١. أجْنَتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ
فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمَّانُ
٢. وفوق ذَينكَ أعنابٌ مُهَدَّلةٌ
سودٌ لهن من الظلماء ألوانُ
٣. وتحت هاتيك أعنابٌ تلوعُ به
أطرافُهُنَّ قلوبُ القومِ قنوانُ
٤. غصونُ بانٍ عليها الدهرَ فاكهةٌ
وما الفواكه مما يحملُ البانُ
٥. ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ
وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
٦. أُلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيِّبٍ حسنٍ
فهُنَّ فاكهةٌ شتَّى وريْحان
٧. ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها
لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
٨. بل حلوة مرة طوراً يقال لها
شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
٩. يا ليتَ شعري وليتٌ غيرُ مُجديةٍ
إلا استراحةَ قلبٍ وهو أسوان
١٠. لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعتْ
تلكَ الفنونُ فضمتْهُنَّ أفنان
١١. تجاورت في غصونٍ لسنَ من شجرٍ
لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
١٢. تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها
نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
١٣. يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ
ذو الطاعةِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
١٤. وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث
ولا لجهلٍ بما يطويه إبطان
١٥. لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتَهُ
ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
١٦. ومن عجائب ما يُمنَى الرِّجالُ به
مُستَضْعَفاتٌ له منهن أقران
١٧. مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له
كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
١٨. مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ له
قصيرُ عمرٍو ولا عَمْرٌو ووردان
١٩. من كل قاتلةٍ قتْلى وآسرةٍ
أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخان
٢٠. يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونةً
يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
٢١. ولا يدمْنَ عل عهدٍ لمعتقد
أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
٢٢. يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه
ويكتسي ثم يُلفَى وهْو عُرْيان
٢٣. حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبةً
نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
٢٤. يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه
للغاوياتِ وللغاوين شيطان
٢٥. تغدو الفتاةُ لها خلٌّ فإن غدرتْ
راحتْ ينافسُ فيها الخِلَّ خلان
٢٦. ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا
إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
٢٧. يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن
حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
٢٨. فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة
إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
٢٩. يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهيةً
أنَّ اسمَنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
٣٠. لا نُلْزَمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به
ولا مُنِحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
٣١. فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ
جودٌ وبأْسٌ وأحلاٌم وأذهان
٣٢. وأنَّ فيهم وفاءً لا نقومُ به
ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
٣٣. لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفةٍ
منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
٣٤. هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به
تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجان
٣٥. ألقى على كلِّ رأسٍ من رؤوسِهمُ
تاجاً مَضاحِكُهُ دُرٌّ ومَرجان
٣٦. وقد سُئلنَ أفيه ما يُعابُ له
فقلن هيهاتَ تلك العينُ عقيان
٣٧. لا عيبَ فيه لَدَيْنا غيرُ مَنْعَتِه
مِنَّا وأنَّى تَصيدُ الصقرَ غزلان
٣٨. أضحى أبو الصَّقْرِ صَقْراً لا تَقَنَّصُهُ
وَحشِيَّةٌ من بناتِ الإنسِ مِفتان
٣٩. هو الذي بَتَّ أسبابَ الهوى أَنَفَاً
من أنْ تُصيبَ أسودَ الغابةِ الضان
٤٠. رأى الشهاوَى وطوقُ الرِّقِّ لازمَهُم
وليس يعدَمُ طوقَ الرقِّ شَهوان
٤١. ففكَّهُ فكَّ حُرٍّ عن مُقَلَّده
صلتُ الجبينِ أشَمُّ الأنفِ عَليان
٤٢. ولم يكن رجلُ الدنيا ليأسِرَهُ
رَخْصُ البنانِ ضعيفُ الأسرِ وَهْنان
٤٣. صَدَقْنَ ما شئنَ لكنَّا تَقَنَّصَنا
منهنَّ عينٌ تُلاقينا وأُدمان
٤٤. أنكَى وأذكى حريقاً في جوانِحنا
خَلْقٌ من الماءِ والألوانُ نيران
٤٥. إذا ترقْرقْنَ والإشراقُ مضطرمٌ
فيهنَّ لم يَمْلِك الأسرارَ كِتمان
٤٦. ماءٌ ونارٌ فقدْ غادرْنَ كلَّ فتىً
لا بَسْنَ وهو غزير الدمع حران
٤٧. تَخْضَلُّ منهنُّ عينٌ فهي باكيةٌ
ويستحِرُّ فؤاد وهو هيمان
٤٨. يا رُبَّ حُسَّانةٍ منهنَّ قد فعلتْ
سوءاً وقد يَفْعَلُ الأسواءَ حُسَّان
٤٩. تُشكِي المحبَّ وتُلقَى الدَّهر شاكيةً
كالقَوْسِ تُصْمِي الرَّمايَا وهي مِرنان
٥٠. واصلت منها فتاة في خلائقها
غدر وفي خلقها روض وغدران
٥١. هيفاءُ تكسى فتبدو وهي مُرهفةٌ
خوْدٌ تعَرَّى فتبدو وهي مِبْدانُ
٥٢. ترْتَجُّ أردافُها والمَتْنُ مُنْدمِجٌ
والكَشْحُ مُضْطمِرٌ والبطنُ طيَّان
٥٣. أَلُوفُ عطرٍ تُذكَّى وهي ذاكيةٌ
إذا أساءتْ جوارَ العِطْرِ أبدان
٥٤. نمَّامةُ المِسْكِ تُلقى وهي نائيةٌ
فنأيُها بنميم المسكِ لقيان
٥٥. يغيمُ كلُّ نهار من مجامرها
ويُشمسُ الليلُ منها فهو ضحيان
٥٦. كأنَّها وعُثانُ النّد يشمُلها
شمسٌ عليها ضباباتٌ وأدجان
٥٧. شمسٌ أظلَّتْ بليلٍ لا نجومَ لهُ
إلا نجومٌ لها في النَّحرِ أثمان
٥٨. تنفَّلُ الطِّيبَ فضلاً حينَ تَفْرِضُه
فقراً إليه قَتولُ الدَّلِّ مِدْران
٥٩. وتَلْبَسُ الحليَ مجعولاً لها عُوَذاً
لا زينةً بل بها عن ذاك غُنيان
٦٠. لله يومٌ أرانِيها وقد لبِستْ
فيه شباباً عليها منهُ رَيْعان
٦١. وقد تردَّتْ على سربالِ بَهْجَتِها
فرعاً غذَتْه الغوادي فهو فَينان
٦٢. جاءت تَثَنَّى وقد راح المِراحُ بها
سكْرَى تغنَّى لها حُسْنٌ وإحسان
٦٣. كأنَّها غُصُنٌ لدْنٌ بمرْوحةٍ
فيه حمائمُ هاجَتْهُنَّ أشجان
٦٤. إذا تمايلُ في ريح تُلاعِبُهُ
ظلَّتْ طِراباً لها سَجْعٌ وإرنان
٦٥. يا عاذليَّ أفيقا إنها أبدا
عندي جديدٌ وإن الخلقَ خُلقان
٦٦. لا تَلْحياني وإياها على ضرعي
وزهوها فكلا الأمريْنِ دَيْدان
٦٧. إني مُلكتُ فلي بالرقِّ مَسْكَنةٌ
ومُلِّكَتْ فلها بالمُلْك طُغيان
٦٨. ما كان أصفى نعيمَ العيش إذا غنيَت
نُعْمٌ تُجاوِرُنا والدَّارُ نَعمان
٦٩. إذ لا المنازلُ أطلالٌ نُسائلُها
ولا القواطنُ آجالٌ وصِيران
٧٠. ظِلْنا نقولُ وأشباهُ الحسانِ بها
سقْياً لعهدكِ والأشباهُ أعيان
٧١. بانوا فبانَ جميلُ الصبرِ بعدهُمُ
فللدُّموعِ من العينين عَيْنان
٧٢. لهم على العِيسِ إمعانٌ تَشُطُّ بهم
وللدموعِ على خَدَّيَّ إمعان
٧٣. لي مُذْ نأَوْا وجنةٌ ريَّا بِمشْربِها
من عَبْرتي وفمٌ ما عِشْتُ ظَمآن
٧٤. كأنما كلُّ شيءٍ بعد ظعْنهمُ
فيما يرى قلْبيَ المتبولُ أظعانُ
٧٥. أصبحتَ ملَّكَ من أوطأته مللٌ
وخانك الوُدَّ من مغْناه وَدَّان
٧٦. فاجمعْ همومَكَ في همٍّ تؤيِّدهُ
بالعزمِ إنَّ هُمومَ الفسلِ شذَّان
٧٧. واقصدْ بوُدِّكَ خِلّاً ليس من ضِلَعٍ
عوجْاء فيها بِوَشْكِ الزَّيْغِ إيذان
٧٨. حان انتجاعُكَ خِرقاً لا يكونُ له
في البَذْلِ والمَنْعِ أحيانٌ وأحيان
٧٩. وآن قصْدُكَ مُمْتاحاً ومُمْتدَحاً
من كلِّ آنٍ لجدوى كفِّهِ آن
٨٠. إنَّ الرحيلَ إلى من أنتَ آمِلُهُ
أمْرٌ لمُزْمِعه بالنُّجْحِ إيقان
٨١. فادعُ القوافي ونُصَّ اليعْمُلات له
تُجبكَ كلُّ شرودٍ وهي مِذعان
٨٢. إن لم أزُرْ مَلِكاً أُشجِي الخطوب به
فلم يَلِدْني أبو الأملاك يونان
٨٣. بل إن تعدَّتْ فلم أُحْسِنْ سياستَها
فلم يلدني أبو السُّوَّاسِ ساسان
٨٤. أضحى أبو الصَّقْرِ فرداً لا نظيرَ له
بعدَ النَّبيِّ ومن والتْ خُراسان
٨٥. هو الذي حكمتْ قِدْماً بِسُؤْدُدِهِ
عدنانُ ثم أجازتْ ذاكَ قحطان
٨٦. قالوا أبو الصقرِ من شيبانَ قلتُ لهمْ
كلّا لعمري ولكنْ منه شيبان
٨٧. وكم أب قد علا بابنٍ ذُرا شرف
كما علا برسولِ اللَّهِ عدنان
٨٨. تَسْمُو الرِّجالُ بآباءٍ وآونةً
تسمو الرجالُ بأبناءٍ وتزدان
٨٩. ولم أْقَصِّرْ بشيبانَ التي بلغتْ
بها المبالغَ أعراقٌ وأغصان
٩٠. للِّهِ شيبانُ قوماً لا يشيبهمُ
روع إذا الروعُ شابتْ منه وِلْدان
٩١. لا يرهبون إذا الأبطال أرهبَهم
يومٌ عصيب وهم في السِّلم رهبان
٩٢. قومٌ سماحَتُهُمْ غيثٌ ونجدتُهُمْ
غَوْثٌ وآراؤهُمْ في الخَطْبِ شُهْبان
٩٣. إذا رأيتَهُمُ أيقنت أنَّهُمُ
للدِّين والمُلْكِ أعلامٌ وأركان
٩٤. لا ينطِقُ الإفكَ والبهتان قائلهُمْ
بل قَوْلُ عائبهم إفكٌ وبهتان
٩٥. ولا يرى الظلمَ والعدوانَ فاعلُهُمْ
إلا إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدوان
٩٦. حلُّوا الفضاءَ ولم يَبْنُوا فليسَ لهُمْ
إلا القنا وإطارُ الأفْقِ حِيطان
٩٧. ولا حصونَ إذا ما آنسوا فزعاً
إلا نصالٌ مُعرّاةٌ وخِرصان
٩٨. وهلْ لذي العِزِّ غيرَ العِزِّ مُدَّخلُ
أم هلْ لذي المجدِ غيرَ المجدِ بُنْيان
٩٩. بدَّاهُمُ أن رأوْا سيفَ بنَ ذي يزنٍ
لم يُغنِ عنهُ صروفَ الدهرِ غُمدان
١٠٠. تلقاهُمُ ورماحُ الخطِّ حولهُمُ
كالأُسْدِ ألْبَسها الآجامَ خفّان
١٠١. لا كالبيوتِ بيوتٌ حين تدخُلُها
إذْ لا كَسُكَّانِها في الأرضِ سُكَّان
١٠٢. سودُ السَّرابيلِ من طُولِ ادّراعِهِمُ
بيضُ المجاسدِ والأعراضُ غُرَّان
١٠٣. يكفي من الرَّجْلِ والفُرسانِ واحدُهُمْ
بأساً فواحدُهُمْ رجْلٌ وفُرسان
١٠٤. لِلْحِلمِ والرَّأْيِ فيهم حين تَخْبرُهُمْ
شيخانُ صِدْقٍ وللْهيجاءِ فِتيان
١٠٥. ولِلسَّماحِ كهولٌ لا كِفاءَ لهمْ
يغشاهُم الدهرَ سُؤّالٌ وضِيفان
١٠٦. لا ينفسُونَ بِمَنْفوس التلادِ ولا
يفدي لديهم شحومَ الكُوم ألبان
١٠٧. قومٌ يُحِبُّونَ مِبطانَ الضُّيوفِ وما
فيهم على حُبِّهِمْ إيّاهُ مِبطان
١٠٨. بلْ كُلُّهُمْ لابسٌ حِلماً ومُنتزعٌ
رأياً ومِطعامُ أضْيافٍ ومِطعان
١٠٩. وأرْيَحِيٌّ إذا جادتْ أناملُهُ
في المَحلِ لم يُسْتَبَنْ للغَيْثِ فِقدان
١١٠. يشْتُو ولا ريحُهُ للنازلينَ بهِ
صِرٌّ ولا قَطْرُهُ للقَوْمِ شفّان
١١١. وكيف يبْخَلُ من نِيطَتْ به شِيَمٌ
تقْضي بأن ليس غيرَ البذل قُنيان
١١٢. وإنَّ حاصلَ ما جادتْ يدا رجلٍ
ما حُمِّلتْ ألسنٌ منه وآذان
١١٣. جودُ البحارِ وأحلامُ الجبل لهم
وهُمْ لدى الرَّوعِ آسادٌ وجِنّان
١١٤. وليس يعدم فيهمْ من يُشاوِرُهُمْ
مَنْ يُقتَدَى رأيُهُ والنجمُ حَيْران
١١٥. قوْمٌ أياديهمُ مَثْنَىً بِصَفْحِهُمُ
عن ذكرِها وأيادي الناسِ أُحْدان
١١٦. طالوا ونِيلت مجانيهمْ بلا تعبٍ
فهُمْ أشاءٌ وهم إن شئتَ عيدان
١١٧. لمْ يُمسِ قطُّ ولم يُصْبِحْ مَحلُّهُمُ
إلا التقى فيه إيتاءٌ وإتيان
١١٨. إيتاءُ عاف وإتيانُ ابن مكرمةٍ
منه نوالٌ ومن عافيه غِشيان
١١٩. يا رُبَّ قاطع بُلدانٍ أناخَ بِهمْ
علماً بأن صُدورَ القوم بُلدان
١٢٠. وسائلٍ عنهم ماذا يقدِّمُهُمْ
فقلتُ فضل به من غيرهم بانوا
١٢١. صانُوا النفوسَ عن الفحشاء وابتذلوا
منهنّ في سُبُلِ العلياءِ ما صانوا
١٢٢. لا توحش الأرض من شيبان إنهمُ
قومٌ يكونون حيثُ المجدُ مذ كانوا
١٢٣. المُنعمين وما منُّوا على أحدٍ
يوماً بنعمى ولو منُّوا لما مانوا
١٢٤. قومٌ يعِزُّونَ ما كانت مُغالبةٌ
حتى إذا قدرتْ أيديهمُ هانوا
١٢٥. كم عرَّضُوا للْمنايا الحمرِ أنفسَهُمْ
فحان قومٌ تَوَقَّوْها وما حانوا
١٢٦. وقاهُمُ الجِدُّ ثم الجَدُّ بل حُرِسوا
بأنهم ما أتوْا غدرا وما خانوا
١٢٧. كساهُم العِزُّ أنْ عَرّوا مناصلهم
فما لها غير هامِ الصيدِ أجفان
١٢٨. وألهجَ الحمد بالإيطانِ بينهمُ
أن ليس بينهُمُ للمالِ إيطان
١٢٩. أفْنَوْا عداهُمْ وأقنَوْا من يؤمِّلُهم
ففي الصدور لهمْ شكرٌ وأضغان
١٣٠. لكنْ أبو الصقرِ بَدْءٌ عند ذكرهمُ
وسادة الناس أبداءٌ وثُنْيان
١٣١. فرْدٌ جميعٌ يراه كلٌّ ذي بصر
كأنَّهُ النَّاسُ طُرّاً وهْو إنسان
١٣٢. أغرُّ أبلجُ ما زالت لمادحِه
دعوى عليها لفضلٍ فيه برهان
١٣٣. له مُحيّاً جميلٌ تَستدلُّ به
على جميل وللبُطْنانِ ظُهران
١٣٤. وقلَّ من ضَمِنَتْ خَيْراً طَوِيَّتُهُ
إلا وفي وجههِ للخيرِ عنوان
١٣٥. يلقاكَ وهْو مع الإحسان معتذرٌ
وقد يُسيءُ مُسِيءٌ وهو مَنّان
١٣٦. زمانُه بنداه مُمْرعٌ خَصِبٌ
كأنه من شهور الحول نيسان
١٣٧. أضحى وما شاب يدعوه الأنامُ أباً
بحقِّه وهُمُ شِيبٌ وشبَّان
١٣٨. تقدَّمَ النَّاسَ طُرّاً في مذاهبهِ
وإن تقدَّم تلك السنَّ أسنان
١٣٩. وذي وسائلَ يُزْجيهنَّ قلت له
انبذْ رشاءك إنَّ الماء طوفان
١٤٠. يا ذا الوسائلِ إن المستقى رَفِقٌ
ليستْ له غيرَ أيدي الناسِ أشطان
١٤١. يمَّمْتَ يمَّاً أساحَ اللَّهُ لُجَّتَهُ
في أرضهِ فخرابُ الأرض عُمران
١٤٢. ما من جديب ولا صَدْيانَ نَعْلَمُه
وكيف يُلفى مع الطوفان صديان
١٤٣. لاقى رجالاً ذوي مجدٍ قد اغتبقوا
آساره ولقوهُ وهو صبحان
١٤٤. يُضْحِي وليس على أخلاقِهِ طَبَعٌ
ولا على الغُرِّ من آرائه ران
١٤٥. أعفى البريةِ عن جُرم وأجملُها
صفْحاً وإن سيمَ وتراً فهو ثعبان
١٤٦. ما إن يزالُ إزاء الوِتْرِ يُوتِره
نقض ومنه إزاء الذنب غفران
١٤٧. يستحسنُ العفو إلا عن مُنابذةٍ
في العَفْوِ عنها لرُكْنِ العزِّ إيهان
١٤٨. وهَّابُ ما يأمنُ العِقبانُ واهبُهُ
طلَّابُ ما للتَّغاضي عنه عقبان
١٤٩. إذا بدا وجهُ ذَنْب فهو ذو سنةٍ
وإن بدا وجْه خَطْب فهْو يقظان
١٥٠. يقظانُ من رَوَعٍ وسْنانُ من وَرَعٍ
يا حبَّذا سيِّدٌ يقظانُ وسنان
١٥١. مُفكِّرٌ قبل صُبْحِ الرأي متَّئدٌ
مُشمِّرٌ بعد صبحِ الرأي شيحان
١٥٢. تلقاهُ لا هُوَ مِنْ سرَّاءَ خادعةٍ
غِرٌّ ولا هو من ضرَّاء قُرحان
١٥٣. يجِلُّ عن أن تُحَلَّ الدهرَ حَبْوتُهُ
يوماً إذا طاش مِفراحٌ ومحزان
١٥٤. ما خفَّ قطُّ لتصريفٍ يُصرِّفهُ
وهل يخِفُّ لنفخ الريح ثهلان
١٥٥. يا من يبيتُ على مجرى مكائدِهِ
نكِّبْ لك الويلُ عنها فهْي حُسبان
١٥٦. ذو حكمةٍ وبيانٍ جلَّ قدرُهُما
ففيه لقمانُ مجموعٌ وسحبان
١٥٧. وما لسحبانَ جُزءٌ من سماحتِهِ
ولا للقمانَ لو جاراه لقمان
١٥٨. ساواهما في الحجى واحتاز دونهما
فضلَ الندى فلهُ في الفضل سُهمان
١٥٩. معانُ عُرفٍ وعرفانٍ وقلَّ فتىً
في عصرهِ عندهُ عُرفٌ وعِرفان
١٦٠. مُساءَلُ القلبِ مسؤولُ اليديْنِ معاً
كِلا وعاءَيْهِ للمُمتاحِ ملآن
١٦١. صاحي الطباعِ إذا ساءلتْ هاجِسَهُ
وإن سألتَ يديْهِ فهْو نشوان
١٦٢. يُصحيهِ ذِهنٌ ويأبى صحوه كرمٌ
مستحكِمٌ فهو صاحٍ وهو سكران
١٦٣. لا يعْدَمُ الدهرَ صحواً يستبينُ به
حقّاً عليه من الإلباس أكنان
١٦٤. وينطقُ المنطقَ المفتونَ سامعُهُ
والمنطق الحسنُ المسموعُ فتَّان
١٦٥. وليس ينفكُّ من سكرٍ يظلُّ له
من راحتَيْهِ على العافين تَهتان
١٦٦. سُكرٌ ولكنَّهُ من شيمةٍ كَرُمَتْ
لا من كؤوسٍ تعاطاهُنَّ ندمان
١٦٧. يجودُ حتى يقولَ المُفرِطون له
قد كاد أنْ يخلفَ الطوفانَ طوفان
١٦٨. تعتادهُ هِزّةٌ للجودِ بيّنَةٌ
فيه إذا اعتاده للعُرفِ لهفان
١٦٩. ريحٌ تَهُبُّ له من أرْيَحيَّته
يهتز للبذل عنها وهو جذلان
١٧٠. يهتزُّ حتى تراهُ هزَّهُ طربٌ
هاجتْهٌ كأس رنَوْناةٌ وألحان
١٧١. كم ضنَّ بالفرضِ أقوامٌ وعندهُمُ
وفْرٌ وأعطى العطايا وهْو يدَّان
١٧٢. ثنى إليه طُلَى الأحرار أنَّ لَهُ
عَهْداً وفِيّاً وأنَّ الدهرَ خوَّان
١٧٣. وساقَ كلَّ عفيفٍ نحو نائِلهِ
مقالُهُ أنا والعافُونَ إخوان
١٧٤. أضحى غريباً ولم يحلُلْ بقاصيةٍ
من البلادِ ولا مَجَّتْهُ أوطان
١٧٥. بل غرَّبَتْهُ خِلالٌ لم يَدَعْنَ لهُ
شِبهاً وللنَّاسِ أشباهٌ وأخدان
١٧٦. يفْديه مَنْ فيه عن مقدار فديته
عند المفاداة تقصيرٌ ونُقصان
١٧٧. قومٌ كأنَّهُمُ موتى إذا مُدحوا
وما كُسوا من حبير الشعر أكفان
١٧٨. ثوابُهُم أن يُمَنُّوا مسْتَثيبَهُمُ
وهل يُثيبُ على الأعمالِ أوثان
١٧٩. لله مُختارهُ ما كانَ أعلمَهُ
بكلِّ ما فيه للرحمن رضوان
١٨٠. ما اختارَ إلا امرءاً أضحتْ فضائلُه
يُثني عليه بها راضٍ وغضبان
١٨١. رأى أبا الصَّقرِ صقراً في شهامتِهِ
فاختارَ مَنْ فيه للمُختارِ قُنعان
١٨٢. من لا يزالُ لديهِ في مذاهبهِ
بين الرشادِ وبينَ الغيِّ فُرقان
١٨٣. طِرفٌ من الخيلِ يمتدُّ الجراء به
في غيرِ كبْوٍ إذا ما امتدَّ ميدان
١٨٤. وللموفَّقِ تبصيرٌ يُبصِّرهُ
بالحظِّ والناسُ طُرّاً عنهُ عميان
١٨٥. أهدى إليه وزيراً ذا مُناصحةٍ
لم يختلفْ منهُ إسرارٌ وإعلان
١٨٦. أضحى به بَيْنَ توقيرٍ وعافيةٍ
من المآثمِ لا يلحاه ديَّان
١٨٧. وكم أميرٍ رأيناهُ تكنَّفَهُ
في الدِّين والمالِ إتياعٌ وخسران
١٨٨. يجبي له الإثمَ والأموالَ عاملُهُ
فالإثمُ يحصلُ والأموال تُختان
١٨٩. حاشى الموفقَ إن الله صائنه
عن ذاك والله للأخيار صوّان
١٩٠. تلكم أمورٌ وليُّ العهْدِ ينْظِمُها
نظْمَ القلادةِ إحكامٌ وإتقان
١٩١. في كفِّ كافٍ أمينٍ غيرِ مُتَّهمٍ
غنَّى بذلك مُشَّاءٌ ورُكبان
١٩٢. فالمُجتبى مُجتبىً في كلِّ ناحيةٍ
كانتْ مناهبَ والديوان ديوان
١٩٣. يا من إذا الناسُ ظنُّوا أنَّ نائلهُ
قد سال سائلهُ فالناس كُهَّان
١٩٤. إنِّي رأيتُ سؤالَ الباخلينَ زِناً
وفي سؤالك للأحرارِ إحصان
١٩٥. إذا تَيمَّمكَ العافي فكوكبُهُ
سعْدٌ ومرعاهُ في واديكَ سعدان
١٩٦. إليك جاءتْ بوَحْشِ الشعر تحملها
حُوش المطيِّ الذي يعتام حِيدان
١٩٧. جاءتْ بكل شَرودٍ كلَّ ناحيةٍ
كعاصفِ الريح يَحْدُوها سليمان
١٩٨. ألحاظُ برقٍ إذا لاحتْ مُهَجَّرةً
واستوقدتْ من أوار الشمس حران
١٩٩. همَّتْ بأنْ تَظْلِمَ الظِّلمانَ سُرعَتُها
وكاد يظلمُها من قال ظِلمان
٢٠٠. تطْوي الفلا وكأن الآلَ أرْدِيةٌ
وتارةٌ وكأنَّ الليلَ سيجان
٢٠١. كأنها في ضحاضيحِ الضُّحى سُفُنٌ
وفي الغمارِ من الظَّلماءِ حيتان
٢٠٢. تَرْجوكَ يا مَنْ غدا للناسِ وهْو أبٌ
ولم تشبِ وهُمُ شِيبٌ وشُبَّان
٢٠٣. بل أيُّها السيِّدُ الممنوح ثروتَه
ملكاً صحيحاً إذا المُثْرُون خُزان
٢٠٤. تِبيانُ ذلك أن أطلِقْتَ تَبذلُها
بدْءاً وعَوْداً وللأشياء تبيان
٢٠٥. وما غُللتَ بِغُلِّ البُخْلِ عنْ كرم
وقد يُغَلُّ بغُلِّ البُخل أيمان
٢٠٦. أحيى بك الله هذا الخَلْقَ كُلَّهُم
فأنتَ روحٌ وهذا الخلقُ جُثمان
٢٠٧. وقد ظننتُ وحولُ الله يعصمني
من ذاك أن نصيبي منك حرمان
٢٠٨. أساءَ بي منك مِحسانٌ وما شَجِيتْ
نفْس بمثلِ مسيءٍ وهو مُحسان
٢٠٩. ضاقت ببلواي أعطاني بما رَحُبَتْ
ولن تضيق بغوثي منك أعطان
٢١٠. يشكوكَ شعري ويستعديك يا حكمي
ويا خَصِيمي ويا مَنْ شأْنُه الشَّان
٢١١. وما لمثلك يستعدِي مُؤمِّلُهُ
أنَّى وعدلُك بينَ النَّاسِ ميزان
٢١٢. أنت الذي عدلتْ في الأرضِ سيرتُهُ
حتى تواردَ يعْفورٌ وسِرحان
٢١٣. وأنصفَ الناسَ منه أنه رجلٌ
يُخيفهُ اللَّهُ إسلامٌ وإيمان
٢١٤. وأسعدُ الناسِ سلطانٌ له وَرَعٌ
عليه منهُ لأهلِ الحقِّ سلطان
٢١٥. ما بالُ شِعْريَ لم تُوزَنْ مثوبتُه
وقد مضتْ منه أوزانٌ وأوزان
٢١٦. أمِثْلُ شِعْريَ يُلوى حقُّه وله
عليك من خِيمك المحمودِ أعوان
٢١٧. أمْ وَعْدُ مثلك لا يُجبى لآملهِ
وقد تهادَتْهُ أزمانٌ وأزمان
٢١٨. مالي لديكَ كأنِّي قد زَرَعْتُ حَصىً
في عام جدب وظهرُ الأرض صفوان
٢١٩. أما لزرعيَ إبَّانٌ فأنظرُهُ
حتى يريعَ كما للزرع إبَّان
٢٢٠. أعائذ بك يسْتسقي بمَعطشةٍ
وفي يمينك سَيْحانٌ وجيحان
٢٢١. في راحَتَيْكَ من اليمَّيْن لجُّهما
وفي بنانك أنهارٌ وخُلجان
٢٢٢. وقد يُسوَّفُ بالإسقاء ذو ظمأ
ولن يسوَّفَ بالإسقاء غصّان
٢٢٣. وبي صدى وبحلقي غُصَّةٌ برحٌ
فاعْجَلْ بغوثِكَ إن الرَّيْثَ خِذلان
٢٢٤. وليس مثلك بالمخذول آمِلُه
إذا أطاع جميلَ الفعل إمكان
٢٢٥. إن لا يكُنْ وُجْدُ حُرٍّ ملءَ همته
فقد يمُدُّ وعاءٌ وهو نصفان
٢٢٦. ما حمدُ مَنْ جادَ إن كظَّتْه ثروتُهُ
ما الحمد إلا لمُعطٍ وهْو خُمصان
٢٢٧. نوِّلْ فإنك مَجْزِيٌّ وإنَّ معي
شُكراً إذا شئتَ لم يخلطْهُ كُفران
٢٢٨. وإن أبيتَ فحسبي منك عارفةً
أن امتداحَكَ عند الله قُربان
٢٢٩. والحرُّ يسغَبُ دهراً وهو ذو سَعةٍ
والعَفُّ يَطوِي زَماناً وهو سَغبان
٢٣٠. وللبلاءِ انفراجٌ بعد أزمنةٍ
ورعيةُ الدَّهرِ إعجافٌ وإسمان
٢٣١. وللإله سجالٌ مِنْ فواضلِه
كلُّ امرئٍ ناهلٌ منها وعَلّان
٢٣٢. إن لا يُعِنِّي على دَهري أخو ثِقةٍ
من العباد فإنَّ اللَّهَ مِعوان
٢٣٣. أو يبطُلُ الحقُّ بينَ الناسِ كُلِّهمُ
فليسَ للحقِّ عند الله بُطلان
٢٣٤. خُذها أبا الصقْرِ بكْراً ذاتِ أوشيةٍ
كالروْض ناصَى عَراراً فيه حوذان
٢٣٥. واسلم لراجيك مَسعوداً وإن تربَتْ
ممَّن يُعاديكَ آنافٌ وأذقان