١. أَلا حَيِّ مِنْ أَسْمَاءَ رَسْمَ الْمَنَازِلِ
وَإِنْ هِيَ لَمْ تَرْجِعْ بَيَانَاً لِسَائِلِ
٢. خَلاءٌ تَعَفَّتْهَا الرَّوَامِسُ وَالْتَقَتْ
عَلَيْهَا أَهَاضِيبُ الْغُيُومِ الْحَوَافِلِ
٣. فَلأْياً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَرَسُّمٍ
أَرَانِي بِهَا مَا كَانَ بِالأَمْسِ شَاغِلِي
٤. غَدَتْ وَهْيَ مَرْعَىً لِلظِّبَاءِ وَطَالَمَا
غَنَتْ وَهْيَ مَأْوَىً لِلْحِسَانِ الْعَقَائِلِ
٥. فَلِلْعَيْنِ مِنْهَا بَعْدَ تَزْيَالِ أَهْلِهَا
مَعَارِفُ أَطْلالٍ كَوَحْيِ الرَّسَائِلِ
٦. فَأَسْبَلَتِ الْعَيْنَانِ فِيهَا بِوَاكِفٍ
مِنَ الدَّمْعِ يَجْرِي بَعْدَ سَحٍّ بِوَابِلِ
٧. دِيارُ الَّتِي هَاجَتْ عَلَيَّ صَبَابَتِي
وَأَغْرَتْ بِقَلْبِي لاعِجِاتِ الْبَلابِلِ
٨. مِنَ الْهيفِ مِقْلاقُ الْوِشَاحَيْنِ غَادَةٌ
سَلِيمَةُ مَجْرَى الدَّمْعِ رَيَّا الْخَلاخِلِ
٩. إِذَا مَا دَنَتْ فَوْقَ الْفِرَاشِ لِوَسْنَةٍ
جَفَا خَصْرُهَا عَنْ رِدْفِهَا الْمُتَخَاذِلِ
١٠. تَعَلَّقْتُهَا فِي الْحَيِّ إِذْ هِيَ طِفْلَةٌ
وَإِذْ أَنَا مَجْلُوبٌ إِلَيَّ وَسَائِلِي
١١. فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الْحُبُّ فِي الْقَلْبِ وَانْجَلَتْ
غَيَابَتُهُ هَاجَتْ عَلَيَّ عَوَاذِلِي
١٢. فَيَا لَيْتَ أَنَّ الْعَهْدَ بَاقٍ وَأَنَّنَا
دَوَارِجُ فِي غُفْلٍ مِنَ الْعَيْشِ خَامِلِ
١٣. تَمُرُّ بِنَا رُعْيَانُ كُلِّ قَبِيلَةٍ
فَمَا يَمْنَحُونَا غَيْرَ نَظْرَةِ غَافِلِ
١٤. صَغِيرَيْنِ لَمْ يَذْهَبْ بِنَا الظَّنُّ مَذْهَباً
بَعِيداً وَلَمْ يُسْمَعْ لَنَا بِطَوَائِلِ
١٥. نَسِيرُ إِذَا مَا الْقَوْمُ سَارُوا غَدِيَّةً
إِلَى كُلِّ بَهْمٍ رَاتِعَاتٍ وَجَامِلِ
١٦. وَإِنْ نَحْنُ عُدْنَا بِالْعَشِيِّ أَضَافَنَا
إِلَيْهِ سَدِيلٌ مِنْ نَقاً مُتَقَابِلِ
١٧. فَوَيْلٌ لِهَذَا الدَّهْرِ مَاذَا أَرَادَهُ
إِلَيْنَا وَقَدْ كُنَّا كِرَامَ الْمَحَاصِلِ
١٨. عَلَى عِفَّةٍ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهَا
مُبَرَّأَةٌ مِنْ كُلِّ غَيٍّ وَبَاطِلِ
١٩. وَلَكِنَّهَا الأَيَّامُ لَمْ تَأْتِ صَالِحَاً
مِنَ الأَمْرِ إِلا أَعْقَبَتْ بِالتَّنَازُلِ
٢٠. إِذَا مَا تَذَكَّرْتُ الزَّمَانَ الَّذِي مَضَى
تَسَاقَطُ نَفْسِي إِثْرَ تِلْكَ الْقَبَائِلِ
٢١. قَبَائِلُ أَفْنَتْهَا الْحُرُوبُ وَلَمْ تَكُنْ
لِتَفْنَى كِرَامُ النَّاسِ مَا لَمْ تُقَاتِلِ
٢٢. قَضَتْ بَعْدَهُمْ نَفْسِي عَزَاءً وَأَصحَبَتْ
عَشَوْزَنَتِي وَانْقَادَ لِلذُّلِّ كَاهِلِي
٢٣. وَأَصْبَحْتُ مَغْلُولَ الْيَدَيْنِ عَنِ الَّتِي
أُحَاوِلُهَا وَالدَّهْرُ جَمُّ الْغَوائِلِ
٢٤. صَرِيعَ لُبَانَاتٍ تَقَسَّمْنَ نَفْسَهُ
وَغَادَرْنَهُ نَهْبَ الأَكُفِّ الْخَواتِلِ
٢٥. كَأَنِّيَ لَمْ أَعْقِدْ مَعَ الْفَجْرِ رَايَةً
وَلَمْ أُدْعَ بِاسْمِي لِلْكَمِيِّ الْمُنَازِلِ
٢٦. وَلَمْ أَبْعَثِ الْخَيْلَ الْمُغِيرَةَ فِي الضُّحَا
بِكُلِّ رَكُوبٍ لِلْكَرِيهَةِ بَاسِلِ
٢٧. نَزَائِعَ يَعْلُكْنَ الشَّكِيمَ عَلَى الْوَجَى
إِذَا عُرِّيَتْ أَمْثَالُهَا فِي الْمَنَازِلِ
٢٨. مِنَ الْقَوْمِ بَادٍ مَجْدُهُمْ فِي شِمَالِهِمْ
وَلا مَجْدَ إِلا دَاخِلٌ فِي الشَّمَائِلِ
٢٩. إِذَا مَا دَعَوْتَ الْمَرْءَ مِنْهُمْ لِدَعْوَةٍ
عَلَى عَجَلٍ لَبَّاكَ غَيْرَ مُسَائِلِ
٣٠. يُكَفْكِفُ أُولَى الْخَيْلِ مِنْهُ بِطَعْنَةٍ
تَمُجُّ دَمَاً مَطْعُونُهَا غَيْرُ وَائِلِ
٣١. يَكُونُ عَشَاءَ الزَّادِ آخِرَ آكِلٍ
وَيَوْمَ اخْتِلاجِ الطَّعْنِ أَوَّلَ حَامِلِ
٣٢. قَضَوْا مَا قَضَوْا مِنْ دَهْرِهِمْ ثُمَّ فَوَّزُوا
إِلَى دَارِ خُلْدٍ ظِلُّهَا غَيْرُ زَائِلِ