٩. وَلَهُ مِن الرَحمَنِ عَهدٌ أَنَّهُ
مَن سبَّ مِن أَصحابِهِ بِلِسانِ

٥٤٠. مَن ظَلَّ يَجلِدُهُ وَيَلعَنُهُ فَفي
هَذا لَعَمرُكَ أَعظَمُ القُربانِ

٥٤١. وَلَهُ التَواضُع صَحَّ عَن شَرَفٍ لَهُ
شَهِدتَ لَهُ بِكَمالِهِ الدارانِ

٥٤٢. قَد كانَ يَخصِفُ نَعلَهُ في بَيتِهِ
وَكَذاكَ يَرقَعُ مخلَقُ القُمصانِ

٥٤٣. وَنَهى الصَّحابَةَ أَن يُقامَ لَهُ وَأَن
يُطرى وَأَن يُطوى لَهُ عَقبانِ

٥٤٤. رَكِبَ الحِمارَ بِغَيرِ سَرجٍ موكِفاً
وَاللّيفُ كانَ لَهُ مِن الأَرسانِ

٥٤٥. وَقَضى اليَتامى وَالأَرامِلَ حَقَّهُم
وَكَذاكَ حاجَة أَعبُدٍ وَقِيانِ

٥٤٦. وَأَجابَ دَعوَةَ مَن دَعا وَلَو أَنَّهُ
عَبدٌ يُباعُ بِأَحقَرِ الأَثمانِ

٥٤٧. بِالأَرضِ مَأكَلُهُ وَمَجلِسُهُ بِلا
فَرشٍ كَفِعلِ العبدِ ذي الخضعانِ

٥٤٨. وَرَآهُ إِنسان فَأرعدَ هَيبَةً
قالَ الجَليل القَدرِ لِلرُّعبانِ

٥٤٩. لَأنا اِبنُ آكِلَةِ القَديدِ فَلا ترع
لَيسَ التَجَبُّرُ يا فَتى مِن شاني

٥٥٠. وَلَقَد أَتى مَلكٌ فَخَيَّرَهُ عَلى
ما شاءَ مِن أَمرَينِ يُشتَرَطانِ

٥٥١. إِن شاءَ عَبداً مُرسَلاً أَو إِن يَشَأ
مَلكاً رَسولاً كانَ ذا سُلطانِ

٥٥٢. فَاِختارَ عَبداً مُرسَلاً مُتَواضِعاً
لِلَّهِ رَبِّ العِزَّةِ الدَيّانِ

٥٥٣. وَهوَ الجَوادُ فَلَيسَ يَمنَعُ سائِلاً
ما قالَ لا في العَدمِ وَالوِجدانِ

٥٥٤. بادي البَشاشَةِ باسِمٌ لِوُفودِهِ
يَهتَزُّ مِنهُ لِلنَّدى العطفانِ

٥٥٥. كَفّاهُ أَسخى بِالعَطاءِ لِمُجتَدٍ
مِن وابِلِ الغَيثِ المُسفِّ الداني

٥٥٦. سَبعينَ أَلفاً فَضَّها في مَجلِس
لَم يَبقَ مِنها عِندَهُ فلسانِ

٥٥٧. وَأَتاهُ أَعرابِيٌّ اِلتَمَسَ النَّدى
أَعطاهُ شاءً ضَمَّها جَبَلانِ

٥٥٨. وَلَكانَ أَجوَد ما تَكونُ يَمينُهُ
بِالبِرِّ وَالمَعروفِ في رَمَضانِ

٥٥٩. أَيّامَ يَنزِلُ جِبرئيل عَلَيهِ مِن
رَبِّ العُلا لِدِراسَةِ القُرآنِ

٥٦٠. وَهوَ الوَفِيُّ الصادِقُ الوَعد الَّذي
ما كانَ يَوماً مُخلفاً لِعدانِ

٥٦١. أَوَ ما سَمِعتَ بِصِدقِهِ وَوَفائِهِ
إِذا كانَ واعَدَ صاحِباً بِمَكانِ

٥٦٢. فَأَقامَ يَرقُبُهُ ثَلاثاً لَم يَزَل
حَتّى أَتاهُ الصاحِبُ المُتَواني

٥٦٣. وَهوَ الشُّجاعُ الفارِسُ الكَرّارِ عِن
دَ تَقاعُسِ الأَبطالِ وَالشُجعانِ

٥٦٤. وَالكُفؤُ يَومَ حُنين الثَّبتُ الَّذي
لَمّا تَوَلّوا كانَ غَيرَ جَبانِ

٥٦٥. كانوا إِذا حَمِيَ الوَطيسُ وَأُشرِعَت
نَحوَ الصُدورِ عَوامِل المرّانِ

٥٦٦. لَجَأوا إِلَيهِ وَاِتَّقوا بِصِيالِهِ
فَحَمى وَذَبَّ بِمُرهَفٍ وَسنانِ

٥٦٧. يَغشى عَجاجَةَ كُلِّ حَربٍ بِسلةٍ
حَمراءَ كاشِرَةِ النُّيوبِ عَوانِ

٥٦٨. فَيَكُفُّ شِرَّتَها وَيَجلو نَقعها
بِمُهَنَّدٍ ماضي الغِرارِ يَماني

٥٦٩. وَعَرا المَدينَةَ لَيلَةً فَرعٌ فَلَم
يَسبِقهُ ذو فَرَسٍ مِنَ السُرعانِ

٥٧٠. وَمَضى يَؤُمُّ الصَوتَ وَهوَ مُقَلَّدٌ
بِالسَيفِ فَوقَ عمرّد عَريانِ

٥٧١. وَأَتى يُنادي لَن تُراعوا واصِفاً
بِالبَحرِ سابق ذَلِكَ المَيَدانِ

٥٧٢. سَعدَت بِمَركَبِهِ الشَريف جِيادُهُ
وَنِياقُهُ مِن سابِقٍ وهجانِ

٥٧٣. هَل في السَّوابِقِ كَاللّزارِ وَسَكبه
وَلِخيفهِ وَالورد خَير حِصانِ

٥٧٤. أَو مِثلُ مُرتَجزٍ وَكَالضَّربِ الَّذي
ما زاغَ عَن أَقدامِهِ صلوانِ

٥٧٥. أَو في المَراكِبِ كَالعَفيرِ وَدَلدَلٍ
وَالناقَةِ العَضباءِ يَومَ رِهانِ

٥٧٦. وَبِبأسِهِ المَرهوب آلَة حَربِهِ
فَتَكَت بِكُلِّ مُسايِفٍ مِطعانِ

٥٧٧. هَل في السُّيوفِ كَذي الفِقارِ وَمخذَمٍ
وَالحَتفُ حَتفُ كَتائِبِ الشَيطانِ

٥٧٨. وَرسوب الماضي وَبَتّار الطُّلى
أَو في القِسيّ كَشوحطِ المرنانِ

٥٧٩. وَبِكَفِّهِ الرَوحاء وَالصَفراء قَد
سمتا قسيّ البَيعِ وَالشّريانِ

٥٨٠. أَو في الرّماحِ الشّارعاتِ كَرُمحهِ ال
يزنيّ ذي التّثقيفِ وَالعسلانِ

٥٨١. أَو في الحِرابِ كَمثلِ حربتِهِ الّتي
شَرفت بِها الجمعات وَالعيدانِ

٥٨٢. أَو في الدُّروعِ السّابِغاتِ كَدرعهِ
ذاتِ الفضولِ مَظنّة الإِحصانِ

٥٨٣. وَعَلاهُ يومَ الفتحِ أَشرفُ مغفَرٍ
وَأَحاطَ في أُحدٍ بِهِ دِرعانِ

٥٨٤. ذاتُ الفضولِ وَدرعه السّعديّة ال
فَضفاضَة المَحروسة الأَحضانِ

٥٨٥. وَلَهُ اللّواءُ الأَبيضُ المَنصورُ ذو ال
ظِلّ الظّليل الشّاملِ الفينانِ

٥٨٦. كتبَت عَليهِ شهادتانِ هُما لِمَن
أَولاهُما الإِحسان مُنجِيَتانِ

٥٨٧. وَالرّاية السّوداء أَشرفُ رايةٍ
وَهيَ العِقابُ عِقاب كلّ مهانِ

٥٨٨. شَرُفَ القَضيبُ الخَيزُران بِكفّهِ
إِذ كانَ يُمسِكُهُ بِخيرِ بنانِ

٥٨٩. وَعَصاهُ لمّا مَسّها بِيَمينِهِ
فَضُلَت عصاً صارَت إِلى ثُعبانِ

٥٩٠. وَهوَ الفَصيحُ اللّفظِ ذو الحِكم التي
أَربَت بَلاغَتها عَلى لُقمان

٥٩١. جَمَعَ الفَوائِدَ بِاِختِصارٍ محكمٍ
لَفظ يسيرٌ في غَزيرِ مَعاني

٥٩٢. وَكَلامهُ فَصل مُبينٌ نَثره
يَسمو عُقودَ الدرِّ وَالمُرجانِ

٥٩٣. حُلو الكَلامِ إِذا تَكلَّم ناطِقاً
فَالحَقُّ ما فاهَت بِهِ الشّفَتانِ

٥٩٤. ما كانَ يسردُ بَل يعدّ كَلامهُ
عَدّاً لِيَعقلهُ ذَوو الأَذهانِ

٥٩٥. كَتبَ اِبنُ عمرٍو ما يَقولُ بِأَمرِهِ
إِذ كانَ حَقّاً واضِح البُرهانِ

٥٩٦. عَجِبَ الصّحابَةُ مِن فَصاحَةِ لَفظِهِ
وَبَلاغَةٍ فيهِ وَحسنِ بَيانِ

٥٩٧. قالوا نَشَأتَ بِأَرضِنا وَلِساننا
عِندَ الفَصاحَةِ عَن لِسانكِ واني

٥٩٨. فَأَشارَ أَنّ لِسانَ إِسماعيلَ قَد
كانَ اِنطَوى حقباً مِنَ الأَزمانِ

٥٩٩. فَحَباهُ ربُّ العَرشِ بِاللّغَةِ الّتي
دَرَست وَضَلّت عَن بَني عَدنانِ

٦٠٠. بِلِسانِهِ نَزلَ القُرانُ وَفي بَني
سَعدٍ نَشأتهُ مَعَ الحضّانِ

٦٠١. وَاللَّهُ أدّبهُ فَأَحسَن رَبُّه
تَأديبَهُ في السرِّ وَالإِعلانِ

٦٠٢. وَلَهُ صَريح الزُّهدِ صحَّ لِأَنَّهُ
عُرِضَت عَلَيه أَماكِنُ البطحانِ

٦٠٣. ذَهبا فَقالَ أَجوعُ يَوماً صابراً
وَإِذا شَبِعتُ أَكونُ ذا شُكرانِ

٦٠٤. كَم شدَّ مِن حَجرٍ لِمسغبةٍ وَكَم
أَضحى عَلى اللّزباتِ ذا إِدمانِ

٦٠٥. يَغدو خَميصَ البَطنِ يَعلمُ أَنّهُ
لا فَخرَ لِلمُتنعّم المبطانِ

٦٠٦. ما كانَ مُدّخِراً مِنَ الأَقواتِ ما
قَد كانَ في يَوم لِيومٍ ثانِ

٦٠٧. كَلّا وَلَم يَكُ عِندهُ مِن آلَةِ ال
دُنيا وَبِسطِ مَتاعِها زَوجانِ

٦٠٨. وَيمثّل الدّنيا كَقائِلِ دَوحةٍ
وَمَضى وَخَلّفها بِغَيرِ تَواني

٦٠٩. إِن كانَ أَبياتُ النّبيِّ لَتسعةٌ
يَمضي عَلَيها الشّهرُ وَالشّهرانِ

٦١٠. ما إِن يُرى لِلخَيرِ في أَكنافِها
وَالطّبخِ مِن لَهب وَمِن وقدانِ

٦١١. بِالأَسوَدينِ الماء وَالتّمر اِجتزوا
عَن ناعِمِ العَيشِ الزّهيدِ الفاني

٦١٢. وَاللّيفُ حَشوُ وِسادهِ وَقَميصه
مِن أَغلَظِ المَنسوجِ في الأَقطانِ

٦١٣. وَقَضى بِلالٌ دَينهُ ثُمَّ اِنثَنى
وَلَدَيهِ بَعدَ الدّين دينارانِ

٦١٤. فَثَوى بِمَسجِدِهِ إِلى أَن فُرِّقا
يَومَينِ لا يَأوي إِلى نِسوانِ

٦١٥. وَلَقد مَضى وَعَلى شَعيرٍ دِرعهُ
مَروهونَةٌ لِتَعَذُّرِ الأَثمانِ

٦١٦. وَهوَ الكَريمُ الطاهِرُ المَحفوظُ مِن
ميلادِهِ مِن نَظرَةِ الخَتّانِ

٦١٧. وَعَلى الطَهارَةِ وَالصِيانَةِ لَم يَزَل
حَتّى أَتاهُ أَشرَفُ الأَديانِ

٦١٨. لَم تَبدُ عَورَتُهُ لِزَوجٍ أَو لِما
مَلَكَت يَمينٌ مَن كَمالِ صِيانِ

٦١٩. وَإِذا تَخَلّى لا يُرى مِن بَعدِهِ
أَثَرٌ لِما يَبدو مِنَ الإِنسانِ

٦٢٠. كانَ الوضوءُ لِكُلِّ وَقتٍ دَأبَهُ
لَم يَجتَمِع لِوُضوئِهِ وَقتانِ

٦٢١. رَغباً إِلى نورٍ عَلى نورٍ سِوى
صَلَواتِ يَومِ الفَتحِ وَالإِمكانِ

٦٢٢. كَمُلَت طَهارَتُهُ وَتَمَّ رُكوعُهُ
وَسُجودُهُ في الأَرضِ ذي الأَركانِ

٦٢٣. وَزَكَت مَحامِدُهُ وَطالَ قُنوتُهُ
حَتّى اِلتَوى وَتَوَرَّمَ القَدَمانِ

٦٢٤. وَيَظلُّ طولَ اللَّيلِ يَقرَأُ آيَةً
مُتَدَبِّراً فيها غُموضَ مَعاني

٦٢٥. يَتلو بِتَرتيلٍ بِصَوتٍ طَيِّبٍ
عَذبٍ شَج بِقِراءَةِ القُرآنِ

٦٢٦. وَإِذا اِنتَهى التَرتيلُ يَختِمُ قائِماً
تَعظيمَ عَبدٍ عارِفٍ خشيانِ

٦٢٧. وَإِذا أَتاهُ الأَمرُ فيهِ مَسَرَّةٌ
لِلقَلبِ يَسجُدُ سَجدَةَ الشُكرانِ

٦٢٨. وَيَصومُ حَتّى لا يُظَنُّ فُطورُهُ
أَبَداً يُريدُ بِهِ رِضى الرَحمَنِ

٦٢٩. وَكَذاكَ يُفطِرُ بُرهَةً حَتّى يَرى
أَن لَيسَ يَوماً لِلصِّيامِ يُعاني

٦٣٠. وَثَلاثَة مِن كُلِّ شَهرٍ صامَها
وَبِكُلِّ أُسبوعٍ لَهُ يَومانِ

٦٣١. يَومَ الخَميسِ وَيَومَ الاثنَينِ اللَذا
نِ تَفَرَّدا شَرَفاً بِفَتحِ جِنانِ

٦٣٢. وَكَذلِكَ الأَعمالُ تُرفَعُ فيهِما
وَأَتمّ صَومَ الشَّهرِ مِن شَعبانِ

٦٣٣. وَلَهُ المواصَلةُ الَّتي يُمسي بِها
مِن ذي الجَلالِ بِباطِن رَيّانِ

٦٣٤. وَكَذاكَ أَحرَمَ ثُمَّ لَبّى وَاِغتَدى
لِطَوافِهِ وَسَعى بِذي الصَفّانِ

٦٣٥. ساقَ الهَدايا مُشعِراً وَمُقَلِّداً
قَد أُعفِيَت عَن حلقَةٍ وَأَسانِ

٦٣٦. فَأَتَمَّ عُمرَتَهُ وَأَحرَمَ بَعدَها
لِلحَجِّ عِندَ البَيتِ صُبحَ ثَمانِ

٦٣٧. وَأَتى بِتَلبِيَةٍ مِنىً فَاِحتَلَّها
وَأَتى إِلى الصَّخَراتِ مِن نعمانِ

٦٣٨. فَدَعا بِها وَأَفاضَ نَحوَ المِشعرِ ال
أَزكى الحَرامِ إِفاضَةَ الغُفرانِ

٦٣٩. وَأَتى مِنىً فَرَمى الجِمارَ مُكَبِّراً
تَكبيرَ تَعظيمٍ بِصِدقِ جنانِ

٦٤٠. نَحَرَ النَّبِيُّ بِكَفِّهِ أُضحِيةً
نَقَلَ الأَئِمَّةُ أَنَّها كَبشانِ

٦٤١. وَدَعا بِحَلّاقٍ وَقَسَّمَ أَشَرَفَ ال
أَشعارِ في الأَصحابِ وَالإِخوانِ

٦٤٢. وَمَضى فَطافَ بِكَعبَةٍ مَحجوجَةٍ
مِنها يُقَبِّلُ أَسوَداً وَيَماني

٦٤٣. وَأَتَمَّ سَعيَ المَروتَينِ فَأَكمَلَ ال
حَجَّ المُبَرَّرَ مُرغم الشَّيطانِ

٦٤٤. شَهِدَ المَناسِكَ ثُمَّ بَيَّنَها لَهُم
لِيُبَلِّغَ النائينَ مِن هَودانِ

٦٤٥. وَرِعٌ كَثيرٌ صَمتُهُ ذو فِكرَةٍ
مَرضِيَّةٍ مُتَواصِلُ الأَحزانِ

٦٤٦. يَخشى جَلالَ اللَهِ أَعظَمَ خشيَةٍ
إِذ كانَ أَولى الناسِ بِالعِرفانِ

٦٤٧. وَلَطالَما سُمِعَ الأَزيرُ لِصَدرِهِ
كَالمرجلِ الفَهّاقِ بِالغَلَيانِ

٦٤٨. وَلَقَد بَكى حَتّى تَبَلَّلَ حِجرُهُ
وَبَكى فَبلَّ الأَرضَ بِالهملانِ

٦٤٩. وَتَلا اِبنُ مَسعودٍ عَلَيهِ سورَةً
فَهَمَت لِذاكَ مَدامِعُ الأَجفانِ

٦٥٠. وَلَقَد عَلا قَدَم النَّبِيِّ بِنَعلِهِ
رَجُلٌ أَضَرَّ بِرخصَةٍ خمصانِ

٦٥١. فَأَزاحَهُ بِالسَوطِ عَنها ثُمَّ لَم
يَملِك مَخافَةَ عاذِلٍ دَيّانِ

٦٥٢. فَدَعاهُ وَاِستَرضاهُ بِالشاءِ الَّتي
بَلَغَت ثَمانينَ اِعتَبِر يا جاني

٦٥٣. وَشِعارُهُ الأَمَلُ القَصيرُ لِعِلمِهِ
أَن أَمرهُ كَالبَرقِ ذي الخَطفانِ

٦٥٤. ما كانَ يَلقُمُ لُقمَةً فَيَظُنّ أَن
تَنساغَ قَبلَ تَنزلِ الحدثانِ

٦٥٥. أَو كانَ يَرفَعُ طَرفَهُ فَيَظُنّ مِن
حَذَرٍ أَنِ الشّفرانِ يَلتَقِيانِ

٦٥٦. وَلَقَد تَيَمَّمَ قُربَ ماءٍ خائِفاً
أَمراً يُعاجِلُهُ مِنَ الإِتيانِ

٦٥٧. وَلَهُ التَضَرُّعُ وَالدُعاءُ الخالِصُ ال
مَقبولُ مَحروساً مِنَ الحِرمانِ

٦٥٨. غَفَرَ الإِلَهُ لَهُ الذُنوبَ وَلَم يَزَل
مُستَغفِراً ما أَقبَلَ المَلَوانِ

٦٥٩. وَهوَ المُؤَيَّدُ يَومَ بَدرٍ إِذ غَدا
مُتَعَرِّضاً لِلعيرِ وَالرُكبانِ

٦٦٠. فَأَتَت قُرَيشُ تُريدُ نُصرَةَ عيرِها
إِذ نَفَّرَت بِالمُنذِرِ العريانِ

٦٦١. فَلَقوا رِجالاً وَالمَنايا الحُمر في
أَسيافِهِم يَومَ اِلتَقى الجَمعانِ

٦٦٢. نَزَلَ المَلائِكَةُ الكِرامُ بِنَصرِهِم
جِبريلُ وافاهُم بِأَلفِ عِنانِ

٦٦٣. وَبِمِثلِها ميكالُ جاءَ وَجاءَ إِس
رافيلُ في أَلفٍ مِنَ الفُرسانِ

٦٦٤. أَودَت صَناديدُ العداةِ وَفارَقوا ال
خِلَّ الحَميمَ إِلى حَميمٍ آنِ

٦٦٥. سُحِبوا فَأُلقوا في القليبِ أَذِلَّةً
وَسَيُسحَبونَ غَداً إِلى النيرانِ

٦٦٦. نادى فَأَسمَعَهُم بِهِ لِيَزيدَهُم
خِزياً عَلى خِزيٍ وَطول هَوانِ

٦٦٧. ثُمَّ اِنثَنى نَحوَ المَدينَةِ راجِعاً
مُستَبشِراً بِالنَّصرِ وَالفُرقانِ

٦٦٨. وَكَذاكَ في أُحُدٍ تَبَيَّنَ بَأسُهُ
وَثَباتُهُ في ساعَةِ الجولانِ

٦٦٩. كُسِرَت رُباعِيةُ النَّبِيِّ وَلَم يَزَل
وَالنّاسُ في وَجَلٍ وَفي ذولانِ

٦٧٠. وَرَمى بِحَربَتِهِ أُبَيّاً فَاِرتَدى
بِالخِزيِ في الدَركاتِ مَع هامانِ

٦٧١. وَرَمى قُرَيضَةَ وَالنَّضيرَ بِبَأسِهِ
إِذ كانَتا لِلغَدرِ يَحتَقِبانِ

٦٧٢. وَغَزا مريسيعاً فَتَمَّ مُرادُهُ
في آلِ مُصطَلِق بِلا خذلانِ

٦٧٣. وَسَرَت قُرَيشٌ نَحوَ طيبَةِ تَجمعُ ال
أَحزابِ مِن أَسَدٍ وَمِن غَطَفانِ

٦٧٤. فَدَرى النَبِيُّ فَظَلَّ يَحفِرُ خَندَقاً
بِإِشارَةٍ مِن ذي الحِجى سَلمانِ

٦٧٥. فَأَتَتهُم ريحٌ وَجُندٌ لا تُرى
فَتَفَرَّقوا بِالذُّلِّ وَالخُسرانِ

٦٧٦. وَحُصونَ خَيبَرَ جاءَها لَمّا عَصَت
بِالجَيشِ ذي السَطَواتِ وَالسُلطانِ

٦٧٧. وَدَعا لِرايَتِهِ الشَريفَةِ مَن قَضى
بِكَمالِهِ الزَّهراء وَالسِّبطانِ

٦٧٨. فَتَحَ الإِلَهُ عَلى يَدَيهِ حُصونَهُم
وَسَبا بِسَيفِ القَهرِ كُلَّ حِصانِ

٦٧٩. وَأَظَلَّ يَومَ الفَتحِ مَكَّةَ مِنهُ ما
بَهَرَت كَتائِبهُ أَبا سُفيانِ

٦٨٠. وَتنكَّس الأَصنامَ لَمّا حَلَّها
بِإِشارَةٍ مِنهُ بِخَيرِ بَنانِ

٦٨١. وَأَتى الحُجونَ وَفيهِ قُبَّتُهُ الَّتي
شَرُفَت فَكانَ لَها مِنَ السُكّانِ

٦٨٢. وَأَتى هَوازِنَ في حُنينٍ غازِياً
فَلَقوهُ بِالأَموالِ وَالأَظعانِ

٦٨٣. وَاِشتَدَّ بَأسُهُم فَأَرسَلَ فيهِم
كَفّا مِنَ الحَصباءِ وَالصوّانِ

٦٨٤. فَحَشا عُيونَهُم فَأَدبَرَ جَمعَهُم
كالوَحشِ نافِرَةً إِلى الميزانِ

٦٨٥. وَأَتى فَحاصَرَ طائِفاً فَأَذاهُم
مُرَّ الحِصارِ وَشِدَّةَ الأَرجانِ

٦٨٦. غَزَواتُه سَبعٌ وَعِشرونَ انِبَرى
مِنها لِعَشرٍ شاهِداً لِطِعانِ

٦٨٧. وَهيَ الَّتي ذُكِرَت وَلَم يَشهَد وَغى
في سَبع عَشرَة غَزوَةً وَيُداني

٦٨٨. سِتّاً وَخَمسينَ السَّرايا بَثَّها
مَعَ كُلِّ شَهمٍ فاتِكٍ زَبّانِ

٦٨٩. دانَت لِرُتبَتِهِ المُلوكُ مُقِرَّةً
بِالقَهرِ مِن عَرَبٍ وَمِن عُجمانِ

٦٩٠. بَلَغَت رِسالَتُهُ المُقَوقَس وَهوَ في ال
إِسكَندَرِيَّةِ مالِكُ القُبطانِ

٦٩١. فَأَتَت هَدِيَّتُهُ إِلَيهِ وَصَدَّهُ
شَيطانُهُ عَن خُطَّةِ الإيمانِ

٦٩٢. وَأَتَت رِسالَتُهُ هِرَقلَ فَهَمَّ بِال
إِسلامِ لَولا زُخرُفُ الفَتّانِ

٦٩٣. وَأَتى إِلى كِسرى بن هُرمُزَ خطُّهُ ال
أَعلى فَمَزَّقَهُ الحَقيرُ الشّانِ

٦٩٤. فَلِذاكَ مَزَّقَ مُلكَهُ ثُمَّ اِبتَغى
رَجُلاً فَأَرسَلَهُ إِلى باذانِ

٦٩٥. أَرسِل إِلَيَّ بِهِ فَأَرسَلَ نَحوَهُ
رَجُلَينِ بِالتَهديدِ يَبتَدِرانِ

٦٩٦. قالَ اِرجِعا فَلَقَد كَفاني أَمرَهُ
بِالقَتلِ رَبٌّ صانَني وَكَفاني

٦٩٧. فَبَدا لِباذانَ اليَقينُ فَقادَهُ
نَحوَ الهُدى وَنَجا مِنَ العمهانِ

٦٩٨. وَأَتى النَجاشِيَّ الكَريمَ كِتابُهُ
فَأَجابَ جابَةَ طائِعٍ مِذعانِ

٦٩٩. وَكَذَلِكَ الكُتبُ الكَريمَةُ مِنهُ قَد
وافَت مُلوكَ الشّامِ مِن غَسّانِ

٧٠٠. وَكَذاكَ أَرسَلَ نَحوَ هَوذَةِ فَاِهَتدى
وَأَتَت رِسالَتُهُ مُلوكُ عُمانِ

٧٠١. وَمُلوكُ حِميَرَ جَلَّ رافِع قَدرهِ
حَتّى أَذَلَّ لَهُ ذَوي التيجانِ

٧٠٢. وَأَتَت وُفودُ الأَرضِ تَهوي نَحوَهُ
مِن كُلِّ فَجٍّ موحِش الغيطانِ

٧٠٣. سَبعونَ وَفداً سَوفَ أَذكُرُ بَعضَ ما
قَد كانَ مَشهوراً مِنَ الوفدانِ

٧٠٤. وَفي ضمامٍ وَهوَ وافِد قَومِهِ
سَعد بن بَكرٍ خَير ما حَضّانِ

٧٠٥. فَغَدا يُناشِدُ عَن فَرائِضِ دينِهِ
بِاللَّهِ فَاِتَّضَحَت لِذي نشدانِ

٧٠٦. وَمَضى يُعَلِّمُ قَومَهُ فَتَنَشَّرَت
بَرَكاتُهُ في الأَهلِ وَالجيرانِ

٧٠٧. وَحَبا مُزَينَةَ إِذا أَتَتهُ بِهِجرَةٍ
ثَبَتَت لَهُم وَهُمُ ذَوو سُلطانِ

٧٠٨. وَأَتَت فَزارَةُ وَهيَ تُزجي عيسَها
مَن كُلِّ بادِيَةِ الطُّلوحِ ردانِ

٧٠٩. يَشكونَ ضيقَ العيشِ مِن سَنةٍ مَحَت
خَضراءَهُم شَهباءُ ذات دُخانِ

٧١٠. فَدَعا بِغيثٍ مُغدِقٍ فَأَتاهُمُ
فَاِستَبشَرَ البَكَرات في الأَعطانِ

٧١١. وَأَتَت تجيبُ مُجيبَة بِفَواضِلِ ال
صَدَقاتِ مِن نِعَم لَها عكنانِ

٧١٢. وَأَتَتهُ سَعد هَزيم الوَفد الأُلى
نَجّاهُم مِن هُلكِهِم بيتانِ

٧١٣. مِن شِعرِ اِمرِئِ القَيسِ يَذكُرُ ضارِجاً
وَالعَين ذات العرمضِ الرَجّانِ

٧١٤. وَأَتَت مُحارِبُ بَعدَ طولِ تَعَجرُفٍ
وَهُمُ إِلى التَّقوى ذَوو إِذعانِ

٧١٥. فَكَسى خُزيمَة غُرَّةً بِجَبينِهِ
نوراً بِمَسحَةِ أَشرَفِ الإيمانِ

٧١٦. وَأَتى جَرير في بجيلَةَ قَومه
يَطوونَ عَرضَ مَفاوِزٍ وَبثانِ

٧١٧. وَعَلَيهِ مِن مَلكٍ كَريمٍ مَسحَةٌ
حَوَتِ الجَمالَ بِوَجهِهِ الحسّانِ

٧١٨. وَأَتاهُ وافِد عامِر شيطانُها
نَجلُ الطّفيل وَأَربَد النكدانِ

٧١٩. هَمّا بِكيدٍ عادَ مِنهُ عَلَيهِما
ما لَم يَكونا مِنهُ يَنتَظِرانِ

٧٢٠. ضربَ الخَبيث اِبن الطّفيلِ بِغُدَّةٍ
وَرَفيقُهُ بِالصاعِقِ المُزنانِ

٧٢١. وَأَتَت حَنيفَةُ مُحدِقينَ بِخاسِرِ ال
صَفَقاتِ أَفّاك اللِّسانِ هدانِ

٧٢٢. أَعني مُسَيلَمَةَ الكَذوبَ فَأَسلَمَ ال
خَتّار ثُمَّ اِرتَدَّ عَن وشكانِ

٧٢٣. وَأَتَتهُ نَهدُ فَعَرَّضَت بِبَصيرِها
وَخَبيرها مِن شِدَّةِ الإحجانِ

٧٢٤. فَدَعا لَها وَلِمَخضِها وَلِمَحضِها
وَلِمَذقِها وَالرّسلِ وَالثَّمرانِ

٧٢٥. ما زالَ يَدأَبُ في النَّصيحَةِ جاهِداً
مُتَبَتِّلاً في خِفيَةٍ وَعلانِ

٧٢٦. حَتّى اِستَقامَ الدينُ وَاَتَّبَعَ الوَرى
بَعدَ العمايَةِ أَوضَحَ الإغسانِ

٧٢٧. وَأَتاهُ نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ الذَّي
هُوَ لاِقتِرابِ المَوتِ كالعنوانِ

٧٢٨. بَدَأَ السّقامُ بِهِ وَكانَ يَنالُهُ
مِنهُ كَما أَن يُوعكَ الرَّجلانِ

٧٢٩. فَدَعا الصَّحابَةَ ثُمَّ وَصّاهُم بِما
يرضي وَصِيَّةَ ناصِحٍ أَمّانِ

٧٣٠. وَدَعا إِلى أَخذِ القَصاصِ صِحابَهُ
مِن نَفسِهِ فَليَخشَ ذو العُدوانِ

٧٣١. وَاِشتَدَّ ما يَلقاهُ مِن آلامِهِ
حَتّى لَقَد حَمَلوهُ في الأحضانِ

٧٣٢. فَدَعا أَبا بَكرٍ فَقَدَّمَهُ عَلى ال
أَصحابِ في المِحرابِ وَالدِيوانِ

٧٣٣. وَرِثَ الخِلافَةِ بَعدَهُ فَأَقامَ مِن
آثارِهِ الحُسنى عَلى أسّانِ

٧٣٤. وَأَتاهُ جِبريلُ الأمينُ يَعودُهُ
بِالأمرِ مِن رَؤوفٍ بِهِ رَحمانِ

٧٣٥. يَأتي فَيُبلِغُهُ السَّلامَ كَرامةً
خَصَّتهُ فيها ما لُهُ مِن ثانِ

٧٣٦. وَأَتاهُ عزرائيلُ يَطلُبُ إِذنَهُ
وَلِغيرِهِ ما كانَ ذا اِستِئذانِ

٧٣٧. وَأَتاهُ مَأموراً بِطاعَتِهِ عَلى
ما شاءَ مِن قَبضٍ وَمِن حَيوانِ

٧٣٨. فَاِختارَ قُربَ اللَّهِ جَلَّ جَلالُهُ
فَمَضى حَميداً سالِماً مِن دانِ

٧٣٩. وَاِستلَّت الرّوح الكَريمَة فَاِعتَلَت
أَنوارُها شَرفاً عَلى الأعنانِ

٧٤٠. لِنَسيمِها أَرجٌ يَفوقُ لَطيمَة
مِن مِسكِ داريٍّ بِخَيرِ بَنانِ

٧٤١. وَتَباشَرَ السّبعُ العُلى بِلِقائِها
حَتَّى جِنان الخُلدِ وَالخزانِ

٧٤٢. وَالأَرضُ لَولا أَنَّهُ فيها لَما
ثَبَتَت مِن الزِّلزالِ والرَجفانِ

٧٤٣. وَعلِيٌّ اِبن العَمِّ أَتقَنَ غُسلَهُ
بِقَميصِهِ المُتَضَوِّعِ الأردانِ

٧٤٤. وَأَعانَهُ العَبّاسُ وَاِبنا عَمِّهِ
قثمٌ وَفَضلٌ بورِكَ الوَلَدانِ

٧٤٥. وَأُسامَةٌ فَاِزدادَ تَطهيراً إِلى
طهرٍ وَلُفَّ بِأَفخَرِ الأكفانِ

٧٤٦. صَلَّى عَليهِ جِبرئيل وَكُلُّ مَن
في العالِياتِ السَّبعِ مِن سُكّانِ

٧٤٧. وَذَوو القَرابَةِ وَالصِّحابِ وَأَقبَلَت
بَعدَ الرِّجالِ كَرائِم النّسوانِ

٧٤٨. يَأتونَ أَرسالاً وَلَيسَ يَؤُمُّهُم
أَحَدٌ عَلى مُتَقَدِّم الأَعيانِ

٧٤٩. وَضَعوهُ في لَحَدٍ وَأَشخَصَ قَبرهُ
في حُجرَةٍ فَخرَت عَلى الجُدرانِ

٧٥٠. في بَيتِ عائِشَةَ الَّتي قُبِضَ الرَضي ال
راضي لَدى سحرٍ لَها وَلبانِ

٧٥١. نَدبَتهُ فاطِمَة الطَهورُ فَأَحسَنَت
وَأَتَت بِصِدقٍ ساعَةَ الأَرنانِ

٧٥٢. وَبِحَقِّها إِن طالَ فيهِ بُكاؤُها
وَتَبَتَّلَت في البَيتِ لِلأَحزانِ

٧٥٣. وَأَتاهُم آتٍ فَعَزّاهُم بِما
يُسلي فُؤادَ الجازِعِ الوَلهانِ

٧٥٤. سَمِعوا الكَلامَ وَلَم يَرَوا جُثمانَهُ
ظَنّوا بِهِ خَضراً فَتى ملكانِ

٧٥٥. وَلِهَ الرِّجالُ ذَوو الحلومُ لِفَقدِهِ
إِذ كانَ ذَلِكَ أَعظَم الفُقدانِ

٧٥٦. وَتَفاقَمَ الخَطبُ الجَليلُ وَجَلَّتِ ال
بَلوى وَأوحِشَ ساكِن الأَوطانِ

٧٥٧. وَعَداهُم خَبَر السَّماءِ وَأَنكَروا
تِلكَ القُلوب أَشَدَّ ما نُكرانِ

٧٥٨. جَعَلَ المُهيمِنُ قَبرَهُ في أَرضِهِ
حِرزاً لِأُمَّتِهِ مِنَ القُطّانِ

٧٥٩. تَغشى المَلائِكَةُ الأَفاضِلُ قَبرَهُ
في كُلِّ صُبحٍ أَحسَنَ الغشيانِ

٧٦٠. سَبعونَ أَلفاً كُلَّما عَرَجوا أَتى
سَبعونَ أَلفاً في الصَّباحِ الثاني

٧٦١. مَن زارَهُ فَكَأَنَّما قَد زارَهُ
حَيّاً زِيارَةَ صِحَّةٍ وَعَيانِ

٧٦٢. مَن زارَهُ وَجَبَت شَفاعَتُهُ لَهُ
فَنَجا مِنَ الزَّقّومِ وَالقطرانِ

٧٦٣. وَلَقَد عَرا الجَدبُ المَدينَةَ مُجحِفاً
بِجِمالِها وَبِمَعزِها وَالضانِ

٧٦٤. لاذوا بِعائِشَةَ الطَهورِ فَأَقبَلَت
بِإِشارَةٍ فيها صَلاحُ الشانِ

٧٦٥. أَمَرَت بِأَن يُلقى السَماء بِقَبرِهِ ال
مَحشود بِالأَنوارِ وَالرّضوانِ

٧٦٦. فَلَقوا فَأَقبَلَتِ السَّماء فَأخصبوا
فَتَفتَقَّ الأَنعامُ بِاللُحمانِ

٧٦٧. وَبِقَبرِهِ المَلِكُ الكَريمُ مُوَكَّلٌ
لِيُبَلِّغَ التَسليمَ لِلبُعدانِ

٧٦٨. لَكِن إِذا ما المَرءُ قامَ تِجاهَهُ
رَدَّ السَلامَ عَلى القَريبِ الداني

٧٦٩. وَهوَ الطَرِيُّ بِقَبرِهِ ما لِلبِلى
وَالحادِثاتِ عَلَيهِ مِن سُلطانِ

٧٧٠. وَإِذا الفَتى صَلّى عَلَيهِ مَرَّةً
مِن سائِرِ الآفاقِ وَالبُلدانِ

٧٧١. صَلّى عَلَيهِ اللَهُ عَشراً فَليَزِد
عَبد وَلا يَجنَح إِلى النُّقصانِ

٧٧٢. مَن لَم يُصَلِّ عَلَيهِ إِن ذُكِرَ اِسمُهُ
فَهوَ البَخيلُ وَزِدهُ وَصف جَبانِ

٧٧٣. وَإِذا أخلَّ بِذِكرِهِ في مَجلِسٍ
فَأولَئِكَ الأَمواتُ في الحيّانِ

٧٧٤. روحُ المَجالِسِ ذِكرُهُ وَحَياتُها
وَهُدىً لِكُلِّ مُلَدِّدٍ حَيرانِ

٧٧٥. وَهوَ الَّذي ما زالَ خَيراً نافِعاً
حَيّاً وَمَيتاً ضَمَّة رجوانِ

٧٧٦. أَوحى إِلَيهِ اللَهُ طولَ حَياتِهِ
فَهدى الأَنامَ لأَوضَح السُّبلانِ

٧٧٧. وَمَماتُهُ خَيرٌ لِأُمَّتِهِ إِذا
عَرَضَت لَها الأَعمالُ في الخمسانِ

٧٧٨. عرضا عَلَيهِ فَإِن رَأى حسناً بِها
حَمَدَ الإِلَهُ لَها عَلى الإِحسانِ

٧٧٩. وَإِذا رَأى سوءاً فَيَسأَلُهُ لَها
فَيَؤولُ سَيِّئها إِلى غُفرانِ

٧٨٠. وَإِذا رَآهُ ذَوو المَنامِ فَإِنَّهُ
في صِحَّةِ الرُؤيا لَكاليَقظانِ

٧٨١. وَلَقَد أَتى مَعنى حَديث أَيَّما
عَبد رَآني في المَنامِ رَآني

٧٨٢. لا يَستَطيعُ تَمَثُّلاً أَبداً بِهِ
مَن رامَ هَذا الأَمر مِن شَيطانِ

٧٨٣. وَلِمَن رَآهُ فَقَد رَأى الحَقَّ الَّذي
لا شَكَّ فيهِ عِندَ ذي الإيقانِ

٧٨٤. وَهوَ الَّذي يَنشَقُّ عَنهُ ضَريحُهُ
قَبلَ الأَنامِ وَبَعدَهُ العُمرانِ

٧٨٥. وَذَوو البَقيعِ وَأَهلُ مَكَّةَ بَعدَهُم
فَيَسير فيمَن ضَمَّهُ الحرمانُ

٧٨٦. يَأتونَ آدَمَ ثَمَّ نوحاً ثُمَّ إِب
راهيمَ وَالمُستَلّ مِن عمرانِ

٧٨٧. وَالروحُ عيسى يَطلُبونَ شَفاعَةً
تُنجيهم مِن شِدَّةِ الأَرجانِ

٧٨٨. فَيَقولُ كُلٌّ مِنهُم نَفسي سِوى ال
مُختارِ أَنجَح شافِع لِلِجاني

٧٨٩. فَيَخِرُّ لِلَّهِ المُهَيمِنِ ساجِداً
لِيَقولَ ذو الجَبروتِ وَالسُلطانِ

٧٩٠. يا أَحمَدَ اِرفَع رَأسَكَ المَيمونَ قُل
يُسمَع وَسَل تُعطَه بِلا حِرمانِ

٧٩١. وَاِشفَع تُشَفَّعُ ثُمَّ يَشفَعُ مَرَّةً
أُخرى لِأَهلِ الخطّ وَالعِصيانِ

٧٩٢. حَتّى يُريحَ عُصاةَ أُمَّتِهِ مِنَ ال
حَبسِ الفَظيعِ وَغِلظَة السَجّانِ

٧٩٣. وَهوَ المُجيزُ عَلى الصِراطِ وَإِنَّهُ
فَرطٌ لِعِندِ الحَوضِ وَالميزانِ

٧٩٤. وَهوَ المُبادِرُ قَرعَ بابِ الجَنَّةِ ال
فَيحاءِ ذاتِ النَّخلِ وَالرُمّانِ

٧٩٥. فَيُقالُ مَن هَذا يَقولُ مُحَمَّدٌ
وَاللَّهُ قَد أَوحى إِلى رِضوانِ

٧٩٦. أَن لَيسَ يَفتَحُهُ لِخَلق قَبلَهُ
أَو قَبلَ أُمَّتِهِ ذَوي الرّجحانِ

٧٩٧. وَهوَ الكَثيرُ التابِعينِ إِذا أَتى
تَبع النَبِيّ النَّفس وَالنَفسانِ

٧٩٨. يَرِدُ المَعاد عَلى البُراقِ وَغَيرُهُ
تَسعى بِهِ في المَوقِفِ الرَجُلانِ

٧٩٩. وَبِلالُ بَينَ يَدَيهِ راكِبُ ناقَةٍ
حَمراءَ يَرفَعُ صَوتَهُ بِأَذانِ

٨٠٠. وَيَزُفُّهُ سَبعونَ أَلفَ مُقَرَّبٍ
وَالناسُ مِن مَثنى وَمِن وحدانِ

٨٠١. وَالناسُ تَحتَ لِوائِهِ مِن آدَم ال
أَعلى إِلى عيساهُم الروحاني

٨٠٢. هُوَ صاحِبُ الحَوضِ الَّذي مِن جَنَّةِ ال
فردَوسِ يَشخبُ فيهِ ميزابانِ

٨٠٣. مِقدارُ شَهرٍ في المَسافَةِ عَرضُهُ
مِن أَيلَةَ القُصوى إِلى عَمّانِ

٨٠٤. أَكوابُهُ ذَهَبٌ تَلوحُ وَفِضَّةٌ
بَيضاءُ هُنَّ لَدَيهِ خَيرُ أَواني

٨٠٥. عَدَدُ النُّجوم الزُّهرُ قَد صفَّت عَلى
أَرجائِهِ مِن أَشرَفِ الكيزانِ

٨٠٦. أَحلى مِنَ العَسَلِ المُصَفّى ماؤُهُ
وَبَياضُهُ أَنقى مِنَ الأَلبانِ

٨٠٧. يربي عَلى مِسكٍ تَضَوَّعَ نَشرُهُ
مَن ذاقَهُ لَم يدعَ بِالظَمآنِ

٨٠٨. وَلَهُ الشَفاعَة يَومَ تُحتَبسُ الوَرى
في الكَربِ مِن عَرَقٍ إِلى الآذانِ

٨٠٩. سَبعونَ أَلفاً لا حِسابَ عَلَيهِم
مَعَ أَلفِها سَبعونَ أَلفَ مُعاني

٨١٠. وَلَسَوفَ يَبعَثُهُ الإِلَهُ مَقامَهُ ال
مَحمود بَعثَ مُقَرّبٍ مَنّانِ

٨١١. وَلَهُ الوَسيلَةُ وَهيَ أَرفَعُ رُتبَةٍ
خَلُصَت لَهُ في جَنَّةِ الحَيَوانِ

٨١٢. وَلَهُ مَزيد لا اِنتِهاءَ لَهُ كَما
لا مُنتَهى لِمَواهِبِ الرَحمَنِ

٨١٣. صَلّى عَلَيهِ ذو المَعارِجِ رَبُّهُ
أَزكى صَلاةٍ ما رَسا الحَسنانِ

٨١٤. وَعَلى صَحابَتِهِ الكِرامِ وَأَهلِهِ ال
أَطهارِ وَالأَزواجِ وَالوِلدانِ

٨١٥. هَذا الَّذي أَدَّت إِلَيهِ قَريحَتي
وَأَعانَها بِالصِدقِ فيهِ لِساني

٨١٦. وَاِقتادَ فيهِ خَواطِري نَحوَ الهُدى
مَلكٌ وَأَدبَرَ خاسِئاً شَيطاني

٨١٧. بِمَديحِهِ العَطِرِ المُنيفِ تَعَطَّرَت
وَتَطَهَّرَت وَتَنَوَّرَت أَوزاني

٨١٨. يُعطي القَريضَ غَضاضَةً وَنَضارَةً
وَفَصاحَةً تربي عَلى سَحبانِ

٨١٩. يا لَيتَ شِعري كانَ كُلُّ شِعارِهِ
وَصفي لَهُ وَمَديحه ديدانِ

٨٢٠. هَذا وَأَعلَمُ أَنَّني لَمُقَصِّرٌ
وَلَوِ اِنبَرى لِمدادي البَحرانِ

٨٢١. لَكِنَّ قَصدي أَن يُطَهِّرَ ذِكرُهُ
صَدري وَيَشفِيَ ما يكنُّ جناني

٨٢٢. والمستهام عن المودة لم يحل
حاشا لذراه من النسيان

٨٢٣. لو قيل ما تهوى لقال مبادراً
أهوى زيارتكم على أجفاني

٨٢٤. ويهزه طرب إذا ذكر الحمى
هز الشمول شمائل النشوان

٨٢٥. تالله إن سمح الزمان بقربكم
وحللت منكم بالمحل الداني

٨٢٦. لأقبلن لأجلكم ذاك الثرى
وأعفر الخدين بالصوان

٨٢٧. يا خَيرَ مَن وَخَدَت إِلَيهِ نَجيبَةٌ
مِن كُلِّ مَرمى نازِحِ الأَحضانِ

٨٢٨. يَطوي إِلَيكَ بِها السَباسِبَ ساهِمٌ
بِيَدِ السَمائِمِ مَنهَجُ الدّرسانِ

٨٢٩. يَهفو إِذا ذكرَ العَقيقُ فُؤادهُ
وَيَبيتُ مِن سَلع عَلى أَشجانِ

٨٣٠. شَوقاً إِلى عَرَصاتِ حَضرَتِكَ الَّتي
نَسَمَت بِنَشرِكَ أَطيبَ النَّسمانِ

٨٣١. فيها لِحُزنٍ سَلوَةٌ وَلِخائِفٍ
أَمنٌ وَلِلطلّابِ نَيلُ أَمانِ

٨٣٢. أَشكو إِلَيكَ تَخَلُّفي عَن رِفقَةٍ
كانوا عَلى الطاعاتِ مِن إِخوانِ

٨٣٣. رَحَلوا وَصَدَّتني المَوانِعُ عَنهُم
فَنَكَرتُ قَلبي بَعدَهُم وَزَماني

٨٣٤. أَصبَحتُ في وَقتٍ كَثير هَرجُهُ
مُتدارِك الآفاتِ وَالإِفتانِ

٨٣٥. يُمسي الفَتى فيهِ يَرومُ زِيادَةً
ترضي فَيُصبِحُ وَهوَ في نُقصانِ

٨٣٦. فَبِمَن كَسا عِطفَيكَ أَفخَرَ حُلَّةٍ
لَيسَت عَلى مَلكٍ وَلا إِنسانِ

٨٣٧. سَل فِيَّ رَبَّكَ أَن يُوَفِّقَ باطِني
لِرِضاهُ في سِرّي وَفي إِعلاني

٨٣٨. قُل رَبِّ صِل يَحيى بنَ يوسُف عبدكَ ال
مَقطوع مِنكَ أُضَيعَفُ العبدانِ

٨٣٩. فَلأَنتَ أَكرَمُ شافِعٍ عَلِقَت بِهِ
لِمُرَوَّعٍ يَرجو النَجاةَ يَدانِ