١. أَكَذَا نِهَايَةُ ذَلِكَ الْجُهْدِ
أَكَذَا خِتَامُ السَّعيِ وَالْجِدِّ
٢. أَكَذَا المَآثِرُ فِي نَتَائِجِهَا
أَكَذَا المَفَاخِرُ آخِرَ العَهْدِ
٣. يَعْرُوكَ دَاءٌ لاَ تُقَاوِمُهُ
وَتَصِيرُ مِنْ غَدهِ إِلى اللَّحْدِ
٤. مُتَلاَشِيَ الأَنْفَاسِ فِي نَفَسٍ
مُتَوَارِياً كَالطَّيفِ عَنْ بُعْد
٥. لاَ عَزْمَ يَدْفَعُ مَا دَهَاكَ وَلاَ
صَوْتٌ عَلَى عَادِيكَ يَسْتَعْدي
٦. إِنَّ الْحُسَامَ وَقَدْ نَضَتْهُ يَدٌ
لَيَصِلُّ مَرْدُوداً إِلى الغِمْدِ
٧. إِنَّ النَّسيمَ قُبَيْلَ سَكْنَتهِ
لَيَعِجُّ بَيْنَ الْبَانِ وَالرَّنْدِ
٨. إِنَّ السحَابَ لَدَى تَبَدُّدِه
لَيَبِيدُ بَيْنَ الْبَرْقِ وَالرَّعْدِ
٩. أَبِلاَ مُبَالاَةٍ ولاَ أَسَفٍ
وَبِلاَ مُجَافَاةٍ وَلاَ صَدِّ
١٠. أَسْلَمْتَ رَوْحَكَ وَهْيَ هَادئَةٌ
لِيُقِلَّهَا نُورٌ إِلى الخُلْد
١١. وَتَرَكْتَ لِلاْحْيَاءِ إِنْ قَدَرْوا
أَنْ يَثْأَرُوا مِنْ خَطبِك المُرْدِي
١٢. مَوْتٌ كَمَوْتِ الطَّاعِنِينَ وَقَدْ
مَضَتِ السِّنونَ بِهِمْ إِلَى الْحَدِّ
١٣. مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنْ تَقَرَّ بِلاَ
شُغُلٍ يَنُوطُ الْجَفْنَ بِالسُّهدِ
١٤. ما كنْت أَحْسَب أَنْ تَبِيتَ بِلاَ
أَمَلٍ تُؤَمِّله وَلاَ قَصْدِ
١٥. لَكِنْ جَهِلْنَا مِنْكَ أَنَّك لَمْ
تَكُ صَاخِباً فِي مبْتَغَى مَجْدِ
١٦. جزْتَ الْجِهَادَ تُرِيد جَوْهَرَه
وَبَلَغْتَ عَنْ عَرَضِ مَدَى الْحَمْدِ
١٧. فَلَئِنْ رَقَدْتَ لَقَدْ سَنَنْتَ هُدىً
لِبَنِيكَ مِنْ شِيبٍ وَمِنْ مُرْدِ
١٨. أَخَذُوا السَّجيَّة عَنْكَ طَاهِرَةً
وَنَبَوْا كَمَا تَنْبُو عَنِ الإِدِّ
١٩. وَتَعَدَّدُوا صُوَراً مُجَزَّأَةً
عَنْ كَامِلٍ مُتَعَدِّدٍ فَرْدِ
٢٠. يَتَذَكَّرُونَ إِمَامَهُمْ عُمَراً
أَيَّامَ كَانَ فَرِيدَةَ الْعِقْدِ
٢١. ذِكْرَى اسْتَدَامَتْهَا النُّفُوسُ فَمَا
فِي الدَّهْرِ مِنْ قَبْلٍ وَلاَ بَعْدِ
٢٢. مَقْرُونَةً بِتجِلَّةٍ وَهَوىً
أَخَذاً مَزِيدَهُمَا مِنَ الْوَجْدِ
٢٣. أَيْ فَاقِديهِ لَقَدْ تَكَاثَرَ مَا
جَمَعَتْ رَزَايَا الدَّهْرِ فِي فَقْدِ
٢٤. كَمْ كَانَ فِي الشِّيَمِ الَّتِي ذَهَبَتْ
بِوَفَاتهِ كَنْزٌ لِذِي وُدِّ
٢٥. حَقَّقتُ تَحْقِيقاً مُرُوءَتَهُ
وَإِخَاءَهُ بِيَد لَه عَنْدي
٢٦. مَا كَانَ أَوْدَعَهُ وَأَرْفَعَهُ
نَعْساً وَأَنْزَعَهُ عَنِ الحِقْدِ
٢٧. مَا كَانَ أَرْفَقَهُ عَلَى نَزَقٍ
وَأَشَدَّ صَوْلَتَهُ عَلَى النِّدِ
٢٨. مَا كَانَ أَسْمَحَهُ بِمَأْثُرَةٍ
تُسْدَى وَأَفْرَحَهُ بِمَا يُسْدِي
٢٩. يَلْقَاكَ وَهْوَ مُحَاسِنٌ أَبَداً
أَنَّى تَكُنْ وَيَسُرُّ مَا يُبْدِي
٣٠. يَسْقِيكَ عَذْباً مِنْ تَجَارِبِهِ
مَا ذَاقَ مِنْهُ الصَّابَ فِي الْوِرْدِ
٣١. يُفْتِيكَ عَنْ عِلْمٍ وَيَسْتُرُهُ
بِشَبِيهِ الاِسْتِفْهَامِ فِي الرَّدِّ
٣٢. يَرْعَى الْحُقُوقَ كَمَا يُعَلِّمُهَا
بِخُلُوصِ وَافى الرَّأْيِ مُسْتَدِّ
٣٣. كَمْ مَوْقِفٍ نَصَرَ الضَّعيفَ بِهِ
وَغَرِيمُهُ أَضْرَى مِنَ الأُسْدِ
٣٤. يَحْمِي شَرِيعَتَهُ بِأبْلَغِ مَا
يُوحِي تَنَزُّهُهَا عَنِ النَّقدِ
٣٥. مُسْتَكْشِفاً أَسْرَارَ حِكْمَتِهَا
فِي أَمْرِهَا وَالنَّهيِ وَالْحَدِ
٣٦. مَهْمَا تَسُمْهُ إِفَادَةً سَنَحَتْ
لِبِلاَدِهِ لَمْ يَأْلُ عَنْ جُهْدِ
٣٧. يَكْتُبْ وَيَخطبْ غَيْرَ مُدخِرٍ
رَمَقاً بِوَاهِي الْعَزْمِ مُنْهَد
٣٨. هَذِي فَضَائِلُهُ وَيَكْثُرُ مَا
أَخْطَأْتُهُ مِنْهُنَّ فِي الْعَدِّ
٣٩. وَأَجَلُّهُنَّ بِلاَ مُنَازَعَةٍ
ذَاكَ الْوَفَاءُ لِمِصْرَ بِالْعَهْدِ
٤٠. ذَاكَ التَّغالِي يَسْتَمِيتُ بِهِ
لِيُقِيلَ شَعْباً عَاثِرَ الْجَد
٤١. أُسْتَاذَنَا زَوِّدْ مَسَامِعَنَا
دَرْسَ الْوَدَاعِ هُدىً لِمُسْتَهْدِ
٤٢. إِنِّي لأُدْرِكُ مَا تُعِيدُ عَلَى
أَرْوَاحِنَا وَأُحِسُّ مَا تُبْدِي
٤٣. سَمْعاً لِقَوْلٍ أَنْتَ قَائِلُهُ
مِنْ حَيْثُ بِتَّ بِعَالَمِ الرُّشْدِ
٤٤. طَوْعاً لِمَا بَلَّغْتَنا وَبِهِ
لُبُّ الصَّوَابِ وَغَايَةُ الْقَصْدِ
٤٥. لَيْسَ الْحِمَام مَنْ يُكَافِحُ فِي
إِسْعَادِ أُمَّتهِ سِوَى وَعَدِ
٤٦. مَوْتُ المُجَاهِدِ لاَ بِه
كَسِوَاهُ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ أُدِّي
٤٧. فَتَعَلَّمُوا ثُمَّ اعْمَلُوا وَثِقُوا
أَنَّ الْحَيَاةَ بِقَدْرِ مَا تُجْدِي
٤٨. وَالدَّهْرُ أَجْمَعُ دُونَ ثَانِيَةٍ
يَفْدِي بِهَا الأوْطَانَ مَنْ يَفْدِي