Feedback

بقوة العلم تقوى شوكة الأمم

١. بِقُوَّةِ الْعِلْمِ تَقْوَى شَوْكَةُ الأُمَمِ
فَالْحُكْمُ فِي الدَّهْرِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَلَمِ

٢. كَمْ بَيْنَ مَا تَلْفِظُ الأَسْيَافُ مِنْ عَلَقٍ
وَبَيْنَ مَا تَنْفُثُ الأَقْلامُ مِنْ حِكَمِ

٣. لَوْ أَنْصَفَ النَّاسُ كَانَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمُ
بِقَطْرَةٍ مِنْ مِدَادٍ لا بِسَفْكِ دَمِ

٤. فَاعْكِفْ عَلَى الْعِلْمِ تَبْلُغْ شَأْوَ مَنْزِلَةٍ
فِي الْفَضْلِ مَحْفُوفَةٍ بِالْعِزِّ وَالْكَرَمِ

٥. فَلَيْسَ يَجْنِي ثِمَارَ الْفَوْزِ يَانِعَةً
مِنْ جَنَّةِ الْعِلْمِ إِلَّا صَادِقُ الْهِمَمِ

٦. لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسَاعِي مَا يَبِينُ بِهِ
سَبْقُ الرِّجَالِ تَسَاوَى النَّاسُ فِي الْقِيَمِ

٧. وَلِلْفَتَى مُهْلَةٌ فِي الدَّهْرِ إِنْ ذَهَبَتْ
أَوْقَاتُهَا عَبَثَاً لَمْ يَخْلُ مِنْ نَدَمِ

٨. لَوْلا مُدَاوَلَةُ الأَفْكَارِ مَا ظَهَرَتْ
خَزَائِنُ الأَرْضِ بَيْنَ السَّهْلِ وَالْعَلَمِ

٩. كَمْ أُمَّةٍ دَرَسَتْ أَشْبَاحُهَا وَسَرَتْ
أَرْوَاحُهَا بَيْنَنَا فِي عَالَمِ الْكَلِمِ

١٠. فَانْظُرْ إِلَى الْهَرَمَيْنِ الْمَاثِلَيْنِ تَجِدْ
غَرَائِباً لا تَرَاهَا النَّفْسُ فِي الْحُلُمِ

١١. صَرْحَانِ مَا دَارَتِ الأَفْلاكُ مُنْذُ جَرَتْ
عَلَى نَظِيرِهِمَا فِي الشَّكْلِ وَالْعِظَمِ

١٢. تَضَمَّنَا حِكَماً بَادَتْ مَصَادِرُهَا
لَكِنَّهَا بَقِيَتْ نَقْشاً عَلَى رَضَمِ

١٣. قَوْمٌ طَوَتْهُمْ يَدُ الأَيَّامِ فَانْقَرَضُوا
وَذِكْرُهُمْ لَمْ يَزَلْ حَيّاً عَلَى الْقِدَمِ

١٤. فَكَمْ بِهَا صُوَر كَادَتْ تُخَاطِبُنَا
جَهْراً بِغَيْرِ لِسَانٍ نَاطِقٍ وَفَمِ

١٥. تَتْلُو لِهِرْمِسَ آيَاتٍ تَدُلُّ عَلَى
فَضْلٍ عَمِيمٍ وَمَجْدٍ بَاذِخِ الْقَدَمِ

١٦. آيَاتِ فَخْرٍ تَجَلَّى نُورُهَا فَغَدَتْ
مَذْكُورَةً بِلِسَانِ الْعُرْبِ وَالْعَجَمِ

١٧. وَلاحَ بَيْنَهُمَا بَلْهِيبُ مُتَّجِهاً
لِلشَّرْقِ يَلْحَظُ مَجْرَى النِّيلِ مِنْ أَمَمِ

١٨. كَأَنَّهُ رَابِضٌ لِلْوَثْبِ مُنْتَظِرٌ
فَرِيسَةً فَهْوَ يَرْعَاهَا وَلَمْ يَنَمِ

١٩. رَمْزٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعُلُومَ إِذَا
عَمَّتْ بِمِصْرَ نَزَتْ مِنْ وَهْدَةِ الْعَدَمِ

٢٠. فَاسْتَيْقِظُوا يَا بَني الأَوْطَانِ وَانْتَصِبُوا
لِلْعِلْمِ فَهْوَ مَدَارُ الْعَدْلِ فِي الأُمَمِ

٢١. وَلا تَظُنُّوا نَمَاءَ الْمَالِ وَانْتَسِبُوا
فَالْعِلْمُ أَفْضَلُ مَا يَحْوِيهِ ذُو نَسَمِ

٢٢. فَرُبَّ ذِي ثَرْوَةٍ بِالْجَهْلِ مُحْتَقَرٍ
وَرُبَّ ذِي خَلَّةٍ بِالْعِلْمِ مُحْتَرَمِ

٢٣. شِيدُوا الْمَدَارِسَ فَهْيَ الْغَرْسُ إِنْ بَسَقَتْ
أَفْنَانُهُ أَثْمَرَتْ غَضّاً مِنَ الْنِّعَمِ

٢٤. مَغْنَى عُلُومٍ تَرَى الأَبْنَاءَ عَاكِفَةً
عَلَى الدُّرُوسِ بِهِ كَالطَّيْرِ فِي الْحَرَمِ

٢٥. مِنْ كُلِّ كَهْلِ الْحِجَا فِي سِنِّ عَاشِرَةٍ
يَكَادُ مَنْطِقُهُ يَنْهَلُّ بِالْحِكَمِ

٢٦. كَأَنَّهَا فَلَكٌ لاحَتْ بِهِ شُهُبٌ
تُغْنِي بِرَوْنَقِهَا عَنْ أَنْجُمِ الظُّلَمِ

٢٧. يَجْنُونَ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ زَهْرَةً عَبِقَتْ
بِنَفْحَةٍ تَبْعَثُ الأَرْوَاحَ فِي الرِّمَمِ

٢٨. فَكَمْ تَرَى بَيْنَهُمْ مِنْ شَاعِرٍ لَسِنٍ
أَوْ كَاتِبٍ فَطِنٍ أَوْ حَاسِبٍ فَهِمِ

٢٩. وَنَابِغٍ نَالَ مِنْ عِلْمِ الْحُقُوقِ بِهَا
مَزِيَّةً أَلْبَسَتْهُ خِلْعَةَ الْحَكَمِ

٣٠. وَلُجِّ هَنْدَسَةٍ تَجْرِي بِحِكْمَتِهِ
جَدَاوِلُ الْمَاءِ فِي هَالٍ مِنَ الأَكَمِ

٣١. بَلْ كَمْ خَطِيبٍ شَفَى نَفْسَاً بِمَوْعِظَةٍ
وَكَمْ طَبِيبٍ شَفَى جِسْمَاً مِنَ السَّقَمِ

٣٢. مُؤَدَّبُونَ بِآدَابِ الْمُلُوكِ فَلا
تَلْقَى بِهِمْ غَيْرَ عَالِي الْقَدْرِ مُحْتَشِمِ

٣٣. قَوْمٌ بِهِمْ تَصْلُحُ الدُّنْيَا إِذَا فَسَدَتْ
وَيَفْرُقُ الْعَدْلُ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالْغَنَمِ

٣٤. وَكَيْفَ يَثْبُتُ رُكْنُ الْعَدْلِ فِي بَلَدٍ
لَمْ يَنْتَصِبْ بَيْنَهَا لِلْعِلْمِ مِنْ عَلَمِ

٣٥. مَا صَوَّرَ اللَّهُ لِلأَبْدَانِ أَفْئِدَةً
إِلَّا لِيَرْفَعَ أَهْلَ الْجِدِّ وَالْفَهَمِ

٣٦. وَأَسْعَدُ النَّاسِ مَنْ أَفْضَى إِلَى أَمَدٍ
فِي الْفَضْلِ وَامْتَازَ بِالْعَالِي مِنَ الشِّيَمِ

٣٧. لَوْلا الْفَضِيلَةُ لَمْ يَخْلُدْ لِذِي أَدَبٍ
ذِكْرٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَدَمِ

٣٨. فَلْيَنْظُرِ الْمَرْءُ فِيمَا قَدَّمَتْ يَدُهُ
قَبْلَ الْمَعَادِ فَإِنَّ الْعُمْرَ لَمْ يَدُمِ