Feedback

تخيرت فاستمسكت بالعروة الوثقى

١. تَخَيَّرْتَ فاسْتَمْسَكتَ بالعُرْوَةِ الوُثقى
فَبُشْرَاكَ أَنْ تَفْنى عِدَاكَ وأنْ تَبقى

٢. فما أبطلَ الرحمنُ باطِلَ من بغى
عَلَى الحَقِّ إِلّا أَن يُحقَّ بكَ الحَقَّا

٣. وما لاح هَذَا المُلْكُ بدراً لِتِمِّهِ
بوجهِكَ إِلّا أَن يُبيرَ العِدى مَحقا

٤. وما كُنتَ عند الله أَكْرَمَ من حَبا
خِلافَتَهُ إِلّا وأَنتَ لَهُ أَتْقى

٥. لِيجُلو عن الدنيا بكَ الهَمَّ والأَسى
ويجمعَ فِي سلطانِكَ الغَرْبَ والشَّرْقا

٦. رَدَدْتَ نظامَ المُلكِ فِي عِقدِ سِلكِهِ
وَمَا كَانَ إِلّا صُوفَةً فِي يَدَيْ خَرْقا

٧. وأَضْحكْتَ سِنَّ الدهرِ من بعدِ مُقلَةٍ
مدامِعُها شوقاً إِلَى الحَقِّ مَا تَرْقا

٨. وقلَّدْتَ والي العهدِ سَيفاً إِلَى العِدى
فسارَ كَأَنَّ الشمسَ قُلِّدَتِ البرقا

٩. وَسيطَيْ سَمَاءٍ قَدْ جَعَلْتَ نُجُومَها
صفائِحَ بيض الهِند والأَسَلَ الزُّرقا

١٠. بَوَارِقَ لَوْ لَمْ تَخْطِفِ الهامَ فِي الوَغى
لَخَرَّتْ جُسومٌ من رَواعِدِها صعقا

١١. كَأَنَّ الملا مِنْهُنَّ أَحشاءُ عاشِقٍ
تُبَكِّي دَماً عَيناهُ مِنْ حَرِّ مَا يَلقى

١٢. هَوادِيَ فِي ضَنكِ المَكَرِّ ولا هُدىً
نَواطِقَ بالفتح المبينِ ولا نُطقاً

١٣. يُخَبِّرْنَ عن إِلحاحِ سَعيِكَ فِي العِدى
كَأَنَّ سَطيحاً فِي سَنَاهُنَّ أَوْ شِقَّا

١٤. وَيَجْلُونَ عن لَيْلِ العَجاج كَأَنَّمَا
تُقَلِّبُ إِحداهُنَّ ناظِرَتَيْ زَرْقا

١٥. وَجُرْداً يُنازِعْنَ الكُماةَ أَعِنَّةً
يُفرِّغْنَها جُهْداً ويَمْلَأْنَها عِتقا

١٦. تَكِرُّ وِرَاداً من دِماءِ عُدَاتِها
وإِنْ أَقدَمَتْ شُهْباً عَلَى الطَّعنِ أَوْ بُلقا

١٧. رَوَائِعَ يَوْمَ الرَّوْعِ تَعدُو سَوابحاً
كِراماً وتُمْسِي فِي دِماءِ العِدى غرْقى

١٨. ضَمانٌ عليها نَفسُ كُلِّ مُنازِعٍ
ولو حَمَلَتْهُ الغُولُ أَوْ رَكِبَ العَنقا

١٩. تَبارى إِلَى الهَيجا بأُسْد خَفِيَّةٍ
إِذَا هالَ وَجْهُ المَوْتِ هَامُوا بِهِ عِشقا

٢٠. وإِنْ فَزِعُوا نحو الصَّريخ فلا ونَى
وإِن وَرَدوا حَوْضَ المَنايا فلا فَرْقا

٢١. عبيدٌ مَماليكٌ وأَمْلاكُ برْبَرٍ
وكلُّ عظيم الفَخْرِ قَدْ حُزْتَهُ رِقَّا

٢٢. هُمُ فئةُ الإِسلامِ إِنْ شَهِدُوا الوَغى
وهُمْ أُفُقٌ لِلْمُلْكِ إِن نَزَلوا أُفْقا

٢٣. عَمَمْتَهُمُ نُعْمَى جَزَوْكَ بِهَا هَوىً
وأَوْزَعْتَهُمْ حِلْماً جَزَوْكَ بِهِ صِدقا

٢٤. وأَوْرَيتَهُمْ زَنداً يُنيرُ لهم هدىً
وأَقْبَلتَهُمْ كَفَّاً يُنير لَهُمْ رِزْقا

٢٥. وَعَزْماً لنصرِ الدينِ والمُلكِ مُنتضىً
ورأْياً من التوفيقِ والسَّعْدِ مُشتَقَّا

٢٦. شَمَائِلُ إِنْعامٍ شمِلتَ بِهِ الوَرى
وأَخلاقُ إِكرامٍ عممتَ بِهِ الخَلقا

٢٧. فَجَدُّكَ مَا أَعلى وذكرُك مَا أَبقى
وراجيكَ مَا أَغنى وشانِيكَ مَا أَشقى

٢٨. ويمناكَ بالإِحسانِ حسبُ مَنِ اعتَفى
وسُقياكَ بالمعروفِ حَسبُ منِ استَسقى

٢٩. وناداكَ عبدٌ يقتضِيكَ ودائِعاً
وإِن عَظُمَتْ خَطْراً فأَنفِسْ بِهِ عِلقا

٣٠. به أَنْسَتِ الدنيا أَساطِيرَ من مَضى
وأَتعَبَتِ الأَيَّامُ أَقلامَ مَن يَبقى

٣١. إِذا مَا شَجا الأَعداءَ فِي قِممِ الذُّرَى
شَفاها بِحَظٍّ تَحْتَ أَقدامِها مُلقى

٣٢. وإِنْ يَكُ مسبوقاً فيا رُبَّ سابقٍ
بعيدِ المَدى لا يدَّعِي معَهُ سَبقا

٣٣. وإِنَّ لَهُ فِي راحَتَيْكَ وسائِلاً
تُنادِيهِ من جَوِّ السَّماءِ ألا تَرْقى

٣٤. فَسِرْ فِي ضَمانِ اللهِ ناصِرَ دَوْلَةٍ
كَأَنَّ عمودَ الصُّبحِ فِي وَجْهِها انشَقَّا

٣٥. وحسبُكَ مَنْ حَلّاكَ تاجَ خِلافَةٍ
رآكَ لَهَا أَهْلاً فأعطاكَها حَقَّا