Feedback

يوم الشهيد

١. يومَ الشَهيد : تحيةٌ وسلامُ
بك والنضالِ تؤرَّخُ الأعوام

٢. بك والضحايا الغُرِّ يزهو شامخاً
علمُ الحساب ، وتفخر الأرقام

٣. بك والذي ضمَّ الثرى من طيبِهم
تتعطَّرُ الارَضونَ والأيام

٤. بك يُبعَث " الجيلُ " المحتَّمُ بعثُه
وبك " القيامةُ " للطُغاة تُقام

٥. وبك العُتاة سيُحشَرون ، وجوهُهُم
سودٌ ، وحَشْوُ أُنوفهم إرغام

٦. صفاً إلى صفٍّ طغاماً لم تذُقْ
ما يجرَعون من الهَوان طَغام

٧. ويُحاصَرون فلا " وراءُ " يحتوي
ذَنباً ، ولا شُرطاً يحوز " امام"

٨. وسيسألون مَن الذين تسخَّروا
هذي الجموعَ كأنها أنعام

٩. ومَن استُبيح على يَديهم حقُّها
هدراً ، وديست حرمةٌ وذِمام

١٠. ومَن الذين عَدَوا عليه فشوَّهوا
وجهَ الحياة فكدَّروا وأَغاموا

١١. خَلَصَ النعيمُ لهم فهم من رقةٍ
وغضارةٍ بيضُ الوجوه وِسام

١٢. وصفا لهم فلَكُ الصِبا فتلألؤا
فيه كما تَتَلألأ الأجرام

١٣. يتدلَّلون على الزمان كما اشتَهت
شهواتُها قُبُّ البطون وِحام

١٤. ومَداس أرجلهم ونَهْبُ نِعالهم
شَعبٌ مهيضُ الجانِحين مُضام

١٥. يُمسي ويُصبح يستظلُّ بِخِدنه
بَقَر الزَريب، ويرتَعي ويَنام

١٦. سيُحاسَبون ، فان عَرتْهم سَكْتَةٌ
من خيفةٍ فستنطِقُ الآثام

١٧. سيُنكِّسُ المتذبذبون رقابَهم
حتى كأنّ رؤوسَهم أقدام

١٨. يومَ الشهيد ! وما الخيالُ بسادر
بئسَ الخيالُ تقودُه الأوهام

١٩. الشعر يا يومَ الشهِيد تجارِبٌ
وبلاؤُها ، لا لؤلؤٌ ونِظام

٢٠. كَذِباً يُخيَّل أن بارقة المُنى
تنجابُ منها وحشةٌ وظَلام

٢١. أو أنَّ بالنَّزْر اليسير من الدما
سيُبَلُّ من عطَش الطُغاة أُوام

٢٢. أو أنَّ مَتعوباً ستَسْعى نحوه
عما قريبٍ راحةٌ وجِمام

٢٣. حُسبانُ ذلك للشهيد خِيانةٌ
وِلما تفَجّرَ من دمٍ إجرام

٢٤. ولَتلك مَدعاة سيُنصَرُ عندها
عارُ النُكوص ويُخذَلُ الإِقدام

٢٥. ولَذاك إِيهام يضلِّلُ أُمةً
وسلاحُ كل مضلِّلٍ إيهام

٢٦. عَظُمت محاولةٌ وجَلَّ مرامُ
أفباليَسير من العَناء تُرام

٢٧. يومَ الشهيد ! طريقُ كل مناضلٍ
وَعرٌ ، ولا نُصُبٌ ولا اعلام

٢٨. في كل مُنعَطَفٍ تَلوحُ بلية
وبكُلِّ مُفتَرقٍ يدِبُّ حِمام

٢٩. وحياضُ مَوت تلتقى جَنَباتُها
وعلى الحياضِ من الوُفود زِحام

٣٠. وقِباحُ أشباح لمُرتَعِدي الحَشَا
بَرمٌ بها ، ولمُحرِبين هُيام

٣١. بك بعد مُحتَدِمِ النضالِ سينجَلي
مما ابتدأتَ من النِضالِ ختام

٣٢. سيُجازُ شَهرٌ بالعَناء وآخَرٌ
ويُخاضُ عامٌ بالدماء وعام

٣٣. ستطيرُ في أفقِ الكفاح سَواعدٌ
وتَطيحُ في سُوح الكرامة هام

٣٤. ستَشور من رَهَج اللُهاث عجاجةٌ
ويَهُبُّ من وَهَجِ الشَّكاة قَتام

٣٥. سيُعالَجُ الباغي بنَضْحٍ من دَمٍ
حتى تُسَكَّنَ شَهوةٌ وعُرام

٣٦. لابُدَّ من نارٍ يروح وَقودُها
منّا ومنه غارِبٌ وسَنام

٣٧. وتُنير منها الخابطينَ دُروبَهم
من بعدِ ذلك جذوةٌ وضِرام

٣٨. اذ ذاك يًُصبحُ بعد طُول مَتاهةٍ
بيد الشُعوب مقادةٌ وزِمام

٣٩. تبّاً لدولةِ عاجزينَ تَوهَّموا
أن " الحكومةَ " بالسِياط تُدام

٤٠. والوَيْلُ للماضينَ في أحلامِهم
إن فرَّ عن " حُلمٍ " يَروع منَام

٤١. وإذا تفجَّرَت الصدورُ بغيظها
حَنَقاً كما تتفجّر الألغام

٤٢. وإذا بهم عَصْفاً أكيلاً يرتمي
وإذا بما ركنوا إليه رُكام

٤٣. وإذا بما جَمَعَ الغُواةُ خُشارةٌ
" وإذا عصارةُ كلِّ ذاك أثام "

٤٤. يومَ الشهيدِ ! لَسوف تُعقِبُ في غدٍ
يوماً تَحارُ بكُنهه الأَفهام

٤٥. ولسوف نَجهل ما يِقلُّ بصلبه
قَدَرٌ ، وما تَتَمخَّضُ الأيّام

٤٦. ولسوفَ يُصبحُ ما نحارُ بكُنْهه
إن حانَ حِينٌ واستتم تمام

٤٧. امراً كما قالَ البديهةَ قائلٌ :
" النورُ نورٌ والظَلامُ ظلام "

٤٨. اني لَيخنُقُني الأسَى ويهُّزُّني
ما لاحَ طفلٌ يحتَبي وغُلام

٤٩. علماً بأن دِماءَهم ليست لهم
وبأنها للجائعينَ طَعام

٥٠. للناس بعد اليَومِ مِيلادُ الفَتى
ومَماتُه ، ورَضاعةٌ وفِطام

٥١. يوم الشهيد ! بكل جارحةٍ مشَى
داءٌ تَعاوَرَه الزمان عُقام

٥٢. تَعِبَ الأساةُ به ، وجافَى أهلَه
يأساً نِطاسيٌّ به عَلاّم

٥٣. وتَعَسَّر الابلالُ حتى تَنتَفى
منه الجذورُ ، وتُقطَعَ الأَجذام

٥٤. يوم الشهيد! بك النُّفوس تفتَّحت
وَعياً ، كما تَتَفَتَّحُ الأكمام

٥٥. كادَ الضعيف يشُكُّ في إيمانه
والصبرُ كاد يَشَلُّه استسلام

٥٦. طاح البلاءُ بخائرٍ في مَعرَكٍ
أشِبٍ تطيشُ بهَوله الأحلام

٥٧. وانجاب عن مترددينَ طِلاؤُهم
وانزاحَ عن متربصِّينَ لِثام

٥٨. وأعضَّ قوم بالسكوت ، وأفصَحَتْ
عن غير ما عُرِفَت به أقوام

٥٩. وتمسكَّ المتثبِّتون بجاحمٍ
جَمَراتُه تُشوى بها الأقدام

٦٠. وتراكم الصبرُ الجميلُ بساحة
من حولها تتراكمُ الآلام

٦١. شعب يُجاعُ وتُستَدرُّ ضروعُه !
ولقد تُمارُ لتُحلَبَ الأغنام

٦٢. وأُمِدَّ للمستهترين عنانُهم
في المُخزِيات فأرْتَعوا وأساموا

٦٣. وَتَعَطَّلَ الدستورُ عن أحكامه
من فَرطِ ما ألوَى به الحُكَام

٦٤. فالوعيُ بَغىٌ ، والتحرُّرُ سُبَّةٌ
والهَمْسُ جُرْمٌ ، والكلامُ حَرام

٦٥. ومُدافِعٌ عما يَدينُ مُخرِّبٌ
ومطالِبٌ بحقوقِه هدّام

٦٦. ومشَى بأصلاب الجُموع يَهُزُّها
الجَهَلُ والإِدقاعُ والأسقام

٦٧. وهَوَت كرامتٌ تولَّت أمرها
خِططٌ ، تولَّى امَرها إحكام

٦٨. فكرامةٌ يُهزَى بها ، وكرامةٌ
يُرثى لها ، وكرامةٌ تُستام

٦٩. وانصاعَ يغزُو اهلَه وديارَه
جيشٌ من المتعطلِّين لُهام

٧٠. وتَصافَقَت حُجَزٌ على مُتحرِّرٍ
ومفكرٍ فتحطَّمت أقلام

٧١. ولكلِّ مُحتَطِبِ الخنا مَداحةٌ
ولكل مُمتدِح النثا شَتّام

٧٢. ومعاتَبٍ والسَوط يُلهب ظهرهُ
ومعذَّبٍ بجراحه ويُلام

٧٣. مما أشاعَ البَغيُ من إرهابه
فيها استُطيبَ الخَوفُ والإِحجام

٧٤. ومطارَدون تعجَّلوا أيّامَهم
ومشرَّدون من المذلّةِ هاموا

٧٥. ومشكِّكون وقد تعاصَت محنةٌ
صَلُّوا على شَرفِ الخلاص وصاموا

٧٦. ولقد تَر تَرْقَ في العُيون تساؤلُ
وعلى الشِفاه تحيَّر استِفهام

٧٧. أعفا القَطينُ فما به مُتَنَفَّسٌ
وَخلا العَرينُ فما به ضِرغام؟

٧٨. أفوعدُ مُرتقِبِ " القيامةِ " خُلَّبٌ
وبريقُ منتظِر " النُشور " جَهام ؟

٧٩. أو يكثُرُ الأبطالُ حين سِلاحُهم
بين الجْموع قَصيدةٌ وكَلام؟

٨٠. فاذا اسحترَّ الخطبُ واحتَدمَ الأذى
ذابوا ، فلا بطلٌ ولا مِقدم

٨١. أفلا تكون مغارةٌ ؟ أو ما انتَهى
ما قَعْقَعَ الإِسراجُ والإِلجام؟

٨٢. أعلى ضمير المخلصينَ غِشاوة
وعلى فَم المتحرِّرين لجام؟

٨٣. حتى إذا قَذفَ الحمى بحُماتِه
ورَمَت بأشبالٍ لها الآجام

٨٤. وتنافَسَ " الفادون" لم يتمنَّنوا
فضلاً ، ولم يُبطرْهُمُ الانعام

٨٥. وجدوا عتاباً للبلاد فأعتَبوا
وملامةً لشبابها " فألاموا "

٨٦. ومَشوا إليها يدعَمون صفوفَها
بصُدورهم ، اذ عزَّهن دِعام

٨٧. حَمَلوا الرصاص عَلى الصدور وأوغلوا
فعلى الصدور من الدِماء وِسام

٨٨. تابَ الغَويُّ وثاب كل مشكِّكٍ
إنَّ الحمى من فوقه قَوّام

٨٩. نَكِروا النفوسَ وفجَّروا اعراقَها
صَمْتاً ، فلا صَخَبٌ ، ولا إرزام

٩٠. وأبَوا سِجامَ الدمع شيمةَ نائحٍ
فلهم دماءٌ يغتلينَ سِجام

٩١. ناموا وقد صانُوا الحمى ومعاشِرٌ
تَركوا الحِمى للطارئات وناموا

٩٢. يومَ الشهيد : وكلُّ يوم قادمٌ
ستُريهِ كيف الجودُ والاكرام

٩٣. دالَ الزمانُ وبُدلتْ نُظُمٌ به
ولكل عصرٍ دولةٌ ونِظام

٩٤. ومَضَى الحُداةُ " بحاتِمٍ " وبرهَطِه
وتبدَّلَت لمكارِمٍ أحكام

٩٥. فهُمُ وقد حَلَبوا الصَريحَ أماجدٌ
وهُمُ وقد عقَروا الجَزور كرام

٩٦. وهمُ لأنَّ الضيفَ ينزِلُ ساحَهم
للفقر في ساحاتِهم إلمام

٩٧. وأتى زَمانٌ من مكارِمِ أهلِه
السَجْنُ ، والتشريدُ ، والإِعدام

٩٨. والسَوط يحترِشُ الظهورَ ووقعُه
في سَمع محترِسٍ به أنغام

٩٩. وكأنَّه " للمستغيث" إغاثةٌ
وكأنَّه " للجائعين " إدام

١٠٠. جيل يرى أنَّ الضيافَة والقِرى
للطارئات الصبرُ والآلام

١٠١. يَقرونَ جائعةَ البلاد نفوسَهم
فلها لحومٌ منهُمُ وعظام

١٠٢. ويُرونَ ضيفَهُمُ الكرامةَ تُزدَرى
والحقَّ يُغصَب ، والديارَ تُضام

١٠٣. يتقامَرون على المنايا بينَهم
حُمْراً ، فلا الأيسارُ والأزلام

١٠٤. لاهُمَّ عفَوكَ ، لا الشجونُ قليلةٌ
عندي ، ولا أنا أخرسٌ تَمتام

١٠٥. قلبٌ يذوبُ أسىً ، وشعرٌ كلُّه
ضَرَمٌ ، وبيتٌ كلُّه آلام

١٠٦. أخنَى بوحشتِه على جيرانِه
وهَفَا به ، رعباً ، فطارَ حَمام

١٠٧. ويكادُ يشهَق بالعَويل بَلاطُه
ويَصيحُ بالألم الدفينِ رُخام

١٠٨. ودمٌ أريق على يَدَيَّ يهُزني
هَزَّ الذَبيح وقد عَلاه حُسام

١٠٩. وخبيئةٌ في الصدرِ نَفثُ دُخانها
حَرَجٌ ، وكَبْتُ أُوارها إيلام

١١٠. لاهُم ْ ما قَدْرُ البيان إذا انزوى
عنه الضميرُ ، وعَقَّه الإِلهام

١١١. وإذا استَوَى فيه الثَّكولُ وغيرُهُ
والساهرونَ الليلَ والنُّوام

١١٢. أكبرت شعري أنْ تُهينَ كريمَهُ
غُفْلٌ تضيق بها الرُّعاةُ سَوام

١١٣. او عائشونَ على الهوامشِ مثلَما
يَنفي فُضولَ الصورةِ الرِسّام

١١٤. والممتلونَ كأنَّهم كلُّ الدُّنى
والفارِغونَ كأنَّهم أصنام

١١٥. والصادِعونَ بما يَرى مُستعمِرٌ
فهُمُ متى يأمرْهُمُ خُدّام

١١٦. والمُولَعونَ بفاجراتِ مطامعٍ
فلهمْ قُعُودٌ عندَها وقِيام

١١٧. ماذا يحطِّمُ شاعرٌ من صاغِرٍ
أخنى الهوانُ عليه فهو حُطام

١١٨. لكنْ بمختلطينَ في نيِّاتهم
شُبُهاً ، فلا وَضَحٌ ولا إبهام

١١٩. من كل هاوٍ بُرجُه وكأنَّة
قَمَرٌ على كَبِدِ السَماءِ تَمام

١٢٠. يؤذيهِ أنَّ الشمس تطلُعُ فوقَه
او لا يظلِّلَ وَجْنَتَيهِ غَمام

١٢١. الليلُ عندَهمُ التَعِلَّةُ والمُنى
فاذا استطالَ فسَكرةٌ ومُدام

١٢٢. واذا النهارُ بدا فكلُّ حديثِهِمْ
عنه بكيفَ تفسَّرُ الأحلام

١٢٣. حتى إذا حَميَتْ وغىً وأدارها
كأساً " إياسٌ " مرةً و " عِصام "

١٢٤. وتلقَّفَتهمْ كالرَّحى أشداقُها
مَضْغاً هُمامٌ يَقتضيه هُمام

١٢٥. زَحَموا الصُّفوفَ " مشَيَّعين " كأنَّهم
بين المواكبِ قادةٌ أعلام

١٢٦. ومَشَوا على جثَثِ الضَّحايا مثلَما
يمشي بمقتنص النَّعَامِ نَعام

١٢٧. ثم استدارُوا ينفُخون بطُونَهم
نَفْخَ الطُّبول ، وأقعدوا وأقاموا

١٢٨. يومَ الشهيد : وما تزال كعهدِها
هُوجٌ تدنِّسُ أُمةً ولئام

١٢٩. قَصَروا عن العليا فلم يتناوَشوا
ما احتازَ منها فارعونَ جِسام

١٣٠. وتقطَّعتْ بالمَكْرُمات حِبالُهم
وبما ابْتَنتْ هِممٌ فهُنَّ رِمام

١٣١. وعناهُمُ أخذُ الكِرامِ عِنانَها
من بعد ما داروا عليه وحاموا

١٣٢. وتجاهَلوا أنْ ليس تربُ مسامحٍ
بدمائه نَهّازةٌ غَنّام

١٣٣. وبأنَّ أُمّاتِ المآثرِ برزَةٌ
عملاقة ، وبأنهمْ ، أقزام

١٣٤. فهُمُ وقد ذَكَتِ الحزازةُ عندهم
" كوب " من الحقد الدفين وجام

١٣٥. يُسْقَونَ جذوتَها وفيما يجتلي
تِربُ النّدي لأُوارِها إضرام

١٣٦. حتى إذا ألقى الكريمُ بوجهه
فتمايَزَ الإشراقُ والإِظلام

١٣٧. وتَضَوَّرتْ جُوعاً فلم تَرَ عنده
ما تأكُّلُ الأوغارُ والأوغام

١٣٨. ومشى الفَعال لهم صَريحاً لم يَشُبْ
آياتِه عَيٌّ ، ولا إعجام

١٣٩. وتَخارَسوا وعَموا فملءُ عُيونِهِمْ
رَمَدٌ ، وملُّ حُلوقِهم إفحام

١٤٠. لجأوا إلى " الأنساب " لو جَلَّى لهم
" نَسَب " ولو صَدَقَتْ لهم أرحام

١٤١. وتنابَزُوا بالجاهلية شجَها
من قبل نورُ " الفكر " و " الإسلام "

١٤٢. فأولاءِ أعرابٌ ! فكل مُحَرَّمٍ
حِلٌّ لهم! وأولئِكمْ أعجام

١٤٣. وأولاءِ " أغمارٌ " فلا رأسٌ ولا
كَعبٌ ، ولا خَلفٌ ، ولا قُدام

١٤٤. وأولاءِ " أشرارٌ " لأنّ شعارهم
بين الشُعوب محبَّةٌ وسلام

١٤٥. وكأنَّ " أرحاماً " تُرَصُّ ! فريضةٌ
وكأنَّ " أفخاذاً " تُلَزُّ لِزام

١٤٦. وكأنَّ من لم يَحوِ تلكِ وهذه
وإنْ استقامَ بهيمةٌ وسَوام

١٤٧. نُكرٌ لو استَعلى ، لما استَعْلَت يَدٌ
بالعُروة الوثْقى لها استِعصام

١٤٨. ولما تمَايزَتِ النُّفوسُ بخَيرها
وبشرِّها ، ولما استَتَبَّ نِظام

١٤٩. لزَكا " ابولَهَبٍ " وكانُ مُرجَّماً
ودَنَا " صُهَيبُ " وإنه لامام

١٥٠. قَبَليَّةٌ يلجا إليها مُقْعَدٌ
لا الحزمُ يُنجده ولا الإعزام

١٥١. وبها تَسَتَّرَ عن صَغارةِ نفسِهِ
خَزيانَ يأكُلُ زادهُ ويَنام

١٥٢. بل قد تَفَيَّأ ظِلَّها من حِطّةٍ
نسَبٌ يَسومُ رخيصَه المستام

١٥٣. من كل مُعدٍ في الصَغارِ كأنَّه
جَرَبٌ تُخاف شُذاتُه وجُذام

١٥٤. " سلمانُ " أشرف من أبيكمْ كعبُهُ
" وعِصامُ " ما عَرَفَ الجدودَ عِصام

١٥٥. ومحمدٌ رَفَعتْ رسالةُ ربَّه
كَفّاهُ ، لا الأخوالُ والأعمام

١٥٦. ولقد يُذِلُّ مُسوَّداً أعقابُه
ولقد يسودُ عشيرةً حَجّامُ

١٥٧. أأُخَيَّ : لو سمِع النداءَ رُغامُ
ولو استجابَ إلى الصريخِ حِمام

١٥٨. مني عليك تحيةٌ وسلامُ
ولذكرِك الإجلالُ والإِعظام

١٥٩. واللهِ لولا طائفٌ من سَلوةٍ
ولُمامةٌ من مُسْكةٍ تَعتام

١٦٠. ورسالةٌ ندعو لها وأداؤُها
فرضٌ ، ورَعْيُ حقوقِها إلزام

١٦١. وَبنّيةٌ للسالكين طريقَهم
والقادمينْ على الطريق تُقام

١٦٢. ودعاةُ حقٍ يخرُجون سواهُمُ
عارٌ إذا لزِموا البيوتَ وذام

١٦٣. لعكفتُ حولَك لا أريمُ ولم يكن
الا بحيث أقمتَ انتَ مُقام

١٦٤. يا نائماً والموتُ ملءُ جُفونِه
أعلمتَ من فارقتَ كيف ينام؟

١٦٥. وملاءَماً بيد المَنون جِراحَه
جُرح المُقيم عليكَ لا يلتام

١٦٦. قد كنتَ تقدِرُ ان تُظلَّكَّ بهجةٌ
ونَضارةٌ ، لا ظُلمةٌ ورَغام

١٦٧. أو أنْ يرِفَّ عليك في رَيْعانِهِ
هذا الربيعُ كوَجهِك البسام

١٦٨. لو شئتَ أعطتكَ الحياةُ زِمامَها
ولها على كَفِّ الشَباب زِمام

١٦٩. لِتَضمَّك الغُدرانُ في أحضانها
وتُقِلَّك الهَضَباتُ والآكام

١٧٠. وشقيقُك القَمرُ المُدِلُّ بلُطفه
نَشوانُ ، يَصحو تارةً ويُغام

١٧١. لو شئتَ ، عن شرفٍ اردتَ فصِدْتَهُ
بَدَلاً ، لكانت صبوةٌ وغَرام

١٧٢. ولجئتَ مُقتَنصَ الشباب ولارتمَتْ
من حولك الظَبيَاتُ والآرام

١٧٣. لوشئتَ ؟ لكن شاءَ مجدُك غيرَها
فتلقَّفَتْك من الثرى أكوام

١٧٤. رَدّ البكاءَ عليكَ أنك قائدٌ
ولو استبدَّ بك الثَرى ، وإمام

١٧٥. تمشي الجُمُوعُ على هُداك كما هَدى
الضُلاّلَ برقٌ في الظَلام يُشام

١٧٦. لو غَيْرُ ذلك أطاحَ رأسَك لارتَمى
بِشِراك نعلِكَ طائحاً " هَمّام "

١٧٧. ولما استَقَلَّ برأس " مُرةَ " خِنصِرٌ
لكَ ، واستقادَ بوجهه إبهام

١٧٨. قد كانَ يَعطِفُني عليك مَلامُ
ان لو ذخرتُكَ أيها الصِمصام

١٧٩. ان لو سلمتَ فلا شبايَ مُزنَّدٌ
أسفاً ، ولا حَدَيّ عليك كَهام

١٨٠. لو لم تُجبني من رفاتك هَمةٌ
صبراً جميلاً ايُّها اللُّوام

١٨١. ما كنتَ " نحاماً " بنفسِك للورى
افأنت بي من أجلهم نَحام

١٨٢. نحنُ الضَحايا : للشعوب فَقاره
ولكل ما يبني الشعوبَ قِوام

١٨٣. هذي القُبورُ قنابرٌ مَبثوثة
لمكابرٍ وحَفيرُها ألغام

١٨٤. ما كانَ جيلٌ تستقيمُ قناتُه
الا ومَوتٌ ، يستقيمُ ، زُوآم

١٨٥. فالثُكْلُ والعَيْشُ السَويُّ سَويةٌ
ودَمُ الضحايا والحياةُ تُؤام

١٨٦. يومَ الشهيد! ونعمتِ الأيامُ
لو تستِتمُّ أخوّةٌ ووِئام

١٨٧. لو يَرْعَوي المتنابذونَ وكلُّهم
بهمُومِهم ، وشُعورهم ، أرحام

١٨٨. ولو التَقى من بعدِ طُولِ تَفَرُّقٍ
الشَيخُ ، والقِسيّسُ ، والحَاخام

١٨٩. ولو اتفقنا كيف يهتِفُ هاتِفٌ
فينا ، وكَيفَ تُحرَرُ الأعلام!

١٩٠. وبمِن يقودُ الزاحفيينَ أخالدٌ
ومحمدٌ ، ام أحمدٌ وهِشام ؟

١٩١. هي امةٌ خافَ الطُغاة شَذاتَها
فسعَوا بها ، فاذا بها أقسام

١٩٢. واذا بها والذلُ فوق رءوسها
قُبَبٌ له مَضروبةٌ وخِيام

١٩٣. يحتازُها والجوعُ ينهَشُ لحمَها !
باسم " الرغيف " معرَّةٌ وصِدام