١. فُجِعَ القَرِيضُ وَقَدْ ثَوَى حَسَّانُ
وَخَلا بِبَيْتِ المَقْدِسِ المَيْدَانُ
٢. جَزِعَتْ فِلَسْطِينُ وَقَبْلَ رَدَاهُ لَمْ
يَجْزِعْ لِرُزْءٍ قَوْمُهَا الشُّجْعَانُ
٣. إِنْ بَانَ شَاعِرُهُمْ فَغُرُّ فِعَالِهِمْ
شِعْرٌ وَمَا الأَبْحَارُ وَالأَوْزَانُ
٤. أَبْطَالُ صِدْقٍ مَا بِهِمْ مِنْ لُوثَةٍ
يَوْمَ الحِفَاظِ وَمَا لَهُمْ أَقْرَانُ
٥. إِنْ تُكْدِ مِنْ أَحْسَابِهِنَّ رُبُوعُهُمْ
زَادُوا وَإِنْ تُكْدِ المَحَاسِنِ زَانُوا
٦. مَنْ لا يُحَيِّيهِمْ وَيَرْفَعُ ذِكْرَهُمْ
مِمَّنْ تُكَرِّمُ الأَوْطَانُ
٧. أَمَمُ العُرُوبَةِ شَاطَرَتْهُمْ حُزْنَهُمْ
أَوَ مَا بَنُوهَا كُلُّهُمْ إِخْوَانُ
٨. وَأَشَدُّ مَا رَبَطَتْ أَوَاصِرُ رَحْمَةٍ
فِي الأَهْلِ أَنْ تُتَقَاسَمَ الأَحْزَانُ
٩. لا بِدْعَ فِي بَثِّ الكِنَانَةِ شَجْوَهَا
وَكِرَامُ جِيرَتِهَا بِهِمْ أَشْجَانُ
١٠. تَرْثِي فَقِيدَهُمُ رِثَاءُ فَقِيدِهَا
وَيَشِفُّ عَمَّا تُضْمِرُ الإِعْلانُ
١١. خَطْبُ العُرُوبَةِ فِي أَبِي إِقْبَالِهَا
قَدْ عَزَّ فِيهِ الصَّبْرُ وَالسُّلْوَانُ
١٢. فَقِدَتْ بِهِ العَوْنَ الدُّؤُوبَ وَرُبَّمَا
أَغْنَى إِذَا مَا فَاتَها الأَعْوَانُ
١٣. مَنْ يُحْكِمِ الإِفْنَاءَ بَعْدَ سَلِيمِهِ
وَبِهِ الرِّضَى وَإِلَيْهِ الاِطْمِئْنَانُ
١٤. أَلعِلْمُ يَجْلُوهُ لأَرْبَابِ النُّهَى
وَالحَقُّ يَسْطَعُ فِيهِ وَالبُرْهَانُ
١٥. تَبْكِي القَوَافِي مَنْ لَهُ إِبْدَاعُهُ
فِيهَا وَذَاكَ الوَشْيُ وَالإِتْقَانُ
١٦. نَظَمَ الفَوَائِدَ فِي بَدِيعَاتِ الحِلَى
لا الدُّرُّ يَعْدِلُهُ وَلا الْعِقْيَانُ
١٧. وَلَقَدْ يَزُفُّ إِلَى المُلُوكِ قَلائِداً
فَتَغَارُ مِنْ إِشْرَاقِهَا التِّيجَانُ
١٨. فِي شِعْرِهِ نَفَحَاتُ طِيبٍ خَالِدٍ
لَمْ يُؤْتِهَا وَرْدٌ وَلا رَيْحَانُ
١٩. يَسْقِي المُنَى مِنْ جَفْنَةٍ عُلْوِيَّةٍ
فَالقَلْبُ صَاحٍ وَالحِجَى نَشْوَانُ
٢٠. أَمَّا تَرَسُّلُهُ فَفِيهِ طَرَائِفٌ
رَاقَتْ مَعَانِيهَا وَشَاقَ بَيَانُ
٢١. أَبْكَارُ فَضْلٍ تَسْتَبِيكَ وَرُبَّمَا
وَقُرَ الجَمَالُ وَفِعْلُهُ فَتَّانُ
٢٢. للهِ مِقْوَلُهُ الفَصِيحُ إِذَا عَلا
بَيْنَ المَحَافِلِ صَوْتُهُ الرَّنَّانُ
٢٣. وَبَوَادِرٌ وَنَوَادِرٌ مِنْ قَوْلِهِ
لَيْسَتْ تَمَلُّ سَمَاعَهَا الآذَانُ
٢٤. دَعْ ذَلِكَ الأَدَبَ الرَّفِيعَ وَمَا بِهِ
مِنْ كُلِّ لَوْنٍ مُونِقٍ يَزْدَانُ
٢٥. وَاذْكَرْ مَنَاقِبَ حُرَّةً عَرَبِيَّةً
سَارَتْ بِسِيبِ حَدِيثِهَا الرُّكْبَانُ
٢٦. مِنْ عِفَّةٍ وَمُرُوءةٍ وَصَدَاقَةٍ
لَمْ يَبْلُهَا فِي غَيْرِهِ الأَخْدَانُ
٢٧. أَكْرِمْ بِهِ بَيْنَ الأُولَى بَلَغُوا العُلَى
بِنُفُوسِهِمْ وَنَمَاهُمْ عَدْنَانُ
٢٨. وَدَّعْتُهُ قَبْلَ الرَّحِيلِ وَسَلوَتِي
أَمَلُ الإِيَابِ فَخَانَهُ الحِدْثَانُ
٢٩. مَا هَذِهِ الدُّنْيَا وَمَا أَوْطَارُنَا
عِنْدَ الزَّمَانِ وَإِنَّهُ لَزَمَانُ
٣٠. وَسِعَ الأَمَانِيَّ الَّتِي تَلْهُو بِهَا
هَلْ مِنْ تَجَارِيبِ الصُّرَوفِ أَمَانُ
٣١. أَدَّى بِهِ حَرَمٌ وَلَمْ
يُقْعِدْهُ مَا يَتَجَشَّمُ الجُثْمَانُ
٣٢. فَقَضَى قَرِيضَةَ حَجِّهِ يَحْتَثُّهُ
شَوْقٌ وَيَحْدُو رَكْبَهُ الإِيمَانُ
٣٣. مُتَزَوِّداً بِالصَّالِحَاتِ وَزَادُهُ
مِنْ خَيْرِ مَا يَتَقَبَّلُ الرَّحْمَنُ
٣٤. فَأَقَرَّ فِي البَيْتِ العَتِيقِ قَرَارَهُ
وَبِهِ تَجَلَّى العَفْوُ وَالرِّضْوَانُ
٣٥. هَذَا هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ وَهَكَذَا
يَغْلُو الجَزَاءُ إِذَا غَلا الإِحْسَانُ
٣٦. لَطِّفْ أَسَاكَ أَبَا المَحَاسِنِ مَا النَّوَى
فِي اللهِ نَأْيٌ إِنَّهَا قُرْبَانُ