Feedback

يا ظبية أشبه شيء بالمها

١. يا ظَبيَةً أَشبَه شَيءٍ بِالمَها
تَرعى الخُزامى بَينَ أَشجارِ النَقا

٢. إِمّا تَرَي رَأسِيَ حاكي لَونُهُ
طُرَّةَ صُبحٍ تَحتَ أَذيالِ الدُجى

٣. وَاِشتَعَلَ المُبيَضُّ في مُسوَدِّهِ
مِثلَ اِشتِعالِ النارِ في جَزلِ الغَضى

٤. فَكانَ كَاللَيلِ البَهيمِ حَلَّ في
أَرجائِهِ ضَوءُ صَباحٍ فَاِنجَلى

٥. وَغاضَ ماءَ شِرَّتي دَهرٌ رَمى
خَواطِرَ القَلبِ بِتَبريحِ الجَوى

٦. وَآضَ رَوضُ اللَهوِ يَبساً ذاوِياً
مِن بَعدِ ما قَد كانَ مَجّاجَ الثَرى

٧. وَضَرَّمَ النَأيُ المُشِتُّ جَذوَةً
ما تَأتَلي تَسفَعُ أَثناءَ الحَشا

٨. وَاِتَّخَذَ التَسهيدُ عَيني مَألَفاً
لَمّا جفا أَجفانَها طَيفُ الكَرى

٩. فَكُلُّ ما لاقَيتُهُ مُغتَفَرٌ
في جَنبِ ما أَسأَرَهُ شَحطُ النَوى

١٠. لَو لابَسَ الصَخرَ الأَصَمَّ بَعضُ ما
يَلقاهُ قَلبي فَضَّ أَصلادَ الصَفا

١١. إِذا ذَوى الغُصنُ الرَطيبُ فَاِعلَمَن
أَنَّ قُصاراهُ نَفاذٌ وَتَوى

١٢. شَجيتُ لا بَل أَجرَضَتني غُصَّةٌ
عَنودُها أَقتَلُ لي مِنَ الشَجى

١٣. إِن يَحم عَن عَيني البُكا تَجَلُّدي
فَالقَلبُ مَوقوفٌ عَلى سُبلِ البُكا

١٤. لَو كانَتِ الأَحلامُ ناجَتني بِما
أَلقاهُ يقظانَ لأَصماني الرَدى

١٥. مَنزلةٌ مَا خِلتها يَرضى بِها
لِنَفسِهِ ذو أرَبٍ وَلا حِجى

١٦. شيمُ سَحابٍ خُلَّبٍ بارِقُهُ
وَمَوقِفٌ بَينَ اِرتِجاءٍ وَمُنى

١٧. في كُلِّ يَومٍ مَنزِلٌ مُستَوبلٌ
يَشتَفُّ ماءَ مُهجَتي أَو مُجتَوى

١٨. ما خِلتُ أَنَّ الدَهرَ يُثنيني عَلى
ضَرّاءَ لا يَرضى بِها ضَبُّ الكُدى

١٩. أُرَمِّقُ العَيشَ عَلى بَرصٍ فَإِن
رُمتُ اِرتِشافاً رُمتُ صَعبَ المُنتَهى

٢٠. أَراجِعٌ لي الدَهرُ حَولاً كامِلاً
إِلى الَّذي عَوَّدَ أَم لا يُرتَجى

٢١. يا دَهرُ إِن لَم تَكُ عُتبى فَاِتَّئِد
فَإِنَّ إِروادَكَ وَالعُتبى سَوا

٢٢. رَفِّه عَلَيَّ طالَما أَنصَبتَني
وَاِستَبقِ بَعضَ ماءِ غُصنٍ مُلتَحى

٢٣. لا تَحسبَن يا دَهرُ أَنّي جازِعٌ
لِنَكبَةٍ تُعرِقُني عرقَ المُدى

٢٤. مارَستُ مَن لَو هَوَتِ الأَفلاكُ مِن
جَوانِبِ الجَوِّ عَلَيهِ ما شَكا

٢٥. وَعَدَّ لَو كانَت لَهُ الدُنيا بِما
فيها فَزالَت عَنهُ دُنياهُ سوا

٢٦. لَكِنَّها نَفثَةَ مَصدورٍ إِذا
جاشَ لُغامٌ مِن نَواحيها عمى

٢٧. رَضيتُ قَسراً وَعَلى القسرِ رِضى
مَن كانَ ذا سُخطٍ عَلى صرفِ القضا

٢٨. إِنَّ الجَديدَينِ إِذا ما اِستَولَيا
عَلى جَديدٍ أَدنياهُ لِلبِلى

٢٩. ما كُنتُ أَدري وَالزَمانُ مولَعٌ
بِشَتِّ مَلمومٍ وَتَنكيثِ قُوى

٣٠. أَنَّ القَضاءَ قاذِفي في هُوَّةٍ
لا تَستَبِلُّ نَفس مَن فيها هوى

٣١. فَإِن عَثرتُ بَعدَها إِن وَأَلَت
نَفسِيَ مِن هاتا فَقولا لا لعا

٣٢. وَإِن تَكُن مُدَّتُها مَوصولَةً
بِالحَتفِ سَلَّطتُ الأُسا عَلى الأَسى

٣٣. إِنَّ اِمرأَ القَيسِ جَرى إِلى مَدى
فَاِعتاقَهُ حِمامُهُ دونَ المَدى

٣٤. وَخامَرَت نَفسُ أَبي الجَبرِ الجَوى
حَتّى حَواهُ الحَتفُ فيمَن قَد حَوى

٣٥. وَاِبنُ الأَشَجِّ القَيلُ ساقَ نَفسَهُ
إِلى الرَدى حِذارَ إِشماتِ العِدى

٣٦. وَاِختَرَمَ الوَضّاحَ مِن دونِ الَّتي
أَمَّلَها سَيفُ الحِمامِ المُنتَضى

٣٧. وَقَد سَما قَبلي يَزيدٌ طالِباً
شَأوَ العُلى فَما وَهى وَلا وَنى

٣٨. فَاِعتَرَضَت دونَ الَّذي رامَ وَقَد
جَدَّ بِهِ الجِدُّ اللُهَيمُ الأُرَبى

٣٩. هَل أَنا بِدعٌ مِن عَرانين عُلىً
جارَ عَلَيهِم صَرفُ دَهرٍ وَاِعتَدى

٤٠. فَإِن أَنالَتني المَقاديرُ الَّذي
أَكيدُهُ لَم آلُ في رَأبِ الثَأى

٤١. وَقَد سَما عَمرٌو إِلى أَوتارِهِ
فَاِحتَطَّ مِنها كُلَّ عالي المُستَمى

٤٢. فَاِستَنزَلَ الزَبّاءَ قَسراً وَهيَ مِن
عُقابِ لَوحِ الجَوِّ أَعلى مُنتَمى

٤٣. وَسَيفٌ اِستَعلَت بِهِ هِمَّتُهُ
حَتّى رَمى أَبعَدَ شَأوِ المُرتَمى

٤٤. فَجَرَّعَ الأُحبوشَ سُمّاً ناقِعاً
وَاِحتَلَّ مِن غمدانَ مِحرابَ الدُمى

٤٥. ثُمَّ اِبنُ هِندٍ باشَرَت نيرانُهُ
يَومَ أُوارات تَميماً بِالصلى

٤٦. ما اِعتَنَّ لي يَأسٌ يُناجي هِمَّتي
إِلّا تَحَدّاهُ رَجاءٌ فَاِكتَمى

٤٧. أَلِيَّةً بِاليَعمُلاتِ يَرتَمي
بِها النجاءُ بَينَ أَجوازِ الفَلا

٤٨. خوصٌ كَأَشباحِ الحَنايا ضُمَّر
يَرعَفنَ بِالأَمشاجِ مِن جَذبِ البُرى

٤٩. يَرسُبنَ في بَحرِ الدُجى وَبِالضحى
يَطفونَ في الآلِ إِذا الآلُ طَفا

٥٠. أَخفافُهُنَّ مِن حَفاً وَمِن وَجى
مَرثومَةٌ تَخضبُ مُبيَضَّ الحَصى

٥١. يَحمِلنَ كُلَّ شاحِبٍ مُحقَوقفٍ
مِن طولِ تدآبِ الغُدُوِّ وَالسُرى

٥٢. بَرٍّ بَرى طولُ الطَوى جُثمانَهُ
فَهوَ كَقَدحِ النَبعِ مَحنِيُّ القَرا

٥٣. يَنوي الَّتي فَضَّلَها ربُّ العُلى
لَمّا دَحا تُربَتَها عَلى البُنى

٥٤. حَتّى إِذا قابَلَها اِستَعبَرَ لا
يَملِكُ دَمعَ العَينِ مِن حَيثُ جَرى

٥٥. فَأوجَبَ الحَجَّ وثَنّى عمرةً
مِن بَعدِ ما عَجَّ وَلَبّى وَدَعا

٥٦. ثُمَّتَ طافَ وَاِنثَنى مُستَلِماً
ثُمَّتَ جاءَ المَروَتَينِ فَسَعى

٥٧. ثُمَّتَ راحَ في المُلَبّينَ إِلى
حَيثُ تَحَجّى المَأزمانِ وَمِنى

٥٨. ثُمَّ أَتى التَعريفَ يَقرو مُخبِتاً
مَواقِفاً بَينَ أُلالٍ فَالنَقا

٥٩. ثُمَّ أَتى المَشعَرَ يَدعو رَبَّهُ
تَضَرُّعاً وَخُفيَةً حَتّى هَمى

٦٠. وَاِستَأنَفَ السَبعَ وَسَبعاً بَعدَها
وَالسبعَ ما بَينَ العِقابِ وَالصُوى

٦١. وَراحَ لِلتَوديعِ فيمَن راحَ قَد
أَحرَزَ أَجراً وَقَلى هُجرَ اللغا

٦٢. بَذاكَ أَم بِالخَيلِ تَعدو المَرطى
ناشِزَةً أَكتادها قُبَّ الكُلى

٦٣. شُعثاً تَعادى كَسَراحينِ الغَضا
مَيلَ الحَماليقِ يُبارينَ الشَبا

٦٤. يَحمِلنَ كُلّ شمَّرِيٍّ باسِلٍ
شَهمِ الجَنانِ خائِضٍ غَمرَ الوَغى

٦٥. يَغشى صَلى المَوتِ بِحَدَّيهِ إِذا
كانَ لَظى المَوت كَريهَ المُصطَلى

٦٦. لَو مُثِّلَ الحَتفُ لَهُ قِرناً لَما
صَدَّتهُ عَنهُ هَيبَةٌ وَلا اِنثَنى

٦٧. وَلَو حَمى المقدارُ عَنهُ مُهجَةً
لَرامَها أَو يَستَبيحَ ما حَمى

٦٨. تَغدو المَنايا طائِعاتٍ أَمرَهُ
تَرضى الَّذي يَرضى وَتَأبى ما أَبى

٦٩. بَل قَسَماً بِالشُمِّ مِن يَعرُبَ هَل
لِمُقسمٍ مِن بَعدِ هَذا مُنتَهى

٧٠. هُمُ الأُلى إِن فاخَروا قال العُلى
بِفي اِمرِئٍ فاخَرَكُم عَفرُ البَرى

٧١. هُمُ الأُلى أَجرَوا يَنابيعَ النَدى
هامِيةً لِمَن عَرى أَو اِعتَفى

٧٢. هُمُ الَّذينَ دَوَّخوا مَنِ اِنتَخى
وَقَوَّموا من صَعَر وَمَن صَغا

٧٣. هُمُ الَّذينَ جَرَّعوا مَن ما حلوا
أَفاوِقَ الضَيمِ مُمرّاتِ الحُسا

٧٤. أَزالُ حَشوَ نَثرَةٍ مَوضونَةٍ
حَتّى أُوارى بَينَ أَثناءِ الجُثى

٧٥. وَصاحِبايَ صَرِمٌ في مَتنِهِ
مِثل مَدَبِّ النَملِ يَعلو في الرُبى

٧٦. أَبيَضُ كَالمِلحِ إِذا اِنتَضَيتَهُ
لَم يَلقَ شَيئاً حَدُّهُ إِلّا فَرى

٧٧. كَأَنَّ بَينَ عَيرِهِ وَغَربِهِ
مُفتَأَداً تَأَكَّلَت فيهِ الجُذى

٧٨. يُري المَنونَ حينَ تَقفو إِثرَهُ
في ظُلَمِ الأَكبادِ سُبلاً لا تُرى

٧٩. إِذا هَوى في جُثَّةٍ غادَرَها
مِن بَعدِ ما كانَت خَساً وَهيَ زكا

٨٠. وَمُشرِفُ الأَقطارِ خاظٍ نَحضُهُ
حابي القُصَيرى جرشَعٌ عَردُ النَسا

٨١. قَريبُ ما بَينَ القَطاةِ وَالمطا
بَعيدُ ما بَينَ القَذالِ وَالصَلا

٨٢. سامي التَليلِ في دَسيعٍ مُفعَمٍ
رَحبُ الذراعِ في أَميناتِ العُجى

٨٣. رُكِّبنَ في حَواشِب مُكتَنَّةٍ
إِلى نُسورٍ مِثلَ مَلفوظِ النَوى

٨٤. يَرضَخُ بِالبيدِ الحَصى فَإِن رَقى
إِلى الرُبى أَورى بِها نارَ الحبى

٨٥. يُديرُ إِعليطَينِ في مَلمومَةٍ
إِلى لَموحَينِ بِأَلحاظِ اللأى

٨٦. مُداخلُ الخَلقِ رَحيبٌ شَجرُهُ
مُخلَولِقُ الصَهوَةِ مَمسودٌ وَأى

٨٧. لا صَكَكٌ يشينُهُ وَلا فَجا
وَلا دَخيسٌ واهِنٌ وَلا شَظى

٨٨. يَجري فَتَكبو الريحُ في غاياتِهِ
حَسرى تَلوذُ بِجَراثيمِ السَحا

٨٩. لَوِ اِعتَسَفتَ الأَرضَ فَوقَ مَتنِهِ
يَجوبُها ما خِفت أَن يَشكو الوَجى

٩٠. تَظُنُّهُ وَهوَ يُرى مُحتَجِباً
عَنِ العُيونِ إِن ذَأى وَإِن رَدى

٩١. إِذا اِجتَهَدتَ نَظَراً في إِثرِهِ
قُلتَ سَناً أَومَضَ أَو بَرقٌ خَفا

٩٢. كَأَنَّما الجَوزاءُ في أَرساغِهِ
وَالنَجم في جَبهَتِهِ إِذا بَدا

٩٣. هُما عتادي الكافِيانِ فَقدَ مَن
أَعدَدتُهُ فَليَنأَ عَنّي مَن نَأى

٩٤. فَإِن سَمِعت بِرَحىً مَنصوبَة
لِلحَربِ فَاِعلَم أَنَّني قُطبُ الرَحى

٩٥. وَإِن رَأَيتَ نارَ حَربٍ تَلتَظي
فَاِعلَم بِأَنّي مُسعِرٌ ذاكَ اللَظى

٩٦. خَيرُ النُفوسِ السائِلاتُ جَهرَةً
عَلى ظُباتِ المُرهَفاتِ وَالقَنا

٩٧. إِنَّ العِراقَ لَم أُفارِق أَهلَهُ
عَن شَنَآنٍ صَدَّني وَلا قِلى

٩٨. وَلا اِطَّبى عَينيَّ مُذ فارَقتُهُم
شَيءٌ يَروقُ الطَرفَ مِن هَذا الوَرى

٩٩. هُم الشَناخيبُ المُنيفاتُ الذُرى
وَالناسُ أَدحالٌ سِواهُم وَهوى

١٠٠. هُمُ البُحورُ زاخِرٌ آذِيُّها
وَالناسُ ضَحضاحٌ ثِغابٌ وَأَضى

١٠١. إِن كُنتُ أَبصَرتُ لَهُم مِن بَعدِهِم
مِثلاً فَأَغضَيتُ عَلى وَخزِ السَفا

١٠٢. حاشا الأَميرَينِ الَّلذينِ أَوفَدا
عَلَيَّ ظِلّاً مِن نَعيمٍ قَد ضَفا

١٠٣. هُما اللَذانِ أَثبَتا لي أَملاً
قَد وَقَفَ اليَأسُ بِهِ عَلى شَفا

١٠٤. تَلافَيا العَيشَ الَّذي رَنَّقَهُ
صَرفُ الزَمانِ فَاِستَساغَ وَصفا

١٠٥. وَأَجرَيا ماءَ الحَيا لي رَغَداً
فَاِهتَزَّ غُصني بَعدَما كانَ ذوى

١٠٦. هُما اللَذانِ سَمَوا بِناظِري
مِن بَعدِ إِغضائي عَلى لَذعِ القَذى

١٠٧. هُما اللَذانِ عَمَّرا لي جانِباً
مِنَ الرَجاءِ كانَ قِدماً قَد عَفا

١٠٨. وَقَلَّداني مِنَّةً لَو قُرِنَت
بِشُكرِ أَهلِ الأَرضِ عَنِّي ما وَفى

١٠٩. بِالعُشرِ مِن مِعشارِها وَكانَ كَال
حَسوَةِ في آذِيِّ بَحرٍ قَد طَما

١١٠. إِنَّ اِبنَ ميكالَ الأَمير اِنتاشَني
مِن بَعدِما قَد كُنتُ كَالشَيءِ اللقى

١١١. وَمَدَّ ضَبعي أَبو العَبّاسِ مِن
بَعدِ اِنقِباضِ الذَرعِ وَالباعِ الوَزى

١١٢. ذاكَ الَّذي ما زالَ يَسمو لِلعُلى
بِفِعلِهِ حَتّى عَلا فَوقَ العُلى

١١٣. لَو كانَ يَرقى أَحَدٌ بِجودِهِ
وَمَجدِهِ إِلى السَماءِ لاِرتَقى

١١٤. ما إِن أَتى بَحرَ نَداهُ مُعتَفٍ
عَلى أُوارى علمٍ إِلّا اِرتَوى

١١٥. نَفسي الفِداءُ لِأَميرَيَّ وَمَن
تَحتَ السَماءِ لِأَميرَيَّ الفِدى

١١٦. لا زالَ شُكري لَهُما مُواصِلاً
لَفظي أَو يَعتاقَني صَرفُ المنى

١١٧. إِنَّ الأُلى فارَقتُ مِن غَيرِ قِلىً
ما زاغَ قَلبي عَنهُمُ ولا هَفا

١١٨. لَكِنَّ لي عَزماً إِذا اِمتَطَيتُهُ
لِمُبهَمِ الخَطبِ فَآه فَاِنفَأى

١١٩. وَلَو أَشاءُ ضَمَّ قُطرَيهِ الصِبا
عَلَيَّ في ظِلّي نَعيمٍ وَغِنى

١٢٠. وَلاعَبَتني غادَةٌ وَهنانَةٌ
تُضني وَفي ترشافِها بُرءُ الضَنى

١٢١. تَفري بِسَيفِ لَحظِها إِن نَظَرَت
نَظرَةَ غَضبى مِنك أَثناءَ الحَشا

١٢٢. في خَدِّها رَوضٌ مِنَ الوَردِ عَلى الن
نسرينِ بِالأَلحاظِ مِنها يُجتَنى

١٢٣. لَو ناجَتِ الأَعصَمَ لاِنحَطَّ لَها
طَوعَ القِيادِ مِن شَماريخِ الذُرى

١٢٤. أَو صابَتِ القانِتَ في مُخلَولِقٍ
مُستَصعَبِ المَسلَكِ وَعرِ المُرتَقى

١٢٥. أَلهاهُ عَن تَسبيحِهِ وَدينِهِ
تَأنيسُها حَتّى تَراهُ قَد صَبا

١٢٦. كَأَنَّما الصَهباءُ مَقطوبٌ بِها
ماءُ جَنى وَردٍ إِذا اللَيلُ عَسا

١٢٧. يَمتاحُهُ راشِفُ بَردِ ريقِها
بَينَ بَياضِ الظَلمِ مِنها وَاللمى

١٢٨. سَقى العَقيقَ فَالحَزيزَ فَالمَلا
إِلى النُحَيتِ فَالقُرَيّاتِ الدُنى

١٢٩. فَالمِربد الأَعلى الَّذي تَلقى بِهِ
مَصارِعَ الأُسدِ بِأَلحاظِ المَها

١٣٠. مَحَلَّ كُلِّ مُقرِمٍ سَمَت بِهِ
مَآثِرُ الآباءِ في فَرعِ العُلى

١٣١. مِنَ الأُلى جَوهَرُهُم إِذا اِعتَزَوا
مِن جَوهَرٍ مِنهُ النَبِيُّ المُصطَفى

١٣٢. صَلّى عَلَيهِ اللَهُ ما جَنَّ الدُجى
وَما جَرَت في فَلَكٍ شَمسُ الضُحى

١٣٣. جَونٌ أَعارَتهُ الجَنوبُ جانِباً
مِنها وَواصَت صَوبَهُ يَدُ الصَبا

١٣٤. نَأى يَمانِيّاً فَلَمّا اِنتَشَرَت
أَحضانُهُ وَاِمتَدّ كِسراهُ غَطا

١٣٥. فَجَلَّلَ الأُفقَ فَكُلُّ جانِبٍ
مِنها كَأَن مِن قطرِهِ المُزنُ حَيا

١٣٦. إِذا خَبَت بُروقُهُ عَنَّت لَها
ريحُ الصَبا تشبُّ مِنها ما خَبا

١٣٧. وَإِن وَنَت رُعودُهُ حَدا بِها
حادي الجَنوبِ فَحَدَت كَما حَدا

١٣٨. كَأَنَّ في أَحضانِهِ وَبَركِهِ
بَركاً تَداعى بَينَ سَجرٍ وَوَحى

١٣٩. لَم ترَ كَالمُزنِ سَواماً بُهَّلاً
تَحسَبُها مَرعِيَّةً وَهيَ سُدى

١٤٠. فَطَبَّقَ الأَرضَ فَكُلُّ بُقعَةٍ
مِنها تَقولُ الغَيثُ في هاتا ثَوى

١٤١. يَقولُ لِلأَجرازِ لَمّا اِستَوسَقَت
بِسَوقِهِ ثِقي بِرِيٍّ وَحَيا

١٤٢. فَأَوسَعَ الأَحدابَ سَيباً مُحسِباً
وَطَبَّقَ البُطنانَ بِالماءِ الرِوى

١٤٣. كَأَنَّما البَيداءُ غِبَّ صَوبِهِ
بَحرٌ طَمى تَيّارُهُ ثُمَّ سَجا

١٤٤. ذاكَ الجدا لا زالَ مَخصوصاً بِهِ
قَومٌ هُمُ لِلأَرضِ غَيثٌ وَجَدا

١٤٥. لَستُ إِذا ما بَهَظَتني غَمرَةٌ
مِمَّن يَقولُ بَلَغَ السَيلُ الزُبى

١٤٦. وَإِن ثَوَت بينَ ضُلوعي زَفرَةٌ
تَملأُ ما بَينَ الرَجا إِلى الرَجا

١٤٧. نَهنَهتُها مَكظومَةً حَتّى يُرى
مَخضَوضِعاً مِنها الَّذي كانَ طَغا

١٤٨. وَلا أَقولُ إِن عَرَتني نَكبَةٌ
قَولَ القَنوطِ اِنقَدَّ في الجوفِ السَلى

١٤٩. قَد مارَسَت مِنّي الخُطوبُ مارِساً
يُساوِرُ الهَولَ إِذا الهَولُ عَلا

١٥٠. لِيَ اِلتِواءُ إِن مُعادِيَّ اِلتَوى
وَلي اِستِواءٌ إِن مُوالِيَّ اِستَوى

١٥١. طَعمي الشَريُّ لِلعَدُوِّ تارَةً
وَالراحُ وَالأَريُ لِمَن وُدّي اِبتَغى

١٥٢. لدنٌ إِذا لويِنتُ سَهلٌ معطفي
أَلوى إِذا خوشِنتُ مَرهوب الشَذا

١٥٣. يَعتَصِمُ الحِلمُ بِجَنبَي حَبوَتي
إِذا رِياحُ الطَيشِ طارَت بِالحُبى

١٥٤. لا يَطَّبيني طَمَعٌ مُدَنّسٌ
إِذا اِستَمالَ طَمَعٌ أَوِ اِطَّبى

١٥٥. وَقَد عَلَت بي رُتَباً تَجارِبي
أَشفَينَ بي مِنها عَلى سُبلِ النُهى

١٥٦. إِذا اِمرُؤٌ خيفَ لِإِفراطِ الأَذى
لَم يُخشَ مِنّي نَزَقٌ وَلا أَذى

١٥٧. مِن غَيرِ ما وَهنٍ وَلَكِنّي اِمرُؤٌ
أَصونُ عِرضاً لَم يُدَنِّسهُ الطَخا

١٥٨. وَصَونُ عِرضِ المَرءِ أَن يَبذُلَ ما
ضَنَّ بِهِ مِمّا حَواهُ وَاِنتَصى

١٥٩. وَالحَمدُ خَيرُ ما اِتَّخَذتَ عدَّةً
وَأَنفَسُ الأَذخارِ مِن بَعدِ التُقى

١٦٠. وَكُلُّ قَرنٍ ناجِمٍ في زَمَنٍ
فَهوَ شَبيهُ زَمَنٍ فيهِ بَدا

١٦١. وَالناسُ كَالنَبتِ فَمِنهُم رائِقٌ
غَضٌّ نَضيرٌ عودهُ مُرُّ الجَنى

١٦٢. وَمِنهُ ما تَقتَحِمُ العَينُ فَإِن
ذُقتَ جَناهُ اِنساغَ عَذباً في اللها

١٦٣. يُقَوَّمُ الشارِخُ مِن زَيغانِهِ
فَيَستَوي ما اِنعاجَ مِنهُ وَاِنحَنى

١٦٤. وَالشَيخُ إِن قَوَّمتَهُ مِن زَيغِهِ
لَم يُقِمِ التَثقيفُ مِنهُ ما اِلتَوى

١٦٥. كَذَلِكَ الغُصنُ يَسيرٌ عطفُهُ
لَدناً شَديدٌ غَمزُهُ إِذا عَسا

١٦٦. مَن ظَلَمَ الناسَ تَحامَوا ظُلمَهُ
وَعَزَّ عَنهُم جانِباهُ وَاِحتَمى

١٦٧. وَهُم لِمَن لانَ لَهُم جانِبُهُ
أَظلَمُ مِن حَيّاتِ أَنباثِ السَفا

١٦٨. وَالناسُ كُلّاً إِن فَحَصتَ عَنهُم
جَميعَ أَقطارِ البِلادِ وَالقُرى

١٦٩. عَبيدُ ذي المالِ وَإِن لَم يَطمَعوا
مِن غَمرِهِ في جَرعَةٍ تَشفي الصَدى

١٧٠. وَهُم لِمَن أَملَقَ أَعداءٌ وَإِن
شارَكَهُم فيها أَفادَ وَحَوى

١٧١. عاجَمتُ أَيّامي وَما الغِرُّ كَمَن
تَأَزّرَ الدَهرُ عَلَيهِ وَاِرتَدى

١٧٢. لا يَنفَعُ اللُبُّ بِلا جَدٍّ وَلا
يَحُطُّكَ الجَهلُ إِذا الجَدُّ عَلا

١٧٣. مَن لَم تُفِدهُ عِبَراً أَيّامُهُ
كانَ العَمى أَولى بِهِ مِن الهُدى

١٧٤. مَن لَم يَعِظهُ الدَهرُ لَم يَنفَعهُ ما
راح بِهِ الواعِظُ يَوماً أَو غَدا

١٧٥. مَن قاسَ ما لَم يَرَهُ بِما يرى
أَراهُ ما يَدنو إِلَيهِ ما نَأى

١٧٦. مَن مَلَّكَ الحِرصَ القِيادَ لَم يَزَل
يَكرَعُ في ماءٍ مِنَ الذُلِّ صَرى

١٧٧. مَن عارَضَ الأَطماعَ بِاليَأسِ دَنَت
إِلَيهِ عَينُ العِزِّ مِن حَيثُ رَنا

١٧٨. مَن عَطَفَ النَفسَ عَلى مَكروهِها
كانَ الغِنى قَرينَهُ حَيثُ اِنتَوى

١٧٩. مَن لَم يَقِف عِندَ اِنتِهاءِ قَدرِهِ
تَقاصَرَت عَنهُ فَسيحاتُ الخُطا

١٨٠. مَن ضَيَّعَ الحَزمَ جَنى لِنَفسِهِ
نَدامَةً أَلذَعَ مِن سَفع الذكا

١٨١. مَن ناطَ بِالعُجبِ عُرى أَخلاقِهِ
نيطَت عُرى المَقتِ إِلى تِلكِ العُرى

١٨٢. مَن طالَ فَوقَ مُنتَهى بَسطَتِهِ
أَعجَزَهُ نَيلُ الدُنى بَله القُصا

١٨٣. مَن رامَ ما يَعجزُ عَنهُ طَوقُهُ
م العِبءِ يَوماً آضَ مَجزولَ المَطا

١٨٤. وَالناسُ أَلفٌ مِنهُمُ كَواحِدٍ
وَواحِدٌ كَالأَلفِ إِن أَمرٌ عَنا

١٨٥. وَلِلفَتى مِن مالِهِ ما قَدَّمَت
يَداهُ قَبلَ مَوتِهِ لا ما اِقتَنى

١٨٦. وَإِنَّما المَرءُ حَديثٌ بَعدَهُ
فَكُن حَديثاً حَسَناً لِمَن وَعى

١٨٧. إِنّي حَلَبتُ الدَهرَ شَطرَيهِ فَقَد
أَمَرَّ لي حينا وَأَحياناً حَلا

١٨٨. وَفُرَّ عَن تَجرِبَةٍ نابي فَقُل
في بازِلٍ راضَ الخُطوبَ وَاِمتَطى

١٨٩. وَالناسُ لِلدهرِ خَلىً يلسُّهُم
وَقَلَّما يَبقى عَلى اللَسِّ الخَلا

١٩٠. عَجِبتُ مِن مُستَيقِنٍ أَنَّ الرَدى
إِذا أَتاهُ لا يُداوى بِالرُقى

١٩١. وَهوَ مِنَ الغَفلَةِ في أَهويةٍ
كَخابِطٍ بَينَ ظَلامٍ وَعَشى

١٩٢. نَحنُ وَلا كُفران لِلَّهِ كَما
قَد قيلَ لِلسارِبِ أَخلي فَاِرتَعى

١٩٣. إِذا أَحَسَّ نَبأَةً ريعَ وَإِن
تَطامَنَت عَنهُ تَمادى وَلَها

١٩٤. كَثلَّةٍ ريعَت لِلَيثٍ فَاِنزَوَت
حَتّى إِذا غابَ اِطمَأَنَّت إِن مَضى

١٩٥. نُهالُ لِلأَمرِ الَّذي يَروعُنا
وَنَرتَعي في غَفلَةٍ إِذا اِنقَضى

١٩٦. إِنَّ الشَقاءَ بِالشَقِيِّ مولَعٌ
لا يَملِكُ الرَدَّ لَهُ إِذا أَتى

١٩٧. وَاللَومُ لِلحُرِّ مُقيمٌ رادِعٌ
وَالعَبدُ لا تَردَعُهُ إِلّا العَصا

١٩٨. وَآفَةُ العَقلِ الهَوى فَمَن عَلا
عَلى هَواهُ عَقلُهُ فَقَد نَجا

١٩٩. كَم مِن أَخٍ مَسخوطَةٍ أَخلاقُهُ
أَصفَيتُهُ الوُدَّ لِخُلقٍ مُرتَضى

٢٠٠. إِذا بَلَوتَ السَيفَ مَحموداً فَلا
تَذمُمهُ يَوماً أَن تَراهُ قَد نَبا

٢٠١. وَالطِرفُ يَجتازُ المَدى وَرُبَّما
عَنَّ لِمَعداهُ عِثارٌ فَكَبا

٢٠٢. مَن لَكَ بِالمُهَذَّبِ النَدبِ الَّذي
لا يَجِدُ العَيبُ إِلَيهِ مُختَطى

٢٠٣. إِذا تَصَفَّحتَ أُمورَ الناسِ لَم
تُلفِ اِمرءاً حازَ الكَمالَ فَاِكتَفى

٢٠٤. عَوِّل عَلى الصَبرِ الجَميلِ إِنَّهُ
أَمنَعُ ما لاذَ بِهِ أولو الحِجا

٢٠٥. وَعَطِّفِ النَفسَ عَلى سُبلِ الأَسا
إِن اِستَفَزَّ القَلبَ تَبريحُ الجَوى

٢٠٦. والدَهرُ يَكبو بِالفَتى وَتارَةً
يُنهِضُهُ مِن عَثرَةٍ إِذا كَبا

٢٠٧. لا تَعجَبن مِن هالِكٍ كيفَ هَوى
بَل فَاِعجبَن مِن سالِمٍ كَيفَ نَجا

٢٠٨. إِنَّ نُجومَ المَجدِ أَمسَت أُفَّلاً
وَظِلُّهُ القالِصُ أَضحى قَد أَزى

٢٠٩. إِلّا بَقايا مِن أُناسٍ بِهِمُ
إِلى سَبيلِ المَكرُماتِ يُقتَدى

٢١٠. إِذا الأَحاديثُ اقتَضَت أَنباءَهُم
كانَت كَنَشرِ الرَوضِ غاداهُ السَدى

٢١١. لا يَسمَعُ السامِعُ في مَجلِسِهِم
هجراً إِذا جالَسَهُم وَلا خَنا

٢١٢. ما أَنعَمَ العيشَةَ لَو أَنَّ الفَتى
يَقبَلُ مِنهُ مَوتُهُ أَسنى الرُشا

٢١٣. أَو لَو تَحَلّى بِالشَبابِ عُمرَهُ
لَم يَستَلِبهُ الشَيبُ هاتيكَ الحُلى

٢١٤. هَيهاتَ مَهما يُستَعر مُستَرجعٌ
وَفي خُطوبِ الدَهرِ لِلناسِ أَسى

٢١٥. وَفِتيَةٍ سامَرَهُم طَيفُ الكَرى
فَسامَروا النَومَ وَهُم غيدُ الطُلى

٢١٦. وَاللَيلُ مُلقٍ بِالمَوامي بَركَهُ
وَالعيسُ يَنبُثنَ أَفاحيصَ القَطا

٢١٧. بِحَيثُ لا تهدي لِسَمعٍ نَبأَةٌ
إِلّا نَئيم البومِ أَو صَوت الصَدى

٢١٨. شايَعتُهُم عَلى السُرى حَتّى إِذا
مالَت أَداةُ الرَحلِ بِالجِبسِ الدَوى

٢١٩. قُلتُ لَهُم إِنَّ الهُوَينا غِبُّها
وَهنٌ فَجدّوا تحمَدوا غِبَّ السُرى

٢٢٠. وَموحِش الأَقطارِ طامٍ ماؤُهُ
مُدَعثَرِ الأَعضادِ مَهزومِ الجَبا

٢٢١. كَأَنَّما الريشُ عَلى أَرجائِهِ
زُرقُ نِصالٍ أُرهِفَت لِتُمتَهى

٢٢٢. وَرَدتُهُ وَالذِئبُ يَعوي حَولَهُ
مُستَكَّ سمِّ السَمعِ مِن طَولِ الطوى

٢٢٣. وَمُنتجٍ أُمُّ أَبيهِ أُمُّهُ
لَم يَتَخَوَّن جِسمَهُ مَسّ الضوى

٢٢٤. أَفرَشتُهُ بِنتَ أَخيهِ فَاِنثَنَت
عَن وَلَدٍ يورى بِهِ وَيُشتَوى

٢٢٥. وَمَرقَبٍ مُخلَولِقٍ أَرجاؤُهُ
مُستَصعَبِ الأَقذافِ وَعرِ المُرتَقى

٢٢٦. وَالشَخصُ في الآلِ يُرى لِناظِرٍ
تَرمُقُهُ حيناً وَحيناً لا يُرى

٢٢٧. أوفَيتُ وَالشَمسُ تَمُجُّ ريقَها
وَالظِلُّ مِن تَحتِ الحِذاءِ مُحتَذى

٢٢٨. وَطارِقٍ يُؤنِسُهُ الذِئبُ إِذا
تَضَوَّرَ الذِئبُ عشاءً وَعَوى

٢٢٩. آوى إِلى نارِيَ وَهيَ مَألَفٌ
يَدعو العُفاةَ ضَوؤُها إِلى القِرى

٢٣٠. لِلَهِ ما طَيفُ خَيالٍ زائِر
تَزُفُّهُ لِلقَلبِ أَحلامُ الرُؤى

٢٣١. يَجوبُ أَجوازَ الفَلا مُحتَقِراً
هَولَ دُجى اللَيلِ إِذا اللَيلُ اِنبَرى

٢٣٢. سائِلهُ إِن أَفصَحَ عَن أَنبائِهِ
أَنّى تَسَدّى اللَيلَ أَم أَنّى اِهتَدى

٢٣٣. أَو كانَ يَدري قَبلَها ما فارِسٌ
وَما مَواميها القِفارُ وَالقرى

٢٣٤. وَسائِلي بِمُزعِجي عَن وَطَنٍ
ما ضاقَ بي جَنابُهُ وَلا نَبا

٢٣٥. قُلتُ القَضاءُ مالِكٌ أَمرَ الفَتى
مِن حَيثُ لا يَدري وَمِن حَيثُ دَرى

٢٣٦. لا تَسأَلَنّي وَاِسأَلِ المِقدارَ هَل
يَعصِمُ مِنهُ وَزَرٌ ومُدَّرى

٢٣٧. لا بُدَّ أَن يَلقى اِمرُؤٌ ما خَطَّهُ
ذو العَرشِ مِمّا هُوَ لاقٍ وَوَحى

٢٣٨. لا غَروَ أَن لجَّ زَمانٌ جائِرٌ
فَاِعتَرَقَ العَظمَ المُمِخَّ وَاِنتَقى

٢٣٩. فَقَد يُرى القاحِلُ مُخضَرّاً وَقَد
تَلقى أَخا الإِقتارِ يَوماً قَد نَما

٢٤٠. يا هَؤُلَيّا هَل نَشَدتُنَّ لَنا
ثاقِبَةَ البُرقُعِ عَن عَينَي طَا

٢٤١. ما أَنصَفَت أُمُّ الصَبِيَّينِ الَّتي
أَصبَت أَخا الحِلم وَلَمّا يُصطَبى

٢٤٢. اِستَحيِ بيضاً بَينَ أَفوادِكَ أَن
يَقتادَكَ البيضُ اِقتِيادَ المُهتَدى

٢٤٣. هَيهاتَ ما أَشنَعَ هاتا زَلَّةً
أَطَرَباً بَعدَ المَشيبِ وَالجَلا

٢٤٤. يا رُبَّ لَيلٍ جَمَعَت قُطرَيهِ لي
بِنتُ ثَمانينَ عَروساً تُجتَلى

٢٤٥. لَم يَملِكِ الماءُ عَلَيها أَمرَها
وَلَم يُدَنِّسها الضِرامُ المُختَضى

٢٤٦. حيناً هِيَ الداءُ وَأَحياناً بِها
مِن دائِها إِذا يَهيجُ يُشتَفى

٢٤٧. قَد صانَها الخَمّارُ لَمّا اِختارَها
ضَنّاً بِها عَلى سِواها وَاِختَبى

٢٤٨. فَهِيَ تُرى مِن طولِ عَهدٍ إِن بَدَت
في كَأسِها لِأَعيُنِ الناسِ كلا

٢٤٩. كَأَنَّ قرنَ الشَمسِ في ذُرورِها
بِفِعلِها في الصَحنِ وَالكَأسِ اِقتَدى

٢٥٠. نازَعتُها أَروعَ لا تَسطو عَلى
نَديمِهِ شِرَّتهُ إِذا اِنتَشى

٢٥١. كَأَنَّ نَورَ الرَوضِ نَظمُ لَفظِهِ
مُرتَجِلاً أَو مُنشِداً أَو إِن شَدا

٢٥٢. مِن كُلِّ ما نالَ الفَتى قَد نِلتُهُ
وَالمَرءُ يَبقى بَعدَهُ حُسنُ الثَنا

٢٥٣. فَإِن أَمُت فَقَد تَناهَت لَذَّتي
وَكُلُّ شَيءٍ بَلَغَ الحَدَّ اِنتَهى

٢٥٤. وَإِن أَعِش صاحَبتُ دَهري عالِماً
بِما اِنطَوى مِن صَرفِهِ وَما اِنسرى

٢٥٥. حاشا لِما أَسأَرَهُ فِيَّ الحِجا
وَالحِلمُ أَن أَنبَعَ رُوّادَ الخَنا

٢٥٦. أَو أَن أُرى لِنَكبَةٍ مُختَضِعاً
أَو لِاِبتِهاجٍ فَرِحاً وَمُزدَهى