Feedback

قد بكرت عاذلتي بكرة

قَد بَكَرَت عاذِلَتي بُكرَةً

تَزعُمُ أَنّي بِالصِبا مُشتَهِر

وَإِنَّما العَيشُ بِرُبّانِهِ

وَأَنتَ مِن أَفنانِهِ مُقتَفِر

مِن طارِقٍ يَأتي عَلى خِمرَةٍ

أَو حِسبَةٍ تَنفَعُ مَن يَعتَبِر

بَل وَدَعيني طَفلُ أَنّي بَكُر

فَقَد دَنا الصُبحُ فَما أَنتَظِر

أَن تَغضَبَ الكَأسُ لِما قَد أَنتَ

إِنَّ أَناةَ الكَأسِ شَيءٌ نَكِر

أَو تَبعَثَ الناقَةَ أَهوالُها

تَجُرُّ مِن أَحبُلِها ما تَجُرُّ

أَو يُصبِحَ الرَحلُ لَنا آيَةً

لا يَعذِرُ الناسُ بِما نَعتَذِر

إِنَّ القَيسِ عَلى عَهدِهِ

في إِرثِ ما كانَ بَناهُ حُجُر

بَنَّت عَلَيهِ المُلكَ أَطنابَها

كَأسٌ رَنَوناةٌ وَطِرفٌ طِمِر

يَلهو بِهِندٍ فَوقَ أَنماطِها

وَفَرتَنى تَعدو إِلَيهِ وَهِر

حَتّى أَتَتهُ فَياقٌ طافِحٌ

لا تَتَّقي الزَجرَ وَلا تَنزَجِر

لَمّا رَأى يَوماً لَهُ هَبوَةٌ

مُرّاً عَبوساً شَرُّهُ مُقمَطِر

أَدّى إِلى هِندٍ تَحِيّاتِها

وَقالَ هَذا مِن وَداعي دُبُر

إِنَّ الفَتى يُقتِرُ بَعدَ الغِنى

وَيَغتَني مِن بَعدِ ما يَفتَقِر

وَالحَيُّ كَالمَيتِ وَيَبقى التُقى

وَالعَيشُ فَنّانِ فَحُلوٌ وَمُر

إِمّا عَلى نَفسي وَإِمّا لَها

فَعايِشِ النَفسَ وَفيما وَتَر

هَل يُهلِكَنّي بِسطُ ما في يَدي

أَو يُخلِدَنّي مَنعُ ما أَدَّخِر

أَو يَنسَأَن يَومي إِلى غَيرِهِ

أَنّي حَوالِيٌّ وَأَنّي حَذِر

وَلَن تَرى مِثلِيَ ذا شَيبَةٍ

أَعلَمَ ما يَنفَعُ مَمّا يَضُر

كَم دونَ لَيلى مِن تَنوفِيَّةٍ

لَمّاعَةٍ تُنذِرُ فيها النُذُر

يُهِلُّ بِالفَرقَدِ رُكبانُها

كَما يُهِلُّ الراكِبُ المُعتَمِر

يَظَلُّ بِالعَضرَسِ حِرباؤُها

كَأَنَّهُ قَرمٌ مُسامِ أَشِر

كَأَنَّما المُكّاءُ في بيدِها

سُرادِقٌ قَد أَوفَدَتهُ الأُصُر

لا تُفزِعُ الأَرنَبَ أَهوالُها

وَلا تَرى الضَبَّ بِها يَنجَحِر

تَرعى القَطاةُ الخِمسَ قَفورَها

ثُمَّ تَعُرُّ الماءَ فيمَن يَعُرُّ

حَتّى إِذا ما حَبَّبَت رَيَّةً

وَاِنكَدَرَت يَهوي بِها ما تَمُرُّ

صَهصَلَقُ الصَوتِ إِذا ما غَدَت

لَم يَطمَعِ الصَقرُ بِها المُنكَدِر

أَيقَظتُ أَزمَلُها فَاِستَوى

مُصَعصَعُ الرَأسِ شَخيتٌ قَفِر

تُروى لَقىً أُلقِيَ في صَفصَفٍ

تَصهَرُهُ الشَمسُ فَما يَنصَهِر

مُطلَنفِثاً لَونُ الحَصى لَونُهُ

يَحجُزُ عَنهُ الذَرَّ ريشٌ زَمِر

أَطلَسَ ما لَم يَبدُ مِن جَلدِهِ

وَبِالذنابى شائِلٌ مُقمَطِر

فَأَزعَلَت في حَلقِهِ زُغلَةً

لَم تُهطِئِ الجيدِ وَلَم تَشفَتِر

مِن ذي عِراقٍ نيطَ في جَوزِها

فَهوَ لَطيفٌ طَيُّهُ مُضطَمِر

يا قَومُ ما قَومي عَلى نأيِهِم

إِذ عَصَبَ الناسَ شَمالٌ وَقُر

وَراحَتِ الشَولُ وَلَم يَحبُها

فَحلٌ وَلَم يَعتَسَّ فيها مُدِر

أَربَطَ جَأشاً عَن ذُرى قَومِهِ

إِذ قَلَّصَت عَمّا تُواري الأُزُر