١. مَاذَا أَصَابَ أَبَاكَ الشَّيخَ وَاحَرَبَا
وَكُنْتَ بَهْجَتَهُ فِي العَيْشِ والأَرَبَا
٢. وَكَانَ فِي آجَرِ الأَيَّامِ مَطْمَعُهُ
أنْ تَسْتَدِيمَ لَهُ فِي قَوْمِهِ عَقَبَا
٣. تَرَكْتَهُ وَالِهاً قَدْ أُرْعِشَتْ يَدُهُ
والقَلْبُ مُحْتَرَقٌ والْدَّمْعُ قَدْ نَضَبَا
٤. يَنوءُ ثُكْلاً وَقَبْلَ الثُّكلِ لاَ نَصَبَا
شَكَا وَإِنْ جُلَّ مَا يَلْقَى َلاَ وَصَبَا
٥. هَذَا جَزَاؤُكَ يَا أَوْفَى
البَنِينَ لِمَنْ كَانَ الأَبَرُّ أَبَا
٦. كَلاَّ وَلَكِنَّ حُكْماً لاَ مَرَدَّ لَهُ
شَجَا بَنِي الشَّرْقِ في النَّجْمِ الَّذِي غَرَبَا
٧. وَلَيْسَ ذَنْبُكَ أَنَّ المَوْتَ مِنْ قِدَمٍ
يُعَاجِلُ النُّخبَ الأَخْيَارَ وَالنُّجبَا
٨. أَنْطُونُ عُوجِلَ فِي شَرْخِ الشَّبابِ فَهَلْ
فِي الرُّبْعِ أُنْسٌ وَأُنْسُ الرَّبْعِ قَدْ ذَهَبَا
٩. قَدْ كَانَ مِنْ خَيْرِ فُتْيَانِ الحِمَى خُلُقاً
وَكَانَ مِنْ خَيْرِ فُتْيَانِ الحِمَى أَدَبَا
١٠. وَكَانَ فِي أَوْلِيَاءِ العَدْلِ مَفْخَرةً
لا يَلْتَوِي رُغْباً أَوْ يَنْثَنِي رَهَبَا
١١. وَكَانَ نَجْدَةً دَاعيَةٍ بِلاَ مَهَلٍ
فِي نُصْرَةِ الحَقِّ هَانَ الأَمْرُ أَوْ صَعُبَا
١٢. وَكَانَ أَيْمَنَ مَنْ يَرْعَى لأُمَّتهِ
عَهْداً إِذَا انْتَدَبَتْهُ أَوْ إِذَا انْتَدَبَا
١٣. وَكَانَ فِي مَوْقِفِ الفَخْرِ الجَدِيرِ بِهِ
مَا يَدَّعِي حَسَباً أَوْ يَدَّعِي نَسَبَا
١٤. أَلَيْسَ مُنْجِبُهُ ذَاكَ الكَفِيلَ بِمَا
يَكْفِي العُفَاةَ وَذَاكَ الْحَازِمُ الأَرَبَا
١٥. مَعَاهِدُ الْخَيْرِ لَنْ تَنْسَى لِجِرْجِسِهَا
مَا اسْتَوْهَبَ النَّاسَ لِلْحُسْنَى وَمَا وَهَبَا
١٦. بَنَى لَهُمْ بِمَسَاعِيهِ وَهِمَّتهِ
مِنَ المَآثِرِ مَا يَقْضِي لَهُ عَجَبَا
١٧. يَسُومُهُ البِرُّ أَلْوَانَ الْعَنَاءِ فَمَا
يَبْهَى وَيَسْتَأنِفُ المَجْهُودَ مَا وَجَبَا
١٨. انْظُرْ إِلَى عُظَمَاءِ الْقَوْمِ فِي جَزَعٍ
كَأَنَّهمْ سُلِبُوا الذُّخْرَ الَّذِي سُلِبَا
١٩. تَوَافَدُوا لِيُواسُوهُ بِأَحْسَنِ مَا
أَوْحَتْ مَحَامِدُهُ الأَشْعَارَ وَالخُطُبَا
٢٠. يَا مَنْ نُعَزِّيهِ عَنْ فَقْدِ الْحَبِيبِ وَمَا
نَأى الحَبيبُ الذي مِنْ رَبِّه قَرُبا
٢١. أَيْنَ النَّعيمُ بِجَنَّاتٍ مُخَلَّدَةٍ
مِنْ بُؤْسِ دُنْيَا يُعَانِي أَهْلُهَا الكَرَبَا
٢٢. سُبْحَانَ مَنْ فِي مَدَارِ الْكَونِ يَشْهَدُنَا
فِيمَا يُصَرِّفُهُ الأَنْوارَ وَالسُّحبَا
٢٣. يَجْلُو الشُّموسَ وَيَطْوِيهَا بِقُدْرَتِهِ
وَفِي رِحَابِ عُلاهُ يَنْقُل الشُّهبَا