Feedback

تنسك شيطاني فيا ليته غدا

تنَّسك شَيْطانِي فَيَا ليْتَه غَدا

فِدَا مَلِكٍ لِلْحُسنِ فِيه تَمرُّدَا

وما زالَ في مَيْدَانِ لَهْوِيَ مُطْلَقاً

فصارَ بِحَبْلِ الشَّيبِ مِنِّي مُقَيَّدا

وما الشَّيْبُ إِلا ثَوبُ شَعْرٍ جَعَلْتُه

لِباساً لشيطانِ الصِّبيَ إِذْ تَزهَّدَا

وأَصبَحَ إِبْريقُ المُدامَةِ صَائِماً

عَلى أَنَّه فِي صَوْمه مَا تَهجَّدَا

وَلِي عَنْ وِصَالِ الحَاجِبيَّةِ حَاجِب

مِن الْعَيْشِ صَدَّ الْقَلْبَ أَنْ يَنْقَع الصَّدى

وقلتُ ارْقُدِي يا ربَّةَ الْخَالِ سَاعَةً

فَما نَعِستْ عيناكِ إِلاَّ لَتَرْقُدَا

سلوتُ فما أَرْنُو إِلى الظَّبْي إِنْ رَنَا

إِليَّ ولاَ أَبْدو إِلَى الْبَدْرِ إِنْ بَدَا

وتُهتُ عَلى الطَّيْفِ الَّذِي كَانَ زَائِري

فقَبَّلْتُه خَدّاً وقَبَّلنِي يَداً

وشِبتُ فَما لي لا أَرى الصُّبحَ أَشْيباً

وعِشْتُ زَمَاناً لا أَرى اللَّيلَ أَسْودَا

وقد كانَ لِي عصرُ الشَّبيبةِ جنةً

فيا أَسَفِي لو كُنْتُ فيها مُخَلَّدَا

رأَى النَّاسُ لكنْ مَا رَأَوْا كَتَجَلُّدِي

وما كُلُّ من يَهْوَى يُطيقُ التَّجَلُّدا

تَجلَّدْتُ حتَّى قلتُ لِلدَّمْع لاَ تَفِضْ

وحتَّى نهيتُ الصَّدْرَ أَنْ يَتَنَهَّدَا

عليَّ زَمَانِي قَدْ تَعدَّى جَهَالَةً

وقد كُنتُ أَعْدَى مِنْ زَمَانِي إِذَاعَدَا

وجَارَ كأَنِّي لَم أُجَرْ مِنْ صُروفهِ

وحَتَّى كَأَنِّي لَسْتُ عَبْداً لأَحْمَدا

وحسبيَ عِزّاً أَنْ أُرَى مِنْ عبيده

وحَسْبيَ فَخْراً أَنْ يُرى لِيَ سيِّداً

يقولون مَنْ مَولاَك قُلتُ مَنْ اسْمُه

شقيقُ الْعُلاَ وابْنُ النُّهىَ وأَبُو النَّدى

ومَنْ فِي صِبَاهُ أُوتِيَ العِلْمَ والحجَا

ومَنْ في صِباهُ أُولِيَ الحُكْمَ والنَّدَى

تلُوح عَلَيْهِ مِنْ أَبيه شمائلٌ

يَظَلُّ بِها شَمْلُ الخطوبِ مُبَدَّداً

لقد خافَ مِنْه وهو في المهد دَهْرُنا

فوطَّأَ أَكْنَافاً له وتَمَهَّدَا

وأَظهرَ فينا الفضل قبل ظهوره

وقد يقطع الصمصام بالحد مغمداً

وأفضى إِلَيه الفَرْقَدانِ محبَّةً

لأَنَّهما قد أَبْصَرا مِنْه فَرْقَدا

وحازَ كَمالَ الفَضْلِ قَبْلَ كَمالهِ

وجَازَ الْمَدى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْلُغَ المَدى

وذاكَ المَدى أَفْضَى إِليَّ بِسرِّه

وسِرُّ المَدى أَنْ يمْلِكَ الخلْقَ سرمَدَا

أَراد أَبُوه حين سمَّاه أَحمداً

لِيُذْكَرَ حمدُ اللهِ فِيه فَيُحْمَدا

تهيَا له دَسْتُ الوَزَارةِ مِثْلَما

تَهيَّأَ للعافِين مِنْ لغه الجدا

كأني بنفسي وهو في الدست جالس

أقوم بمدحي في مَعَالِيه مُنْشِدا

تَشَرَّفْتُ لمَّا كُنْتُ أَوَّلَ قَاصِدٍ

إِلَيْهِ أَتَاهُ بالمَديح وَقَصَّدا

سأَمْدَحهُ كَهْلاً وشَيْخاً وطَالَما

مَدَحْتُ أَباهُ قبل ذلك أَمْرَدا

سكنتُ إِلى ظِلِّ الشَّبابِ وظِلِّه

فأَلفَيْتُه أهدى وأندى وأرغد

أو الده يا أكرم الخلق والداً

وأكرم مَوْلُوداً وأَطهرَ مَوْلداً

سُرِرْنا بأَن أَمَّرْتَه ونصبيتَه

لنا عَلَماً يأْوِي إِلى ظِلِّه الهُدى

إِذا أَعجبَتْك اليومَ مِنْه خليقَةٌ

مهذَّبَةٌ أَعْطَاك أَمْثَالَها غَدا