يَا مِصْرُ كَمْ فِي سِيرَةِ الجِيلِ الَّذِي
يَمْضِي هُدىً لِلوَاحِقِ الأَجْيالِ
سِيرِي وَبَشِّي لِلْخُطُوبِ فَإِنَّما
تِلْكَ الخُطُوبُ نَجَائبُ الآمَالِ
مَاذَا أَعَدِّدُ مِنْ مَنَاقِبِ أَحْمدَ
فِي الخَطْبِ مَا فِيهِ مِنَ الإِذْهَالِ
تِلْكَ المَنَاقبُ دُونَ كُلِّ حَقِيقَةٍ
مِنْهَا إِذَا وُصِفَتْ أَعَزُّ خَيَالِ
لاَ تَسْتَطِيعُ يَرَاعَةٌ تَفْصِيلَهَا
وَلَعَلَّهَا تُغْيِي عَلَى الإِجْمَالِ
وَأَجَلُّهَا تِلْكَ المُفَادَاةُ الَّتِي
هِيَ آيَة الإِحْسَانِ وَالإِجْمَالِ
مَا مَوْتُ أَحْمَدَ حَتْفَ أَنْفٍ إِنَّهُ
لَلْقَتْلُ فِي عُقْبَى أَشَدِّ نِزَالِ
لَبَّى نِدَاء ضَمِيرِهِ لَمَّا دَعَا
دَاعِي الحِفَاظِ فَجَالَ أَيَّ مَجَالِ
تَعْتَاقهُ الحُمَّى وَلاَ يَلْوِي بِهَا
هَلْ عَاقَتِ الضِّرْغَامَ دُونَ صِيَالِ
يَا خَيْرَ مَنْ حَامَى فَكَانَ لِكُلِّ مَنْ
حَامَى بِقُدْوَتِهِ أَجَلَّ مِثَالِ
جُزْتَ الفِدَى لَمَّا نَهَاكَ الطِّب أَوْ
تَرْدَى فَلَمْ تَمْنَحْهُ أَدْنَى بَالِ
وَأَجَبْتَ إِنِّي لَمْ أَضِنَّ عَلَى الحِمَى
بِدَمِ الشَّباِب فَمَا الدِّمَاءُ بِغَالِي
لاَ يَكْرُثُ الرِّئْبَالَ أَنْ يُمْنَى وَقَدْ
مُنِعَ العَرِينُ بِصَرْعَةِ الرِّئْبَالِ
كَلاَّ وَلاَ النَّجمَ الَّذِي فِيهِ الهُدَى
لِلنَّاسِ أَنْ يَرْفَضَّ بالإِشْعَالِ
مَا رَاعَ قَلْبَكَ فِي الغَرَانِيقِ العُلَى
إِلاَّ كِرَامٌ عُرِّضُوا لِنَكَالِ
وَقَفُوا بِمَقْمَرَةِ الحُتُوفِ لِشُبْهَةٍ
وَالعُمْرُ رَهْنُ إِجَابَةٍ وَسُؤَالِ
فَعَمَدْتَ تَنْفِي بِاليَقِينِ مِنَ النُّهَى
مَا دَسَّ مِنْ رَيْب لِسَانُ القَالِي
وَرَأَى العُدُولُ الحَقَّ أَبْلَجَ مَا بِهِ
فَنَدٌ وَتَمَّت حِيرَةُ العُذَّالِ
نَادَيْتَ يَا لَلْعَدلِ لِلبَلَدِ الَّذِي
أَمْسى أَعَزُّ بَنِيهِ فِي الأَغْلاَلِ
فَأَجَابَ دَعْوَتِكَ القَضَاءُ مُنَزَّهاً
في الحُكْمِ عَنْ خَطَلٍ وَعنْ إِخْلاَلِ
لَم يَخْشَ إِلاَّ رَبَّه فِي حُكْمِهِ
وَنَبَا بِقِيل لِلْوُشَاةِ وَقَالِ
رَدَّ الأُولَى سُجِنُوا بِلاَ ذَنْبٍ إِلَى
مَنْ وَدَّعُوا مِنْ أُسْرَةٍ وَعِيالِ
قَدْ نِيلَ مِنْ أَقْدَامِهِمْ بِعِقَالِهِمْ
أَمَّا النُّفوسُ فَلَمْ تُنَلْ بِعقَالِ
بِجَمِيلِ مَا أَبْلَيْتَ فِي إِنْقَاذِهِمْ
قَرَّتْ نَوَاظِرُ قَوْمِهِمْ وَالآلِ
أَحْيَيْتَهُمْ وَقَضَيْتَ ذَاكَ هُوَ الفِدى
وَهْوَ النَّوَالُ وَرَاءَ كُلِّ نَوَالِ
فَضْلٌ خَتَمْتَ بِهِ حَيَاتَكَ مُثْبِتاً
فِي إِثْرِهَا شَفَقاً بَدِيعَ جَمَالِ
إِنْ لَمْ تُوَفِّ النَّاسُ شُكْرَكَ فَلْيَكُنْ
لَكَ خَيْرُهُ مِنْ رَبِّك المُتَعَالِي