١. أَمن تذكر جيران بذي سلم
نَحرت قَلبك بَين الضال وَالعلم
٢. وَحين خيلت عَيشاً قَد مَضى بمنى
مزجت دَماً جَرى مِن مُقلة بدم
٣. أَم هَبت الريح مِن تلقاء كاظمة
فَبت وَالطَرف ساهي العَين لَم يَنَم
٤. ينهل إِن سرت النَكباء في سحر
وَأَومض البَرق في الظلماء مِن إِضم
٥. فَما لعينيك إِن قُلت اكففا همتا
كَعارض سح أَو غاد مِن الديم
٦. وَما لنارِك إِن أَطفأتها اشتعلت
وَما لقلبك إِن قُلت استفق يهم
٧. أَيَحسَب الصب أن الحُب مُنكَتم
تاللَه ما حبه عَنا بمنكتم
٨. فَكَيفَ يَخفى وَقَد أَضحت حشاشته
ما بَينَ منسجم مِنهُ وَمضطرم
٩. لَولا الهَوى لَم ترق دَمعاً عَلى طلل
وَلا سهرت وَلا أَصبحت في لمم
١٠. وَلا سقيت الثرى مِن مَدمع خضل
وَلا أرقت لذكر البان وَالعلم
١١. فَكَيفَ تنكر حباً بَعدَما شَهدت
عَيناك نور محيا بِالجَمال سمي
١٢. وكَيفَ تكتم شَوقاً طالَ ما نَطقت
بِهِ عَلَيك عدول الدَمع وَالسقم
١٣. وَأثبت الوَجد خطى عبرة وَضنى
أودى بجسمك مِن رَأس إِلى قَدَم
١٤. لَقَد رَأَيتهُما عِندَ الوَداع ضحى
مثل البهار عَلى خديك وَالعنم
١٥. نعم سَرى طَيف مَن أَهوى فَأَرقني
وَباتَ قَلبي بِنيران الغَرام حمي
١٦. سَرى فَأَضحكني وَالشَوق أَقلَقَني
وَالحُب يَعترض اللذات بِالألم
١٧. يا لائِمي في الهَوى العُذري مَعذرة
فَأنتَ عَن حال مثلي في الغَرام عَمي
١٨. دَع عَنكَ لَومي فَقَد أَبديت معذرتي
مني إِلَيك وَلَو أنصفت لَم تلم
١٩. عدتك حالي لا سري بمستتر
وَلا لِساني عَن عذري بِمنعجم
٢٠. وَلا اشتياقي وَلا حُبي بمنكتم
عَن الوشاة وَلا دائي بِمنحسم
٢١. محضتني النصح لَكن لَستُ أسمعه
وَكَيفَ أَسمع قَولاً غَير مُنتظم
٢٢. هَيهات لا يسمع العذال ذو شجن
إِن المحب عَن العذال في صمم
٢٣. إِني اتهمت نصيح الشَيب في عذل
وَطالما جَد في حلف وَفي قسم
٢٤. فَلم أطعه وَلَم أَبرح مخالفه
وَالشَيب أَبعد في نصح عَن التُهم
٢٥. فَإِن أَمَّارتني بِالسوء ما اتعظت
عَن فعلها بِالَّذي قَد جاءَ مِن حكم
٢٦. وَإِن لوامتي بِالذَنب ما ارتدعت
عَن جهلها بنذير الشَيب وَالهرم
٢٧. وَلا عدت مِن الفعل الجَميل تَرى
ما حَل في حاجبي قَسراً وَفي لممي
٢٨. وَلَم تهيئ لِهَذا الضَيف مكرمة
ضيف ألم بِرَأسي غَير محتشم
٢٩. لَو كُنت أعلم أَني ما أوقره
وَلَم أَصنه عَن الفَحشاء وا نَدَمي
٣٠. وَلم أبرئه عَن عَيب وَعَن دَنس
كَتمت سراً بَدا لي مِنهُ بِالكتم
٣١. مَن لي برد جماح من غوايتها
وَحفظها دائِماً عَن زلة القَدَم
٣٢. وَكفها عَن فعال غَير لائِقة
كَما يرد جِماح الخَيل بِاللجم
٣٣. فَلا ترم بِالمَعاصي كسر شهوتها
فَإنها نقم في صورة النعم
٣٤. وَلا تسمها بملبوس وَأَطعمة
إِن الطعام يُقوي شهوة النهم
٣٥. وَالنفس كَالطفل إن تهمله شب عَلى
شر الخصائل مِن فعل وَمِن همم
٣٦. وَإِن أُبيحت لَهُ الثديان عاشَ عَلى
حُب الرضاع وَإِن تفطمه يَنفطم
٣٧. فاصرف هَواها وَحاذر أن توليه
فصرفها عَن هَواها خَير مغتنم
٣٨. وَخالف كُل ما تَهواه مِن عرض
إِن الهَوى ما تولى يصم أَو يصم
٣٩. وراعها وَهيَ في الأَعمال سائِمة
فَإنَّها العُروة الوثقى لملتزم
٤٠. وَإِن تَولت فجرعها بِها سحراً
وَإِن هِيَ استحلت المَرعى فلا تسم
٤١. كَم حسنت لذة للمرء قاتلة
وَأوقعت غصة للعاقل الفهم
٤٢. وَأَظهرت نصحه مكراً وَمخدعة
مِن حَيث لَم يَدر ان السم في الدسم
٤٣. وَاخش الدسائس مِن جوع وَمِن شبع
فَفي التَوسط فضل غَير منخرم
٤٤. وَالجوع من عبث لا تَرتضيه لَها
فَرب مخمصة شر مِن التخم
٤٥. وَاستفرغ الدمع مِن عَين قَد امتَلأت
مِن نَظرة السوء للعورات وَالحرم
٤٦. وَاضرع إِلى اللَه مِن نَفس لَقَد شعبت
مِن المَحارم وَالزم حمية الندَم
٤٧. وَخالف النَفس وَالشيطان وَاعصهما
هما اللذا يوقعان المرء في العدم
٤٨. وَكُن بسنة خَير الخَلق معتصماً
وَإِن هُما محضاك النصح فاتهم
٤٩. وَلا تطع مِنهما خَصماً وَلا حَكَماً
تَباً لمحتكم من ذا وَمختصم
٥٠. وَلا تمل أَبداً يَوماً لِقولهما
فأنتَ تَعرف كَيد الخَصم وَالحكم
٥١. استغفر اللَه مِن قَول بِلا عَمَل
وَمِن جَميع دَواعي السوء وَاللمم
٥٢. استغفر اللَه مِن دَعوى بِلا سَبب
لَقَد نَسبت بِهِ نَسلاً لِذي عقم
٥٣. أَمرتك الخَير لَكن ما ائتمرت بِهِ
وَما امتثلت لما يلقي إِليك فَمي
٥٤. وَما أَقمت عَلى الخيرات محتسباً
وَما استقمت فَما قَولي لَك استقم
٥٥. وَلا تَزودت قَبل المَوت نافلة
وَلا مَشيت إِلى الطاعات في الظلم
٥٦. وَلا كففت عَن العصيان في وَجَل
وَلَم أصل سِوى فَرض وَلَم أَصم
٥٧. ظلمت سنة من أَحيا الظَلام إِلى
أَن نالَ مرتبة شَماء كالعلم
٥٨. وَلَم يَزَل قائِماً جنح الظَلام إِلى
أَن اشتَكَت قَدماه الضر مِن ورم
٥٩. وَشد مِن سغب أَحشاءه وطَوى
أَديم جوف بحبل اللَه معتصم
٦٠. وَرض في غَزوة الأَحزاب عَن ثقة
تَحت الحجارة كشحا مترف الأدم
٦١. وراودته الجِبال الشم مِن ذَهَب
فَصد عَنها بوجه غَير مبتسم
٦٢. وَراجعته لكي يُبدي لَها شغفاً
عَن نَفسهِ فَأَراها أيما شمم
٦٣. وَأَكدت زهده فيها ضرورته
لِكَونه في المَعالي راسخ القدم
٦٤. وَشيدت في مَقام الزُهد عصمته
إِن الضرورة لا تَعدو عَلى العصم
٦٥. وَكَيفَ تَدعو إِلى الدُنيا ضَرورة من
جبريل أَضحى لَه مِن جملة الخَدَم
٦٦. مُحَمد سيد الكَونين وَالثقلين
وَالقبيلين في حل وَفي حرم
٦٧. وَسَيد ساد في الدارين وَالحرمين
وَالفريقين مِن عرب وَمِن عَجَم
٦٨. نَبينا الآمر الناهي فَلا أَحد
مِن الخَلائق إِلا في حماه حمي
٦٩. إِمامنا المُرشد الهادي فَلا بشر
أَبر في قَول لا مِنهُ وَلا نعم
٧٠. هُوَ الحَبيب الَّذي تُرجى شَفاعته
يَوم القيامة للعاصين مِن قدم
٧١. وَالمُرتجى للوَرى وَالخَلق قاطبة
لكل هَول مِن الأَهوال مُقتحم
٧٢. دَعا إِلى الله فَالمستمسكون بِهِ
مؤيدون مِن الأَعداء وَالنقم
٧٣. وَلَيسَ يخشى عَلَيهم في المعاد وَهُم
مُستمسكون بحبل غَير منفصم
٧٤. فاقَ النَبيين في خلق وفي خلق
وَفي كَمال وَفي فَضل وَفي همم
٧٥. فَلَم يقاربه إِنسان وَلا ملك
وَلَم يدانوه في علم وَلا كَرَم
٧٦. وَكلهم مِن رَسول اللَه مُلتمس
وَهم وَأتباعهم مِن سائر الأُمم
٧٧. مُستمطرون مِن المختار قَد غرفوا
غَرفاً مِن اليم أَو رَشفاً مِن الديم
٧٨. وَواقفون لَدَيهِ عِندَ حدهم
وَيَستمدون مِن كَف لَديه همي
٧٩. قَد روجت بِالهَوى أَرواحهم وَروت
مِن نقطة العلم أَو من شكلة الحكم
٨٠. فَهوَ الَّذي تَم مَعناه وَصورته
فَكانَ ما بَين مَعشوق وَمُحترم
٨١. حماه مَولاه مِن رجس وَمِن خبث
ثُم اصطفاه حَبيباً بارئ النسم
٨٢. مُنزه عَن شَريك في مَحاسنه
لِذاكَ قيمته زادَت عَلى القيم
٨٣. إِن رُمت قسمة حسن حل جَوهرة
فَجَوهر الحسن فيهِ غَير مُنقسم
٨٤. دَع ما ادعته النَصارى في نَبيهم
مَع اليَهود فيا تَباً لِرَأيهم
٨٥. وَاثبت لَهُ كُل نعت في الوجود نَما
وَاحكم بِما شئت مَدحاً فيهِ وَاحتكم
٨٦. وَانسب إِلى ذاتِهِ ما شئت مِن شَرَف
وَانسب إِلى كَفهِ ما شئت مِن كَرَم
٨٧. وَانسب إِلى قَلبه ما شئت مِن حكم
وَانسب إِلى قَدره ما شئت مِن عظم
٨٨. فَإِن فَضل رَسول اللَه لَيسَ لَه
عد فيحصر في الأَوراق بِالقَلَم
٨٩. وَما لَهُ جل رب العَرش خالقه
حد فيعرب عَنهُ ناطق بِفَم
٩٠. لَو ناسبت قدره آياته عظماً
لَكانَ مِن آيه إبصار كُل عمي
٩١. وَإِن ذكرت اسمهُ للميت في جدث
أَحيا اسمهُ حينَ يدعى دارس الرمم
٩٢. لَم يَمتحنا بِما تعيي العُقول بِه
خَوفاً عَلَينا مِن الإيقاع في الوَهَم
٩٣. بَل جاءَنا مِنهُ بِالنور المُبين ضحى
حرصاً عَلَينا فَلَم نرتب وَلَم نَهم
٩٤. أعيا الوَرى فَهم مَعناه فَليسَ يرى
في وَصفِهِ غَير مُحتار وَمنعجم
٩٥. وَلَن تَرى في جَميع الكَون مِن أَحَد
في القُرب وَالبُعد فيهِ غَير منفحم
٩٦. كَالشَمس تَظهر للعينين مِن بعد
وَتَملأ الكَون مِن واد وَمِن أَكَم
٩٧. فَاعجب لَها كَيفَ تَبدو وَهيَ مُشرِقة
صَغيرة وَتكل الطَرف مِن أمم
٩٨. وَكَيفَ يُدرك في الدُنيا حَقيقته
قَوم نَسوا العَهد يَومَ الذر مِن قدم
٩٩. وَهَل يُحيط بِذات المُصطفى أَبَداً
قَوم نِيام تَسلوا عَنهُ بالحلم
١٠٠. فَمبلغ العلم فيهِ أَنه بشر
وَأنهُ مَصدر الأَفضال وَالنعم
١٠١. وَأَنَّهُ السَيد المُختار مِن مضر
وَأَنَّهُ خَير خَلق اللَه كُلهم
١٠٢. وَكُل آي أتى الرسل الكرام بِها
وَمُعجِزات مشيرات لصدقهم
١٠٣. مَع العُلوم الَّتي خَصوا بِها وَحَظوا
فإنما اتصلت مِن نوره بِهم
١٠٤. فَإِنَّهُ شَمس فَضل هم كَواكبها
تضيء للناس في أَيامها الدهم
١٠٥. وَصحبه بعده يا صاح أنجمها
يظهرن أَنوارها للناس في الظلم
١٠٦. أَكرم بخلق نبي زانَهُ خلق
وَمنظر هان لي فيه انسفاك دَمي
١٠٧. وَقالب لرضاء الحَق مُنقلب
بالحسن مشتمل بالبر متسم
١٠٨. كَالزَهر في تَرف وَالبدر في شَرَف
إِن شبهت ذاته وَالوَجه مِن قدم
١٠٩. وَالمسك في رَشح وَالغَيث في منح
وَالبَحر في كَرَم وَالدَهر في همم
١١٠. كَأَنَّهُ وَهوَ فَرد في جَلالته
مع الوَقار وَطول الصَمت وَالعظم
١١١. لَيث إِذا ما بَدا مِن غيلة وَأَتى
في عَسكر حين تَلقاه وَفي حشم
١١٢. كَأَنَّما اللؤلؤ المَكنون في صَدف
مِن رشحه حينَ يَأتي الوَحي بالحكم
١١٣. وَالدر وَالجَوهر المَنظوم مُنتثر
مِن مَعدني مَنطق فيهِ وَمبتسم
١١٤. لا طيب يَعدل ترباً ضَم أَعظمه
روحي الفِداء لترب مِنهُ محترم
١١٥. فَالمسك في كُل ناد لا يُقاربه
طوبى لمنتشق مِنهُ وَملتثم
١١٦. أَبان مَولده عَن طيب عنصره
وَحسن فطرته وَالمنظر الوسم
١١٧. كَأَن مَبدأه مِن عَين مختمه
يا طيب مبتدأ مِنهُ وُمختتم
١١٨. يَوم تفرس فيهِ الفرس أَنهم
باؤوا بكل وبال في ديارهم
١١٩. وَحينَ أَيقنت الأَتراك أنهم
قَد أَنذروا بحلول البُؤس وَالنقم
١٢٠. وَباتَ إيوان كسرى وَهوَ مُنصدع
يَشكو فُؤاداً بِأَنواع البلاء رمي
١٢١. وَهَل سمعت بشمل في الوجود غَدا
كَشمل أَصحاب كسرى غَير ملتئم
١٢٢. وَالنار خامدة الأَنفاس مِن أَسف
عَلى بناء بدار الفُرس منفصم
١٢٣. وَالأَرض باكية الأَجفان مِن لَهف
عَلَيهِ وَالنَهر ساهي العَين مِن سدم
١٢٤. وَساءَ ساوة أَن غاضت بحيرتها
مِن بَعد ما طفحت كَالوابل السجم
١٢٥. أَمست مَواردها تَحكي حجارتها
وَرد واردها بالغيظ حينَ ظمي
١٢٦. كَأَن بِالنار ما بِالماء مِن بَلل
وَذاكَ في طَبعها ضَرب مِن القَسَم
١٢٧. لأَن ما نالَها قَد كانَ مِن أَسَف
حُزناً وَبِالماء ما بِالنار مِن ضرم
١٢٨. وَالجن تَهتف وَالأَنوار ساطعة
وَالكَون مُبتسم عَن خَير مُبتسم
١٢٩. وَالدين أَصبح مَسروراً بِمَولده
وَالحَق يظهر مِن مَعنى وَمِن كلم
١٣٠. عموا وَصموا فاعلان البَشائر لَم
تفد أُناساً غَدوا مِن جملة النعم
١٣١. قُلوبهم ختمت عَن درك ذاكَ فَلَم
تَسمع وَبارقة الانذار لَم تشم
١٣٢. مِن بَعد ما أخبر الأَقوام كاهنهم
ببعث أَحمد بالقُرآن وَالحكم
١٣٣. وَبَعد ما أنذر الأَحلاف عالمهم
بِأَن دينهم المعوج لَم يَقم
١٣٤. وَبَعد ما عاينوا في الأُفق مِن شهب
خرت كَما خَر طَير الباز وَالرخم
١٣٥. أعجب لَها مِن نُجوم مِن مواقعها
منقضة وفق ما في الأَرض مِن صنم
١٣٦. حَتّى غَدا مِن طَريق الوَحي مُنهزم
مِن نارها باءَ بِالإِحراق وَالضرم
١٣٧. وَكُل منذعر الإدراك منخلع
مِن الشَياطين يَقفو إِثرَ منهزم
١٣٨. كَأَنهُم هَربا أَبطال ابرهة
لَما أَتى طَيرهم بِالبُؤس وَالنقم
١٣٩. أَو جَيش بدر أَمام الرُسل فرقه
أَو عَسكر بِالحَصى مِن راحَتيهِ رمي
١٤٠. نبذاً بِه بَعدَ تَسبيح بِبطنهما
رَمي البَنادق في جَمع مِن البهم
١٤١. حكت برميتها جَيش العَدو ضحى
نَبذ المسبح مِن أَحشاء ملتقم
١٤٢. جاءَت لدعوته الأَشجار ساجدة
مُطيعة لنبي العرب وَالعَجم
١٤٣. لا بدع إن أَسرَعت طَوعاً لَه وَأَتَت
تَمشي إِلَيهِ عَلى ساق بِلا قَدَم
١٤٤. كَأَنَّما سطرت سَطراً لما كتبت
عُروقها في الثَرى سَطراً بِلا قَلَم
١٤٥. أَجل ما فعلت في المَشي ما رَسَمت
فُروعها مِن بَديع الخَط في اللقم
١٤٦. مثل الغَمامة أَنى سار سائره
عَلَيهِ قَد ظَلَلت في الحل وَالحرم
١٤٧. إِن سارَ سارَت وَاما واقفاً وَقفت
تَقيهِ حر وَطيس للهجير حمي
١٤٨. أَقسمت بِالقَمر المُنشق إِن لَهُ
سراً عَجيباً وَعلماً صارَ كالعلم
١٤٩. ما انشق نصفين إِلا حَيث كانَ لَهُ
مِن قَلبه نسبة مَبروره القسم
١٥٠. وَما حَوى الغار مِن خَير وَمِن كَرَم
وَمِن عَفاف وَمِن جود وَمِن عظم
١٥١. إِذا طرف جبريل يَرعاه وَيرمقه
وَكُل طَرف مِن الكُفار عَنهُ عمي
١٥٢. فَالصدق في الغار وَالصَديق لَم ير ما
حاشاهما اللَه مِن سوء وَمِن نقم
١٥٣. وَردت الفئة الأَرجاس خائبة
وَهُم يَقولون ما بالغار مِن أرم
١٥٤. ظَنوا الحمام وَظَنوا العَنكبوت عَلى
مُحمد وَأَخيه الصدق لَم تخم
١٥٥. وَأَيقنوا أَنَّهُ لَو كانَ داخله
خَير البَرية لَم تنسج وَلَم تحم
١٥٦. وقاية اللَه أَغنت عَن مُضاعفة
مِن الكَتائب وَالفُرسان وَالحشم
١٥٧. وَحيطة اللَه تَحميه وَتحفظه
مِن الدُروع وَعَن عال مِن الأَطم
١٥٨. ما سامَني الدَهر ضَيماً وَاستجرت بِهِ
وَصرت أَدعو بِهِ في حندس الظلم
١٥٩. وَلذت مِن عظم إشفاقي بحضرته
إِلا وَنلت جواراً مِنهُ لَم يضم
١٦٠. وَلا التمست غنى الدارين مِن يده
إِلا وَأَصبَحت في بَحر مِن النعم
١٦١. وَلا استلمت جَناباً عَزَ صاحبه
إِلا استَلَمت النَدى مِن خَير مُستلم
١٦٢. لا تُنكر الوَحي مِن رُؤياه إِن لَهُ
سراً عَجيباً وَقَدراً في الكَمال سَمي
١٦٣. وَكُل ما قَد رَأى حق لأَن لَه
قَلباً مَتى نامت العَينان لَم ينم
١٦٤. وَذاكَ حينَ بُلوغ مِن نبوته
إِذ جاءَ جبريل بِالناموس وَالحكم
١٦٥. وَحينَ إِذ طهر الرَحمَن جملته
فَكَيفَ يُنكر فيهِ حال مُحتلم
١٦٦. تَبارك اللَه ما وَحي بمكتسب
بَل إنما هُوَ عَن حَظ وَعَن قسم
١٦٧. وَلا رَسول لما يَأتيه مُخترع
وَلا نَبي عَلى غَيب بمتهم
١٦٨. كَم أَبرَأت وَصباً بِاللَمس راحته
وأقصدت جَحفلاً كَالبَحر في العظم
١٦٩. وَكَم رَوَت عَسكراً مِن فَيض راحتها
وَأطلقت أرباً مِن ربقة اللمم
١٧٠. وَأحيت السنة الشَهباء دَعوته
وَأَخرجت أَهلها مِن سورة العدم
١٧١. وَضوء نيرها مِن نور جَبهته
حَتّى حَكَت غرة في الأَعصر الدهم
١٧٢. يعارض جاد أَو خلت البطاح بها
طوفان نوح وَلَكن بِالنَوال همي
١٧٣. كَأَن وابلها في كُل ناحية
سيب مِن التم أَو سَيل مِن العرم
١٧٤. دَعني وَوَصفي آيات لَهُ ظَهَرَت
عَلى الوَرى وَغَدَت للناس كَالنعم
١٧٥. اللَهُ بَعد خفاء مِنهُ أظهرها
ظُهور نار القرى لَيلا عَلى علم
١٧٦. فَالدر يَزداد حُسناً وَهوَ مُنتَظم
في سلكه وَيرى في أَحسن القِيَم
١٧٧. وَلَيسَ يعدم حسناً وَهوَ مُنتَثر
وَلَيسَ يَنقص قَدراً غَير مُنتَظم
١٧٨. فَما تَطاول آمال المَديح إِلى
كَماله وَعلاه الوافر العمم
١٧٩. وَكَيفَ تَستوعب المداح قاطبة
ما فيهِ مِن كَرَم الأَخلاق وَالشيَم
١٨٠. آيات حَق مِن الرَحمن محدثة
قَد بينت خبر الماضي مِن الأُمم
١٨١. وَإنَّها عِندَ أَهل الحَق كُلهم
قَديمة صفة المَوصوف بِالقدم
١٨٢. لَم تقترن بزمان وَهيَ تخبرنا
عَن الغُيوب وَعما كانَ مِن هرم
١٨٣. جاءَت إِلَينا مِن الباري لتنبئنا
عَن المعاد وَعَن عاد وَعَن إِرم
١٨٤. دامَت لَدَينا فَفاقَت كَل معجزة
جاءَت بها الرُسل مِن باد وَمكتتم
١٨٥. وَاستوعبت كل إرهاص وَمكرمة
مِن النَبيين إِذا جاءَت وَلَم تَدُم
١٨٦. مُحكمات فَما يَبقين مِن شبه
وَمحكمات فَما غادرنَ مِن سقم
١٨٧. لَم تبق ريبا وَلا شَكا فَواصلها
لذي شقاق وَلا يَبغين مِن حكم
١٨٨. ما حوربت قَط إِلا عاد من حَرب
عَدوها وَهوَ في خزي وَفي نقم
١٨٩. وَكَم غَدا حيثما سلت صَوارمها
أَعدى الأَعادي إِلَيها ملقي السلم
١٩٠. رَدت بَلاغتها دَعوى معارضها
عَلى فَظاظَتها مَنكوسة العلم
١٩١. ترد مَن جاءَها يَبغي الهَوان بِها
رَد الغيور يَد الجاني عَن الحرم