Feedback

فطرقل عند أريفيل بخيمته

١. فَطرُقلُ عِندَ أُريفيلٍ بِخَيمتِهِ
يُعنى بِهِ ويُداويهِ بِحِكمَتِهِ

٢. وَالحَربُ في مَأزِقٍ ضاقَت مسالِكُهُ
عَلى الفَريقَينِ أَلقى ثِقلَ وَطأَتِهِ

٣. أَمّا الأَغارِقُ فَالحُصنَ المَتينَ بَنَوا
وَالخَندَقَ اِحتَفَروا مِن حَولِ خِطَّتِهِ

٤. لِيَدفَعوا عَن خَلاياهُم وَمَحمَلِها
مِنَ الغَنائِمِ ما يَغلو بِقيمتِهِ

٥. لَكِنَّهُم حينَ شاذوا سورَهُم غَفَلوا
عَنِ الضَحايا مئاتٍ بِئسَ ما فَعَلوا

٦. فَما إِذا هُوَ واقيهِم بِمَنعَتِه
مِنَ الأَعدي إِذا كَرّوا وَإِن حَمَلوا

٧. فَلا يَقومُ بِناءٌ لا تُحيطُ بِهِ
عَينُ العِنايَةِ إِلّا شابَهُ الخَلَلُ

٨. قَد دامَ ما دامَ هَكطورٌ وَما بَقِيَت
إِليونُ وَاِشتَدَّ آخيلٌ بِنَفرَتِهِ

٩. وَعِندَما فُتِحَت إِليونُ وَاِندَثَرَت
مِن بَعدِ عَشرَةِ أَعوامٍ بِها حُصِرَت

١٠. وَالأُرغُسِيّونَ هاتيكَ السَفائِنِ في
مَن عاشَ مِنهُم إِلى أَوطانِهِم مَخَرَت

١١. فوسيذُ فَوراً وَآفُلّونٌ اِنحَدَرا
وَكُلُّ أَنهارِ إيذا فَوقَهُ اِنحَدَرَت

١٢. ريسوسُ رودِيُّسٌ قاريسُ إيسِفُسٌ
وَالهَفتَفورُ بِضافي سَيلِ ضَفَّتِهِ

١٣. والإِسكَندَرُ إِغرانيقُ يَتبَعُهُ
وَسيمويسُ اِنجَلى يَهوي تَدَفُّعُهُ

١٤. عَن جُنَّةٍ سَطَعَت أَو بَيضَةٍ لَمَعَت
أَوقِرنِ رَبٍّ بذاكَ الجُدِّ مَصرَعُهُ

١٥. وَفيبُسٌ حَوَّلَ الأَنهارَ قاطِبَةً
عَلَيهِ تِسعَةَ أَيّامٍ تِسعَةَ أَيّامٍ تُزَعزِعُهُ

١٦. وَزَفسُ أَمطَرَ شُؤبوباً يَُوِّضُهُ
لِلبَحرِ يَقذِفُهُ في قَعرِ لُجَّتِهِ

١٧. وفوسِذٌ وَعَصا الأَنواءِ في يَدِهِ
يُطغي السُيولَ عَلَيهِ في تَوَقُّدِهِ

١٨. يَدُكُّ أَركانَهُ مِن أُسِّها وَبِها
لِليَمِّ يَقذِفُ مُعتَزّاً بِسُؤدُدِهِ

١٩. يَستَأصِلُ الصَخرَ مِنها وَالجُذوعَ إِلى
أَن ساوَتِ الجُرفَ في مَألوفِ مَعهَدِهِ

٢٠. ذاكَ الَّذي سَوفَ يُبديهِ لَنا القَدَرُ
وَالآَنَ مِن حَولِهِ الطُروادَةُ اِستَعَروا

٢١. تَرتَجُّ أَبراجُهُ مِن عُنفِ كَرِّهِم
وَالأَرغُسِيّونَ في الأُسطولِ قَد حُصِروا

٢٢. يَروعُهُم سُخطُ زَفسٍ مُذ أَصابَهُمُ
وَهَكطُرٌ ذاكَ أُسُّ الرَوعِ وَالخَطَرُ

٢٣. لازالَ يَعصِفُ فيهِم مِثلَ عاصِفَةٍ
وَقَومُ طُروادَةَ اِشتَدّوا لِشِدَّتِهِ

٢٤. كَأَنَّ خِرنَوصَ بِرٍّ صالَ أَو أَسداً
لَم يَعبَأَنَّ بِجَمعٍ حَولَهُ اِحتَشَدا

٢٥. بِهِ تُحيطُ السَرايا وَالكِلابُ وَقَد
أَهمَت حَوالَيهِ مِن أَسهامِها بَرَدا

٢٦. فَيَستَجيشُ بِقَلبٍ لا يُرَوذِعُهُ
بَأسٌ فَلا يَلتَوي لِلخطبِ مُرتَعِدا

٢٧. بَل يَنثَني وَهوَ حَيثُ اِنقَضَّ مُنقَبِضاً
أَو صالَ شُقَّت سراياهُم لِصَولتِهِ

٢٨. كَذاكَ هاجَ بِهِم هَكطورُ يَندَفِقُ يَصي
حُ في القَومِ هَيّوا الخَندَقَ اِختَرِقوا

٢٩. لَكِنَّما خَيلُهُ في الجُرفِ جازِعَةً
تَرَدَّدَت مُذ تَراءى دونَها العُمُقُ

٣٠. وَأَطرَقَت صاهِلاتٍ لا تُطيقُ بِهِ
وَثباً فَتَجتازُ أَوعَدواً فَتَنطَلِقُ

٣١. وَكَيفَ تَعدو وَحَولَ السُورِ هاوِيَةٌ
يَحوطُها السَدُّ إِحكاماً لِمَنعَتِهِ

٣٢. هَيهاتَ تَحتَ العِجالِ الخَيلُ نقَطَعُها
لَكِنَّما لِمُشاةِ الجَيشِ مَرجِعُها

٣٣. لِذاكَ فوليدَماسٌ جاءَ هَكطُرَ وال
فُرسانَ نادى بِقُربِ الفَوزِ يُطمِعُها

٣٤. يا هَكطُرٌ يا سراةَ الجُندِ كَيفَ تُرى
فَوقَ الحَفيرِ جِيادَ الخَيلِ نَدفَعُها

٣٥. وَراءَهُ السورُ وَالأَركانُ قَد رُفِعَت
أَوتادُها غَضَّةً من ضِمنِ سُدَّتِهِ

٣٦. فَكَيفَ تَنزِلُ في هذي العِجالِ إِلى
هَذا الشَفيرِ وَلا نَلقى بِهِ فَشَلا

٣٧. لَئِن نَنَل مِن لَدى زَفسٍ إِبادَتَهُم
وَنَشرَ خَزيِهِم فَليَهلِكوا عَجَلا

٣٨. فَإِن عَبَرنا وَصَدّونا لِوَهدَتِهِ
فَأَيُّ رُزءٍ يوافينا وَأَيُّ بَلا

٣٩. وَالحَقَّ أَصدِقُكُم لَن يَنجوَنَّ بِنا
ناجٍ لإِليونَ يُنمي شَرَّ مِحنَتِهِ

٤٠. فالرأيُ عِنديَ أَن نُبقي الجِيادَ لدى
سُيّاسِها عِندَ هذا الحَدِّ حَيثُ بَدا

٤١. وَنَحنُ تَتبَعُ هُكطوراً بِجُملَتِنا
مُكَثِّفينَ عَلى أَكتافِنا العُددا

٤٢. فالأَرغُسِيّونَ إِمّا حانَ مَصرَعُهُم
لَن يَستَطيعوا سَبيلاً لِلِّقا أَبدا

٤٣. فَلَم يَكَد يَنتَهي وَالقَولُ راقَهُمُ
حَتّى تَرَجَّلَ هَكطورٌ لِساعَتِهِ

٤٤. وَكُلُّ فُرسانِهِم أَلقوى عِجالَهُمُ
لِساسَةِ الخَيلِ تُستَبقى حِيالَهُمُ

٤٥. تُقامُ في الجُرفِ صَفّاً واحداً وَهُمُ
فَيالِقاً خَمسَةً صَفّوا رِجالَهُمُ

٤٦. فَقادَ أَوَّلَها هَكطورُ أَوَّلُهُم
كَذاكَ فوليدَماسٌ مَن أَمالَهُمُ

٤٧. وَقبرِيونَ وَقد أَبقى الجِيادَ لَدى
فَتىً لِهَكطورَ مِن أَعراضِ فِتيَتِهِ

٤٨. كَتيبَةٌ تِلكَ ضَمَّت جُلَّهُم عَدَدا
جُنداً تَمُدُّ إِلى كَيدِ العُداةِ يَدا

٤٩. وَقادَ ثانيها فاريسُ يَصحَبُهُ
أَلقاثُ ثُم أَغينورُ الَّذي اِتَّقَدا

٥٠. وَحازَ ثالِثَها مِن وُلدِ مَلكِهِمِ
فِريامَ قَرمانِ مِقدامَينِ قَد عُهِدا

٥١. هيلينسٌ ثُم ذيفوبُ الذي طَلَعَت
سيماءُ آلِ العُلى تَزهو بِطَلعَتِهِ

٥٢. كَذا اِبنُ هِرطاقسٍ آسيُّسُ البَطَلُ
مَن ثَقَّفَ الجُردَ لِلهَيجاءِ يَشتَعِلُ

٥٣. مِن بَرِّ آرِسبَةٍ مِن جُدِّ سيلِسَ قَد
جَرى عَلَيها إِلى إِليونَ يَنتَقِلُ

٥٤. وَاِنضَمَّ رابِعُها جَيشاً عَلى حِدَةٍ
لِأَمرِ أَنياسَ رَبِّ البَأُسِ يَمتَثِلُ

٥٥. وَآكَماسُ اِبنُ أَنطينورَ يَصحَبُهُ
أَخوهُ أَرخيلُخٌ كانا بِصُحبَتِهِ

٥٦. وَخامِسُ الفِرَقِ الغَرّاءِ قَد جَمَعَت
أَحلاقَهُم وَلِسَرفيدونَ قَد خَضَعَت

٥٧. وَعَسطَروفَ بَني عَوناً لَهُ وَكَذا
غُلوكُساً تِلكَ صيدُ الحَملَةِ اِندَفَعَت

٥٨. كُماةُ بَأسٍ بَلا هَكطورُ وَقعَهُمُ
في الحَربِ أَيّانَ أَطرافُ القَنا وَقَعَت

٥٩. قَد قَصَّرَ الكُلُّ عَن إِدراكِ شَأوِهِم
وَقَصَّروا جُملَةً عَن شَأوِ سَطوَتِهِ

٦٠. وَعِندَما التَأموا تَزهو يَلامِقُهُم
تَقَدَّموا وَمَرامُ النَفسِ سائِقُهُم

٦١. وَأَيقَنوا أَنَّ أَعداهُم وَقَد وَهَنوا
تُبيدُهُم في خَلاياهُم مَخافِقُهُم

٦٢. بِصِدقِ فوليدَماسٍ كُلُّهُم وَثِقوا
عَلى اِختِلافِ سُراهُم وَهوَ صادِقُهُم

٦٣. سِوى اِبنِ هِرطاقُسٍ مازالَ مُعتَلِياً
يَليهِ حوذِيُّهُ مِ نفَوقِ سُدَّتِهِ

٦٤. أَمَّ السَفائِنَ مُغتَرّاً عَلى حُمُقِ
بِخَيلِهِ وَبِشَرِّ الحَتفِ لَم يَثِقِ

٦٥. فَلَن يَرى بَعدَ إِليوناً وَيَفخَرَ بَل
بِرُمحِ إيذومِنِ حُكمَ القَضاءِ لَقي

٦٦. يُسرى السَفينَ مَضى حَيثُ الأَغارِقُ قضد
آبوا بِخَيلِهِم مِن أَفسَحِ الطُرُقِ

٦٧. أَغارَ تَتبَعُهُ الأَجنادُ لا غِبَةً
وَأَيقَنَت في العِدى فَوزاً بِغارَتِهِ

٦٨. لِلباب كَرّوا وَمِصراعاهُ ما زُلِجا
بَل فيهِ قَومٌ يُباري مَن عَدا وَنَجا

٦٩. وَدونَهُ مِن بَني اللافيثِ يَحرُسُهُ
قَرما نَكالٍ عَلى هَزِّ القَنا دَرَجا

٧٠. لِيُنطُسٌ عِدُّ آريسٍ وَفولِفِتٌ
لِصَدِّهِ وَقَفا فيه وَما اِختَلَجا

٧١. قاما كَأَنَّهُما مَلّولتانِ عَلى
طَودٍ وَقَد قامَتا من فَوقِ قُمَّتِهِ

٧٢. فَإِنَّ أَصلَهُما في الأَرضِ يَنتَشِرُ
وَلا يَروعُهُما ريحٌ وَلا مَطَرُ

٧٣. تَرَبَّصا لِلِقاهُ لا يَهولُهُما
أَنصارُهُ وَإِنِ اِشتَدّوا وَإِن كَثُروا

٧٤. فَكَرَّ يَتلوهُ يا مينق وَآدَمَسٌ
كَذا ثَوونٌ وَآورَستُ الأولى اِشتَهَروا

٧٥. وَإينُماوُسُ تَعلوهُم يَلامِقُهُم
وَجَيشُهُم لَغَباً داوٍ بِصَيحَتِهِ

٧٦. وَالأَرغُسِيّانِ لا يَلويهِما الجَزَعُ
صاحا بِمَن ضِمنَ ذاكَ المَعقِلِ اِمتَنَعوا

٧٧. فَما أَجابَ مُجيبٌ وَالتَوَوا قَلَقاً
وَكادَ جَيشُ العِدى لِلسورِ يَندَفِعُ

٧٨. فَبَرَّزا خارِجَ الأَبوابِ وَاِنفَرَدا
مُكافِحَينِ وَأَسهامُ العِدى تَقَعُ

٧٩. وَفَوقَ صَدرَيهِما الفولاذُ مُتَّقِدٌ
يَصِلُّ لِلوَبلِ يَهمي فَوقَ صَفحَتِهِ

٨٠. كَأَنَّ في الشُمِّ خِرنَوصَينِ قَد ذُعِرا
بَينَ الخَياطِلِ وَالقُنّاصِ مُذ حُصِرا

٨١. فَيَسحَقانِ بِبَطنِ الغابِ ما لَقِيا
كَيداً وَيَستضأصِلانِ الفَرعَ وَالشَجَرا

٨٢. وَيُعلِيانِ صَريفَ النابش ما بَقِيا
حَيَّينِ لَم يَلقَيا في المَعرَكِ القَدَرا

٨٣. فَهَكَذا اِشتَدَّ ذانِ الباسِلانِ وَما
ريعا لِكُلِّ قُوى جَيشٍ وَكَثرَتِهِ

٨٤. كانا عَلى ثِقَةٍ مِن بَأسِ ذَرعِهِما
وَبَأسِ مَن قامَ فَوقَ السورِ خَلفَهُما

٨٥. جُندٌ مُدافِعَةٌ بِالعُنفِ دافِعَةٌ
وَبلاً مِنَ الصَخرِ مِن فَوقِ العُداةِ هَمى

٨٦. وَمِن كِلا الجَحفَلَينِ الرَميُ مُنطَلِقٌ
عَلى الرُؤوسِ بِغَيثٍ بِالنبالِ طَما

٨٧. كَصَيِّبِ الثَلجِ تَنهالُ الغُيومُ بِهِ
والنَوءُ هَبَّ فَتَهمي تَحتَ هَبَّتِهِ

٨٨. وَالبَيضُ تُرجِعُ عَن وَقعِ الحشجارِ صَدى
لِلجَوِّ عَنها وَعَن أَجوابِهِم صَعِدا

٨٩. فَفاتَ آسِيُّساً ما كانَ أَمَّلَهُ
فَصاحَ يَلطِمُ يُضويهِ العَنا كَمَدا

٩٠. أَكُنتَ يا زَفسُ خَدّاعاً وَكَيفَ أَرى
قَومَينِ فَذَّينِ لَم نَبلُغهُما أَمَدا

٩١. مِثلَ الزَنابيرِ ذَبَّت عَن خَشارِمِها
وَالنَحلُ لا يَتَخَلّى عَن خَلِيَّتِهِ

٩٢. فَلَن يَكُفّا تُرى إِلّا إِذا صُرِعا
أَو بَينَ فَتّاكِ أَيدينا إِذا وَقَعا

٩٣. لَكِنَّ زَفسَ وَهَكطوراً بِنُصرَتِهِ
مِن دونِهِم خَصَّ ذاكَ الصضوتَ ما سَمِعا

٩٤. وَسائِرُ الجَيشِ لَم يَنفَكَّ مُضطَرِماً
بَأساً عَلى سائِرِ الأَبوابِ مُندَفِعا

٩٥. مَن لي بِإِلهامِ ذي عِلمٍ فَيُنبِئَني
كَم هامَةس وَقعَت في حَرِّ وَقعَتِهِ

٩٦. مِن كُلّش فَجٍّ لَدى السورِ الأُوارُ عَلا
وَاِرتاعَ لِلخَطبِ أَهلوهُ وَقَد ثَقُلا

٩٧. فَلَم يَروا غَيرَ حُسنِ الذودِ مِن مَدَدٍ
وَرَهطُ أَنصارِهِم في الخُلدِ قَد وَجَلا

٩٨. لَكِنَّما وَلَدا اللافيثِ حَولَهُما
قَد أَعمَلا في الأَعادي السَيفَ وَالأَسَلا

٩٩. وَاِجتاحَ فولِفِتٌ داماسَ مُبتَدِراً
بِطَعنَةٍ نَفَذَت في بَطنِ خوذَتِهِ

١٠٠. ما صَدَّها ذَلِكَ الفولاذُ بَل خَرَقَت
حَتّى الدِماغِ وَأُمَّ الرأسِ قَد سَحَقَت

١٠١. مِن ثَمَّ أَتبَعَهُ فيلونَ يَلحَقُهُ
أُرمينُ عَن طَعنةٍ في جَوفِهِ مَرَقَت

١٠٢. كَذا لِيُنطُسُ في لَدنِ القَناةِ مَشى
رَمى وَفي خَصرِ هيفوما خُسٍ فَهَقَت

١٠٣. فَاِستَلَّ مِن عَمدِهِ السَيفَ الحَديدَ وَفي
قَلبِ العِدى كَرَّ يُلقي رَوعَ كَرَّتِهِ

١٠٤. فَأَنطِفاتَ فَرى يُلقيهِ مُنقَلِبا
مِن ثُمَّ كَرَّ وَمِنيونَ الفَتى اِقتَضَبا

١٠٥. وَاِجناحَ أورِستَ تُسقى الأَرضُ مِن دَمِهِ
وَالقَرمَ يا مينَ ثُمَّ اِستَقبَلَ السَلبا

١٠٦. وَهَكطُرٌ إِثرَهُ الفِتيانُ لاغِبَةٌ
وَإِثرَ فوليدَماسٍ تَحتَ إِمرَتِهِ

١٠٧. كَتيبَةٌ تِلكَ ضَمَّت جُلَّهُم عَدَدا
جُنداً تَمُدُّ إِلى كَيدِ العُداةِ يَدا

١٠٨. كادَت حَفيرَهُمُ تَجتازُ عابِرَةً
إِذا بِطَيرٍ لأَها تَحتَ السَماءِ بَدا

١٠٩. فَاِستُوقِفَت جَزعاً في الجُرفِ حائِرةً
تَطَيُّراً وَهوَ عَن يُسرى السُرى وَرَدا

١١٠. نَسرٌ مَخالِبُهُ في الجَوِّ قَد نَشِبَت
بِأُفعُوانٍ خَضيبٍ تَحتَ قَبضَتِهِ

١١١. فَالأُفعُوانُ وَفيهِ لَم يَزَل رَمَقُ
ما بَينَ أَظفارِهِ في الجَوِّ يَصطَفِقُ

١١٢. حَتّى عَلَيهِ التَوى بِالعُنفِ يَلسَعُهُ
في بارِزِ الصَدرِ حَيثُ التَفَّتِ العُنُقُ

١١٣. فَصاحَ عَن أَلَمٍ مُرٍّ وَأَفلَتَهُ
وَراحَ تَحتَ مَهَبِّ الريحِ يَنطَلِقُ

١١٤. وَالأُفعُوانُ هَوى لِلأَرضِ مُختَضِباً
حَيّا وَطُروادَةُ اِرتاعَت لِرؤيَتِهِ

١١٥. فَتِلكَ مِن زَفسَ نَجوى رامَها عَلَنا
وَنَحوَ قَرمِهِمِ فوليدَماسُ دَنا

١١٦. وَقالَ عُوِّدتَ هَكطورٌ مُعارَضَتي
إِذا اِقتَرَحتُ مَقالاً بَينَنا حَسُنا

١١٧. لا يَجدُرَنَّ بِنا أَن نَستَطيلَ إِلى
مَداكَ أَو نَر تاءي ما لا يَلوحُ لَنا

١١٨. لَكِنَّني كيفَما دارَت مَباحِثُنا
مَهما أَقُل فَمَقالي ثِق بِصِحَّتِهِ

١١٩. لا خَيرَ بِالفَتكِ في الإِغريقِ بِالسُفُنِ
إِن صَحَّ حدسي فَفيهِ فادِحُ المِحَنِ

١٢٠. أَلَم نَرَ النَسرَ يُسرى الجَيشِ مُرتَفِعاً
بِحَيَّةٍ حَيَّةٍ مُشتَدَّةِ الإِحَنِ

١٢١. أَما رَأَيناهُ أَلقاها مُخَضَّبَةً
فَريسَةً تِلكَ فاتَتهُ وَلَم تَهُنِ

١٢٢. وَلَم تَكُن لِفِراخٍ قَد خَلَونَ بِها
بِوَكرِهِ فَاِنثَنى يَخلو بِخَيبَتِهِ

١٢٣. وَهَكَذا فَلَئِن نَظفَر بِسورِهِمِ
وَخَرقِ أَبوابِهِ خَرقاً بِرَغمِهِمِ

١٢٤. وَلَو هَزَمناهُمُ لَن يَرجِعَنَّ بِنا ال
أَجنادُ مِن حَيثُ كَرّوا بِاِنتِظامِهِمِ

١٢٥. بَل سَوفَ نُلوى شَتاتاً تاركينَ لَهُم
جُنداً تُمَزِّقُها نيرانُ كَيدِهِمِ

١٢٦. فَذاكَ تَفسيرُ هَذا النَجوِ يَخبُرُهُ
أَخو الهُدى تَهتدي الدُنيا بِخُبرَتِهِ

١٢٧. فَمال هكطورُ شَزراً وَهوَ يَلتَهِبُ
غَيظاً وَقالَ أَلِلإِحجامِ تَنتَدِبُ

١٢٨. فَإِن تَكُن قُلتَ ما قَد قُلتَ عَن ثِقَةٍ
لا شَكَّ رُشدَكَ أَبناءُ العُلى سَلَبوا

١٢٩. لَأَنتَ أَولى بِرايٍ أَصوَبٍ فَعَلا
مَ رُمتَ أَنّي قَضايا زَفسَ أَجتَنِبُ

١٣٠. تِلكَ القَضايا التي بُلِّغتُها سَلَفاً
مُذ مالَ بالراسِ إِعلاناً لِنُصرَتِهِ

١٣١. أَرُمتَ أَنّي أُطيعُ الطَيرَ إِن رَمَحَت
سِيذانِ تَعلَمُ عِندي كَيفَما سَرَحَت

١٣٢. لِمَطلَعِ الشَمسِ عَن يُمنايَ إِن سَنَحَت
لو يَسرَتي لِدياجي الغَربِ إِن بَرَحَت

١٣٣. فَلا نُطيعَنَّ إِلّا مَن أَطاعَ جَميعُ ال
جِنِّ وَالإِنسِ وَالدُنيا بِهِ اِنتَصَحَت

١٣٤. وَلَيسَ لِلمَرءِ مِن فَألٍ يَدينُ لَهُ
خَيرٍ مِنَ الذَودِ عَن أَوطانِ نَشأَتِهِ

١٣٥. عَلامَ تَخشى الوضغى جُبناً وَتَضطَرِبُ
وَأَنتَ في الأَمنِ لَن يَنتابَكَ العَطَبُ

١٣٦. فَلَستُ بِالقَرمِ يَأتي مَوقِفاً حَرِجا
حَتّى وَلو جُملَةً أَجنادُنا نُكِبوا

١٣٧. لَكِن إِذا ما اِعتَزَلتَ الحَربَ مُجتَنِباً
أَو ما بِنُصحِكَ رُمتَ الجُندَ تَجتَنِبُ

١٣٨. وَاِغتَرَّ مِن قَومِنا فَردٌ لِقَولِكَ ذا
فَاِعلَم فَروحُكَ في رُمحي وَطَعنَتِهِ

١٣٩. وَكَرَّ وَالجَيشُ طُرّاً إِثرَهُ حَمَلا
وَزَفسُ مِن طَورِ إيذا ريحَهُ حَملا

١٤٠. هَبَّت بِعَثيرِها مِن فَوقِهِم وَمَضَت
تَذروهُ فَوقَ العِدى توليهِمِ الوَجَلا

١٤١. فَتِلكَ مِن فَضلِ زفسٍ نُصرَةٌ وَثِقوا
بِها وَفي بَأسِهِم وَاِستَقبَلوا القُللا

١٤٢. فَهَدَّموا وَأَطرافَ الوَشيعِ رَمَوا
وَالمَعقِلَ اِبتَدَروا ثَغراً لِثُغرَتِهِ

١٤٣. وَزَعزَعوا صَخرَ أَركانٍ بَدَت عَمَدا
مِن تَحتِ أَبارجِهِ قامَت لَها سَنَدا

١٤٤. وَشَدَّدوا وَالعَزمَ في اِستِئصالِها أَمَلاً
بِمَنفِذٍ مِنهُ يُؤتونَ العِدى الشِددا

١٤٥. لَكِنَّما عَسكَرُ الإِغريقِ ظَلَّ عَلى
أَبارجِهِ مُستَجيشَ العَزمِ مُجتَهِدا

١٤٦. مُدَّت يَلامِقُهُم حُصناً يَذودُ بِهِ
يَرمي العُداةَ الأُولى آلَوا بِجَذلَتِهِ

١٤٧. آياسُ يَجري وآياسٌ عَلى القُلَلِ
يَستَنهِضانِ السُرى بِالقَولِ وَالعَمَلِ

١٤٨. طَوراً بِلينِ حَديثٍ لِلأولى اِعتَزَلوا
وَتارَةً بِمَلامِ الفارِسِ الوَجِلِ

١٤٩. يا أَوَّلَ الصَيدِ أَبطالاً وَثانِيَهُم
بَأساً وَمَن لَم يُخَوَّل قُوَّةَ البَطلِ

١٥٠. لَم يُمنَحِ الكُلُّ بَأساً واحِداً وَلَكُم
في يَومِنا الذَودُ كُلٌّ جُهدَ طاقَتِهِ

١٥١. عَرَفتُمُ ضيقَ هذا المَوقِفِ الحَرِجِ
لا تَلتَوُنَّ بِقَلبٍ هُدَّ مُحتَلِجِ

١٥٢. لا يَصدَعَنَّكُمُ قَرمٌ يَسوقَكُمُ
إِلى سَفينِكُمُ في خائِرِ المُهَجِ

١٥٣. بَل شَدِّدوا بَعضُكُم بَعضاً وَلا تَهِنوا
لَعَلَّ زَفسَ مُنيلُ النَصرِ وَوالفَرَجِ

١٥٤. بِهِ نُذِلُّ عَدُوّاً قَد أَلَمَّ بِنا
يُصمى وَيُذبَحُ حَتّى بابِ بَلدَتِهِ

١٥٥. فَهاجَ قَولُهُما الأَجنادَ فَاِعتَصَبوا
وَماجَ مِن فَوقِ ذاكَ المَعقِلِ اللَجَبُ

١٥٦. حِجارَةٌ مِن كِلا الصَويَينِ طائِرَةٌ
في الجَوِّ في مَوقِفِ الجَيشَينِ تَنسَكِبُ

١٥٧. كَأَنَّ يَومَ شِتاءٍ زَفسُ كانَ لَهُ
بِالقُرِّ فيهِ عَلى كَيدِ الوَرى أَرَبُ

١٥٨. فَتَسكُنُ الريحُ وَالثَلجُ الكَثيفُ عَلى
وَجهِ الثَرى صَبَباً هامٍ بِوَفرَتِهِ

١٥٩. يَهمي فَيستُرُ وَجهَ السَهلِ وَالجَبلا
وَالمَرجِ وَالزَرعَ وَالأَريافَ وَالسُبُلا

١٦٠. وَالثَغرَ حَيثُ زُعابُ المَوجِ يَمحَقُهُ
وَسائِرُ الأَرضِ مِنهُ أُلبِسَت حُلَلا

١٦١. لَكِنَّ هَكطورَ وَالطُروادَ ما ظَفِروا
بِالسورِ وَالبابُ بِالمِزلاجِ قَد قُفِلا

١٦٢. إِلّا بِهِمَّةِ سَرفيدونَ هَيَّجَهُ
أَبوهُ زَفسُ بِبادي بَأسِ هِمَّتِهِ

١٦٣. جَرى كَلَيثٍ عَلى سِربِ الثِيارِ جَرى
أَمامَهُ مِجوَبٌ فولاذُهُ بَهَرا

١٦٤. مُؤَلَّقٌ مُستَديرٌ دَقَّ صانِعُهُ
قَتيرَهُ دَقَّ حِذقٍ يُدهِشُ البَصَرا

١٦٥. مُبَطَّنٌ بِجلودِ الثَورِ دارَ عَلى
أَطرافِهِ قُضُبٌ مِن عَسجَدٍ نُشِرا

١٦٦. بِهِ مَشى بِيَدَيهِ عامِلانِ مَضى
عُجباً يَهِزُّهُما أَثناءَ مِشيَتِهِ

١٦٧. كَضَيغَمٍ بَينَ شُمِّ الراسياتِ رَبّي
وَبَرَّحَت بِحَشاهُ آفَةُ السَغَبِ

١٦٨. يَنقَضَّ حَتّى مَباني الناسِ مُبتَغِياً
فَريسَةً بِفؤادٍ غَيرِ مَضطَرِبِ

١٦٩. لا يَنثَني لِكِلابِ الحَيِّ إِن نَبَحَت
أَم بادَرَتهُ رُاةُ القَومِ بِالقُضُبِ

١٧٠. وَلَيسَ يَرجِعُ إِلّا نائِلاً وَطَراً
أَو هالِكاً بِقَناهُم قَبلَ عَودَتِهِ

١٧١. وَهَكَذا اِنقَضَّ سَرفيدونُ مُمتَحِنا
خَرقَ المَراقِبِ وَالسورِ الذي حَصُنا

١٧٢. فَقالَ لِاِبنِ هُفولوخٍ عَلامُ تُرى
في ليقِيا كانَ صَدرَ القَومِ مَجلِسُنا

١٧٣. وَالكَأسُ تَترَعُ وَاللَحمُ السَمينُ لَنا
وَالناسُ مِثلَ بَني العَليا تُبَجِّلُنا

١٧٤. عَلامَ في ثَغرِ زَنثِ أَرضُنا اِتَّسَعَت
وَالكَرمُ وَالزَرعُ يُسقى مِلءَ حاجَتِهِ

١٧٥. فَلا يَسوغُ لَنا إِلا التَرَبُّصُ في
صَدرِ السُرى حَيثُ نُلنا مُنتَهى الشَرَفِ

١٧٦. حَتّى كتائِبُنا تَعتَزُّ قائِلَةً
نِعمَ المُلوكُ عَلَوا عَن حِطَّةِ الضَعفِ

١٧٧. فَليَهنَأ وا بِسَمينِ اللَحمِ مَأكَلِهِم
وَالراحِ إِذا وَقَفوا في مَوقِفِ التَلَفِ

١٧٨. وَهَل تُرى لَو أَبَينا الكَرَّ تُنقَذُ مِن
وَخطِ المَشيبِ وَمَوتٍ بَعدَ وَخطتِهِ

١٧٩. لَو كانَ ذا عُفتُ شَرَّ الحَربِ وَالحَرَبِ
وَما بَغَيتُكَ في ذا المَأقِطِ اللَجِبِ

١٨٠. لَكِنَّما المَوتُ مِنهُ لا مَناصَ وَقَد
يَأتي بِأَيِّ سَبيلٍ كانَ أَو سَببِ

١٨١. فَلتَقدِمَنَّ فَإِنَّ المَجدَ راقِبُنا
أَوراقِبٌ مِن سَقانا غُصَّةَ النُوَبِ

١٨٢. لَبّى غُلوكُسُ لا يَرتاعُ مَطلَبَهُ
وَكرَّ تَتبَعُهُ أَبطالُ أُمَّتِهِ

١٨٣. فَهالَ مَرآهُما مينِستِساً وَهُما
هَمّاً إِلى بُرجِهِ بِالعَزمِ وَاِقتَحَما

١٨٤. فَسَرَّحَ الطَرفَ حَولَ السورِ مُبتَغِياً
قَرماً يَرومُ بِهِ عَوناً يَصُدُّهُما

١٨٥. وَلَم يَكُن مِن سَبيلٍ لِلنِداءِ عَلى
ما اِشتَدَّ مِن لَغَبٍ يُصمي بِضَجَّتِهِ

١٨٦. حَيثُ الطَراوِدُ قَد ثاروا بِمُعتَرَكِ
يَبغونَ إِدراكَ دَكِّ السورِ لِلدَرَكِ

١٨٧. وَفي اليَلامِقِ وَالبَيضِ المُعَذَّبِ وَال
أَبوابِ قَرعٌ دَوى في قُبَّةِ الفَلَكِ

١٨٨. فَصاحَ مينِستِسٌ بِالفَيجِ تُوُّطُسٍ
وَقالَ طِر بِمَقالي غَيرَ مُرتَبِكِ

١٨٩. وَاِدعُ الأَياسينِ أَو مَهما بَدا لَهُم
فَليَأتِ آياسُ يَرفِدني بِنجدَتِهِ

١٩٠. وَالرايُ هَذا فَعِندي مَوقِفُ الخَطَرِ
وَقَومُ ليقية اِنقَضّوا عَلى أَثَري

١٩١. وَإِن يَكُن جَلَّ وَقعُ الخَطبِ عِندَهُما
فَليَأتِني اِبنُ تَلامونِ أَبو الظَفَرِ

١٩٢. وَليَأتِ طفقيرُ رَبُّ القَوسِ يَصحَبُهُ
فَأَسرَعَ الفَيجُ يُنمي صِحَّةَ الخَبَرِ

١٩٣. قالَ اِبنُ فيتِيُّسٍ حيناً يَرومُكُما
كِلَيكُما فَأَجيباهُ لِدَعوَتِهِ

١٩٤. وَالرَأيُ ذا فَلَدَيهِ مَوقِفُ الخَطَرِ
إِذا قَومُ ليقِيَةَ اِنقَضّوا عَلى الأَثرِ

١٩٥. وَإِن يَكُن جَلَّ وَقعُ الخَطبِ عِندَهُما
فَليَأتِهِ اِبنُ تِلامونٍ أَبو الظَفرِ

١٩٦. وَليَأتِ طفقيرُ رَبُّ القَوسِ يَصحَبُهُ
لَبّى كَبيرُهُما يَجري بِلا حَذَرِ

١٩٧. وَمالَ نَحوَ اِبنِ ويلوسٍ يُشَدِّدُهُ
لِيُحسِنُ الذَودَ فيهِم حينَ غَيبَتِهِ

١٩٨. قِف يا أَياسُ وَفوليميذُ لا تَهِنا
وَحَرِّضا الجُندَ لا تَأبَ الوَغى جُبُنا

١٩٩. أَمضي فَأَبلو بَأَعداءٍ هُناكَ عَتَوا
وَإِن دَفَعَتُهُمُ دَفعاً رَجَعتُ هُنا

٢٠٠. وَسارَ يَصحَبُ طِفقيرَ الفَتى مَعَهُ
أَخاهُ وَاِبنَ أَبيهِ النابِلَ الفَطِنا

٢٠١. كَذَلِكَ الشَهمُ فَندِيّونَ مُتَّبِعٌ
وَراءَ طِفقيرَ يَجري في حَنِيَّتِهِ

٢٠٢. مِن داخِلِ السورِ أَمّوهُ وَما بَرِحا
في بُرجِهِ فَإِذا بِالأَمرِ قَد فَدَحا

٢٠٣. وَقَومُ ليقِيَةٍ مِثلَ العَواصِفِ قَد
تَسَلَّقوا بِوَحىً يَشتَدُّ أَيِّ وَحي

٢٠٤. فَقُل آياسُ صَخراً هائِلاً وَعَلى
أفِكلِسِ خِلٍّ سَرفيدونِهِم طَرَحا

٢٠٥. جُلمودَةٌ مِن رِجالِ العَصرِ ما رَفَعَت
يَدا فتىً رَبِّ بَأسِ في شَبيبَتِهِ

٢٠٦. فَذَلِكَ الصَخرَ مِن ضِمنِ الوَشيعِ رَفَع
رَحاهُ ثُمَّ عَلى رَأسِ العَدُوٍّ دَفَع

٢٠٧. فَدَقَّ هامَتَهُ مِن تَحتِ خُوذَتِهِ
فَغائِصاً مِن عَلى البُرجِ المَتينِ وَقَع

٢٠٨. وَقَد بَدَت يَدُهُ البَيضاءُ عارِيَةً
فَأَرسَلَ السَهمَ يَعروها بِرَميَتِهِ

٢٠٩. فَشَبَّ لِلأَرضِ واهي العَزمِ يَستَتِرُ
كَي لا يَرى الجُروحَ أَعداهُ وَيَفتَخِروا

٢١٠. فَأثقَلَ الغَمُّ سَرفيدونَ حينَ رَأى
مَنآهُ لَكِنَّهُ ما نالَهُ الضَجَرُ

٢١١. وَأَلقِماوونَ تَسطورٍ أَصابَ فَلَم
يَقِف وَعاجَلَهُ بِالرُمحِ يَبتَدِرُ

٢١٢. وَاِجتَرَّ عامِلَهُ مِن صَدرِهِ فَهوى
يَصِلُّ فُولاذُهُ مِن فَوقِ جُثَّتِهِ

٢١٣. مِن ثَمَّ بَينَ يَدَيهِ مُمسِكاً جَذَبا
إِحدا داعائِمِ سَطحِ السورِ فاَضطَرَبا

٢١٤. وَاِسقِطَت مِن أَعالي الحُصنِ وَاِن
كَشَفَت عَن مَنفَذٍ لِبَني طُروادَةٍ رَحُبا

٢١٥. فَاِنقَضَّ آياسُ يَبغيهِ وَبادَرَهُ
طِفقيرُ يَرمي بِسَهمٍ فيهِ ما نَشِبا

٢١٦. حِزامَ جُنَّتِهِ الكُبرى أَصابَ فَلَم
يَنفُذ وَزَفسُ تَلافاهُ بِقُدرَتِهِ

٢١٧. لَم يَرضَ مَوتَ اِبنِهِ قُربَ السَفينِ وَلا
نَكالَهُ وَأَياسُ ثارَ مُشتَعِلا

٢١٨. وَكَرَّ يَكعَنُ وَالرُمحُ الحَديدُ مَضى
في تُرسِهِ وَإِلى الأَعضاءِ ما وَصَلا

٢١٩. فَصَدَّ يَرجِعُ سَرفيدونُ بَعضَ خُطىً
عَن خُطَّةِ السورِ لَكِن لَم يَهِن وَجَلا

٢٢٠. بلَل ظَلَّ يَأمُلُ نَصراً وَاِنثَنى عَجَلا
يَصيحُ في مَن تَلاهُ مِن عَشيرَتِهِ

٢٢١. يا قَومَ ليقِيَةٍ هَل خارَ عَزمُكُمُ
فَقَد فَتَحتُ سَبيلاً في وُجوهِكُمُ

٢٢٢. وَهَل تَيَسَّرَ لي ما صُلتُ مُنفَرِداً
أُمَهِّدُ السُبلَ لِلأَشارعِ دونَكُمُ

٢٢٣. هَيّوا اِتبَعوني فَخَيرُ الأَمرِ ما اِجتَمَعَت
عَلى تَطَلُّبِهِ القُوّاتُ تَلتَئِمُ

٢٢٤. فَجُملَةً وَجِلوا مِن عَذلِ مَلكِهِمِ
وَفازَ فائِرُهُم مِن حَولِ فَورَتِهِ

٢٢٥. وَالدانَوِيّونَ قَد ضَمّوا كَتائِبَهُم
مِن داخِلِ السورِ لا يَلوونَ غارِبَهُم

٢٢٦. فَما هُمُ دافِعوا أَعدائِهِم صَبَباً
عَن ثُغرَةٍ جَعَلوا فيها مَضارِبَهُم

٢٢٧. وَلا أولئِكَ مِنهُ نائِلو وَطَرٍ
وَلا سَبيلٍ لِيَحتَلّوا مَراكِبَهُم

٢٢٨. وَلَيسَ يَفصِلُهُم إِلّا الفَواصِلُ في السو
رِ الَّذي اِشتَبَكوا مِن حَولِ فُرجَتِهِ

٢٢٩. كَزارِعَينِ بِحَقلٍ بَعدُ ما قُسِما
تَنازَعا كُلَّ شِبرٍ في حُدودِهُما

٢٣٠. وَلا يَظَلّانِ في جُهدٍ وَفي عَمَلٍ
حَتّى يُوازِنَهُ المِقياسُ بَينَهُما

٢٣١. كَذا تَعادَلَتِ القُوّاتُ يَسرُبُ مِن
كِلا الفَريقَينِ سَيّالاً نَجيعُهُما

٢٣٢. كَم جُنَّةٍ سُحِقَت في صَدرِ حامِلِها
وَلَأُمَّةٍ خُرِقَت مِن تَحتِ جُنَّتِهِ

٢٣٣. وَكَم فَتىً مُدبِرٍ قَد بانَ كاهِلُهُ
فَالسَهمُ واصِلُهُ وَالرُمحُ قاتِنُهُ

٢٣٤. وَما اِستطاعَ بَنو الطُروادِ صضدَّهُمُ
بَلِ اِستَوى في مَجالِ الفَتكِ هائِلُهُ

٢٣٥. كَمَرأَةٍ عالَتِ الأَطفالَ عادِلَةٍ
عقَد أَمسَكَت عودَ ميزانٍ تُعادِلُهُ

٢٣٦. لا تُخسِرُ الصوفَ مِثقالاً تَضِنُّ بِهِ
عَنِ العِيارِ الَّذي أَلقَت بِكَفَّتِهِ

٢٣٧. لَكِنَّ زَفسَ ذُرى المَجدِ الرَفيعِ ذَخَر
لِهَكطُرٍ فَإِلى الحُصنِ المَنيعِ عَبَر

٢٣٨. فَكَرَّ أَوَّلَهُم كَرّاً يَصيحُ بِهِم
إيهٍ فَكُرّوا بَني الطُروادِ خَيرَ مَكَر

٢٣٩. وَالسورَ فَاِختَرِقوا والنارَ مُضرَمَةً
أَلقوا فَلا تُبقِ مِن أُسطولِهِم وتَذَر

٢٤٠. فَهاجَتِ النَفسُ وَالسورَ المَنيعَ رَمَوا
يَهِزُّ كُلُّ فَتىً رُمحاً بِراحَتِهِ

٢٤١. وَهَكطُرٌ في البابِ قَد ثَقُلا
مُحَدَّدَ الرَأسِ ضَخمٌ قَعرُهُ حَمَلا

٢٤٢. جُلمودُ صَخرٍ إِذا ما رامَ يَحمِلُهُ
قَرمانِ مِن خَيرِ ما في عَصرِنا رَجلا

٢٤٣. ما بُلِّغا رَفعَهُ إِلّا بِجُهدِهِما
مِن صَفحَةِ الأَرضِ حَتّى يَبلُغَ العَجَلا

٢٤٤. لَكِنَّ هَكطورَ يَرحوهُ بِغَيرِ عَناً
إِذ زَفسُ أَذهَبَ عَنهُ كُلَّ ثِقلَتِهِ

٢٤٥. نَظيرَ جِزَّةِ كَبشٍ خَفَّ مَحمَلُها
هَيهاتِ في راحَةِ الراعي تُثقِلُها

٢٤٦. كَذاكَ صَخرَتُهُ هَكطورُ مُحتَدِماً
عُتفاً رَماها لِصِفقِ البابِ يُرسِلُها

٢٤٧. قَد أَحكَموا قَفلَ مِصراعَيهِ إِذ رُتِجا
حَتّى يَعِزَّ عَلى الأَعداءِ مَدخَلُها

٢٤٨. وَقَد تَعارَضَ قُفلاهُ وَوَسطَهُما
ثَقبٌ تَخَلَّلَ مِزلاجٌ بِفُرضَتِهِ

٢٤٩. فَهَكطُرٌ مُذ أَتاهُ أَثبَتَ القَدَما
مُفَرِّجاً بَينَ ساقيهِ رَحا وَرَمى

٢٥٠. فَراحَ ما بَينَ صِفقَيهِ وَقَد سَحَقَ ال
قُفلَينِ يَنفُذُ وَالصِفقانِ قَد حُطِما

٢٥١. وَالرَزَّتانِ اِستَطارَت قائِماتُهُما
وَالبابُ يَصرُفُ مِن عُنفٍ بِهِ صُدِما

٢٥٢. فَاِنقَضَّ هَكطورُ بِالفولاذِ مُتِّشِحاً
كَاللَيلِ يَذعَرُ ذُعراً في دُجُنَّتِهِ

٢٥٣. يَهِزُّ بَينَ يَدَيهِ عامِلَيهِ وَلا
يَصُدُّهُ غَيرُ رَبٍّ عِندَما حَمَلا

٢٥٤. وَاِجتازَ وَثباً وَعَيناهُ شِرارُهُما
وارٍ وَأَلفَتَ يَدعو قَومَهُ عَجَلا

٢٥٥. تَلَوهُ ما بَينَ عادٍ قَد تَسَلَّقَ أَو
في البابِ جارٍ لِداوي الصَوتِ مُمتَثِلا

٢٥٦. وَالأَرغُسِيّونَ لِلأُسطولِ قَد لَجَأوا
في مَأزِقٍ ضاقَ مُشتَدِّ بِأَزمَتِهِ