Feedback

أيد المنونقدحت أي زناد

١. أَيَدَ الْمَنُونِقَدَحْتِ أَيَّ زِنَادِ
وَأَطَرْتِ أَيَّةَ شُعْلَةٍ بِفُؤَادِي

٢. أَوْهَنْتِ عَزْمِي وَهْوَ حَمْلَةُ فَيْلَقٍ
وَحَطَمْتِ عُودِي وَهْوَ رُمْحُ طِرَادِ

٣. لَمْ أَدْرِ هَلْ خَطْبٌ أَلَمَّ بِسَاحَتِي
فَأَنَاخَ أَمْ سَهْمٌ أَصابَ سَوَادِي

٤. أَقْذَى الْعُيُونَ فأَسْبَلَتْ بِمَدَامِعٍ
تَجْرِي عَلَى الْخَدَّيْنِ كَالْفِرْصَادِ

٥. ما كُنْتُ أَحْسَبُنِي أُرَاعُ لِحَادِثٍ
حَتَّى مُنِيتُ بِهِ فَأَوْهَنَ آدِي

٦. أَبْلَتْنِيَ الحَسَراتُ حَتَّى لَمْ يَكَدْ
جِسْمِي يَلُوحُ لأَعْيُنِ الْعُوَّادِ

٧. أَسْتَنْجِدُ الزَّفَراتِ وَهْيَ لَوَافِحٌ
وَأُسَفِّهُ الْعَبَرَاتِ وَهْيَ بِوَادِي

٨. لا لَوْعَتِي تَدَعُ الْفُؤَادَ وَلا يَدِي
تَقْوَى عَلَى رَدِّ الحَبِيبِ الْغَادِي

٩. يا دَهْرُ فِيمَ فَجَعْتَنِي بِحَلِيلَةٍ
كَانَتْ خُلاصَةَ عُدَّتِي وَعَتَادِي

١٠. إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْحَمْ ضَنَايَ لِبُعْدِهَا
أَفَلا رَحِمْتَ مِنَ الأَسى أَوْلادِي

١١. أَفْرَدْتَهُنَّ فَلَمْ يَنَمْنَ تَوَجُّعَاً
قَرْحَى الْعُيُونِ رَوَاجِفَ الأَكْبَادِ

١٢. أَلْقَيْنَ دُرَّ عُقُودِهِنَّ وَصُغْنَ مِنْ
دُرِّ الدُّمُوعِ قَلائِدَ الأَجْيَادِ

١٣. يَبْكِينَ مِنْ وَلَهٍ فِرَاقَ حَفِيَّةٍ
كَانَتْ لَهُنَّ كَثِيرَةَ الإِسْعَادِ

١٤. فَخُدُودُهُنَّ مِنَ الدُّمُوعِ نَدِيَّةٌ
وَقُلُوبُهُنَّ مِنَ الْهُمُومِ صَوَادِي

١٥. أَسَلِيلَةَ الْقَمَرَيْنِ أَيُّ فَجِيعَةٍ
حَلَّتْ لِفَقْدِكِ بَيْنَ هَذَا النَّادِي

١٦. أَعزِزْ عَلَيَّ بِأَنْ أَرَاكِ رَهِينَةً
فِي جَوْفِ أَغْبَرَ قَاتِمِ الأَسْدَادِ

١٧. أَوْ أَنْ تَبِينِي عَنْ قَرَارَةِ مَنْزِلٍ
كُنْتِ الضِيَاءَ لَهُ بِكُلِّ سَوَادِ

١٨. لَوْ كَانَ هَذَا الدَّهْرُ يَقْبَلُ فِدْيَةً
بِالنَّفْسِ عَنْكِ لَكُنْتُ أَوَّلَ فَادِي

١٩. أَوْ كَانَ يَرْهَبُ صَوْلَةً مِنْ فَاتِكٍ
لَفَعَلْتُ فِعْلَ الْحَارِثِ بْنِ عُبَادِ

٢٠. لَكِنَّهَا الأَقْدَارُ لَيْسَ بِنَاجِعٍ
فِيها سِوَى التَّسْلِيمِ وَالإِخْلادِ

٢١. فَبِأَيِّ مَقْدِرَةٍ أَرُدُّ يَدَ الأَسَى
عَنِّي وَقَدْ مَلَكَتْ عِنَانَ رَشَادِي

٢٢. أَفَأَسْتَعِينُ الصَّبْرَ وَهْوَ قَسَاوَةٌ
أَمْ أَصْحَبُ السُّلْوَانَ وَهْوَ تَعَادِي

٢٣. جَزَعُ الْفَتَى سِمَةُ الْوَفَاءِ وصَبْرُهُ
غَدْرٌ يَدُلُّ بِهِ عَلَى الأَحْقَادِ

٢٤. وَمِنَ الْبَلِيَّةِ أَنْ يُسَامَ أَخُو الأَسَى
رَعْيَ التَّجَلُّدِ وَهْوَ غَيْرُ جَمَادِ

٢٥. هَيْهَاتَ بَعْدَكِ أَنْ تَقَرَّ جَوَانِحِي
أَسَفاً لِبُعْدِكِ أَوْ يَلِينَ مِهَادِي

٢٦. وَلَهِي عَلَيكِ مُصاحِبٌ لِمَسِيرَتِي
وَالدَّمْعُ فِيكِ مُلازِمٌ لِوِسَادِي

٢٧. فَإِذَا انْتَبَهْتُ فَأَنْتِ أَوَّلُ ذُكْرَتِي
وَإِذَا أَوَيْتُ فَأَنْتِ آخِرُ زَادِي

٢٨. أَمْسَيْتُ بَعْدَكِ عِبْرَةً لِذَوِي الأَسَى
فِي يَوْمِ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَحِدَادِ

٢٩. مُتَخَشِّعَاً أَمْشِي الضَّرَّاءَ كَأَنَّنِي
أَخْشَى الْفُجَاءَةَ مِنْ صِيَالِ أَعَادِي

٣٠. مَا بَيْنَ حُزْنٍ بَاطنٍ أَكَلَ الْحَشَا
بِلَهِيبِ سَوْرَتِهِ وَسُقْمٍ بَادِي

٣١. وَرَدَ الْبَرِيدُ بِغَيْرِ ما أَمَّلْتُهُ
تَعِسَ الْبَرِيدُ وشَاهَ وَجْهُ الْحَادِي

٣٢. فَسَقَطْتُ مَغْشِيَّاً عَلَيَّ كَأَنَّمَا
نَهَشَتْ صَمِيمَ الْقَلْبِ حَيَّةُ وَادِي

٣٣. وَيْلُمِّهِ رُزءَاً أَطَارَ نَعِيُّهُ
بِالْقَلْبِ شُعْلَةَ مَارِجٍ وَقَّادِ

٣٤. قَدْ أَظْلَمَتْ مِنْهُ الْعُيُونُ كَأَنَّما
كَحَل الْبُكَاءُ جُفُونَها بِقَتَادِ

٣٥. عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ عَلَيَّ بِقَدْرِ مَا
عَظُمَتْ لَدَيَّ شَمَاتَةُ الْحُسَّادِ

٣٦. لامُوا عَلَى جَزَعِي وَلَمَّا يَعْلَمُوا
أَنَّ الْمَلامَةَ لا تَرُدُّ قِيَادِي

٣٧. فَلَئِنْ لَبِيدُ قَضَى بِحَوْلٍ كَامِلٍ
فِي الْحُزْنِ فَهْوَ قَضَاءُ غَيْرِ جَوَادِ

٣٨. لَبِسَ الزَّمَانَ عَلَى اخْتِلافِ صُرُوفِهِ
دُوَلاً وَفَلَّ عَرَائِكَ الآبَادِ

٣٩. كَمْ بَيْنَ عَادِيٍّ تَمَلَّى عُمْرَهُ
حِقَباً وَبَيْنَ حَدِيثَةِ الْمِيلادِ

٤٠. هَذَا قَضَى وَطَرَ الْحَيَاةِ وتِلْكَ لَمْ
تَبْلُغْ شَبِيبَةَ عُمْرِهَا الْمُعْتَادِ

٤١. فَعَلامَ أَتْبَعُ مَا يَقُولُوَحُكْمُهُ
لا يَسْتَوِي لِتَبَايُنِ الأَضْدَادِ

٤٢. سِرْ يَا نَسِيمُ فَبَلِّغِ الْقَبْرَ الَّذِي
بِحِمَى الإِمَامِ تَحِيَّتِي ووِدَادِي

٤٣. أَخْبِرْهُ أَنِّي بَعْدَهُ في مَعْشَرٍ
يَسْتَجْلِبُونَ صَلاحَهُمْ بِفَسَادِي

٤٤. طُبِعُوا على حَسَدٍ فَأَنْتَ تَرَاهُمُ
مَرْضَى الْقُلُوبِ أَصِحَّةَ الأَجْسَادِ

٤٥. وَلَوَ انَّهُمْ عَلِمُوا خَبِيئَةَ ما طَوَى
لَهُمُ الرَّدَى لَمْ يَقْدَحُوا بِزِنادِ

٤٦. كُلُّ امْرِئٍ يَوْماً مُلاقٍ رَبَّهُ
والنَّاسُ فِي الدُّنْيَا عَلى مِيعَادِ

٤٧. وَكَفَى بِعَادِيَةِ الْحَوَادِثِ مُنْذِراً
لِلْغَافِلِينَ لَوِ اكْتَفُوا بِعَوَادِي

٤٨. فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ نَظْرَةَ عَاقِلٍ
لِمَصَارِعِ الآباءِ وَالأَجْدَادِ

٤٩. عَصَفَ الزَمَانُ بِهِمْ فَبَدَّدَ شَمْلَهُمْ
فِي الأَرْضِ بَيْنَ تَهَائِمٍ وَنِجَادِ

٥٠. دَهْرٌ كَأَنَّا مِنْ جَرَائِرِ سِلْمِهِ
فِي حَرِّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ وجِلادِ

٥١. أَفْنَى الْجَبَابِرَ مِنْ مَقَاوِلِ حِمْيَرٍ
وأُولِي الزَّعَامَةِ مِنْ ثَمُودَ وَعَادِ

٥٢. وَرَمَى قُضَاعَةَ فَاسْتَبَاحَ دِيارَهَا
بِالسُّخْطِ مِنْ سابُورَ ذِي الأَجْنَادِ

٥٣. وَأَصَابَ عَنْ عُرْضٍ إِيادَ فَأَصْبَحَتْ
مَنْكُوسَةَ الأَعْلامِ فِي سِنْدَادِ

٥٤. فَسَلِ الْمَدَائِنَ فَهْيَ مَنْجَمُ عِبْرَةٍ
عَمَّا رَأَتْ مِنْ حَاضِرٍ أَوْ بَادِي

٥٥. كَرَّتْ عَلَيْهَا الْحَادِثَاتُ فَلَمْ تَدَعْ
إِلَّا بَقَايَا أَرْسُمٍ وَعِمَادِ

٥٦. وَاعْكُفْ عَلَى الْهَرَمَيْنِ واسْأَلْ عَنْهُمَا
بَلْهِيبَ فَهْوَ خَطِيبُ ذَاكَ الْوَادِي

٥٧. تُنْبِئْكَ أَلْسِنَةُ الصُّمُوتِ بِمَا جَرَى
في الدَّهْرِ مِنْ عَدَمٍ ومِنْ إِيْجَادِ

٥٨. أُمَمٌ خَلَتْ فَاسْتَعْجَمَتْ أَخْبَارُها
حَتَّى غَدَتْ مَجْهُولَةَ الإِسْنَادِ

٥٩. فَعَلامَ يَخْشَى الْمَرْءُ صَرْعَةَ يَوْمِهِ
أَوَلَيْسَ أَنَّ حَيَاتَهُ لِنَفَادِ

٦٠. تَعَسَ امْرُؤٌ نَسِيَ الْمَعَادَ وَمَا دَرَى
أَنَّ الْمَنُونَ إِلَيْهِ بِالْمِرْصَادِ

٦١. فَاسْتَهْدِ يَا مَحْمُودُ رَبَّكَ وَالْتَمِسْ
مِنْهُ الْمَعُونَةَ فَهْوَ نِعْمَ الْهَادِي

٦٢. وَاسْأَلْهُ مَغْفِرَةً لِمَنْ حَلَّ الثَّرَى
بِالأَمْسِ فَهْوَ مُجِيبُ كُل مُنَادِي

٦٣. هِيَ مُهْجَةٌ وَدَّعْتُ يَوْمَ زِيَالِهَا
نَفْسِي وَعِشْتُ بِحَسْرَةٍ وَبِعَادِ

٦٤. تَاللهِ ما جَفَّتْ دُمُوعي بَعْدَمَا
ذَهَبَ الرَّدَى بِكِ يَا بْنَةَ الأَمْجَادِ

٦٥. لا تَحْسَبِينِي مِلْتُ عَنْكِ مَعَ الْهَوَى
هَيْهَاتَ مَا تَرْكُ الْوَفاءِ بِعَادِي

٦٦. قَدْ كِدْتُ أَقْضِي حَسْرَةً لَوْ لَمْ أَكُنْ
مُتَوَقِّعَاً لُقْيَاكِ يَوْمَ مَعَادِي

٦٧. فَعَلَيْكِ مِنْ قَلْبِي التَّحِيَّةُ كُلَّمَا
نَاحَتْ مُطَوَّقَةٌ عَلَى الأَعْوَادِ