من وحي الكأس

١. صاغوا لك الشعرَ من زهر ونُوارِ
وصغتُه لك من حانوت خَمَّار

٢. ما «الروم» إن قلتُ شعرًا يا عليُّ، وما
زبيب «ذوتس»، أو «كونياك أُوتار»؟

٣. حطِّم كئوسَك، واشرب يا أبا حسنٍ
سلافةً عُصِرت من كَرم أشعاري

٤. لله درُّك شيخًا ليس يُشيعُه
نهرٌ من الخمر في أحشائه جار!

٥. حمراءُ سحنتُه، بيضاءُ لحيتُه
لكنَّ صفحته سوداءُ كالقار

٦. إنَّ الشيوخ تقومَ الليلَ في حرمٍ
لكن عليٌّ يقوم الليل في «بار»

٧. يمشي عليٌّ، فلا يدري: إلى سَقرٍ
تقودُهُ قدماه أم إلى الدار؟

٨. يضلُّ عن بيته، والشمس طالعةٌ
وليس يبعدُ عنه قِيدَ أشبار

٩. وربَّما دق باب الجار من خبلٍ
وربَّما ضربته زوجةُ الجار

١٠. يَعُدُّ «ينّي» عليه الكأس أرْبَعةٌ
أو خمسةً وهْو لا واعٍ ولا دار

١١. وبحسبُ الفأرَ إذ يبدو له جملاً
يَعدو عليه، فيجري خشيةَ الفار

١٢. ويطلبُ اللحم من دكَّان فاكهةٍ
ويشتري الموز من حانوت جزار

١٣. وربما خدعتهُ العينُ في رجلٍ
يمشي، فقال: صباحَ الفُلُّ يا«ماري»

١٤. وربما قابلَ «المترو» فقبَّله
في وجنتيه، وحيَّاهُ «بسيجار»

١٥. وربَّما أطلقَ المسكينُ «قُنبُلةً»
وراح يحسبُها رنَّات أَوتار!

١٦. عليُّ، عذرًا إذا أسرفتُ في هذري
فأنت ذو منزلٍ عندي ومقدار

١٧. حيَّيتُ، يا صاح، فيك النُّبلَ أجمعه
حيَّيتُ فيك لسانًا غيرَ مِعثار

١٨. حيَّيتُ فيك حديثًا خفَّ مسمُعه
وكم حديثٍ يحاكي رجمَ أحجار

١٩. ظلٌّ خفيفٌ، وأخلاقٌ معطرةٌ
لو نُسِّقت أَصبحت باقات أزهار

٢٠. يكفيك نجلان يزداد الحمى بهما
كلاهما لامعٌ كالكوب الساري

٢١. وندوةُ الشيخ «سعدٍ» أنت بهجتُها
لله درُّكَ بدرًا بين أَقمار!

٢٢. لا عيب فيك، سوى كأس تضاجعُعا
في النوم، تغنيك عن زوجٍ وأصهار

٢٣. وكلِّ ما أنجبت مصرٌ، وما ولدت
«باريس» من خرَّدٍ عونٍ وأبكار

٢٤. الدهرُ أفسد شيئًا أنت تعرفُه
ما عاد ينفعهُ إصلاحُ عطار

٢٥. بالأقدمَّية عش في البيت منزويًا
وأَخْفِ نفسك فيه خلف أَستار

٢٦. لا تغضَبنَّ على فول، ولا عدسٍ
ولو أَتوك بسمٍ ناقعٍ هار

٢٧. عش، يا عليُّ، مليًّا، واقض عمرك في
كاسٍ، وطاسٍ، وفي لهوٍ، وأَسمار

٢٨. وخلِّ من شاء يبكي الحظَّ منتحبًا
ويقطع العُمر في همٍ وأفكار

٢٩. أترع كئوسك، واشرب كيف شئتَ، وقل:
يا نفسُ، لا تقنطي من رحمة الباري

٣٠. ما العارُ إلاَّ الأذى بالناس تُلحقهُ
ما في المُدام، ولا في الكأس من عار

٣١. قد يغفرُ الله للسِّكِّير من كرمٍ
ويخلدُ الراهبُ الذِّكِّيرُ في النار

٣٢. عليُّ، هذا قريضٌ كنتَ تطلبُهُ
فأَدَّ في كلِّ بيتٍ أَلفَ دينار

٣٣. الشعر غالٍ، ولكنِّي أجودُ به
عليك، إنَّك مثلي جائع عار