Feedback

ردوا غمراتها في الواردينا

١. ردوا غمراتِها في الواردينا
وسيروا في الممالكِ فاتحينا

٢. لكم ما اسْتَعمرَ الأعداءُ منها
وما استلبتْ أكُفُّ الغاصبينا

٣. وما مُلْكُ الهلالِ بِمُستباحٍ
وإن غَفَتِ القواضبُ عنه حينا

٤. لها خُلُقُ الصَّواعقِ حين تُغْفِي
فما يُمْسَكْنَ حتّى يَرتمِينا

٥. تَبيتُ على مَضاجِعها المنايا
مُولَّهةً تظنُّ بها الظنونا

٦. تقرُّ فتفزعُ الدّنيا وتأبى
ممالِكُها الهَوادةَ والسُّكونا

٧. وتبعثُها الوغَى فيسيلُ منها
عُبابُ الموتِ يطوي المعتدينا

٨. يُطوِّحُ بالكتائبِ والسّرايا
ويلتهمُ المعاقلَ والحصونا

٩. سلِ اليونانَ كيف طغَى عليهم
أما كانوا الطُّغاةَ القاهرينا

١٠. إذا طلبوا النّجاةَ تلقّفَتْهم
يدا عزريلَ في المُتلقِّفينا

١١. يشقُّ الموجَ إن فَزِعوا إليهم
ويُزجِي من مخالبهِ سفينا

١٢. خُطوبٌ زُلزِلتْ أزميرُ منها
وزالت عن مَواقِعها أثينا

١٣. إذا ما ساقَ قُسطنطينُ جيشاً
رَمى الغازي فساق له المَنونا

١٤. وما بجنودِ قسطنطينَ نُكرٌ
إذا كرَّ الغُزاةُ مُكبِّرينا

١٥. يَردُّونَ السّيوفَ بِلا قتالٍ
ويَلْوُونَ الأعِنَّةَ مُعرِضينا

١٦. إذا نَظموا الهزائمَ أَحْسَنوها
وزَفُّوها روائعَ يزدهينا

١٧. وما تخفى فُنونُ الحربِ يوماً
على الشَّعبِ الذي وَرِثَ الفُنونا

١٨. تولَّوْا كالرّياحِ تَهُبُّ نُكْباً
وطاروا كالنَّعامِ مُشرَّدينا

١٩. تكاد الأرضُ تُنْكِرُهم إذا ما
تَولَّوْا في الأباطحِ مُدبرينا

٢٠. تكاد بلادُها ترتابُ فيهم
إذا مَرُّوا بهنَّ مُدمِّرينا

٢١. فذلك بأسُهم والبأسُ عَجْزٌ
إذا رَحِمَ الضِّعافَ العاجزينا

٢٢. وتِلكَ سَبِيلُهم لا عَيْبَ فيها
وإن زَهقتْ نُفوسُ اللّائمينا

٢٣. ومَن زَعمَ المذابحَ مُنكَراتٍ
فقد زَعمَ الملائكَ مُجرِمينا

٢٤. أَلَمْ تَسَلِ المدائنَ كيف بادت
ألم تبكِ المنازلَ إذ بُلينا

٢٥. كساهُنَّ الشُّحوبَ بلىً عَبوسٌ
وكان الحُسْنُ ممّا يكتسينا

٢٦. سَلِ الأطلالَ من سُفْعٍ وسُودٍ
أهنَّ إلى النَّواعِبَ ينتمينا

٢٧. أُتِيحَ لهنّ من ظُلمٍ طِلاءٌ
كَلَوْنِ القارِ هُنَّ بهِ طُلينا

٢٨. ديارَ عُمومتي وبلادَ قومي
متى دَرستْ رسومُكِ خبِّرينا

٢٩. أثارَ عليكِ من فِيزوفَ سُخطٌ
أمِ اخترمتكِ أيدي السّاخطينا

٣٠. تَفجَّر فيكِ طُوفانٌ جحيمٌ
هَوَى بكِ موجُه في المُغْرَقينا

٣١. لَئِنْ جاش العُبابُ فَذُبْتِ فيه
لقد ذَابتْ نُفوسُ السّاكنينا

٣٢. جَرَيْنَ على غَوارِبه حَيارَى
دوائبَ يفترِقنَ ويلتقينا

٣٣. تظلُّ النّارُ تأكلُهم أُلوفاً
وليسوا بالعُصاةِ المُذنبينا

٣٤. تُصيبُ المُذعِنينَ فتحتويهمْ
وتعصِفُ في وُجوهِ الجافلينا

٣٥. وتغشَى كُلَّ منزلةٍ وَمَثْوَىً
فيذهبُ كيدُها باللّاجئينا

٣٦. إذا مالَ السَّبيلُ بها فَحارتْ
هَدتْها صَيْحةُ المُسْتَصرِخْينا

٣٧. وناعِمةِ الشّبيبةِ ذاتِ طفلٍ
يُضيءُ وسامةً ويَرفُّ لِينا

٣٨. تَلوذُ بِمهدهِ وتضمُّ مِنهُ
رياحينَ الرّياضِ إذا نَدينا

٣٩. دَهاها الخطبُ أحمرَ في نُفوسٍ
لَبسْنَ الموتَ أسودَ إذ دُهينا

٤٠. فعادَ الثَّدْيُ في فمهِ لهيباً
وعاد المَهْدُ في يدِها أَتونا

٤١. تثورُ فلا تُريدُ سِوَى طعامٍ
ولا يَفْنَى القِرَى في المُطعميا

٤٢. تَسيلُ أكفُّهم كَرَماً وبرّاً
إذاجمدتْ أكفُّ الباخلينا

٤٣. تَبارَوْا في السَّماحِ فجاوَزوهُ
وفاتوا فيه شأوَ السّابقينا

٤٤. بني الإِغريقِ سُدْتُم كلَّ قومٍ
وزِدتُمْ في الكرامِ المُنعمينا

٤٥. ترامى ذِكركم في كلِّ أرضٍ
فجابَ سهولَها وطوى الحَزونا

٤٦. ذهبتُمْ بالصّنائعِ والأيادِي
وجاءَ الأدعياءُ مقلِّدينا

٤٧. تظلُّ النارُ مِلءَ الأُفقِ تعلو
وتَقذِفُ بالحيارى الذّاهلينا

٤٨. تُريد حِمَى النُّسورِ فتتَّقِيها
وتطلبُ في السَّحابِ لها وكُونا

٤٩. فلولا الجوُّ يَمنعُ جانبَيْهِ
ملائكةُ السّماءِ مُرفرفينا

٥٠. هَوَى القمرانِ من فَزَعٍ وألقى
حِمَى المِرِّيخِ بالمُستضعَفينا

٥١. هِضابٌ قُمْنَ من لَهَبٍ عليها
دُخانٌ كالجبالِ إذا رُئينا

٥٢. بقايا الظُّلمِ من حُمْرٍ وسُودٍ
يُفارِقْنَ البلادَ وينقضينا

٥٣. تَطلَّعتِ السَّماواتُ ارتْياعاً
وألقتْ نَظرةً تَصِفُ الشُّجونا

٥٤. ترى الأرضينَ كيف عَنا بنوها
لآلهةٍ عليها قائمينا

٥٥. فتلك قيامةُ الأحياءِ قامت
ولمّا يأتِ وعدُ السّالفينا

٥٦. وتلك النّارُ تُلقِي الناسَ فيها
بأرضِ التُّركِ أيدي المُضرِمينا

٥٧. رَأَوْا أن يُطفِئوا ناراً بنارٍ
فَهلْ بِرَدَتْ قلوبُ الحاقدينا

٥٨. أبادت قومَنا إلا بقايا
أقاموا بالعَراءِ معذَّبينا

٥٩. نُفوسٌ ما سُقِينَ به شراباً
سِوَى الأسفِ المُذيبِ ولا غُذينا

٦٠. نَظَرْنَ الموتَ ثم نظرن أخرى
أَتُدركهنَّ أيدي الرّاحمينا

٦١. تضِجُّ الأُمّهاتُ مُفجَّعاتٍ
وينتحبُ البنونَ مُفجَّعينا

٦٢. حنانَكَ ربَّنا ماذا لَقِينا
أَيُجزَى الصّالحونَ كما جُزِينا

٦٣. أقاموها لأنفسهم شِفاءً
فما صَدقوا ولا شَفَتِ الجُنونا

٦٤. لئن ظَنُّوا بجالينوسَ شرّاً
لقد عَرفوا النَّطاسيَّ الأمينا

٦٥. متى يلمسْ مكانَ السُّوءِ منهم
يُمِتْهُ وينزعِ الدّاءَ الدّفينا

٦٦. مَسِيحٌ من بني عُثمانَ سَمْحٌ
يُرينا الحقَّ أسطعَ واليقينا

٦٧. أعزَّ اللهُ دَوْلَتَهُ وأحيا
بهِ أُممَ المشارقِ أجمعينا

٦٨. وهدَّ ببأسِه أُممَاً شِداداً
نُهِيبُ بها وتأبَى أن تلينا

٦٩. بَنَى هامانُها للبَغْيِ صرَحاً
تَهابُ قُواهُ أيدي الهادمينا

٧٠. رمى الغازِي فَزلزلَ جانِبيْهِ
ودَمّرَ رُكنَهُ الضّخمَ المكينا

٧١. تطيرُ العاصفاتُ به شَعاعاً
وتنفضُه على الدُّنيا طحينا

٧٢. ترى هَبَواتِه في كلِّ أفُقٍ
يَرُحْنَ على الجِواءِ ويغتدينا

٧٣. يَرُعْنَ مسابحَ العِقبانِ فيه
ويُفزِعْنَ الغياهِبَ والدُّجونا

٧٤. حَوالِكَ لو جُمِعْنَ لكُنَّ ليلاً
يخَافُ صباحُه أن يستبينا

٧٥. إذا ما الظُّلمُ ذُو الزَّلزالِ أمسى
يَهُزُّ الأرضَ بالمستضعفينا

٧٦. فَحسْبُ المؤمنين دِفاعُ رامٍ
يَداهُ يدا أميرِ المؤمنينا

٧٧. تطلَّع والهلالُ يَميلُ غرباً
وأعلامُ الخلافةِ ينطوينا

٧٨. فأشرفَ يستقيمُ على يَديْهِ
وعُدْنَ به خوافِقَ يعتلينا

٧٩. يُضلِّلنَ الممالكَ شاخصاتٍ
يَصِلْنَ به الجوانحَ والعيونا

٨٠. يَرُفُّ رجاؤُهنَّ على رجاء
يُناشِدُ يثربَ العهدَ المصونا

٨١. إلى الحرَميْنِ مَفزعُه وفيه
حِمَى الدُّنيا ومحيا العالمينا

٨٢. بني عثمانَ مَن يَكُ ذا امتراءٍ
فإنّ نُفوسَنا لا يَمترينا

٨٣. ومَن يَرْعَ الذِّمامَ لكم فَيصْدُقْ
فإنّ اللهَ مَوْلى الصَّادقينا

٨٤. نَصونُ العهدَ إلا ما نسينا
وكيف يَضيعُ حقُّ اللهِ فينا

٨٥. أَفي عِرض الخلافةِ وهو بَسْلٌ
تَجولُ مطامعُ المتألِّبينا

٨٦. ومن أبطالِها وَهُمُ الضّواري
تَنالُ مخالبُ المُتنمِّرينا

٨٧. رموا بجنودِهم من كلِّ فجٍّ
وجاءوا بالسَّفائنِ مُهطِعينا

٨٨. وضجّوا بالوعيدِ دماً وناراً
وما يُغنِي ضجيجُ المُوعدينا

٨٩. هو البأسُ المُصمِّمُ لا نُكوصٌ
ولو ملأوا الفِجاجَ مُناجزينا

٩٠. نسوا بالدردنيلِ لهم قُبوراً
تفيضُ لها دُموعُ الذّاكرينا

٩١. ترى الأسطولَ يَفزعُ حين يمشِي
بساحتِها ويخشعُ مُستكينا

٩٢. وما وادي الجحيمِ بِمُستطاعٍ
وإن عَزُبَتْ حُلومُ الغافلينا

٩٣. لئن جَحدوا المصارعَ دامياتٍ
لقد شهِدتْ منايا الهالكينا

٩٤. لبئس القومُ كالقُطعانِ سِيقوا
إليه وبئسَ مَرْعَى المُصطَلينا

٩٥. أطاعوا الآمرين فأنزلوهم
بأرضٍ لا تُحبُّ النّازلينا

٩٦. تدورُ بهم جوانبُها وتهوي
وتَصعدُ في مطارِ الصَّاعدينا

٩٧. تُطارِدُهم إذا ذَهبوا شِمالاً
وتطلُبُهم إذا انقلبوا يمينا

٩٨. تثور فتملأ الآفاقَ رُعباً
إذا ملأوا الفضاءَ مُحلِّقينا

٩٩. إذا انطوتِ الجُنودُ بها رَمَتْها
فراعنةُ الشُّعوبِ بآخرينا

١٠٠. كأنّ بها إلى المُهجاتِ يَمْضِي
بها عزريلُ شوقاً أو حنينا

١٠١. فما تضعُ السِّلاح وإن تشكَّى
ولا تَدَعُ النُّفوسَ وإن عَيينا

١٠٢. عُبابُ دَمٍ يَقِلُّ سِنينَ حُمراً
طوَى الأجيالَ فيها والقُرونا

١٠٣. هَوَى صَرحُ الدُّهورِ فذاب فيه
كما ذابتْ جُهودُ المُبتَنِينا

١٠٤. وما فَضْلُ الشُّعوبِ إذا أضاعتْ
أواخرُها تُراثَ الأوّلينا

١٠٥. رموا باسمِ الصّليبِ فما أصابوا
ولا وجدوا الصَّليبَ لهم مُعينا

١٠٦. وما يرضَى المسيحُ إذا استباحت
دمَ الضُّعفاءِ أيدي الآثمينا

١٠٧. ولا العذراءُ حين ترى العذارَى
جَوازعَ يَنْتَحِيْنَ ويشتكينا

١٠٨. رأت جللاً من الأحداثِ نُكراً
هَراقَ العينَ واعتصرَ الجبينا

١٠٩. رأت حُورَ الجِنانِ مُصرَّعاتٍ
يُقرِّبْن النُّفوسَ ويفتدينا

١١٠. يَقُلْنَ لها حَنانَكِ أدركينا
فقد أزرى بنا ما تعلمينا

١١١. أَقَومُكِ أم ذِئابٌ عادياتٌ
وأمرُ يسوعَ أم ما تأمرينا

١١٢. أقاموها على الخُلَطاءِ حرباً
تدكُّ مزاعمَ المتحضِّرينا

١١٣. جنوها ظالمينَ وغاب عنها
أعزُّ أولي الحفيظةِ غائبينا

١١٤. فما هابوا الفتى والشيخَ فيها
ولا رَحمِوا الرَّضيعَ ولا الجنينا

١١٥. ولا تركوا بناتِكِ ناجياتٍ
ولا خَفروا ذمامَكِ مُجمِلينا

١١٦. إذا ضجّ الدّمُ المُهراقُ ضَجَّتْ
شعوبُكِ رحمةً للمُهرِقينا

١١٧. وتأخذنا الخطوبُ فإن صبرنا
تداعَوْا في الكنائسِ جازعينا

١١٨. رمونا بالتعصُّبِ فاشْهديه
وكوني حُجّةَ المُتعصِّبينا

١١٩. ذَريهم إذ عَصَوْكِ ولم يثوبوا
إلى الوَحْيِ المنزَّلِ أو ذرينا

١٢٠. همو جعلوا الصّليبَ أذىً وبغياً
عليكِ صلاةُ ربّكِ أنصفينا

١٢١. أقلّي الهمّ واتّئدِي فإنّا
سَيُدرِكُنا غِياثُ المُنجدينا

١٢٢. سما الغازِي المجاهدُ في جنودٍ
لربّكِ ما لهم من غالبينا

١٢٣. وجاء الفتحُ أسطعَ ما يُوارَى
وطار الذُّعرُ بالمُتقهقِرينا

١٢٤. تمرُّ الخيلُ بالأبطالِ رَهْواً
وتمضِي في مواكبها ثَبينا

١٢٥. يُردِّدْنَ الصّهيلَ مُبشِّراتٍ
ويتلون الكتابَ مُبشِّرينا

١٢٦. مشَى جبريلُ يدعو القومَ شتّى
فَلَبُّوهُ وخَرّوا ساجدينا

١٢٧. ونادى القائدُ الأعلى فجاءوا
إليه مكبِّرينَ مُهلِّلينا

١٢٨. وهبَّ الشّعبُ ملءَ الأرضِ يجزي
يدَ الغازي ويلقى الوافدينا

١٢٩. مواكبُ من يَغِبْ في الدّهرِ عنها
فما شهِدَ الملوكَ مُتوَّجينا

١٣٠. ولا عَرفَ الهلالَ يسير فخماً
ولا نظر السُّهى يمشِي رصينا

١٣١. مَشاهدُ خانتِ الأنباءُ فيها
وضاقَ بها بيانُ الواصفينا

١٣٢. يظلُّ الكاتبُ العربيُّ فيها
يَجورُ به لسانُ الأعجمينا

١٣٣. قَنعنا بالرّوايةِ وانكفأنا
نُهيبُ بقومِنا في القاعدينا

١٣٤. يُهيّجُنا الحديثُ وتعترينا
خيالاتٌ يَلُحنَ ويختفينا

١٣٥. رُبَى أزميرَ ماذا تنظرينا
وأيَّ عَطاءِ ربّكِ تشكرينا

١٣٦. صبرتِ على الأذى فجزاكِ نصراً
وساق إليكِ عُقبى الصّابرينا

١٣٧. وردَّ عليكِ قومَكِ بعد يأسٍ
فَمِنْ غادين فيكِ ورائحينا

١٣٨. أَتَوكِ مُسلِّمينَ فما شجاهم
سوى خَبَبِ العِداةِ مُودّعينا

١٣٩. تودُّ سُيوفُهم أن لو أقاموا
وإن أخذوا الأعِنَّةَ زاهدينا

١٤٠. بقيّةُ مُفسدينَ عَتَوْا فأمسوا
حَصيداً في المصارعِ خامدينا

١٤١. رمت أيدي التَّبابِ بهم فبانوا
وما تأبَى البقيّةُ أن تَبينا

١٤٢. أتَوْا أزميرَ يَسْتَعلُونَ عِزَّاً
ويستبقونها مُتخايلينا

١٤٣. يَهُزّون السُّيوفَ بها اغتراراً
ويُزجون الجِيادَ مخدَّعينا

١٤٤. نَشاوَى يَحسَبون الأُسْدَ تُغضي
إذا أجَماتُها يوماً غُشينا

١٤٥. وأقربُ ما يكونُ الذّئبُ حَتْفاً
إذا هاجَ الضَّراغمَ مُستَهِينا

١٤٦. نزوها نزوةً لم يعرفوها
وكانوا قبل ذلك جاهلينا

١٤٧. أشادوا بالفُتوحِ مُحجَّلاتٍ
وصاحوا صَيْحةَ المُتَبجِّحينا

١٤٨. فكان حُماتُهم حرباً عليهم
وكانوا الفاتحين الكاذبينا

١٤٩. أتوا غَرِقينَ في صَلَفٍ وكِبرٍ
وعادوا بالهوانِ مُخيَّبينا

١٥٠. ألا بَعُدتْ ديارُ الظّاعنينا
ولا عطفوا الركائبَ راجعينا

١٥١. تظلُّ الأرضُ تَقذِفُهم سِراعاً
فما ندري أخَلقاً أم كرينا

١٥٢. تطايرَ جمعُهم فَرَقاً وزالوا
عصائبَ كالجرادِ مُطرَّدينا

١٥٣. إذا بلغوا الدّيارَ تَجهَّمَتهُم
فساروا في البلادِ مُباعدينا

١٥٤. خلائقُ ما يُقاربُها حِسابٌ
وإن بَعُدَ المدى بالحاسبينا

١٥٥. ترامَوْا في السّفائنِ واستمرّوا
يَجوبونَ البِقاعَ مُولَّهينا

١٥٦. فضجَّ البحرُ من فَزَعٍ بُكاءً
وماج البَرُّ من جَزَعٍ أنينا

١٥٧. جنايةُ معشرٍ طلبوا مُحالاً
فَهمُّوا بالشّعوبِ مُغرِّرينا

١٥٨. أبادوا النّاسَ شعباً بعد شعبٍ
وقاموا في المآتمِ ساخرينا

١٥٩. تنفّستِ المشارقُ حين صاحوا
بأبطالِ الخلافةِ بارزينا

١٦٠. لَتِلكَ أحبُّ ما تَهَبُ الأمانِي
من النُّعْمَى وأبهجُ ما تُرينا

١٦١. إلى أيّامنا في الدهرِ بيضاً
نَخوضُ غياهبَ الأحداثِ جُونا

١٦٢. وما للقومِ كالهيجاءِ وِردٌ
إذا وردوا الحُتوفَ مُسالمينا

١٦٣. وما في الأرضِ أعدلُ من حُسامٍ
إذا جَمحَ الهوى بالحاكمينا

١٦٤. وما حقُّ الحياةِ لنا بحقِّ
إذا خِفنا وعيدَ المُبطلينا

١٦٥. ولولا البأسُ ما وَفَتِ الأماني
ولا نَهضتْ جُدودُ العاثرينا

١٦٦. أَمَنْ جَعلَ الهَوانَ له حليفاً
كمن جَعلَ العَنانَ له قرينا

١٦٧. ولولا النّقعُ ينهضُ مُكفَهِرّاً
لما نَهضتْ عروشُ المالكينا

١٦٨. بني عثمانَ مَنْ يضربْ بسيفٍ
فما زلتم سُيوفَ الضّاربينا

١٦٩. ومن يَعبثْ به نَزَقُ الأماني
تُعِدْهُ سيوفُكم ثَبْتاً رزينا

١٧٠. وما لذوي الجهالةِ من عذيرٍ
إذا ركبوا الحُتوفَ مُجرِّبينا

١٧١. إذا ما النُّصحُ لم يكُ ذا غناءٍ
فإنّ السّيفَ خيرُ النّاصحينا

١٧٢. خُلِقْتُم للجِلادِ وأرضعتكم
ثُدِيُّ الأُمّهاتِ مُدرَّبينا

١٧٣. وما للقومِ في الهيجاءِ كُفءٌ
إذا وُلدوا فوارسَ مُعلَمينا

١٧٤. سَمَوْتُم في الشُّعوبِ بِمُنجباتٍ
يَفِئْنَ إلى غَطارِفَ مُنجبينا

١٧٥. مُطهّرةِ البطونِ مُبارَكاتٍ
يُربِّينَ الرّجالَ مُبارَكينا

١٧٦. نَمْتهُنَّ المنابتُ مُمرعاتٍ
يطيبُ بها غِراسُ المُنبِتينا

١٧٧. فإن يَجهلْ بني عُثمانَ قومٌ
فما عرفوا الأُبوّةَ والبنينا

١٧٨. أولئك أفضلُ الأقوامِ خُلقاً
وأصدقُ أمّةِ الفُرقانِ دينا

١٧٩. يَحلّون الكِتابَ حِمَى نفوسٍ
حَلَلْنَ من السّماءِ بحيث شِينا

١٨٠. أهاب بهم رسولُ اللهِ هُبُّوا
فَهَبّوا بالسُّيوفِ مُجاهدينا

١٨١. يُنادون الخلافةَ لا تُراعي
فلن نَرْضَى لِتاجكِ أن يهونا

١٨٢. إذا بات العَرينُ بغير حامٍ
ورِيعَ حِمَى الخلائفِ فاذكرينا

١٨٣. لكِ المهجاتُ نَبذلُها فِداءً
ولسنا في الفداءِ بمُسرِفينا

١٨٤. أمانةُ ربّنا صِينَتْ لدينا
وكنّا للأمانةِ حافظينا

١٨٥. دَعَوْتِ فأقسمَ الجيشُ اليمينا
وحسبُكِ أن يُبيدَ الظالمينا

١٨٦. نُجاهِدُ وَحدَنا ونراه حقّاً
وإن نكَصتْ شُعوبُ المسلمينا

١٨٧. ونحن القومُ لا نَخْشَى المنايا
ولا نتهيَّبُ الحربَ الزَبونا

١٨٨. علينا أن نُجيبَ إذا دُعينا
ونَصدُقَ في الوغى مَن يبتلينا

١٨٩. نذمُّ القائلين ولا حياةٌ
لمن يأبَى سبيلَ العاملينا

١٩٠. إذا الخطباءُ للتعليم هَبُّوا
خَطبنا بالسّيوفِ مُعلِّمينا

١٩١. ونكتبُ في الملاحمِ ما أَردنا
إذا التحمتْ صُفوفُ الكاتبينا

١٩٢. وأضعفَ ما يكونُ القومُ جُنداً
إذا حَشدوا الصّحائفَ صائحينا

١٩٣. تُجادلُ بيّناتُ البأسِ عنّا
إذا ضجَّ الرّجالُ مُجادلينا

١٩٤. لنا الحُجَجُ التي لا رَيْبَ فيها
إذا ارتابتْ قُلوبُ المُنكِرينا

١٩٥. لِنصرِكَ ربَّنا خُضْنا المنايا
وفيكَ وفي رسولِكَ ما لَقينا

١٩٦. دَعَوْتَ إلى الجهادِ ونحن صرعَى
فما أبَتِ السُّيوفُ ولا عَصينا

١٩٧. نهضنا تَخذُلُ الأوصالَ منّا
مناكبُ يَسْتَقِمْنَ ويلتوينا

١٩٨. نَنُوءُ من الجِراحِ بما حملنا
ونمشِي للكفاحِ مُصفَّدينا

١٩٩. نضِجُّ مُكبِّرين إذا رَمَيْنا
ونستبِقُ الجِنانَ إذا رُمِينا

٢٠٠. إذا لم نملأ الدُّنيا سلاماً
فلسنا للسُّيوفِ بِمُغْمِدينا

٢٠١. نُقاذِفُ عن ذوي الأرحامِ طُرّاً
ويقذفنا العِدى ببني أبينا

٢٠٢. ونعلمُ أنّهم قومٌ ضِعافٌ
شَقُوا بالغاصِبينَ كما شَقِينا

٢٠٣. يُسامُونَ الهوانَ أذىً وبغياً
ويأتون الدَنِيَّةَ صاغرينا

٢٠٤. إذا انبعثتْ قذائفُهم غَضِبْنا
فإن بعثوا القُلوبَ لنا رضينا

٢٠٥. تَبيتُ صُفوفُهم تهفو إلينا
وإن مَضَتِ الطّلائعُ تَتَّقِينا

٢٠٦. يُريدونَ الحياةَ ككلِّ شعبٍ
وتقتلُهم قُوى المُستعبِدينا

٢٠٧. أولئك قومُنا اللهمَّ فافتحْ
لنا ولقومِنا الفتحَ المُبينا

٢٠٨. أروني سيفَ خالدةٍ وعُدُّوا
مناقبَها العُلىَ للمُعْجَبينا

٢٠٩. أَروهُ ممالكَ الدُّنيا وقُصّوا
على الأممِ الحديثَ مُفاخِرينا

٢١٠. لئن جَهِلَ التفوُّقَ مُدَّعوهُ
فتلك مَراتبُ المتفوِّقينا

٢١١. وما للعبقريَّةِ في سواكم
سوى الذّكرى ودعوى المُرجفينا

٢١٢. عَهِدنا الغِيدَ يُؤثِرن الحَشايا
ويُغْلِينَ القلائدَ والبُرينا

٢١٣. فما بالُ التي جَعلتْ حُلاها
حَديدَ الهندِ في المُتلَبِّبينا

٢١٤. رمت بالسّابحاتِ تَسُحُّ ركضاً
إلى الغَمَراتِ تَلْقَى الدَّارِعينا

٢١٥. تَحُطُّ قِناعَها وتخوضُ فيها
فوارسَ بالحديدِ مُقَنَّعينا

٢١٦. وتَلْبَسُ من دَمِ الأبطالِ مِرطاً
تَفيضُ له نُفوسُ اللّابسينا

٢١٧. تَزينُ جُفونَها بالنّقعِ فَرحى
إذا ما زَيَّنَ الكُحلُ الجفونا

٢١٨. وما تَضَعُ السّلاحَ بناتُ قومي
ولا تَدَعُ الحِمَى للواغِلينا

٢١٩. حرائرُ ما شُغِلْنَ بِمُستَحَبٍّ
سِوَى الشَّرفِ الرفيعِ ولا عُنينا

٢٢٠. نَمتْهُنَّ المَناسبُ مُشرِقاتٍ
سُلِلْنَ من القواضبِ وانْتُضينا

٢٢١. إذا ما الخيلُ سِرْنَ نَفَرن بيضاً
يُبادرنَ الرَّعال ويَنْبرينا

٢٢٢. يُغِرْنَ فَيَسْتلِبْنَ الجيشَ ضخماً
إذا اسْتُلِبَ العقائلُ أو سُبيِنا

٢٢٣. فمن يَشهدْ حُماةَ الملكِ يَشهدْ
خِلالَ النّقعِ آساداً وعِينا

٢٢٤. يُعاجِلْنَ الصُّفوفَ مُغامِراتٍ
ويغشَوْنَ الحُتوفَ مُغامِرينا

٢٢٥. فيا لكَ سُؤْدُداً وطِرازَ مجدٍ
يَروعُ جلالُه المتأنِّقينا

٢٢٦. تدفّقَ رَوْنَقُ الإسلامِ يسقي
جوانِبَه ويستسقِي المُتونا

٢٢٧. وجال الوحيُ ذو الإشراقِ فيه
فسالَ على أكفِّ القابسينا

٢٢٨. أكنتم أمةً خُلِقتْ سُيوفاً
تعالى اللهُ خيرُ الخالقينا

٢٢٩. تَخوضُ الحربَ شُبّاناً وشِيباً
وتغشى القتلَ أبكاراً وعونا

٢٣٠. لكم نورُ الفتوحِ يُضيءُ فيها
إذا هَزّتْهُ أيدي المِصْلَتينا

٢٣١. سنا عُثمانَ ذِي النُّورَيْنِ فيه
وسِرُّ اللهِ للمتوسِّمينا

٢٣٢. طوى الأجيالَ ما واراهُ غِمدٌ
ولا عَرفَ الصياقلَ والقيونا

٢٣٣. تجلّتْ غمرةُ اليَونانِ عنكم
وجاءت غَمرةُ المُتحالِفينا

٢٣٤. بني عثمانَ أَعْنَقَتِ المطايا
وجَدَّ الجدُّ بالمُتردِّدينا

٢٣٥. خُذُوا سُبلَ العُلىَ ركضاً وسيروا
مَيامينَ الرِّكابِ موفَّقينا

٢٣٦. لَعمرُ الجامحِينَ لقد أردتم
فأَلْقوا بالأعِنَّةِ مُذعِنينا

٢٣٧. إذا خَفضوا الجناحَ لكم رَضيتم
أعزّاءَ المعاطِسِ كابرينا

٢٣٨. وإن طلبوا العَوانَ بعثتموها
وسِرتم باللّواءِ مُظفَّرينا

٢٣٩. تُحبّون الهَوادةَ ما اسْتقاموا
ولستُمْ للقتالِ بكارهينا

٢٤٠. حُماةَ المُلكِ هل للملكِ ذُخرٌ
سِوَى بأسِ الحُماةِ الباسلينا

٢٤١. وما تنأى فَروقُ إذا هممتم
ولا تأبى أدرنةُ أن تدينا

٢٤٢. قبورُ الفاتحينَ تَرفُّ شوقاً
وتسألُ ما وقوفُ القادمينا

٢٤٣. مضاجعُ للخلائفِ شيّقاتٌ
تحنُّ إلى نوازَع شيِّقينا

٢٤٤. لكم مَقْدُونيَا شرقاً وغرباً
فَزُوروا داركم وصِلُوا القطينا

٢٤٥. صِلوا إخوانَكم وبني أبيكم
وإن كَرِهَتْ نُفُوسُ الكاشحينا

٢٤٦. أقاموا بالديارِ مروَّعاتٍ
يُنادون الحُماةَ مُروّعينا

٢٤٧. ديارُ هوىً هلكن أسىً فلمّا
أَتاهُنَّ البشيرُ ضُحىً حيينا

٢٤٨. يَكَدْنَ من الحنينِ يجِئنَ رَكباً
يُحيِّين اللواءَ ويحتفينا

٢٤٩. مَلَلتُمْ ما يَمَضُّ الحُرَّ منهم
وما مَلّوا الدُّعابةَ والمُجونا

٢٥٠. تَواصَوْا بالهَوادةِ وهي زُورٌ
ونادوا بالسّلامِ مُضلِّلينا

٢٥١. رأوا عزماً يَطُمُّ على العوادي
ويَغمرُ حِدَّةَ المُتمرِّدينا

٢٥٢. فَباءُوا بالتي لا ظُلمَ فيها
وجاءوا بالقُضاةِ مُحكِّمينا

٢٥٣. فما اسْطاعوا لِحُكمِ اللّيثِ رَدّاً
ولا وَجدوا لهم من ناصرينا

٢٥٤. رَضُوا بعد التوثُّبِ واستكانوا
لأَغلبَ يَصرعُ المتوثِّبينا

٢٥٥. تُحبّون الهَوادةَ ما اسْتقاموا
ولستُمْ للقتالِ بكارهينا

٢٥٦. حُماةَ المُلكِ هل للملكِ ذُخرٌ
سِوَى بأسِ الحُماةِ الباسلينا

٢٥٧. وما تنأى فَروقُ إذا هممتم
ولا تأبى أدرنةُ أن تدينا

٢٥٨. قبورُ الفاتحينَ تَرفُّ شوقاً
وتسألُ ما وقوفُ القادمينا

٢٥٩. مضاجعُ للخلائفِ شيّقاتٌ
تحنُّ إلى نوازَع شيِّقينا

٢٦٠. لكم مَقْدُونيَا شرقاً وغرباً
فَزُوروا داركم وصِلُوا القطينا

٢٦١. صِلوا إخوانَكم وبني أبيكم
وإن كَرِهَتْ نُفُوسُ الكاشحينا

٢٦٢. أقاموا بالديارِ مروَّعاتٍ
يُنادون الحُماةَ مُروّعينا

٢٦٣. ديارُ هوىً هلكن أسىً فلمّا
أَتاهُنَّ البشيرُ ضُحىً حيينا

٢٦٤. يَكَدْنَ من الحنينِ يجِئنَ رَكباً
يُحيِّين اللواءَ ويحتفينا

٢٦٥. مَلَلتُمْ ما يَمَضُّ الحُرَّ منهم
وما مَلّوا الدُّعابةَ والمُجونا

٢٦٦. تَواصَوْا بالهَوادةِ وهي زُورٌ
ونادوا بالسّلامِ مُضلِّلينا

٢٦٧. رأوا عزماً يَطُمُّ على العوادي
ويَغمرُ حِدَّةَ المُتمرِّدينا

٢٦٨. فَباءُوا بالتي لا ظُلمَ فيها
وجاءوا بالقُضاةِ مُحكِّمينا

٢٦٩. فما اسْطاعوا لِحُكمِ اللّيثِ رَدّاً
ولا وَجدوا لهم من ناصرينا

٢٧٠. رَضُوا بعد التوثُّبِ واستكانوا
لأَغلبَ يَصرعُ المتوثِّبينا

٢٧١. إذا نَفَر الحِفاظُ به تناهَوْا
يَغُضُّونَ النّواظرَ خاشعينا

٢٧٢. يَضِنُّ بحقِّهِ والحقُّ عِرضٌ
إذا انْتهكتْهُ أيدي الطّامعينا

٢٧٣. أصمُّ العَزْمِ ما وَجدوهُ إلا
كَرُكنِ الطَّودِ مُمتنِعاً ركينا

٢٧٤. يُريدُ الأمرَ لا يَبغِي كفيلاً
سِوَى البأسِ الشّديدِ ولا ضمينا

٢٧٥. أرادوا ظُلْمَنا فأبَى عليهم
وعلّمهم سجايا الأكرمينا

٢٧٦. فعادوا بالمهانةِ في ذَويهم
وعُدنا بالكرامةِ في ذوينا

٢٧٧. يُشاوِرُ سَيْفَه والسّيفُ أجدى
إذا لم يُجْدِ لَغْوُ القائلينا

٢٧٨. يردُّ الذّاهلين إلى نُهاهم
ويكشِفُ حَيرْةَ المُتعسِّفينا

٢٧٩. دَعوا أُسطولَهم فاهتاجَ ذُعراً
وبات جُنودُهم مُتفزِّعينا

٢٨٠. لئن أخذوا السَّبيلَ إلى فَروقٍ
لقد أخذوا سبيلَ الذّاهبينا

٢٨١. وإن شَقُّوا الخنادِقَ في جِناقٍ
فقد شَقُّوا القُبورَ مُموِّهينا

٢٨٢. تهلّلتِ الخلافةُ إذ نَعَوها
وجاءوها بسيفرَ وارثينا

٢٨٣. تولَّوْا عن مغانِمها خَزَايا
وعادوا بالحقائبِ مُخْفِقينا

٢٨٤. وما لِعُهودِ سيفَرَ من بقاءٍ
إذا دَلَفَ الكُماةُ مدجَّجينا

٢٨٥. وما خُطَطُ الدُّهاةِ بِمُغنياتٍ
إذا خُطَطٌ بأنقرةٍ قضينا

٢٨٦. مهبُّ الحادثاتِ إذا ترامَتْ
بها الأقدارُ حُمراً يلتظينا

٢٨٧. يَدعْنَ رواكدَ الأقطارِ وَلْهى
وما يَدرِينَ ماذا ينتوينا

٢٨٨. إذا بلغ المطارُ بهنّ أرضاً
بلغن من العِدَى ما يشتهينا

٢٨٩. يَزُرْنَ مَساقِطَ الآجالِ هِيماً
يَرِدْنَ بها النّجيعَ فيرتوينا

٢٩٠. منازل فتيةٍ فزعوا إليها
بآمالِ العُناةِ المُرهَقينا

٢٩١. يعدُّون الخُطى يَنْقُصْنَ حيناً
ويستوفونها مُتلفِّتينا

٢٩٢. يخافون الكلامَ فإن تَناجَوْا
تَناجَوْا بينهم مُتخافتينا

٢٩٣. أصابوا غِرّةً فمشوا دَبيباً
وساروا خِفيةً مُتسلِّلينا

٢٩٤. يُهالُ الغيبُ ذو الأهوالِ منهم
بِمُستخفين فيهِ وساربينا

٢٩٥. رأوها نكبةً هَوْجاءَ تأتِي
زَلازِلُها على المُستسلِمينا

٢٩٦. ورُوِّعَتِ الخلافةُ في حماها
وضجَّ بنو الخلافةِ نادبينا

٢٩٧. فباعوا اللهَ أنفسَهم وهبُّوا
كأصحابِ النبيِّ مُهاجرينا

٢٩٨. همُ ابتدروا العَرِينَ فأنقذوهُ
وهم كانوا الحُماةَ المانعينا

٢٩٩. سيوفُ اللهِ ليس له سواه
وراياتُ الهُداةِ المُلهَمينا

٣٠٠. ترى القُوّادَ والوزراءَ صَرْعَى
على عاري الصَّعيدِ مُجَنْدَلينا

٣٠١. يُلاقون الحُتوفَ وما أساءوا
ولا كانوا الجُناةَ الخائنينا

٣٠٢. وما من حيلةٍ في التُّركِ تُجدِي
إذا ذَعروا المقانبَ مُقدِمينا

٣٠٣. وهل في طاقةِ القُوّادِ شيءٌ
إذا دهموا الجُيوشَ مُطوِّقينا

٣٠٤. همُ امتلكوا النُّفوسَ فأخضعوها
وجاءوا بعد ذلك خاضعينا

٣٠٥. وَهُمْ ساقوا الكتائبَ ثم سِيقوا
كأمثالِ العقائرِ مُوثَقينا

٣٠٦. أَلحَّ الأُسْرُبُ المسمومُ يَفْري
جَماجِمَهم فخرُّوا هامدينا

٣٠٧. يشقُّ لهم عُيونَ الصِّدقِ تمحو
حقائقُها ظُنونَ الزّاعمينا

٣٠٨. ترى عُقْبَى الأذى فتفيضُ غَمّاً
وتَقذِفُ بالنُّفوسِ دَماً سخينا

٣٠٩. تَتابعَ من يدِ الغازي عليهم
وإن قذفته أيدي القاتلينا

٣١٠. مُثقِّبُ كُلِّ مُعْتَصمٍ وحصنٍ
رماهم في القُبورِ مُثَقَّبينا

٣١١. كذلك وَعْدُ ربِّكَ حين يأتي
ومن ذا يَعصِمُ المُسْتَهتِرينا

٣١٢. تَظلُّ دموعُ قُسطنطينَ تَهمِي
لِقَتلىَ بالدّماءِ مضرَّجينا

٣١٣. تَولَّى خَوْفَ مصرعِهِ حثيثاً
وخابتْ حِيلةُ المُتربِّصينا

٣١٤. يَذمُّ العرشَ والتّاجَ المُحلَّى
ويلعنُ قومَه في اللّاعنينا

٣١٥. يَعيبون الفِرارَ عليه ظُلماً
وأيُّ النّاسِ يُرضي العائبينا

٣١٦. أما كانوا حديثَ الدهرِ لولا
شرائعُه العُلىَ للهاربينا

٣١٧. يَجودُ بِعرضِه ويَصونُ منهم
بقايا العارِ للمُستهزئينا

٣١٨. لئن جَحدوا مناقِبَهُ وكانوا
يُقيمون المواكبَ شاكرينا

٣١٩. فما جحدت بلاريسا الرَّوابِي
ولا الشُّمُّ الفوارعُ من ملونا

٣٢٠. إذا جَدَّ النِّزالُ ارْتَدَّ يعدو
وأقبلَ بالفوارسِ راكضينا

٣٢١. فجاءوا بالنُّفوسِ مُحصَّناتٍ
وقَرُّوا في البُيوتِ مُعسكرينا

٣٢٢. فوارسُ لا يَروْنَ الجُبنَ عاراً
إذا غنِموا النُّفوسَ مُتارِكينا

٣٢٣. فما تَجنيِ هزائمهُم عليهم
وإن زانتْ سُيوفَ الهازمينا

٣٢٤. ولا تمضي مَغانمُهم إذا ما
مَضتْ أسلابُهم في الغانمينا

٣٢٥. أقُسطنطينُ مُتَّ وما أرانا
على حُبِّ البقاءِ بخالدينا

٣٢٦. كفى بالموتِ صَحْواً للسُّكارَى
وشكراً للصُّحاةِ المُدركينا

٣٢٧. لعلّكَ كُنتَ تَطمعُ في حياةٍ
يَسرُّكَ طولُها في المُنظَرينا

٣٢٨. ولو أُوتِيتَ سؤلكَ لم تَنَلْها
مطامعَ تصرعُ المُتطاولينا

٣٢٩. بنو عثمانَ أحداثُ الليالي
ومُلْكُ التُّركِ دَهرُ الدّاهرينا

٣٣٠. يَزولُ القومُ بعدكَ من مَوالٍ
وأحلافٍ وليسوا زائلينا

٣٣١. فإن تكُ قد سَبَقْتَ ذَوِيكَ فَرداً
فموعدُهم غداً في اللّاحقينا

٣٣٢. حُماةَ الشّرقِ بُورِكَتِ المواضِي
وطُوبَى للحُماةِ الذّائدينا

٣٣٣. أقمتم للأُلى ظلموا وجاروا
مآتِمَ تملأُ الدُّنيا رَنينا

٣٣٤. وصُنْتُم مَجدَكم عن كلِّ عادٍ
بكلِّ غَضَنْفَرٍ يحمِي العَرينا

٣٣٥. أرادوا شَأوَهُ العالي فكنتم
مَوالِيَهم وكانوا الأسفلينا

٣٣٦. لكم نَصرُ الأُلى في يومِ بدرٍ
أُمِدُّوا بالملائكِ مُردِفينا

٣٣٧. مَضَى الحكمُ الذي قضتِ المواضي
فَتِلكَ مَصارعُ المُتجبِّرينا

٣٣٨. سَلوا أممَ المشارقِ ما دَهاها
وكونوا للمشارقِ مُنقِذينا

٣٣٩. تُؤَمِّلُ أن يُصانَ بكم حِماها
ويُوشِكُ ما تُؤمِّلُ أن يكونا

٣٤٠. هو الميثاقُ ذُو الحُرُماتِ لَسْتُمْ
طِوالَ الدّهر عنه بحائدينا

٣٤١. تنزَّلَ من بقايا الوَحْيِ نُوراً
يُضيءُ النَّهجَ للمُترسِّمينا

٣٤٢. وما نَفَعَ النُّفوسَ ولا هَداها
كنُورِ الله خيرِ المُنزِلينا

٣٤٣. أَرونا البطشةَ الكبرى سِراعاً
فإنّ لكم لَبطشُ القادرينا

٣٤٤. هُمُ اتخذوا الشُّعوبَ لهم عَبيداً
وعاثوا في الممالكِ مُفسِدينا

٣٤٥. أقيموا الحقَّ ليس له سواكم
وَسُوسوا النَّاسَ أجمعَ والشُّؤونا

٣٤٦. فذلك عَهدُكم للهِ فيهِ
وللمختارِ عَهْدُ الرّاشدينا

٣٤٧. قَضيتُمْ بالكِتابِ فهل رأيتم
كآيات الكتابِ حِمىً حصينا

٣٤٨. وهل نَفذتْ قُوى الطَّاغين فيه
ونالت منه أيدي الماكرينا

٣٤٩. أَحِصْنَ اللهِ يُوعِدُ كلُّ رامٍ
ويطمعُ أن يكونَ له مُهينا

٣٥٠. وما زَجرَ الحُصونَ الشُّمَّ إلا
حَففْنَ به يَطُفْنَ ويحتمينا

٣٥١. سبيلُ المجدِ إيمانٌ وحقٌّ
وسَيْفٌ يَردعُ المُتهجِّمينا

٣٥٢. يَعِفُّ عن المظالمِ والدَّنايا
ويرفُقُ بالضِّعافِ الوادعينا

٣٥٣. ويَجتنبُ المناهِلَ مُتْرعاتٍ
تَطيبُ نِطافُها للنّاهلينا

٣٥٤. يرى حَرَّ الغليلِ وإن تمادَى
أحبَّ مَواردِ المُتعَفِّفينا

٣٥٥. تَهيَّبَ رَبَّهُ فازدادَ مجداً
وكان بكلِّ مَكْرُمةٍ قمينا

٣٥٦. يُشيرُ فتفزعُ الغَبراءُ منه
ويَفزعُ من شَكاةِ العاتبينا

٣٥٧. ويُوهِنُ حادثاتِ الدَّهرِ رُعباً
ويخشَى أن يُصيبَ الواهنينا

٣٥٨. سِلاحُ الحقِّ يقطعُ كلَّ عَضْبٍ
ويَصدعُ قُوّةَ المُتهوِّرينا

٣٥٩. وما الإِيمانُ للأقوامِ إلا
سبيلُ اللهِ يَهدي السّالكينا

٣٦٠. إذا لم يَرْفَعِ البُنيانَ عدلٌ
هَوَتْ جَنبَاتُه بالرّافعينا

٣٦١. وإن ضاعَ التعاونُ في أُناسٍ
عَفتْ آثارُهم في الضّائعينا

٣٦٢. بني عثمانَ رَدَّ اللهُ فيكم
خلائفَه وأحيا التّابعينا

٣٦٣. فذلك عهدهم لا الأمرُ فَوْضَى
ولا الدُّنيا بأيدي اللّاعبينا

٣٦٤. وتلك شرائعُ الإسلامِ عادت
تجبُّ شرائعَ المُسْتَعمرينا

٣٦٥. رَفعتُمْ من حضارتِهِ مَناراً
يَفيضُ شُعاعُه للمُدْلجِينا

٣٦٦. فأين السُّبلُ بالرُّكبانِ حَيْرَى
وأين حَضارةُ المتوحِّشينا

٣٦٧. أبالتاجِ المُعظَّمِ كلَّ يومٍ
يُراءون الممالكَ مُقسِمينا

٣٦٨. وما للتّاجِ في الدُّنيا قَرارٌ
إذا صَدقَ الأُلى عقدوا اليمينا

٣٦٩. يُكفِّرُ من كبائِرهم ويعفو
وإن أبَوا الإِنابةَ عامدينا

٣٧٠. يرى المُستغفرِينَ أشدَّ ذنباً
ويجعلُ رِجزَهُ للتّائبينا

٣٧١. هو الإلحادُ إن جنحوا إليه
فقد علموا جَزاءَ المُلحِدينا

٣٧٢. ولن ترضى الجلالةُ عن أناسٍ
تراهم في الضّلالةِ سادرينا

٣٧٣. تهين الأَنبياءَ إذا استباحوا
محارمَها وتنفِي المُرسَلينا

٣٧٤. لها في كلِّ مملكةٍ وشعبٍ
شرائعُ تُعجب المتعبِّدينا

٣٧٥. إذا حُمِلَتْ إليها الشّمسُ غُنماً
فلا طَلعتْ على المتذمِّرينا

٣٧٦. ترى الدُّنيا لها مُلكاً مُباحاً
ومن فيها عِباداً طائعينا

٣٧٧. عُروشُ الأرضِ إرثٌ في يَدَيها
وتيجانُ الملوكِ الأقدمينا

٣٧٨. تَروعُ بعرشِ عُثمانَ الدَّراري
وتستهوِي الشُّموس بتاجِ مينا

٣٧٩. كذلك تَخدعُ القومَ الأماني
وتكذبُ تُرّهاتِ المدّعينا

٣٨٠. أرادوا بالخلافةِ ما أرادوا
ورَدُّوا المُسلمينَ مُمزَّقينا

٣٨١. يُقيمون الممالكَ واهياتٍ
يَمِلْنَ مع الرّياحِ ويَنْثَنينا

٣٨٢. بَنوها أربعاً ولوِ استطاعوا
لشقّوها ممالكَ أربعينا

٣٨٣. يَدبُّون الضَراءَ لنا وما هم
وإن خَدعوا الصِّغارَ بضائرينا

٣٨٤. إذا دَأبَ القضاءُ يُريد أمراً
تقاصرَ عنه سَعْيُ الدّائبينا

٣٨٥. تكشّفتِ الأُمورُ لنا فلسنا
عن السّنَنِ السَّوِيِّ بناكبينا

٣٨٦. وفي لوزانَ إذ فَزعوا إليها
وجاءوا بالوُفودِ مُكاثرينا

٣٨٧. رأوا ناراً يَطيرُ لها شُواظٌ
تطيرُ له نُفوسُ المُوقِدينا

٣٨٨. إذا هاجوا الأسودَ فأفزعوهم
أهابوا بالممالكِ غاضبينا

٣٨٩. وقالوا أُمّةٌ سَكْرَى وشعبٌ
يُريد بنا الهَوانَ ويزدرينا

٣٩٠. يرى الدُّنيا العريضةَ في يَدَيْهِ
ويَعتدُّ الشُّعوبَ له قطينا

٣٩١. لَعمرُ الكاشِحينَ لقد رَجَعنا
على الأمرِ المدبَّرِ مُجمِعينا

٣٩٢. فيا لكِ صخرةً صمّاءَ تأبى
جَوانبُها على المُتمَرِّسينا

٣٩٣. تَمادَوْا في الوعيد وسيَّروها
دَعاوَى تُضحِكُ المتأمِّلينا

٣٩٤. فما سَمِعَ الأُسودُ لهم عُواءً
ولا خافَ الذُّبابُ لهم طنينا

٣٩٥. يَسدُّ وَقَارُ عِصْمَتَ مَسْمَعَيِهِ
إذا عَكَفوا عليه مُهوِّلينا

٣٩٦. إذا ما الصَّمتُ أعجبه تولَّى
به صَلَفٌ يَهولُ السّائلينا

٣٩٧. فلا صَيحاتُ فنزيلوس تُجدِي
ولا كِرزونُ يطمع أن يُبينا

٣٩٨. أَتَوا مُتفائِلينَ لهم ضَجيجٌ
فَردَّ جموعَهم مُتطيِّرينا

٣٩٩. إذا راضوه أعجزهم شِماسٌ
يُطيلُ ضَراعةَ المتكبِّرينا

٤٠٠. أما والرّاقصاتِ لقد طربنا
لأنباءِ الحُماةِ الرّاقصينا

٤٠١. أساطينُ الممالكِ حيث كانوا
وساداتُ الشُّعوبِ البائسينا

٤٠٢. شرائعُ للحضارةِ نَزدريها
وإن فُتِنَ الغُواةُ بها فُتونا

٤٠٣. إذا شَرِبوا الكُؤوسَ رَمَى إليهم
بكأسٍ مُرَّةٍ للشّاربينا

٤٠٤. وإن شَدَتِ القِيانُ أجال صوتاً
يشُقُّ مرائرَ المُتطرِّبينا

٤٠٥. مَقاوِمُ تتركُ الألبابَ حَيْرَى
وتُعجِزُ حِيلةَ المُتحيِّلينا

٤٠٦. تَبسّمَ ضاحكاً والأرضُ تعلو
وتَسفُلُ بالدُّهاةِ العابسينا

٤٠٧. فقالوا حادثٌ جَللٌ وخطبٌ
يُنازِعنا القرارَ ويزدهينا

٤٠٨. وطار البرقُ يُنبِئُ كلَّ شعبٍ
ويخشى أن يَزِلَّ وأن يَمينا

٤٠٩. يَجوبُ الأرضَ مُرتاباً مَرُوعاً
ويلقى النّاسَ مُتَّهماً ظنينا

٤١٠. وحسُبك رَوْعَةً نظراتُ عينٍ
ترى عِزريلَ بين الضّاحكينا

٤١١. سعوا بالرُّوسِ يلتمسون أمراً
ومَن ذا يتبع الرّأيَ الغبينا

٤١٢. أرادوا بالنّمائمِ أن يَؤُوبوا
بأسلابِ الضّراغمِ فائزينا

٤١٣. فما ملكوا لِعصمتَ من قِيادٍ
ولا مَلكَ الدُّهاةُ تشتشرينا

٤١٤. همُ الأحلافُ نَقبلُ ما رضوه
ونَنقمُ ما أبَوْا في النّاقمينا

٤١٥. تولّى مُلكُ قيصرَ والتقينا
على أطلالهِ مُتأنِّقينا

٤١٦. هي الدُّنيا الجديدةُ نرتضيها
على العهدِ الجديدِ وتَرتضينا

٤١٧. لكلٍّ من شُعوبِ الأرضِ حَقٌّ
فما بالُ الجُفاةِ الجاحدينا

٤١٨. سنحمي النّاسَ من عَنَتٍ وظُلمٍ
ونكفِي الأرضَ شرَّ العابثينا

٤١٩. أمَنْ يبغي السَّويَّةَ في بنيها
كمن يبغِي الشُّعوبَ مُسخَّرِينا

٤٢٠. أقاموا عصبةَ الأُممِ احتيالاً
وجاءوا بالشُّعوب مُخاصمينا

٤٢١. حَلفتُ بمن أضاعَ العدلَ فيهم
لتلكَ عصابةُ المُتلَصِّصينا

٤٢٢. لئن زعموا الأذى والبَغْيَ عدلاً
فما خَفِيَ الصوابُ ولا عَمينا

٤٢٣. أخا الأُسطولِ ما للتُّركِ حقٌّ
ولا بك ريبةٌ في المُنصفينا

٤٢٤. يُريدون الحياةَ عُلاً ومجداً
وتلك مطالبُ المُتطرِّفينا

٤٢٥. حددتَ القومَ إذ وفدوا سكارى
وهمّوا بالوفودِ مُعربِدينا

٤٢٦. فإنّ لكم لَعُقبى الخيرِ فيهم
وإنّ لهم لعُقبى الزّائغينا

٤٢٧. تورّطتِ الممالكُ في الخطايا
ونِيطَ بكم جزاءُ الخاطئينا

٤٢٨. أيكفرُ بعضُها فيفيضُ زَيْتاً
ويطغَى بعضُها ماءً وطيناً

٤٢٩. دَعِ الأُسطولَ يَهْدِ الناسَ وابعثْ
جُنودَك في المشارقِ واعظينا

٤٣٠. أخا الأُسطولِ بُورِكَ من مَسيحٍ
وبوركَ في ذويك الصّالحينا

٤٣١. كأنّ اللهَ ربَّكمُ اصطفاكم
وأنشأكم طَهارَى طيِّبينا

٤٣٢. وأَفْسَح في السّماءِ لكم فكنتم
ملائكةً إليه مُقرَّبينا

٤٣٣. وهبتم للمالك ما تمَّنتْ
وقُمُتمْ في الشُّعوبِ مُهذِّبينا

٤٣٤. لكم أُممُ الزّمانِ دماً ومالاً
وأنتم سادة المُترفِّقينا

٤٣٥. إذا التّيجانُ عاثَ الفقرُ فيها
أَتيتم أهلَها مُتصدِّقينا

٤٣٦. ملكتم من عَطاءِ اللهِ فيهم
مَقاوِدَ تملك الشّعبَ الحَرونا

٤٣٧. فَسُودوا في الممالكِ واستَبِدُّوا
بتيجانِ الملوكِ المُعوزِينا

٤٣٨. بكم تحمِي الخلافةُ جانِبَيْها
وتدفعُ غارة المُتحفِّزينا

٤٣٩. وميراثُ النبيِّ لكم وأنتم
وُلاةُ البيتِ غير مُكذَّبينا

٤٤٠. خذوا آثارَهُ من غاصِبيها
ولا تَثِقُوا بقولِ المُفْترِينا

٤٤١. خُذوها للمتاحفِ واجعلوها
بلُنْدُنَ عُرضةً للنّاظرينا

٤٤٢. لكم شَرَفُ المناسبِ في قُريشٍ
وإن جَهِلتْ ثِقاتُ النّاسبينا

٤٤٣. وما ينسى أبو لهبٍ بنيهِ
ولا يأبى ذويه الأقربينا

٤٤٤. سليلَ التّاج والدُّنيا جزاءٌ
وعُقبى الأمرِ للمُتدبِّرينا

٤٤٥. وما تُبقِي الشُّعوبُ على مُلوكٍ
مَشائيمِ العهودِ مُبغَّضِينا

٤٤٦. مصيرُكَ للنّفوسِ أجلُّ ذِكرَى
وخطُبكَ سُلوةٌ للمُؤْتَسينا

٤٤٧. أكنتَ ترى الخلافةَ جُحرَ ضَبٍّ
غداة تُطيعُ أمرَ المُجحِرينا

٤٤٨. تَذِلُّ وما على الغبراءِ عِزٌّ
كعزّكَ لو رأَوك به ضنينا

٤٤٩. وتُذعِنُ للتحكُّمِ فوق عرشٍ
تَدين له قُوى المُتحكِّمينا

٤٥٠. وتقضِي الأمرَ مفسدةً وشرّاً
ومثلُكَ لا يُطيعُ الآمرينا

٤٥١. أمن يحمي الخلافةَ خارجيٌّ
لَبِئسَ الحكمُ حكمُ القاسطينا

٤٥٢. لَفنزيلوسُ إن صدقوا فتاها
ومولى حقِّها في الطَّالبينا

٤٥٣. أعزُّ حُماتِها إن نابَ خطبٌ
وخيرُ كُفاتِها المُتخيَّرينا

٤٥٤. وماذا للخوارجِ إن أقاموا
لها كيرزونُ أو هارِنْجتُونا

٤٥٥. مضى بك خاطفُ القرصانِ يعدو
فلا رجعتك أيدي الخاطفينا

٤٥٦. أَكُنتَ خليفةً أم كنتَ شاةً
تولّتْ تتبعُ الذّئبَ اللّعينا

٤٥٧. نُسائلُ عارفاتِ الطير عنه
ألا أين الخليفةُ نبِّئينا

٤٥٨. تَفيأَ ظلَّهم فمضوا سِراعاً
بظلِّ الله للمتفيِّئينا

٤٥٩. فما خدعوا الخليفةَ بالأماني
ولكن غرّهم في الخادعينا

٤٦٠. يعدّون الملوكَ لغير شيءٍ
ويُلقون الروايةَ هازلينا

٤٦١. أرادوا عندهم نفعاً وليسوا
ولو بلغوا المئينَ بنافعينا

٤٦٢. لئن جَهِلَ الأُلى نكثوا وخانوا
لقد علموا جَزاءَ النّاكثينا

٤٦٣. كأنّي بالصّوافنِ عادياتٍ
يَنَلْنَ حِمَى الملوكِ ويحتوينا

٤٦٤. يَدُسْنَ مَعاقدَ التّيجانِ شتّى
وينزعن العصائب يحتذينا

٤٦٥. ويطوينَ الجلالةَ في جِلالٍ
نُهين لها الجباهَ مُعظِّمينا

٤٦٦. وما للمجرمين إذا رأوها
يثورُ غُبارُها مِن شافعينا

٤٦٧. طريدَ اللهِ هل لك من مُجيرٍ
تلوذُ بركنِه في اللّائذينا

٤٦٨. أَخَوْفٌ غَالَ نفسَكَ أم رجاءٌ
رمى بك في الفريقِ المُصْحِرينا

٤٦٩. إذا ما جِئتَ مكّة فإنأَ عنها
مناسكَ لا تُحِبُّ الغادرينا

٤٧٠. ولا تَزُرِ البَنِيَّةَ واجْتنِبْها
إذا ازدلَفتْ وُفودُ الزّائرينا

٤٧١. وَدَعْ طهَ بيثربَ لا تَرُعْها
وقوماً في البقيعِ مُوسَّدينا

٤٧٢. ولا تَلْممْ بزمزمَ إنّ فيها
لكَ المُهلُ الذي يشوي البطونا

٤٧٣. ولا تَلْمَسْ كتابَ اللهِ واخسَأْ
إذا رفعْتهُ أيدي اللّامسينا

٤٧٤. وإن طَمحَ الرّجالُ إلى حياةٍ
فَغُضَّ الطَّرفَ بين الطّامحينا

٤٧٥. وَحَسْبُكَ بالحُسَين خدينَ صدقٍ
إذا اسْتَصفَيْتَ في الدُّنيا خدينا

٤٧٦. هَوَى الإسلامُ بينكما صريعاً
وطاحَ بَنوهُ حولكما عِزينا

٤٧٧. رَماهُ بطعنةٍ صَدعَتْ قُواه
وجئتَ فنالَ مَقدمُك الطّعينا

٤٧٨. يدٌ عَصفتْ بهامتهِ فمالت
وأُخرى اسْتأصلت منه الوتينا

٤٧٩. عفا المهدُ الأنيقُ فصار لحداً
وغُودِرَ في غَيابتهِ رهينا

٤٨٠. به انبرتِ القَوابلُ فَانْتَضته
وفيه طوته أيدي الدّافنينا

٤٨١. حَنانَك ربَّنا وهُداك إنّا
بَرِئنا من ذوينا الصَّابئينا

٤٨٢. ديارَ الوحي يُزجِي الرُّوحُ منه
كصَوْبِ المُزْنِ مِدراراً هَتونا

٤٨٣. يجود رُباكِ مُونِقَةً حساناً
ويجري فيكِ سَلسالاً مَعينا

٤٨٤. تُضيءُ به الشِّعابُ إذا ادلهمَّتْ
وتكرعُه النُفوسُ إذا صَدينا

٤٨٥. إذا لم يرتعِ الأقوامُ فيه
فما عرفوا ربيعَ المُسنِتينا

٤٨٦. لَعبدُ اللاتِ أكرمُ فيكِ عهداً
وعبدُ يغوثَ ممّن تحملينا

٤٨٧. وحيدَ الدّين ضجّ الدِّين منها
جرائرُ جاوزت منك المئينا

٤٨٨. إذا ما الرأيُ ثابَ إليكَ فاذكر
ذُنوبَك وابْكِها في النّادمينا

٤٨٩. ودَعْها فتنةً عمياءَ واصبِرْ
لِحُكْمِ اللهِ واعْصِ المُوعِزينا

٤٩٠. أميرَ المُؤمِنينَ طَلعتَ يُمناً
وكنتَ الخيرَ لِلمُتَيَمِّنينا

٤٩١. وما بَلغَ الجَلالُ وإن تناهى
جَلالكَ في الهُداةِ الطالعينا

٤٩٢. لو اَنّ البيتَ سار إلى إمامٍ
لجاءك بالوفودِ مُهنِّئينا

٤٩٣. أتى جبريلُ يَشهدُ حين حيَّا
رسولُ اللهِ خيرُ الشّاهدينا

٤٩٤. لعمرُ المُنكِرين لقد توالت
بِسُدَّتِكَ الملائكُ طائفينا

٤٩٥. لئن جحدوا الذي لك من ولاءٍ
فقد بلغ الصَّفا وأتى الحُجونا

٤٩٦. عقدنا العهدَ إيماناً ومجداً
كذلك عهدُنا في العاقدينا

٤٩٧. نُطيعُ من الخليفةِ كلَّ أمرٍ
ونعمل للخلافةِ مُخلصينا

٤٩٨. ولسنا ما دعا الدّاعِي لشيءٍ
سِوَى الحقِّ المُبينِ بمُؤثِرينا

٤٩٩. يَضِجُّ المُسلمون بكلّ أرضٍ
يُحيّون الإمامَ مُبايعينا

٥٠٠. وما عبدُ المجيدِ بذي خَفَاءٍ
ولا هو ريبةُ المتوهِّمينا

٥٠١. نَمتْهُ السّابقاتُ من الأيادي
وَجَرَّبه الثِّقاتُ مُبالغينا

٥٠٢. فما وجدوه إلا الخيرَ مَحْضاً
ولا اخْتاروه إلا مُوقِنينا

٥٠٣. أقَرُّوا المُلكَ فاستعلت ذُراه
وهمّوا بالخلافةِ ناهضينا

٥٠٤. وسنُّوا للخلائفِ ما عَلِمنا
فَصِينَ الدِّينُ والدُّنيا وزِينا

٥٠٥. سبيلُ مُحمَّدٍ وذَوي هُداهُ
حُماةِ الحقِّ خيرِ المُرشِدينا

٥٠٦. تباعدَ عهدُهم فمشوا إليه
على نُورِ الكتابِ مُسدَّدينا

٥٠٧. لِربِّك حُكمُه والأمرُ شُورى
وتلك حكومةُ المُتحفِّظينا

٥٠٨. إذا طَغتِ السّياسةُ في بلادٍ
فتلك سياسةُ المُستأثِرينا

٥٠٩. وإن زعموا لَحُكمِ الفردِ معنىً
فتلك خُرافةُ المُتألِّهينا

٥١٠. بني عُثمانَ أنتم إن دَعَوْنا
ذَوي الأرحامِ خيرُ العاطفينا

٥١١. فويحي للأُسودِ إذا استباحت
حِمَى الحَرَميْن أيدي النّاهبينا

٥١٢. أعينوا مصرَ إنّ لمِصرَ فيكم
رجاءً تستعزُّ به متينا

٥١٣. نَقومُ بنصرِها ونكون فيها
لأنصارِ الحمايةِ خاذلينا

٥١٤. أضاعوا حقَّها وجنوا عليها
وساموها الهَوانَ مُساومينا

٥١٥. فيا لكِ خُطّةً شططاً ورأياً
يَقُضُّ مضاجِعَ المُتبصِّرينا

٥١٦. إذا جَعلوا العُقوقَ لها جزاءً
أَبَيْنا أن نَعُقَّ وأن نخونا

٥١٧. نخاف الواحدَ القهّارَ فيها
ونَرقُبُ وعدَه حتّى يحينا

٥١٨. ذكرتم مصرَ ما نَقَعتْ صَداها
بذكرٍ من بنيها النّاعقينا

٥١٩. أغيثوا أهلها وتداركوهم
تهزُّ حُماتَها المُستبسِلينا

٥٢٠. أعيدوا النّيلَ سيرته وردّوا
إلى استقلالهِ الشّعبَ الحزينا

٥٢١. أمِن شَرَفِ الخلافةِ أن تَرَوهْ
أسيراً في الأداهم أو سجينا

٥٢٢. هو الذُّخر الثمينُ ولن تُصيبوا
كمِصرَ وشعبِها ذُخراً ثمينا

٥٢٣. إذا طرقتكمُ الأحداثُ بِتْنا
قِياماً في المضاجعِ مُشفِقينا

٥٢٤. نُثبِّتُ مِن جوانِحنا وتهفو
بهنَّ زلازلٌ ما يَرْعَوينا

٥٢٥. أهاب المُوعدون بنا رُويداً
فما نفعَ الوعيدُ ولا خَشينا

٥٢٦. نُهين الناكثينَ ونجتويهم
ونرفضُ خُطّةَ المُتقَلِّبينا

٥٢٧. إذا اسْتَعرَ التِّناحرُ وارتمينا
مَشَوا بين الصُّفوفِ مُذَبْذَبينا

٥٢٨. تَدورُ قلوبُهم فإذا ظفرتم
تباروا بالأكفِّ مُصفِّقينا

٥٢٩. وإن ينزل بكم خطبٌ تولَّوْا
يضجُّ عُواتُهم في الشّامتينا

٥٣٠. أولئكَ مُستقَرُّ الدّاءِ منّا
متى تتلمّسوا الدّاءَ الكمينا

٥٣١. جعلنا حُبّكم نُسُكاً وزُلْفَى
وبعضُ الحبِّ زُلفَى النّاسكينا

٥٣٢. ولسنا بالتِجارِ نُريدُ رِبْحاً
فيذهب سعيُنا في الخاسرينا

٥٣٣. لنا الأخلاقُ نجعلها عَتاداً
نَقِيهِ من الغوائلِ ما يقينا

٥٣٤. فما نخشى الخُطوبَ وإن ألحّتْ
ولا يفنَى العتادُ وإن فنينا

٥٣٥. إذا عَمَرَ الخزائنَ أشعبيٌّ
فتلك خزائنُ المُتَوَرِّعينا

٥٣٦. ونَكتُمُ ما نقولُ فإنْ فعلنا
فخيرُ بني الكنانةِ فاعلينا

٥٣٧. وأبعدُهم نُفوساً عن رياءٍ
وأصبرُهم إذا ملّوا السِّنينا

٥٣٨. يضجُّ الأكثرون إذا صَمَتْنا
وتلك خلائقُ المُتبرِّجينا

٥٣٩. عَرَفْنا حقَّكم وطغَى أُناسٌ
فما عرفوا الحُقوقَ ولا الدُّيونا

٥٤٠. ولا حَفِظوا لمِصرَ سِوَى نُفوسٍ
دَأَبْنَ على الأذَى ما يأتَلينا

٥٤١. يَرَيْنَ ذَهابَها خطباً يسيراً
إذا نِلْنَ السَّلامةَ أو بَقينا

٥٤٢. وما قومٌ يكون الأمرُ فيهم
لِسادَةِ دُنشوايَ بسالمينا

٥٤٣. سلوا شُهداءَكم وتذكّروها
مصارعَ تُفزعُ المُتذكِّرينا

٥٤٤. سلوا أين الأُلى هتفوا لمصرٍ
أفي الأحياءِ أم في البائدينا

٥٤٥. سلوا الأحياءَ والموتى جميعاً
سلوا الثّاوِينَ والمتغرِّبينا

٥٤٦. سلوا الدُّنيا العريضةَ أو سلوهم
متى ساسوا الممالكَ مُصلِحينا

٥٤٧. عَتَوْا في الأرضِ والتهموا بنيها
فكانوا وَحشَها الجَشِعَ البطينا

٥٤٨. ولولا ما جنى السُّفهاءُ فيها
لما ملكوا الشُّعوبَ مُسَيْطرينا

٥٤٩. إذا نَزلَ البرِيطانيُّ أرضاً
فقد نَزلَ الرَّدى بالآمنينا

٥٥٠. لنا الميثاقُ نَحفظُه ونَمضي
على مِنهاجِه في النّاهجينا

٥٥١. رَضينا حُكمَه الأعلى فلسنا
إلى حُكمٍ سواهُ بنازِعينا

٥٥٢. نُبِيدُ حوادثَ الأيّامِ صبراً
ونعصِفُ بالشّوامخِ ثابتينا

٥٥٣. ونَأبى أن نُغيِّر ما عَقَدنا
إذا انقلبَ الدُّعاةُ مُغيِّرينا

٥٥٤. نُراقِبُ حقَّ مِصرَ إذا أُمِرْنا
ونَصدُقها الوَلاءَ إذا نُهِينا

٥٥٥. إذا وَجدتْ شِفاءَ الغيظِ فينا
فزادُ اللهِ غيظُ المُحنَقِينا

٥٥٦. نَصونُ حِمَى البلادِ وإن أُصِبْنا
ونثبُتُ في الجهادِ وإن مُحينا

٥٥٧. فذلك عهدُنا الأوفى لمِصرٍ
وتلك سبيلُنا للمُقْتَدينا

٥٥٨. أهاب المؤمنون به دُعاءً
تلقَّتهُ الجموعُ مُؤمِّنينا

٥٥٩. يضمُّ كتابُه دُنيا المعالي
ودينَ المجدِ للمُتَمَسِّكينا

٥٦٠. يُثيرُ الهامِدينَ وهم رُفاتٌ
ويَنهضُ بالجُذوعِ الجامدينا

٥٦١. كأنّ الكيمياءَ تَسُلُّ منه
عجائبَ سرِّها للعارفينا

٥٦٢. تَبورُ مَذاهبُ الزُّعماءِ إلا
إذا جاءوا الرّوائعَ مُعجِزينا

٥٦٣. وإن وَهَنَ الحُماةُ أوِ اسْتكانوا
فليسوا في الجهادِ بِمُفلِحينا

٥٦٤. ولن تلِدَ الحياةُ الخُلْدَ إلا
لِمَنْ وُلِدُوا نوابِغَ نابهينا

٥٦٥. أَتوا لُوزانَ يلتمسون فيها
دُعاةَ الحقِّ في المتآمِرينا

٥٦٦. فما رَأَوُا الدُّعاةَ أُولِي وَفاءٍ
ولا وَجَدُوا القُضاةَ بسامعينا

٥٦٧. إذا جَدَّ النِّضالُ أَبَوْا عليهم
ومالوا بالمناكبِ هازلينا

٥٦٨. أقاموا دَوْلةً للظُّلمِ أُخرى
وراحوا بالضِّعافِ مُوكَّلينا

٥٦٩. فيا لكَ مَعْرِضاً ما فاز فيه
سوى كرزونَ شيخِ العارضينا

٥٧٠. تناهت عبقريّتُه وتمّتْ
براعةُ قومِه المُتَفَنِّنينا

٥٧١. يضنُّ بحقِّ مصرَ على بنيها
وما ضنَّتْ على المُتطفِّلينا

٥٧٢. ويغضبُ أن يكونَ لها لسانٌ
يُذيعُ شكَاتَها في المُشْتكينا

٥٧٣. ويَعجَبُ أن يَرى منها رجالاً
يجوبون البلادَ مُناضِلينا

٥٧٤. فريسةُ قومِه عَكفوا عليها
وصَدُّوا عن بنيها الصّارخينا

٥٧٥. أما والمُوجَعِين لقد أصابوا
بأنقرةٍ شِفاءَ المُوجَعينا

٥٧٦. تولَّوْا بالجراحِ تَفيضُ سُمّاً
وما شَعَرتْ نُفوسُ الجارحينا

٥٧٧. يَؤُمُّون المثابةَ لو أقاموا
شعائرَها لساروا مُحرِمينا

٥٧٨. مُقدَّسةَ المسالكِ والنَّواحي
تُضيءُ بِمُشرِقين مُقدَّسينا

٥٧٩. تَولُّوا بالكرامةِ حِزبَ مصرٍ
وشُدُّوا أزرَها مُتَطوِّعينا

٥٨٠. حفاوةُ قومِنا وقِرى ذَوينا
وعَطفُ الأُخوةِ المتودِّدينا

٥٨١. نَحُلُّ ديارَهم فنزورُ منهم
مَساميحَ النُّفوسِ مُحبَّبِينا

٥٨٢. ونَنْأَى والقلوبُ هَوىً وشوقاً
قُلوبُ الجيرةِ المُتزاوِرينا

٥٨٣. وحَسْبُكَ نَجدةً ودفاعَ خطبٍ
إذا عَقَدوا اليمينَ مُعاهِدينا

٥٨٤. نَجيءُ ببيّناتِ الحقِّ تَتْرَى
ويأبى باطلُ المُتخرِّصينا

٥٨٥. سَيعلَمُ قومُنا أنّا وَفَيْنا
وأنّا قد كَفَيْنا ما يَلينا

٥٨٦. حَفِظنا العهدَ غيرَ مُذمَّمينا
وأدَّيْنا الأمانةَ مُحسِنينا

٥٨٧. إذا استبقَ الرجالُ السُّبلَ شتَّى
فإنّ لنا سبيلَ المُهتَدينا

٥٨٨. وَمن يَعملْ لأجرٍ يبتغيهِ
فعندَ اللهِ أجرُ المُتَّقينا