١. لَمّا بَدَت غَزالَةُ الصَباحِ
تَنهَضُ من مَرقَدِها الفَيّاحِ
٢. وَغادَرَت طيثونَ ذا الوَجهِ الوَضي
حَتّى على الجِنَّةِ وَالناسِ تُضي
٣. سَيَّرَ زَفسُ فِتنَةَ الوَبالِ
بِيَدِها مَعالِمُ القِتالِ
٤. فَاِنتَصَبَت مُنتَصَفَ الأُسطولِ في
مَركَبِ أوذيسَ الكبيرِ المُشرِفِ
٥. لِتَبلُغَ الفَزعَةُ كُلَّ العَسكَرِ
حَتّى أَخيلَ وأَياسَ الأَكبَرِ
٦. إِذا خَيَّما وَرَبَطا القِلاسا
في الجانِبَينِ شِدَّةً وَباسا
٧. فَدَمدَمَت تَدوي دَوِيَّ الرَعدِ
وَشَدَّدَتهُم لِلِّقا المُشتَدِّ
٨. فَآثَروا الحَربَ وثِقلَ المِحَنِ
عَلى المآبِ لِعَزيزِ الوَطَنِ
٩. فَقامَ أَتريذُ بِهِم وَصاحا
بالقَومِ كَي يُقَوِّموا السِلاحا
١٠. وَشَكَّ في فولاذِهِ الأَغَرِّ
يَلبَسُ خِفَّيهِ بِبادي الأَمرِ
١١. وَحَولَ ساقَيهِ بِقِدَّتَينِ
أَوثَقَ حالاً بِعُرى اللُجَينِ
١٢. وَلَبِسَ الدِرع البَهِيَّةَ الَّتي
أُهديها مِن قَبلِ سَيرِ الحَملَةِ
١٣. مِن مَلكِ قِبريسَ كَنِبرَ الناءي
تَذكِرَةً لِمُحكَمِ الوَلاءِ
١٤. مُذ نَبَأُ الإقلاعِ للطُروادِ
عَلى السَفينِ شاعَ في البِلادِ
١٥. مِن أَبدَعِ السُطورِ فيها إِثنا عَشَر
مِن النُضارِ شائِقاتٌ للنَظَر
١٦. وَمِن نُحاسٍ أَبيَضٍ عِرونَ مَع
عَشَرَةٍ أَسحَمِ فُولاذٍ سَطَع
١٧. وفي كِلا الجَنبينِ حَتّى العُنُقِ
ثَلاثُ حَيّاتٍ مِنَ الوَشيِ النَقي
١٨. حَكَت بِقَلبِ الغَيمِ أَقواسِ قُزَح
بِنَبَأٍ زَفسُ مِنَ السَما طَرَح
١٩. ثُمَّ عَلى كاهِلِهِ أَتريذُ قَد
أَلقى حُساماً بِشعاعِهِ اِتَّقَد
٢٠. كَلباهُ والحِزامُ مِن أَبهى الذَهَب
وعِمدُهُ مِن فِضَّةٍ فيها العَجَب
٢١. وَقَلَّ تُرساً شائِقاً بَهِيَّا
يَستُرُ كُلَّ جِسمِهِ قَوِيّا
٢٢. عضلَيهِ دارَت حَلَقاتٌ لامِعَه
عَشرٌ مِنَ الصُفرِ البَهِيِّ ساطِعَه
٢٣. وَفيهِ عِشرونَ مِنَ الحَرابي
مشنَ النُحاسِ الأَبيَضِ اللَهّابِ
٢٤. في وَسطِها حِرباءُ فولاذٍ أَغَر
يَبدو بِها الغُرغونُ رَوّاعُ النَظَر
٢٥. وَحَولَهُ الهَولُ وَرَسمُ الرَعدَةِ
وَالدِرعُ شُدَّت بِحِزامِ فِضَّةِ
٢٦. يَلتَفُّ في ثُعبانِ رَوعٍ أَزرَقِ
مُثَلَّثِ الرَأسِ وَحيدِ العُنُقِ
٢٧. مِن ثَمَّ للمِغفَرِ أَتريذُ عَمَد
يَلبَسُهُ مِن بَعدِ هاتيكَ العُدَد
٢٨. مُرَبَّعُ الرَأسِ بِعُرفٍ أَملَسِ
مِن شَعرِ خَيلٍ هاجَ فَوقَ القَونَسِ
٢٩. وَقَلَّ رُمحَينِ مُثَقَّفَينِ
حَتّى أَعالي الجَوِّ ساطِعَينِ
٣٠. وَالرَعدُ إِجلالا لَهُ وَشَرَفا
بَأَمرِ آثينا وهيرا قَصَفا
٣١. فَأَمَرَت فُرسانُهُ السُياسا
تَنظِمُ فُربَ الخَندَقِ الأَفراسا
٣٢. وَاِندَفَعوا ما شينَ بِالسِلاحِ
بَينَ صُياحِ طَرَّةَ الصَباحِ
٣٣. فَاِنتَظَمَ الأَبطالُ قُريبَ الخَندَقِ
تَجري وَراءَهُم عِجالُ الفَيلَقِ
٣٤. وَزَفسُ بَينهُم أَثارَ اللَغبا
يُمطِرُ طَلّا بِدَمٍ مُخضَّبا
٣٥. أَمّا بَنو الطُروادِ فَوقَ الهِضَبِ
فَاِنتَظِموا مِن حَولِ هَكطورَ الأَبي
٣٦. وَحَولَ فوليذامَسَ المَعصومِ
وَآنِياسَ المُجتَبى العَظيمِ
٣٧. وَحولَ فُوليبَ وآكاماسِ
فَتىً حَكى الأَربابَ آلَ الباسِ
٣٨. وَالقَيِّمِ المَحمودِ آغِنورا
ثَلاثَةً مِن وُلدِ اِنطينورا
٣٩. وَهَكطُرٌ في صَدرِهِم يَدورُ
في يَدِهِ مِجَنُّهُ الكَبيرُ
٤٠. يَخوضُ في ساقَتِهِم فَيَأمُرُ
فَيَختَفي ثُمَّ بِصَدرٍ يَصدُرُ
٤١. كَكوكَبِ الهَولِ الذي يَستَتَرُ
في الغَيمِ حيناً ثُمَّ حيناً يَظهَرُ
٤٢. يَسطَعُ بِالحَديدِ وَالفولاذِ
كَبَرقِ زَفسِ اللامِعِ الجَبّاذِ
٤٣. فَعِندَ ذاكَ اِتَبَكَ الجَيشانِ
وَثارَ نَقعُ الضَربِ وَالطِعانِ
٤٤. فَكُلُّهُم مِثلَ الذِئابِ اندَفَعوا
وَلَم يَكُن مِن لِلفِرارِ يَنزِعُ
٤٥. تُبَتَّتُ الرُؤوسُ وَالأَجسادُ
كَسُنبُلِ يَبتَتُّهُ الحُصّادُ
٤٦. وَلَم يَكُن يَشهَدُ تِلكَ المَلحَمَه
بِالبِشرِ إِلّا الفِتنَةُ المُهَدِّمَه
٤٧. وَفي الأُلِمبِ سائِرُ الأَربابِ
بِشائِقِ القُصورِ بِاِحتِجابِ
٤٨. وَلَومُهُم لِزَفسِ طُرّاً بادِ
لِمَيلِهِ لَنُصرَةِ الطُروادِ
٤٩. لَكِنَّ زَفسَ لَيسَ بِالمُبالي
يَعتَزُّ في عَلياهُ بِاِعتِزالِ
٥٠. يُحيطُ بِالطُروادِ وَالأُسطولِ
وَالحَربِ وَالقاتِلِ وَالمَقتولِ
٥١. مِنَ البُزوغِ لِاِرتِفاعِ المَشرِقِ
جُندٌ تُرَدّى وَسِهامٌ تَلتَقي
٥٢. وآنَ ما الحَطّابُ يُضوى تعبا
في غابِهِ وَظَمأً وَسَغَبا
٥٣. وَيَطلُبُ الراحَةَ بَعدَ الغائِلَة
مُهَيِّئاً طَعامَهُ بِالقائِلَه
٥٤. تَأَلَّبَ الإِغريقُ باِشتدادِ
وَخَرَقوا كَتائِبَ الطُروادِ
٥٥. في صَدرِهِم يَجري أَغامَمنونُ
تَسيرُ في يَمينهِ المَنونُ
٥٦. جَندَلَ أَبيانورَ راعي الأُمَمِ
فَتِبعَهُ السائِقَ ويلوسَ الكَمي
٥٧. مِن فَوقِ مَن كَبَتهِ وَثباً وَثبَب
يَلقى أغامَمنونَ مُشتَدَّ الغَضَب
٥٨. لَكِنَّما أَتريذُ في الجبينِ
طَعَنَهُ بِرُمحِهِ المَتينِ
٥٩. فَخَرَقَ المغفِرَ وَالعَظمَ سَحَق
وَبَدَّدَ الدِماغَ والهامَةَ دَق
٦٠. عَرّاهُما فَلَبثا مَيتَينِ
لا سِترَ فَوقَ ناصِعِ الصَدرَينِ
٦١. ثُمَّ اِنثَنى يَسطو عَلى إِسوسا
مِن وُلدِ فِريامَ وَأَنطِفوسا
٦٢. فَذلِكَ اِبنُ غادَةٍ خَليلَهُ
لَكِنَّ ذا مِن زَوجِهِ الحَليلَه
٦٣. قَد رَكِبا مَركَبَةً فَذاكا
ساقَ وَهَذا وَلِيَ العِراكا
٦٤. كِلَيهِما قِدماً أَخيلُ دَهَما
بِطَورِ إيذا يَرعَيانِ الغَنَما
٦٥. بِيانِعِ الخَيزورِ أَوثَقَهُما
وَنالَ فِديَةً وَأَطلَقَهُما
٦٦. وَالآنَ أَتريذُ إِسوساً قَتلا
بِطَعنةٍ في ثَديِهِ فَجَندَلا
٦٧. وَأَنطفوسُ بِحُسامِهِ قَطَع
أُذُنَهُ قَطعاً فَلِلأَرضِ وَقَع
٦٨. فشائِقَ الشِكَةِ مِنهُما سلب
يَذكُرُ مِن أَمرِهِما ماضي العَجَب
٦٩. إِذ كان قَد رآهُما في السُفُنِ
بَأَمرِ آخيلَ بِذاكَ الزَمَنِ
٧٠. وَصائِلاً مَشى كَلَيثٍ داهِمِ
خِشفَةً واهِنَةَ العَزائِمِ
٧١. يَسحَقُها بِرائِعِ الأَنيابِ في
كِناسِها سَحقاً بِلا تَكَلُّفِ
٧٢. وَالأُمُّ تِلكَ الظَبيَةُ المُرتَجِفَه
لا حيلَةٌ لَها بِرَفدِ الخِشَفَه
٧٣. مُرتاعَةً مُلتاعَةً تَبغي المَفَر
في الغابِ تَجري بَينَ مُلتَفِّ الشَجَر
٧٤. تَلهَثُ عَيّاً وَتَسيلُ عَرَقاً
هالِعَةً مِن هَولِ ذاكَ المُلتَقى
٧٥. كَذاكَ في الطُروادِ لَم يَكُن أَحَد
لِوَلَدَي فِريامَ يَبذُلُ المَدَد
٧٦. وَلَّوا لَدى الأَراغِسِ الفِرارا
وَخَلفَهُم أَتريذُ بَأساً ثارا
٧٧. فيسَندَراً وإيفلوخاً دَهَما
عَلى مَطا مَركَبَةٍ قَد هُزِما
٧٨. مِن وُلدِ أَنطيما أَنطيماخُسٍ مَن مَنَعا
هيلانَةً لِزَوجِها أَن تُرجَعا
٧٩. إَذا كانَ فاريسُ رَشاهُ وَوَهَب
مالاً وَفيراً مِن مَتاعٍ وَذَهَب
٨٠. فَعِندَما لَدَيهِما مِثلَ الَسَد
لاحَ الجيادُ جَمَحَت تَحتَ العُدَد
٨١. وَاِرتَجَفَت أَنيديهِما فَوَقَفَت
أعِنَّةٌ بِها سَناءً سَطَعت
٨٢. فَسَجَدا مِن فَوقِ ذاكَ المَجلِسِ
وَصَرَخا بِذِلَّةِ المُلتَمِسِ
٨٣. فَأَنطِماخُ يُجزِلُ الهَدايا
إِن نَبقَ حَيَّينِ عَلى الخَلايا
٨٤. وَبَكَيا تَذَلُّلاً وَصُغرا
فَلَقِيا مِنهُ الجَوابَ المُرّا
٨٥. أَلَيسَ أَنطِماخُ وَالِدُكُما
بِمَجلِسِ الطُروادِ يَوماً حَكَما
٨٦. بِقَتلِ أوذيسَ وَمينيلا وَقَد
جاءا رَسولَينِ وَبالكيدِ أَتَّقَذ
٨٧. سَتَلقَيانِ الآنَ شَرَّ غَدرِهِ
وَطاعِناً فيسَندَراً بِصَدرِهِ
٨٨. جَندَلَهُ مِن فَوقِ عَرشِ العَجَلَه
فَإيفُلوخُ بِخَفيفِ العَجَلَه
٨٩. رامَ اِنهِزاماً وإِلى الأضرضِ وَثَب
لَكِن أَغامَمنونُ بالسَيفِ انتَصَب
٩٠. بِضَربَةٍ عَلَيهِ بالعَزمِ اندَفَع
وَرَأسَهُ مَعض الذِراعَينِ قَطَع
٩١. دَفَعَهُ لِلأَرضِ مِثلَ الخَشَبَه
وراحَ يَجري بِعَظيمِ الكَبكَبَه
٩٢. تَتبَعُهُ كَتائِبُ الأَجنادِ
حَيثُ تَكَثَّفَت سُرى الأَعادي
٩٣. فَبَطَشَ الغُلمانُ بالغُلمانِ
وَفَتَكَ الفُرسانُ بالفُرسانِ
٩٤. وَتَحتَ وَقعِ الخَيلِ نَقعٌ ثارا
في السَهلِ لِلجَوِّ ذَرا الغُبارا
٩٥. وَثَمَّ أَتريذُ يَحُضُّ الجُندا
مُقتَضِباً مُقتَفِياً مُشتَدّا
٩٦. هَبَّ عَلى الأَعداءِ مِثلَ النارِ
شَبَّت بِغابٍ غَضَّةِ الأَشجارِ
٩٧. تُثيرُها الريحُ وَفي كُلِّ مَهَب
تَلهَمُ كُلَّ ما أَمامَها اِنتَصَب
٩٨. أَمامَهُ الطُروادُ وَلَّوا جَزَعا
وَسَيفُهُ الرُؤوسَ قَطعاً قَطَعا
٩٩. وجامِحاتُ الخَيلِ بالعِجالِ
تَضرِبُ في السَهلِ بِلا رِجالِ
١٠٠. تَندُبُ ما أَلَمَّ بِالفُرسانِ
تَحتَ عَجاجِ الضَربِ وَالطِعانِ
١٠١. أَشهى هُمُ الآنَ إِلى العُقبانِ
مِنهُ إِلى حَلائِلِ النِسوانِ
١٠٢. وَزَفسُ هَكطورَ عَنِ النَقعِ حَجَب
وَعَن ضَجيجِ القَومِ في ذاكَ اللَجَب
١٠٣. وَعَن مَدى النِبالِ وَالنَجيعِ
وَعَن تَلاحُمٍ بِهِم فَظيعِ
١٠٤. وَظَلَّ أَتريذُ عَلى أَعقابِهِم
مُشَدٍِّداً يَضرِبُ في رِقابِهِم
١٠٥. فَدُفِعوا لِلتينِ ثُمَّ اِجتازوا
في وَسَطِ السَهلِ وَفيهِ اِنحازوا
١٠٦. لِقَبرِ إيلو ذَلِكَ الدَردَنُسي
يَبغونَ إِليونَ بِحَرِّ النَفسِ
١٠٧. وَإِثرَهُم أَتريذُ دَوماً جاري
مُلَطَّخاً بِالدَمِ وَالغُبارِ
١٠٨. يَصيحُ حَتّى أَبلَغَ الفُرسانا
أَبوابَ إِسكِيَّةَ ثُمَّ الزانا
١٠٩. فَوَقَفوا يَبغونَ جَمعَ الشَملِ
وَصَحبُهُم تَبَعثَروا في السَهلِ
١١٠. مِثلَ العُجولِ ذُعِرَت فِرارا
وَاللَيثُ في اللَيلِ لَقَد أَغارا
١١١. فَأَيَّها أَصابَهُ سَحَقَهُ
مُحَطِّماً بِنابِهِ عُنُقَهُ
١١٢. يَمتَصُّ لا مُكتَفِياً دِماءَهُ
يَزرَدُ لا مُشتَفِياً أَحشاءَهُ
١١٣. كَذا أَغامَمنونُ أَصمى وَسَفَك
بِساقَةِ العِدى بِمَن لاقى فَتك
١١٤. وَلَّوا وَمُشتَدّاً عَلَيهِم حَمَلا
بِالرُمحِ يُردي بَطَلاً فَبطلا
١١٥. ما بَينَ مَصروعٍ مِنَ العِجالِ
أَهوى وَمُسلَنقٍ على الرِمالِ
١١٦. وَعِندَ ما قارَبَ إِدراكَ البَلَد
وَسورِهِ الشاهِقِ في ذاكَ اللَدَد
١١٧. مِن قُبَّةِ السَماءِ كَالبَرقِ انحَدَرشش
زَفسُ وَفي إيذا بِعَلياهُ اِستَقَر
١١٨. صاحَ بِذاتِ أَجنُحِ النُضارِ
بِيَدِهِ عَمودُ بَرقٍ وارِ
١١٩. قالَ فَطيري إيرِسُ الرَشيقَه
وَأبلِغي هَكطوراً الحقيقَه
١٢٠. فَطالَما أَتريذُ في صَدرِ السُرى
يَبطُشُ فيهِم فاتِكاً مُدَمِّرا
١٢١. فَليَعتَزِل وَليُلقِ عِبءَ الصَدِّ
عَلى سِواهُ مِن سَراةِ الجُندِ
١٢٢. لَكِن إِذا بِطَعنَةٍ فاهِقَةِ
أُصيبَ أَو بِرَمية خارِقةِ
١٢٣. وَراحَ يَعلو سُدَّةَ العِجالِ
هَكطورَ أُولي نُصرَةَ القِتالِ
١٢٤. لَأُولِيَنَّهُ اِشتِدادَ البَأسِ
يَكسَحُهُم حَتّى غُروبِ الشَمسِ
١٢٥. لِمَوقِفِ الأُسطولِ يَسفِكُ الدِما
حَتّى يَرى قُدسَ الدُجى قَد خَيَّما
١٢٦. أَلفَتهُ في مَركَبَةٍ مُنتَصِبا
قالت أَيا هكطورُ خُذ مِنّي النَبا
١٢٧. يا عِدَّ زَفسَ زَفسُ بِالرِسالَه
أَنفَذَني فَاِستَمِعِ المَقالَه
١٢٨. فَطالَما أَتريذُ في صَدرِ السُرى
يَبطُشُ فيهِم فاتِكاً مُدَمِّرا
١٢٩. فَاِعتِزِلَن وَأَلقِ عِبءَ الصَدِّ
عَلى سِواكَ مِن سَراةِ الجُندِ
١٣٠. لَكِن إِذا بِطَعنَةٍ فاهِقَةِ
أُصيبَ أَو بِرَمية خارِقةِ
١٣١. وَراحَ يَعلو سُدَّةَ العِجالِ
هَكطورَ أُولي نُصرَةَ القِتالِ
١٣٢. لَيُؤتِيَنَّكَ اِشتِدادَ البَأسِ
تَكسَحُهُم حَتّى غُنروبِ الشَمسِ
١٣٣. لِمَوقِفِ الأُسطولِ يَسفِكُ الدِما
حَتّى تَرى قُدسَ الدُجى قَد خَيَّما
١٣٤. غابَت وَهكطورُ إِلى الأَرضِ وَثَب
يَهِزُّ أَطرافَ القَنا بادي الغَضَب
١٣٥. يَرمَحُ في كُلِّ السُرى مُستَنهِضا
مُدَجَّجاً مُشَدِّداً مُحَرِّضا
١٣٦. فَاِنقَلَبوا لِساحَةِ الهَيجاءِ
مُقابِلينَ زُمَرَ الأَعداءِ
١٣٧. وَاِعتَصَبَ الإِغريقُ وَاِصطَفّوا فِرَق
وَاِشتَدَّتِ الحَربُ وَأَتريذ اِنطَلَق
١٣٨. مُبَرِّزاً عَن سائِرِ الشُجعانِ
مُرَوِّعاً في ذلِكَ المَيدانِ
١٣٩. وَلي فَقُلنَ يا بَناتِ الشِعرِ
مَن جاءَ يَلقاهُ بِبَدءِ الأَمرِ
١٤٠. ذاكَ اِبنُ أَنطينورٍ الطَويلُ
أَفيدَماسُ الباسِلُ النَبيلُ
١٤١. سِبطُ لِكيسيسَ أَبي ثِيانوا
مَن شاعَ ذِكراً حُسنُها الفَتّانُ
١٤٢. لَدَيهِ في إِثراقَةِ الغَيمِ
وَالخِصبِ طِفلاً شَبَّ في النَعيمِ
١٤٣. وَعِندَما تَرَعرَعض اِستَبقاهُ
في حِجرِهِ وَبِنتَهُ أَعطاهُ
١٤٤. لَكِنَّهُ غادَرَها في الأَثر
مُذ شاعَ عَن حَربِ الأَراغِسِ الخَبَر
١٤٥. أَتى لِفَرقوتَ بِثِنتَي عَشَرَه
سَفينَةً يُنزِلُ فيها عَسكرَه
١٤٦. مِن ثَمَّ إِليونَ أَتاها بَرّا
فَذا الذي أَتىريذَ رامَ كِبرا
١٤٧. تَقابَلا حتّى دَنا التَلاقي
فَزَجَّهُ أَتريذُ بِالمزراقِ
١٤٨. فَصَرَّحَ الزُجُّ وَفي الحالِ اِنثَنى
أَفيدَماسُ وَبِعُنفٍ طَعَنا
١٤٩. أَصابَ تَحتَ الدِرعِ بِالحِزامِ
فَدَفَعَ العامِلَ بِاِحتِدامِ
١٥٠. وَظَلَّ لا يُفلِتُهُ مِن يَدِهِ
مُعتَمِداً على قُوى عَضُدِهِ
١٥١. في عُروَةِ اللُجينِ بالوَسطِ اِستَوى
وكالرَصاصِ اللَدنِ في الحالِ التَوى
١٥٢. فَعِندَ ذا أَتريذُ كاللَيثِ وَثَب
وَذلِكَ الرامِحَ بالرُمحِ اجتَذَب
١٥٣. وَاِجتَرَّهُ مِنهُ وَبالسَيفِ قَطَع
عُنُقَهُ فَغائِرَ الطَرفِ وَقَع
١٥٤. يَهجَعُ مَصوعاً هُجوعَ الأَبَدِ
بِذَبِّهِ عَن قَومِهِ والبَلَدِ
١٥٥. وا وَيحَهُ عَن عِرسِهِ الفَتِيَّةِ
في البُعدِ قَد أُميتَ شَرَّ ميتَةِ
١٥٦. نَأى وَما إِن كادَ وَهوَ ناءي
مُبتَدِئاً بِمئَةٍ مِنَ البَقَر
١٥٧. وَبِحِماهُ العَنزُ وَالغَنيمُ لَم
يُحصِها عَدٌّ وَلا تَقويمُ
١٥٨. خَيَّرَها مِنها بِأَلفِ رَأسِ
وَالآنَ أَتريذُ الشَديدُ البَأسِ
١٥٩. جَندَلَهُ مُجَرِّداً مِن شِكَّتِه
يَرجِعُ فيها لِسَرايا حَملَتِه
١٦٠. فَالخَطبُ لاحَ لأَخينَ الأَكبَرِ
قاونٍ الفَتّاكِ وَالهشَمِ السَري
١٦١. فَذابَ بَثّاً وَأَساً عَلَيهِ
وَاِسوَدَّ نُورُ الشَمسِ في عَينَيهِ
١٦٢. فَاِنسابَ لا يَراهُ أَتريذُ حِذا
صَفحَتِهِ وَالرُمحَ فيهِ أَنفَذا
١٦٣. فخَرَقَ الزُجُّ الحَديدُ الحَدِّ
مُؤَخَّرَ الساعِدِ تَحتَ الزَندِ
١٦٤. وَصاحَ يَدعو صَحبَهُ إِلَيهِ
مُجتَذِباً أَخاهُ مِن رِجلَيهِ
١٦٥. وَفَوقَهُ قَد أَسبَلَ المِجَنّا
يَدفَعث ضَرباً وَيَقيهِ طَعنا
١٦٦. فَاِرتاعَ أَتريذُ وَلَكِن ما اِرتَدَع
ثُمَّ عَلى قاونَ بالعَزمِ اِندَفَع
١٦٧. طَعَنَهُ بِالعامِلِ الرَواعِ
طَعنَةَ مِقدامٍ طَويلِ الباعِ
١٦٨. عَلى أَخيهِ خَرَّ مِيِّتاً فَضَرَب
عُنُقَهُ بِالسَيفِ وَالرَأسِ اِقتَضَب
١٦٩. وَهكَذا فَالأَخوانِ اِنحَدَرا
لِدارِ آذِيسَ بِحُكمٍ قُدِّرا
١٧٠. وَظَلَّ أَتريذُ الوَغى يُباري
بِاللاسَيفِ وَالعامِلِ وَالحِجارِ
١٧١. يَخوضُ ما بَينَ الأَعادي صائِلا
وَدَمُهُ السَخينُ يَجري سائِلا
١٧٢. حَتّى إِذا ما ذلِكَ السَيلُ اِنقَطَع
وَيَبِسَ الجُرحُ تَوَلّاهُ الوَجَع
١٧٣. وَاِختَرَقَت قُواهُ آلامٌ وَلا
آلامُ سَهمٍ خارِقٍ قَد أُرسِلا
١٧٤. تَرمي بِهِ بَناتُ هيرا الظُلَّمُ
أَلأَلِثِيّاتُ الَّتي لا تَرحَمُ
١٧٥. يَنفَذُ بِالأَعرضِ وَالإِماضِ
وَيَصدَعُ المَرأَةَ بِالمَخاضِ
١٧٦. بِشِدَّةِ البَثِّ اِعتَلى مُلتاعا
وَقالَ لِلتَبعِ اِبتَغِ الأِشراعا
١٧٧. وصاحَ بِالصَوتِ الجَهورِ العالي
يا صَحبُ يا قُيولُ أَبطالي
١٧٨. عَلَيكُمُ الآنَ بِإِبعادِ العِدى
عَن مَوقِفِ الأُسطولِ وَالفَوزُ بَدا
١٧٩. فَإِنَّ زَفسَ قَد أَبى إِصداري
بِصَدرِكُم لآخِرِ النَهارِ
١٨٠. فَطارَت الخَيلُ بِسَوطِ السائِقِ
تَجري وَأَتريذُ بِقَلبٍ خافِقِ
١٨١. صَدورُهُنَّ قَد كُسينَ زَبَدا
وَنَقعُ وَقعِهِنَّ لِلجَوِّ اِغتَدى
١٨٢. وَمُذ رأى هَكطورُ أَتريذَ التَوى
فَصَوتُهُ كَالرَعدِ بِالقَومِ دَوي
١٨٣. يا آلَ دَردانوسَ وَالطُروادا
وَيا بَني ليقية الأَمجادا
١٨٤. إيهِ فَأَنتُم قادَةُ الهَيجاءِ
وَسادَةُ الإيقاعِ وَالإِبلاءِ
١٨٥. أَبسَلُ مَن في القَومِ طُرّاً غَرَبا
وَزَفسُ لي نَصراً مُبيناً وَهَبا
١٨٦. شُدّوا عَلى الإِغريقِ بِالعِجالِ
وَاِدَّخِروا مَجداً بِلا زَوالِ
١٨٧. فَهاجَتِ النُفوسُ بِالجَحافِلِ
هِياجَها في أَنفُسِ الخَياطِلِ
١٨٨. يُثيرُها صاحِبها هِياجاً
في إِثرِ خِرنَوصٍ وَلَيثٍ فاجا
١٨٩. وَهَكَذا هُكطورُ عِدُّ آرِسِ
أَثارَ طُرواداً عَلى الأَراغِسِ
١٩٠. وَهوَ بِصَدرِ جَيشِهِ يَثورُ
بِشِدَّةِ البَأسِ بِهِم يَسيرُ
١٩١. كَأَنَّهُ الإِعصارُ مِن فَوقُ اِندَفَق
وَفي عُبابِ البَحرِ قَلبَ اليَمِّ شَق
١٩٢. فَياتُرى مَن أَوَّرلاً وَآخِرا
أَبادَ مُذ زَفسُ تَوَلّى ناصِرا
١٩٣. أَوَّلُهُم كانَ الفَتى آسيُّسُ
فَعَفطَنوسٌ وَكَذا أُوفيتَسُ
١٩٤. فَاِبنُ قِليطيسَ زُلُفسُ أُورُسُ
وَآغِلاوسٌ وَأُوفِلطِيُّسُ
١٩٥. وَهيفُنُوِّيسُ وإِيسِمنُ السَري
وَكُلُّهُم مِن زُعماءِ العَسكَرِ
١٩٦. لَكِنَّما قَتلاهُ بَينَ الجُندِ
فَتِلكَ لا تُحصى بِحَصرِ العَدِّ
١٩٧. هَبَّ بِهِم وَلا هُبوبَ العاصِفَه
تُثيرُها أَنواءُ ريحٍ قاصِفَه
١٩٨. فَتَدفَعُ الدَبورُ غَيماً رَكَما
نوطوسُ في السَحابِ لَمّا هَجَما
١٩٩. فَتَفلِقُ اليَمَّ وَتَنشُرُ الزَبَد
كَما رُؤوسَ القَومِ هَكطورُ حَصَد
٢٠٠. فَاِتَدَّ وَقعُ الخَطبِ وَالأضمرُ اِنجَلى
وَكادَتِ الإِغريقُ تُضوى فَشَلا
٢٠١. فَصاحَ أوذيسُ ذيوميذُ عَلا
مَ بَأسُنا وَلّى بِرُزءٍ ثَقُلا
٢٠٢. لَئِن يَفُز أَعدائُنا بِالسُفُنِ
وا خَزيَةَ العارِ وَثِقلَ المِحَنِ
٢٠٣. هِيِّ فَكُرَّنَّ مَعي قالَ وكَما
يَهولُني العَدُوُّ مَها اِزدَحَما
٢٠٤. لَكِنَّنا هَيهاتَ أَن نُؤتى الظَفَر
فَإِنَّما الطُروادَ زَفسُ قَد نَصَر
٢٠٥. كَرَّ وَثَمبريسَ في الثَديِ رَمى
فَخَرَّ لِلأَرضِ وَأوذِس هَجَما
٢٠٦. وَتَبِعَهُ مُليونَ أَيضاً قَتَلا
وَغادَراهُما عَلى تِلكَ الفَلا
٢٠٧. لا يَشهدانِ الكَرَّ وَالنِزالا
وَاِنثَنَيا عَلى تِلكَ الفَلا
٢٠٨. لا يَشهَدانِ الكَرَّ وَالنِزالا
وَاِنثَنَيا مِن بَعدِ ذا وِصالا
٢٠٩. نَظيرَ خِرنَوصَينِ كاسِرَينِ
عَلى كِلابِ الصَيدِ مُرتَدَّينِ
٢١٠. فَأَعملا بَينَ الأَعادي الأَسَلا
وَاِهتَزَّتِ الإِغريقُ طُرّاً جَذَلا
٢١١. ثُمَّةَ عُنقَ فارِسَينِ ضَربا
وَاِستَلَبا مَركَبَةً قَد رَكِبا
٢١٢. مِن وُلدِ ميروفوسَ مِن فَرقوتِ
أَبسَلِ مَن في القَومِ مِن رُتوتِ
٢١٣. قَد عَصَيا أَباهُما العَرّافا
وَاِتَّبَعا إِلى الوَغى الأَحلافا
٢١٤. ساقَهُما داعي الردى فَأَقبَلا
عَلى ذيوميذَ الفَتى فَجُندِلا
٢١٥. أَخمَدَ أَنفاسَهُما وَراحا
مِن بَعدِ ذا يَستَلِبُ السِلاحا
٢١٦. وَأوذِسٌ جَندَلَ هُوفيداما
وَهيفَريخاً يَصطَلي اِحتِداما
٢١٧. وَزَفسُ في إيذَةَ بِالمِرصادِ
فَوازَنَ القُوّاتِ في الأَعادي
٢١٨. فَاِصطَدَمَ الأَبطالُ مِن كُلِّ الفِرَق
وَزُمَرَ العِدى ذيوميذُ اِختَرَق
٢١٩. وَغَسطَروفَ بنَ فيونٍ جَرَحا
بِرُمحِهِ في حُقِّهِ فَاِنطَرَحا
٢٢٠. قَد خاضَ مُغتَرّاً سُرى الطلائِعِ
بِرِجلِهِ بَخوضُ في المعامِعِ
٢٢١. وَالخَيلُ وَالسائِقُ في الساقَةِ قَد
ظَلَّت وَعَنهُ اِنقَطَعَت عُرى المَدد
٢٢٢. هُناكَ هَكطورُ رَأى وَاِنصَدَعا
وَصاحَ في الأَبطالِ ثُمَّ اِندَفَعا
٢٢٣. وَاِندَفَعَت مِن خَلفِهِ كُلُّ السُرى
حَتّى ذيوميذُ الهُمامُ ذُعِرا
٢٢٤. قالَ أَرى هَكطورَ رَوّاعَ المَلا
يا أودِسٌ فَوراً عَلَينا أَقبَلا
٢٢٥. قِف نَدفَعَنَّهُ وَبالعَزمِ وَقَف
مُسَدِّداً وَنَحوَ راسِهِ قَذَف
٢٢٦. فَفَوقَ رَأسِ البَيضَةِ الرُمحُ وَقَح
لَكِنَّما الفُولاذُ فولاذاً دَفَع
٢٢٧. وَالقَونَسُ المُثَلَّثُ الأَطرافِ
عَن رَأسِهِ رَدَّ السِنانَ الجافي
٢٢٨. ذَلِكَ مِن فيبوسَ فَضلٌ أَعظَمُ
فَهوَ بِذا المِغفَرِ قِدماً مُنعِمُ
٢٢٩. وَاِرتَدَّ هَكطورُ وَبالجَمعِ اِختَلَط
وَفَوقَ رُكبَتَيهِ للأَرضِ سَقَط
٢٣٠. لِيَدِهِ مُستَنِداً حَيثُ التَوى
وَأَظلَمَت عَيناهُ مُنهَدَّ القُوى
٢٣١. وَرَيثَما هَبَّ ذيوميذُ وَشَب
يَطلُبُ رُمحَهُ وَفي الأَرضِ نَشَب
٢٣٢. أَفاقَ هَكطورُ بِالفَورِ اِعتَلى
وَساقَ بَينَ الجَمعِ يَأبى الأَجَلا
٢٣٣. فَصاحَ ذوميذُ وَبِالقَناةِ
جَرى أَأَيضاً فُزتَ بِالنَجاةِ
٢٣٤. يا كَلبُ كادَ عامِلي يُصميكا
لَو لَم يُبادِر فيبُسٌ يقيكا
٢٣٥. لَستَ تضؤُمُّ الحَربَ عَفواً أَبَدا
إِلّا بِهِ مُستَرفِداً مُستَنجِدا
٢٣٦. لَكِنَّني سَوفَ أُلَقّيكَ الرَدى
إِن تُؤتِني الأَربابُ يَوماً مَدَدا
٢٣٧. قَد فاتَكَ الفَوتُ فَرُح والآنا
سَأَبتَغي سِواكَ أَيّاً كانا
٢٣٨. وَلِاِستِلابِ اِبنِ فِيونٍ عَكَفا
فَجَرَّدَ اللأَمَةَ ثُمَّ اِنعَطَفا
٢٣٩. مُقتَلِعاً مِغفَرَهُ ثُمَّ المِجَن
إِذا بِإِسكَندَرَ خُلسَةً كَمَن
٢٤٠. فَأَتكَأَ القَوسَ عَلى العَمودِ
في قَبرِءِ يَلو الشَيخِ فَخرِ الصيدِ
٢٤١. وَأَرسَلَ السَهمَ فَشَقَّ القَدَما
وَغاصَ في الأَرضِ بِسَيّالِ الدِما
٢٤٢. وَزََوجُ هيلانَةً مِن حَيثُ وَلَج
في ذَلِكَ الكَمينِ في الحالِ خَرَج
٢٤٣. مُقَهقِهاً مُبتَهِجاً مُفتَخِرا
لَم أُخطِئِ المَرمى وَسَهمي صَدَرا
٢٤٤. يا حَبَّذا لو غاصَ في أَحشاكا
لِيَأمَنَ الطُروادُ مِن مَلقا كا
٢٤٥. أَنتَ الذي كُلُّهُمُ مِنكَ اِرتَعَد
كَرِعدَةِ الماعِزِ مِن بَطشِ الأَسَد
٢٤٦. أَمّا ذِيُوِميذُ فَجاشَ وَاِنثَنى
قالَ وَما غَرَّكَ يا وَجهَ الخَنا
٢٤٧. سَدَّدتَ مُغتَرّاً بِذي القَوسِ أَلا
ما جِئتَني وَجهاً لِوَجهٍ مُقبِلا
٢٤٨. حَتّى تَرى يا أَخسأَ النُبّالِ
أَنَّكَ لا تُعَدُّ في الرِجالِ
٢٤٩. وَأَنَّها لَن تَدفَعَن عَنكَ الأَسا
وَإِنَّما حامِلُها زيرُنِسا
٢٥٠. أَنالَكَ السُرُّ بِإِدراكِ القَدَم
مِنّي وَهَل يَذعَرُ ذا أَهلَ الهِمَم
٢٥١. ما ضَرَّ سَهمُ خاسِئٍ رِعديدِ
يَهلَعُ كَالأَوغادِ أَو كَالغيدِ
٢٥٢. وَأَينَ أَنتَ مِن مَرامي أَسَلي
يُنفِذنَ مُذ يَصدُرنَ سَهمَ الأَجَلِ
٢٥٣. أَزواجُ مَن خَرَّمنَهُم أَيامى
وَوُلدُهُم في بُؤسِهِم يَتامى
٢٥٤. وَدَمُهُم يَسرَبُ وَالأَجسادُ
يُبيدُها في أَرضِها الفَسادُ
٢٥٥. وَحولَهُم طَيرُ الفَلا تَحومُ
مِن بَعدِ أَزواجٍ بِهِم تَهيمُ
٢٥٦. وَاِنقَضَّ أوذيسُ يَقيهِ فَجلَس
يُخرِجُ ذاكَ السَهمَ مِن حَيثُ أِحَبَس
٢٥٧. فَاِشتَدَّتِ الآِمُ فيهِ فَاِعتَلا
وَقالَ لِلسائِقِ عُد بي عَجَلا
٢٥٨. فَباتَ أوذيسُ كَذا مُنفَرِدا
لَيسَ لَهُ مَن يَبتَغيهِ عَضُدا
٢٥٩. مُذ شَمَلَ الرُعبُ قُلوبَ الأَرغُسِ
فَنَفسَهُ ناجى بِحَرِّ النَفَسِ
٢٦٠. وَيلاهُ ما الحيلَةُ إِن أَنهَزِمِ
فَالعارُ كُلُّ العارِ بَينَ الأُمَمِ
٢٦١. وَإِن تَرَرَصتُ وَزَفسُ الأَعظَمُ
بَدَّدَ قَومي فَمَصيري أَشأَمُ
٢٦٢. لا كُنتَ يا هاجِسُ دَعني هَل تُرى
غَيرُ الجَبانِ النِكسِ وَلّى مُدبِرا
٢٦٣. وَلَيسَ لِلباسِلِ أَن يُبالي
أَصابَ أَم أُصيبَ في النِزالِ
٢٦٤. وَبَينَما يَجولُ ذا بِفِكرِهِ
مُكتَئِباً مُفَكِّراً بِأَمرِهِ
٢٦٥. إِذا بِدُرّاعِ العِدى تَجمهَروا
وَبَيهَهُم أُسَّ بَلاهُم حَصَروا
٢٦٦. كَفِتيَةٍ بِزُمرَةِ الكِلابِ
تَقنِصُ خِرنَوصاً بِبَطنِ الغابِ
٢٦٧. فَيَبرُزُ الوَحشُ وَيَصلى غَضَبا
وَيَشحَذُ النابَ وَيَبدو مُرعِبا
٢٦٨. يَصِرُّ بِالأَسنانِ وَالقُنّاصُ قَد
داروا عَلَيهِ وَهوَ بِالغَيظِ اِتَّقَد
٢٦٩. فَماهُمُ يَخشَونَ مِنهُ الدَركا
وَهوَ بِمَن أَصابض مِنهُم فَتَكا
٢٧٠. وَهَكَذا أوذيسُ بِالرُمحِ وَثَب
وَذِيُّفيتَ بَينَ كِنفَيهِ ضَرَب
٢٧١. ثُمَّ ثوونَ وَأَنوَ قَتَلا
فَجاءَهُ خَرسيدَمٌ مُشتَعِلا
٢٧٢. فَهَبَّ مِن مَركَبَةٍ يَبغيهِ
وَأُوذِسٌ في الحالِ يَلتَقيهِ
٢٧٣. رَماهُ تَحتَ التُرسِ في سُرَّتِهِ
فَخَرَّ مَصروعاً عَلى راحَتِهِ
٢٧٤. ثُمَّ اِنثَنى وَاِبنَ هِفاسٍ طَعَنا
خَرُبسَ يُلقيهِ صَريعاً مُثخَنا
٢٧٥. فَاِنقَضَّ صوقوسُ أَخوهُ الأَيهَمُ
وَصاحَ يضدوي يا أُذيسُ القَيِّمُ
٢٧٦. يا زُبدَةَ الإِقدامِ وَالدَهاءِ
فَاليَومَ تُبلي أَيَّما إِبلاءِ
٢٧٧. إِمّا حِمامُ وَلَدَي هِفاسِ
وَالسَلبُ وَالفَخارُ بَينَ الناسِ
٢٧٨. هذا وَإِمّا مِن قَناتِيَ الرَدى
ثُمَّ أَتاهُ طاعِناً مُسَدِّدا
٢٧٩. فَنافِذُ السِنانِ في التُرسِ مَرَق واللَح
مَ تَحتَ الدِرعِ بِالخَصرِ اِختَرَق
٢٨٠. لَكِن أَبَت فَالاسُ بِالخَفاءِ
نُفوذَهُ لِداخِلِ الأَحشاءِ
٢٨١. وَلَم يَفُت أوذيسَ أَنَّ الجُرحا
ما كانَ قَتّالاً لِذا تَنَحّى
٢٨٢. وَصاحَ في صوقوسَ يا هَذا الشَقي
شَرَّ بِلىً مِنِّيَ سَوفَ تَلتَقي
٢٨٣. أَلجأتَني حيناً إِلى تَركِ اللِقا
لَكِن بِكَ الحَتفُ البَهيمُ أَحدَقا
٢٨٤. وَبِصِقَيلِ عامِلي إِن تُقتَلِ
لآذِسَ النَفسُ تَدُم وَالفَخرُ لي
٢٨٥. فَاِرتاعَ صوقوسُ وَقَد رامَ الهَرَب
مُوَلِّياً لَكِنَّ أوذيسَ وَثَب
٢٨٦. وَرُمحُهُ ما بَينَ كِتفَيهِ وَلَج
وَمِن شِعابِ الصَدرِ في الحالِ خَرَج
٢٨٧. فَخَرَّ في صَلصَلَةِ الحَديدِ
وَأوذِسٌ مُرتَفِعُ الهَديدِ
٢٨٨. صوقوسُ ما أَنجَتكَ هَبّاتُ المَفَر
فَالمَوتُ أَعدى مِنكَ جَرياً وَأَشَر
٢٨٩. وَيَحَكَ لَم يُتَح لِوالِدَيكا
أَن يُغمِضا يَومَ الرَدي عَينَكا
٢٩٠. خَلَوتَ لِلطَيرِ فَظُفرٌ يَنشَبٌ
وَالأَجنُحُ الغَضَّةُ ضَرباً تَضرِبُ
٢٩١. لَكِنَّني إِن مُتُّ فَالإِغريقُ
غَصَّ بِهِم في مَأتَمي الطَريقُ
٢٩٢. وَاِجتَرَّ مِن مِجَنِّهِ وَالشاكِلَه
سِنانَ صوقوسَ بِتِلكَ الغائِلَه
٢٩٣. فَجَرتِ الدِماءُ وَاِشتَدَّ الأَلَم
وَحَولَهُ جَيشُ العِدى طُرّاً هَجَم
٢٩٤. فَلِاِشتِدادِ الخَطبِ عادَ القَهقَري
وصاحَ يَدوي صَوتُهُ حَتّى السُرى
٢٩٥. دَعا ثَلاثاً يَطلُبُ الغِياثا
وَعى مَنيلا صَوتَهُ ثَلاثاً
٢٩٦. مالَ إِلى رَفيقِهِ أَياسِ قالَ
أَيا أَياسُ رَبَّ الباسِ
٢٩٧. صَوتُ اُذيسَ أُذُني حالاً طَرَق
كَأَنَّما أُحرِجَ ما بَينَ الفِرَق
٢٩٨. وَشَدَّدَت أَزمَتَها عَلَيهِ
هَيِّ نُبادِر عَجَلاً إِلَيهِ
٢٩٩. أَخافُ مَهما صالَ يُضوى مُفرَدا
فَنَرِثُ الأَحزانَ عَنهُ سَرمَدا
٣٠٠. وَسارَ أَوَّلاً مَنيلا وَتَلا
أَياسُ كَالأَربابِ أَبناءِ العُلى
٣٠١. فَأَلفَيا أوذيسَ وَالطُروادُ قضد
تَكَأكَأوا عَلَيهِ عَدّاً وَعُدَد
٣٠٢. كَأَنَّهُم مِن حَولِهِ ثَعالِبُ
عَلى الجِبالِ إِيَّلاً تُراقِبُ
٣٠٣. في الإِيَّلِ القَنّاصُ سَهماً أَنشَبا
لَكِنَّهُ ما نالَ مِنهُ الأَرَبا
٣٠٤. فَغابَ عَن مَرآهُ وَالثَعالي
مِن حَولِهِ تَجري عَلى التَوالي
٣٠٥. تَرومُ فَتكاً وَهوَ لا يُرامُ
يَجري وَلا يَلويهِ الاِزدِحامُ
٣٠٦. فَطالَما تَجري بِهِ قَوائِمُهُ
لا تَلتَوي لِجُرحِهِ عَزائِمُه
٣٠٧. لَكِن إِذا ما الدَمُ في الجُروحِ بَرَد
وَعَن خَفيفِ لَجَريِ بِالعَيِّ قَعَد
٣٠٨. فازَت بِهِ في الطَودِ فَوقَ الغابِ
إِذا بِلَيثٍ فاتِكٍ قَضّابِ
٣٠٩. يَذعَرُها ذُعراً فَتَلوي هَرَبا
وَهوَ بِهِ يَخلو مَنالاً طيبا
٣١٠. كَذا أُذيسُ وَهوَ ما بَينَ العِدى
عَن نَفسِهِ يَدفَعُ بِالرُمحِ الرَدى
٣١١. بادَرَ آياسُ بِذَيّاكَ المِجَن
كَالبُرجِ يَحميهِ وَقَد كانَ وَهَن
٣١٢. فَفَرَّتِ الطَروادُ في كُلِّ مَفَر
ثُمَّ مَنيلا لِذِراعِهِ اِبتَدَر
٣١٣. وَاِجتَرَّهُ مِن بَينِ تِلكَ القَتَلَه
وَتِبعُهُ أَدنى إِلَيهِ العَجَلَه
٣١٤. وَصالَ آياسُ وَدورِقلِ قَتَل
نَغلُ لِفريامَ وَفَندوقوسَ فَل
٣١٥. ثُمَّ لِسَندَراً وَفيراسَ رَمى
كَذاكَ فيلَرتَ يُفَجِّر الدِما
٣١٦. كَالسَيلِ مِن شُمِّ الجِبالِ اِندَفَقا
تَمطُرُهُ أَنواءُ زَفسٍ غَدَقا
٣١٧. يَفيضُ للسَهلِ زُعاباً يَندَفِع
وَالأَرزَ وَالمَلولَ عُنفاً يَقتَلِع
٣١٨. وَلِعُبابِ البَحرِ يَدفَعُ الزَبَد
كَما أَياسُ اِشتَدَّ فيهم وَاِتَّقَد
٣١٩. طَغا بِذاكَ السَهلِ كَالزُعابِ
يَبتَتُّ ظَهرَ الرَكبِ وَالرُكّابِ
٣٢٠. وَهَكطُرٌ في ثَغرِ إِسكامَندَرِ
يَصولُ في صَدرِ الجَناحِ الأَيسَرِ
٣٢١. وَقَد عَلا لَدَيهِ وَسطَ الفَيلَقِ
وَلا يَرى نَكالَ هَذي الفِرَقِ
٣٢٢. وَقَد عَلا لضدَيهِ صَوتُ اللَغَبِ
حَولَ إِذومِنٍ وَنَسطورَ الأَبي
٣٢٣. وَهوَ بِمَركَبَتِهِ مُحتَدِمُ
كَتائِبَ الفِتيانِ حَطماً يَحطِمُ
٣٢٤. لَكِنَّما جَيشُهُما ما بَرِحا
يَدفَعُ حَتّى ما خَوونُ جُرِحا
٣٢٥. قَد كانَ كَاللَيثِ يَصولُ وَإِذا
في كِتفِهِ اليَمينِ سَهمٌ أُنفِذا
٣٢٦. مُثَلَّثُ الأَطرافِ لِلإِسكَندَرِ
زَوجِ هِلانَةَ الجَميلِ الشَعرِ
٣٢٧. َقفَومُ أَرغوسَ أولوا الإِقدامِ
خافوا اِنقِلابَ مَوقِفِ الصِدامِ
٣٢٨. فَيَفتُكُ العِدى بِذَيّاكَ البَطَل
فَصاحَ إيذومينُ بادِيَ الوَجَل
٣٢٩. نَسطورُ يا ذا المَجدِ وَالجَلالِ
هَيِّ فَهُبَّنَّ عَلى العِجالِ
٣٣٠. وَسِر وَسوقَنَّ إِلى الأُسطولِ
بِما خَوونَ الماجِدِ النَبيلِ
٣٣١. هَذا النِطاسِيُّ الذي يَستَخرِجُ
سَهماً بِكَرّاتِ الصِدامِ يولَجُ
٣٣٢. وَفَوقَهُ يَذُرُّ بَلسَمُ الشِفا
بِجَحفَلٍ يُقاسُ إِن تَأَلَّفا
٣٣٣. فَهَبَّ نَسطورُ وَما إِن كَذَّبا
وَبِاِبنِ أَسقَليبَ حالاً ذَهَبا
٣٣٤. وَساطَ وَالجِيادُ كَالطَيرِ سَعَت
تَتوقُ لِلرُجوعِ مِن حَيثُ أَتَت
٣٣٥. وَقِبرِيونُ تِبعُ هُكطورَ عَرَف
مُنقَلَبَ الطُروادِ في ذاكَ الطَرَف
٣٣٦. أَبصَرَهُم مِن فَوقِ عَرشِ العَجَلَه
إِزاءَ هَكطورَ لِذا أَوعَزَلَه
٣٣٧. نَحنُ هُنا في طَرَفِ المُعَسكَرِ
نَفتُكُ فَتكَ الباسِلِ المُدَمِّرِ
٣٣٨. وَثَمَّ آياسُ المَنايا نَشَرا
وَالخَيلَ وَالفُرسانَ ذُعراً ذَعَرا
٣٣٩. نَعَم فَذا مِجَنُّهُ الكَبيرُ
مِن حَولِ كِنفَيهِ أَرى يَدورُ
٣٤٠. فَقُم نَسُق لِمأذِقِ الهَيجاءِ
حَيثُ عَلَت عَجاجَةُ الأَعداءِ
٣٤١. هُناكَ حَيثُ اِصطَدَمَ الشُجعانُ
تَلاحَمَ المُشاةُ وَالقُرسانُ
٣٤٢. وَشَدَّدَ السَوطَ عَلى الجِيادِ
فَاِندَفَعَت لِساحَةِ الجِلادِ
٣٤٣. تَخَبِطُ بِالقَتلى وَبِاليَلامِقِ
عَلى نَجيعٍ مِن خُطاها دافِقِ
٣٤٤. حَتّى جَناحاص سُدَّةٍ المَركَبَةٍ
وَقَوسُها مِن تَحتِ تِلكَ السُدَّةِ
٣٤٥. تَخَضَّبَت دَماً بِنَقعٍ فائِرِ
مِن دَورِ دولابٍ وَوَقعِ حافِرِ
٣٤٦. وَهَكطُرُ لِلفَتكِ يَصلى نارا
فغارَ ما بَينَ العِدى وَثارا
٣٤٧. يَطعَنُ فيهِم قاتِلاً مُجَندِلا
حَتّى سَراياهُم جَميعاً بَلبَلا
٣٤٨. وَظَلَّ كَرّاتِ الوَغى يُجاري
بِالسَيفِ وَالعامِلِ وَالحِجارِ
٣٤٩. وَهوَ عَلى ذَيّالِكَ البَأسِ أَبى
لِقاءَ آياسَ لِذا تَنكَّبا
٣٥٠. خَشيَةَ أَن يُغاظَ زَفسُ إِن بَرَز
لِفارِسٍ أَبسَلَ مِنهُ وَأَعَز
٣٥١. لَكِنَّ زَفسَ في المَقامِ الأَرفَعِ
رَوَّعَ آياسَ بِهَولِ المَصرَعِ
٣٥٢. فَدَهشاً أَطرَقَ وَالجَوبَ عَلى
كاهِلِهِ أَلقى وَعاد وَجِلا
٣٥٣. بِطَرفِهِ جَيشَ العِدى يُباري
يَخطو ةوَيَنثَني كَوحشٍ ضاري
٣٥٤. وَخُطوَةً فَخُطوَةً يَلوي القَدَم
كَأَنَّهُ الضَيغَمُ في اللَيلِ هَجَم
٣٥٥. وَالناسُ وَالكِلابُ في الأَسحارِ
تَحرُسُ حَولَ عُنَّةِ الأَبقارِ
٣٥٦. تَسهَرُ كُلَّ اللَيلِ كَي لا يَرتَعا
بِشَحمِها وَلَحمِها وَيَرجِعا
٣٥٧. يَنقَضُّ مَدفوعاً بِفَرطِ السَغَبِ
لَكِن يَفوتُهُ نَوالُ الأَرَبِ
٣٥٨. يَصُدُّهُ وَبلٌ مِنَ النِبالِ
وَلَهِبِ المَقابِسِ المُنهالِ
٣٥٩. حَتّى إِذا ما الفَجرُ لاحَ أَحجَما
مُكتَئِباً مُرتَعِداً مُحتَدِما
٣٦٠. وَهَكَذا أَياسُ مُلتاعاً نَأى
عَن ساحَةِ القِتالِ وَالعَودَ اِرتَأى
٣٦١. وَهوَ يَصُدُّهُم بِجَوبٍ أَكبَرِ
أَلبِسَ سَبعَةً جُلودَ بَقَرِ
٣٦٢. يُحجدِمُ حيناً ثُمَّ يَهجُمُ
بِبَأسِهِ المُعتادِ ثُمَّ يُهزَمُ
٣٦٣. وَصَدَّهُم في كُلِّ ذاكَ الزَمَنِ
صَدّاً ذَريعاً عَن بُلوغِ السُفُنِ
٣٦٤. يَحجِزُ مُشتَدّاً عَلى الأَعادي
بَينَ الأَخائِيَينَ وَالطُروادِ
٣٦٥. وَصَيِّبُ النَيازِكِ القَتّالَه
عَلَيهِ مِن أَيدي العِدى مُنهالَه
٣٦٦. فَبَعضُها عَن شِدَّةِ العَزمِ حُذِف
يَغُلُّ غَلّاً وَعَلى التُرسِ يَقِف
٣٦٧. وَبَعضُها عَنهُ مَنالاً قَصَّرا
مُرتَكِزاً يَغوصُ في قَلبِ الثَرى
٣٦٨. وَلَم يَكَد يَراهُ أوريفيلُ
حَتّى اِنبَرى لِرَفدِهِ يَصولُ
٣٦٩. أَتاهُ لا يَعبَأُ بِالسِهامِ
تَنهالُ فَوقَهُ كَوَبلٍ هامِ
٣٧٠. وَأَرسَلَ المِزراقِ مِن حَيثُ اِنطَلَق
وَآفِمونَ القَرمَ في العُنفِ اِختَرَق
٣٧١. كَبِدَهُ مَزَّقَ ثُمَّ راحا
يَسلُبُهُ الشِكَّةَ وَالسِلاحا
٣٧٢. فَاِنتَهَزَ الفُرصَةَ فاريسُ وَقَد
أُشغِلَ أوريفيلُ في تِلكَ العُدَد
٣٧٣. في حُقِّهِ أَنفَذَ سَهماً فضاِنكَسَر
نَضيُّهُ وَالدَمُ بِالجُروحِ اِنفَجَر
٣٧٤. لِصَحبِهِ التَوى بِبَرّاحِ الأَلَم
يَأبى الرَدى وَصاحَ يُنهِضُ الهِمَم
٣٧٥. يا نُخبَةَ الأَبطالِ جُندَ الباسِ
قِفوا اِدفَعوا الحِمامَ عَن أَياسِ
٣٧٦. وَحَولَهُ تَأَلَّبوا فَخَشيَتي
يُصميهِ وَبلٌ مِن سِهامٍ صُبَّتِ
٣٧٧. وَمُذ لِذلِكَ النِداءِ اِنصَدَعوا
حَولَ أُريفيلَ الجريحَ اِجتَمَعوا
٣٧٨. وَدونَ أَيدٍ جُلنَ بِالعَوامِلِ
يَلامِقٌ أَلصِقنَ بِالكَواهِلِ
٣٧٩. وَاِنضَمَّ آياسُ إِلَيهِم وَاِنقَلَب
وَاِشتَدَّ وَقعُ الحَربِ وَالطَعنُ اِنتَشَب
٣٨٠. وَكانَ آخيلُ عَلى البُعدِ رَقَب
وَفي مُؤَخَّرِ السَفينَةِ اِنتَصَب
٣٨١. يَشهَدُ ما قَد حَلَّ بِالأَبطالِ
مشن قَومِهِ مِن مِحَن القِتالِ
٣٨٢. أَبصَرَ نَسطورَ الحَكيمَ اِنطَلَقا
عَلى الجِيادِ السابِحاتِ عَرَقا
٣٨٣. مَع ما خَوونَ يَنهَبُ الطَريقا
فَعَرَفَ السائِقَ وَالرَفيقا
٣٨٤. صاحَ بِفَطرُقلَ فَمِن خَيمَتِهِ
لَبّى وَهَذا مُبتَدا مِحنَتِهِ
٣٨٥. كَآرِسٍ مِن بابِهِ صاحَ وَما
رُمتَ اِبنَ فيلامِنِ نِداءي لِلحِما
٣٨٦. قالَ أَخيلُ يا أَوَدَّ الخَلقِ لي
قَد بَلَغَ الإِغريقُ أَقصى الفَشَلِ
٣٨٧. عَلى دَنِيِّ رُكبَتَيَّ صُغرا
سَيَنحَنونَ سائِللاينَ عُذرا
٣٨٨. والآنَ نَسطورَ اِقصُدَنَّ مُسرِعا
وَاِسأَلهُ مَع أَيِّ جريحٍ رَجَعا
٣٨٩. ما إِن نَظَرتُ وَجهَهُ لَكِنَّهُ
أَشبَهَ ما خَوونَ طِبقاً مَتنَهُ
٣٩٠. قَد مَرَّتِ الجِيادُ مِن أَمامي
طائِرَةً لِمَضرِبِ الخِيامِ
٣٩١. وَلَم يَكَد يُتِمُّ حَتّى كَرّا
فَطرُقلُ يَعدوا وَيُلَبّي الأَمرا
٣٩٢. وَنَسطُرٌ وَما خَوونُ وَصَلا
خَيمَةَ نَسطُرٍ بِها تَرَجَّلا
٣٩٣. وَتابِعُ الشَيخِ أُريميدونُ حَل
جِيادَهُ وَذَهَبا بِلا مَهَل
٣٩٤. يُنَشِّفانِ العَرَقَ السَيّالا
عَلى نَسيمِ البَحرِ ثُمَّ مالا
٣٩٥. لِخَيمَةِ الشَيخِ وَفيما جَلَسا
وَهيكَميذا بِنتُ أُرسينُوِّسا
٣٩٦. تِلكَ الرِبحَلةُ البَديعَةُ الشَعَر
لِنَسطُرِ كانَت نَصيباً مُدَّخَر
٣٩٧. أُهدِيَها جَزاءَ رَأيٍ أَصوَبا
لَمّا أَخيلُ تيندوسَ خَرَّبا
٣٩٨. قامَت لِإِعدادِ الشَرابِ عامِدَه
لَدَيهِما تَنصِبُ أَبهى مائِدَه
٣٩٩. جَميلَةَ مَصقولَةَ القَوائِمِ
زَرقاءَها تَنبِذُ لَومَ اللائِمِ
٤٠٠. مِن ثَمَّ أَلقَت فَوقَها دَسيعَه
مُؤَلَّقٌ نُحاسُها بَديعَه
٤٠١. وَمَزَجَت فيها عَلى الفَورِ البَصَل
وَخالِصَ الدَقيقِ مَع صافي العَسَل
٤٠٢. وَوَضَعَت إِزاءَها كَوكباً أَغَر
كانَ لَدى نَسطورَ مِن قَبلِ السَفَر
٤٠٣. وَهوَ عَلى قائِمَتَيهِ اِنتَصَبا
وَبِمَساميرِ النُضارِ التَهَبا
٤٠٤. وَفَوقَ كُلِّ مِن عُراهُ الأَربعِ
طَيرُ حَمامٍ مِن نُضارٍ أَلمَعِ
٤٠٥. وَذَلِكَ الكَوبُ إِذا ما يَطفَحُ
هَيهاتَ غَيرُ نَسطُرٍ يُزَحزِحُ
٤٠٦. لَكِنَّما ذَيّالكَ الشَيخُ الصَفِي
يَحمِلُهُ حَملاً بِلا تَكَلُّفِ
٤٠٧. وَراحَتِ الصَبِيَّةُ السَبِيَّه
بِحُسنِها كالرَبَّةِ السَنِيَّه
٤٠٨. تَصُبُّ فيهِ خَمرَ إِفرَمنا عَلى
ماءٍ وَفَوقَهُ تَفُتُّ عَجَلا
٤٠٩. بِمِبرَدِ النُحاسِ جُبنَ السَخلِ
وَتَقتُلُ المَزيجَ خَيرَ قَتلِ
٤١٠. وَفَوقَهُ ذَرَّت دَقيقاً صافي
ثُمَّ دَعَتهُما لِلإِرتِشافِ
٤١١. إِذا بِفَطرُقلَ كَرَبٍّ ظَهَرا
في البابِ فَالشَيخُ رأى وَاِبتَدَرا
٤١٢. وَقامَ عَن سُدَّتِهِ الوَقّادَه
بِيَدِهِ يَأخُذُ حُكمَ العادَه
٤١٣. ثُمَّ دَعاهُ لِلجلوسِ فَأبى
وَقالَ يا مُريدَ زَفسَ الأَنجَبا
٤١٤. عَفوا فَلَستُ بِمُلَبّي الأَمرِ
فَشَأنَ آخيلَ نَظيري تَدري
٤١٥. قَد يَصطَلي عَفواً بسورَةِ الغَضَب
وَيُتهِمُ البَريءَ عَن غَيرِ سَبَب
٤١٦. سَيَّرَني أَسأَلُ مِنكَ الخَبَرا
بِأَيِّ مَجرحٍ أَتَيتَ مُدبِرا
٤١٧. سَأَقفِلبَنَّ راجِعاً ذا الحينا
مُذ قَد عَرَفتُ الشَهمَ ما خَؤونا
٤١٨. فقالَ نَسطورُ وَأَينَ يَلقى
أَخيلُ بِالإِغريقِ هَذا الرِفقا
٤١٩. أَما رَأ أَنَّ فَناهُم بادِ
وَاِشتَمَلوا بِحُلَّةِ الحِدادِ
٤٢٠. وَخَيرُ مَن فيهِم فَفي الأَشراعِ
بَينَ جريحٍ وَطَريحٍ ناعي
٤٢١. فَذا أَبو البَأسِ ذِيوميذُ البِطَل
أَلَّمَهُ السَهمُ وَبِالرَغمِ قَفَل
٤٢٢. وَذاكَ أوذيسُ وَأَتريذُ خَرَق
جِسمَهُما العامِلُ وَالدَمُ اِندَفَق
٤٢٣. وَهاكَ وريفيلَ بِالعُنفِ اِنكَسَر
بِفَخذِهِ نَبلٌ بِهِ الجُرحُ اِنفَجَر
٤٢٤. وَها هُنا تَرى الكَمِيَّ الباسِلا
بِهِ جَريحاً جشتُ تَوّاً قافِلا
٤٢٥. لَكِنَّ آخيلَ عَلى شِدَّتِهِ
لَيسَ يُبالي بِبَني لُحمَتِهِ
٤٢٦. أَمُتَقاعِساً يَظَلُّ حَتّى
يَبتَتَّنا سَيفُ الأَعادي بَتّا
٤٢٧. وَتَلهَبُ النيرانُ بِالأُسطولِ
تُبيدُها بِالجُندِ وَالقُيولِ
٤٢٨. وا أَسَفا الشَبابُ وَلّى وَمَضى
وَالبَأسُ وَالإِقدامُ عَنّي أَعرَضا
٤٢٩. وفاتَني الإِبلاءُ والإيقاعُ
كما اِستَطالَت قَبلُ مِنّي الباعُ
٤٣٠. يَومَ الإِلِيّونَ على صُوارِنا
سَطَوا فَأَجَّجنا لَظى أُوارِنا
٤٣١. صُلنا عَلَيهم وَاِغتَنَمنا البَقَرا
فجاءَنا إيتومِنٌ مُستَعِرا
٤٣٢. إِبنُ هِفيروخَ الذي قد كانا
يَحكُمُ في أَليذَةَ السُكّانا
٤٣٣. فَنالَ مِنّي طَعنَةً نالَ الرَدى
بِها وَوَلّى القَومُ طُرّاً شُرَّدا
٤٣٤. وَخَلَتِ الأَنعامُ في السَهلِ لَنا
خَمسونَ سِرباً ماعِزاً مُسَمَّنا
٤٣٥. وَمِثلُها مِن أَحسَنِ الأُبقورِ
وَمِثلُها مِن أَسمَةِ الخِنزيرِ
٤٣٦. وَمِثلَ ذا الغَنيمَ سُقنا في الغَلَس
وَمِئَةً أَيضاً وَخَمسينَ فَرَس
٤٣٧. شَقراءُ طُرّاً تُرضِعُ الأَمهارا
سُقنا لِفيلوسَ نَؤُمُّ الدارا
٤٣٨. كُنتُ فَتىً وَاِهتَزَّ نيلاً طَرَبا
أَبي لَعَودي غانِماً مُكتَسِبا
٤٣٩. وَصاحَتِ الدُعاةُ في مَن طَلَبا
مِن ذِمَّةِ الأَعداءِ مالاً سُلِبا
٤٤٠. فَاِحتَشَدوا وَاِقتَسَموا القَليلا
وَذاكَ نَذرٌ مِن كَثيرٍ نيلا
٤٤١. حَيثُ الإِفِيّونَ عَلى قِلَّتِنا
صالوا بِفيلوسَ عَلى جُملَتِنا
٤٤٢. وَقَبلَ ذا بِأَحؤُلِ قَد صالا
هِرَقلُ فينا يَذبضحُ الأَبطالا
٤٤٣. وَمِن بَني نيلا وَكانوا اِثنَي عَشَر
سِوايَ لَم يَبقَ لَدَيهِ اِبنُ ذَكَر
٤٤٤. فَزادَنا العَدُوُّ غَدراً وَاِعتَسَف
وَبِأَساليبِ اللداداتِ قَذَف
٤٤٥. وَفي اِقتِسامِ الكَسبِ نيلا أَفرَزا
قَطيعِ أَبقارٍ لَهُ وَأَحرَزا
٤٤٦. سِربَ شِياهٍ بِرُعاتِها الَّتي
أَبقى لَه تَرعى ثَلاثمِئَةِ
٤٤٧. قَذِمَّةُ الأضعداءِ كانَت مُثقَلَه
لَهُ بَدينٍ رامَ أَن يُحَصِّلَه
٤٤٨. إِذا كانَ قَد أَرسَلَ لِلسِباقِ
أَربَعَةً مِن أَكرَمِ العِتاقِ
٤٤٩. يا مُلُ أَن يَفوزَ بِالرِهانِ
بِقِدرِهِم وَنَدَبِ الفُرسانِ
٤٥٠. لَكِنَّ مَولى الناسِ أَفغِياسا
مُعتَسِفاً قضد حَبَسَ الأَفراسا
٤٥١. كَذَلِكَ المَركَبَةَ الغَرّاءَ
وَاللاسائِقُ المُستاءُ فَذّاً جاءَ
٤٥٢. لِذاكَ نيلا اِغتَمَّ وَالوَفرَ اِدَّخَر
وَوَزَّعَ الباقي بِعَدلٍ وَأَمَر
٤٥٣. بِأَن نُضَحّي لِبَني الأَربابِ
شُكراً عَلى اَطايِبِ الأَسلابِ
٤٥٤. وَثالِثَ الأَيّامِ فاجأَنا العِدى
بِخَيلِهِم لا يُحصَرونَ عَددا
٤٥٥. وَالمُليُنانِ قائِدا الفُرسانِ
غِرّان للطِعانِ جاهِلانِ
٤٥٦. وَفي ثُغرِ أَلفِيا في طَرَفِ
فيلوسَ قامَت فَوقَ تَلٍّ مُشرِفِ
٤٥٧. بَلدَةُ إِثريونَ حاصَروها
يَبغونَ بِالعَنوَةِ أَن يُفنوها
٤٥٨. وَفي الدَياجي اِنحَدَرَت أَثينا
وَهُم بِذاكَ السَهلِ يَضرِبونا
٤٥٩. وَنَبَّهَتنا لِلوَبالِ المُحدِقِ
فَهَمَّ بِالهِمَّةِ كُلُّ الفَيلَقِ
٤٦٠. وَخالَني نيلاً صَبِيّاً غِرّاً
وَخافَ أَن أَكُرَّ فيمَن كَرّا
٤٦١. فَخَيلِيَ الجِيادَ أَخفى وَحَظَر
عُليَّ اَن أَجري عَلى ذاكَ الأَثَر
٤٦٢. فَراجِلاً بِعَونِها سِرتُ وَلي
كانَ لَدى الفُرسانِ أَسمى مَنزِلِ
٤٦٣. سِرنا إِلى حَيثُ لَدى آرينِسا
يَصُبُّ نَهرٌ قَد دَعَوا مينيساً
٤٦٤. لِلفَجرِ ظَلّض تَرقُبُ الخَيّاله
تَعقُبها كَتائِبُ الرَجّالَه
٤٦٥. ثُمَّ تَكَتَّبنا وَعِندَ الظُهرِ
طُرّاً نَزَلنا فَوقَ قُدسِ الثَغرِ
٤٦٦. مِن ثَمَّ أَعدَدنا الضَحياي الغُرّا
لِزَفسَ نَستَمِدُّ مِنهُ النَصرا
٤٦٧. وأَلثِسُ النَهرُ لَهُ أَذكَينا
عِجلاً كَذا بِآخَرٍ ضَحَّينا
٤٦٨. لِفوسِذٍ وَعَجلَةٌ تَبيعَه
لِرَبَّةِ الحِكمَةِ وَالشَفيعَه
٤٦٩. ثُمَّ تَناوَلنا الطَعامَ وَرَقَد
كُلٌّ مُدَجَّجاً عَلى ذاكَ الجَدَد
٤٧٠. وَحالَما بَراحِ مِن خِبائِها
لِلأَرضِ أَرسَلَت سَنا ضيائِها
٤٧١. بِزَفسَ لُذنا وَأَثينا وَمَضى
لِلحَربِ جَيشُنا عَلى ذاكَ الفَضا
٤٧٢. أَمّا الإِفِيّونَ فَحولَ البَلَدِ
تَأَلَّبوا بِعَدَدٍ وَعُدَدِ
٤٧٣. فَتحاً يَرومونَ وَلَكِن نَظَروا
شِدَّةَ آريسَ بِنا وَذُعِروا
٤٧٤. فَأَوَّلُ الفُرسانِ مَطعوناً وَقَع
بِنَصلِ رُمحي عِندَما نَحوي اِندَفَع
٤٧٥. مُليوسُ وَهوَ صُهرُ أَفغِياسِ
وَبَعلُ آغاميذَةِ الإيناسِ
٤٧٦. مَن كُنةَ نَبتِ الأَرضِ طُرّاً سَبَرَت
وَلِلعَقاقيرِ جَميعاً خَبَرَت
٤٧٧. جَندَلتُهُ فَخَرَّ مِن مَركَبَتِه
وَواثِباً عَلَوتُ في مَنَصَّتِه
٤٧٨. وَصُلتُ صَدرَ الجَيشِ وَالأَعداءُ
وَلّوا وَفيهِم عَلَتِ الضَوضاءُ
٤٧٩. راعَهُمُ أَنَّ زَعيمَ العَجَلِ
وَأَبسَلَ الأَبطالِ بِالحَتفِ بُلي
٤٨٠. وَفيهِم هَبَبتُ كَالإِعصارِ
أَذبَحُ كُلَّ سارحٍ وَسارٍ
٤٨١. وَفَوقَ خَمسينَ مِنَ العِجالِ
بِمِئَةٍ مِن أَمنَعِ الأَبطالِ
٤٨٢. فتَكتُ طاعِناً وَأَولَيتُ الرَدى
وَمِنهُمُ اِغتَنَمتُ تِلكَ العُدَدا
٤٨٣. وَكُدتُ أولي وَلَدي أَكتورا
وَمُليناً بِعامِلي الثُبورا
٤٨٤. لَكِنَّما جَدُّهُما فوسيذُ في
مُكَثَّفِ الضَبابِ فيهما خَفي
٤٨٥. وَلَم نَزَل نَكسَأُهُم في السَهلِ
وَنَصرُ زَفسٍ فَوقَنا يَستَعلي
٤٨٦. نَذبَحُهُم وَنَسلُبُ السِلاحا
وَالخَيلُ فينا تَنهَبُ البِطاحا
٤٨٧. حَتّى وَطِئنا أَرضَ بفُراسا النَعَم
وَصَخر أولينيسَ ذلك الأَشَم
٤٨٨. وعندَ تَلِّ آلِسٍ أَثينا
بَدَت لِعَودٍ عاجِلٍ تَدعونا
٤٨٩. عُدنا وَلَكِن بعدَما بِمَخفَقي
حَتفاً لَقي آخِرث جُندِيٍّ بَقي
٤٩٠. وَفي مآبِنا الأَخائِيّونا
شُكراً وَحَمداً كُلُّهُم يُسدونا
٤٩١. لِزَفسَ في الأَربابِ أبناءِ العُلى
وَلِلفَتى نَسطورَ ما بَينَ المَلا
٤٩٢. فذاكَ شَأني كانَ يَومَ المِحَنِ
إِن لَم يَكُن كالحِلمِ ماضي الزمَنِ
٤٩٣. لكِن أَخيلُ لَيسَ بِالشَقيقِ
وَسَوفَ يَبكي نَكبَةُ الإِغريقِ
٤٩٤. فَاِذكُر مِنِتيوسَ وَما قالَ لَكا
في إِفثِيا الفَيحاءِ مُذ أَرسَلَكا
٤٩٥. أَلَم أَكُن وَأوذِسٌ في القَصرِ
نَسمَعُ ما تَسمَعُهُ مِن أَمرِ
٤٩٦. يَومَ ذَهَبنا نَحشِدُ العُمّالا
بَينَ الأَخائيينَ وَالأَبطالا
٤٩٧. ودارُ فيلا كُنتَ مَع أبيكا
فيها وَآخيلُ الفَتى يَليكا
٤٩٨. وَالشَيخُ فيلا في فَناءِ الدارِ
مُؤَجَّجٌ فيها لَهيبَ النارِ
٤٩٩. يَحرِقُ أَفخاذاً مِنَ الثيرانِ
لِزَفسِ يَستَرضيهِ بِالقُربانِ
٥٠٠. وَفَوقَها يُريقُ مِن كَأسِ الذَهَب
مُدامَةً سَوداءَ مِن صافي العِنَب
٥٠١. وَأَنتُمُ اللُحومَ تَقطَعونا
مِن مَدخَلِ البابِ نَظَرتمونا
٥٠٢. فَقامَ آخيلُ وَفي أَيدينا
أَمسَكَ راحِباً بِنا يَدعونا
٥٠٣. وَإِذ قَضَينا مشن شرابٍ ضافي
وَخَيرِ زادٍ حَقَّ لِلأَضيافِ
٥٠٤. إِلَيكُما وَجَّهتُ قَولي عَلَنا
فَرُمتُما اللَحاقَ في الحالِ بِنا
٥٠٥. فَقالَ فيلا لِأَخيلَ يا اِبني
بَرِّز عَلى الأَقرانِ يَومَ الطَعنِ
٥٠٦. ثُمَّ مِنتيوسُ تَلا يَقولُ
رَفيقُكَ الباسِلُ ذا أَخيلُ
٥٠٧. فاقَكَ بَأساً نَسباً وَقَدرا
وَزِدتَهُ عُمراً وَزِدتَ خُبرا
٥٠٨. فَاِنصَحهُ خَيراً وَلَهُ كُن مُرشِدا
يُطِعِ لِماتُريهِ مِن سُبلِ الهُدى
٥٠٩. فَذاكَ أَمرُ الشَيخِ لَكِنّي أَرى
أَنَّكَ قَد نَسيتَ أَمراً أَمَرا
٥١٠. بَلِّغ أَخيلَ قَبلَ إِدراكِ الدَرَك
قَولي عَساهُ مُصغِياً يَذعَنُ لَكَ
٥١١. فَرُبَّ رَبٍّ مالَ لِلتَرَفُّقِ
وَالخَيرُ في نُصحِ الرَفيقِ المُشفِقِ
٥١٢. وَإِن يَكُن يَخشى حُلولَ البُؤسِ
بِوَحيِ ثيتيسَ لَهُ عَن زَفسِ
٥١٣. فَبِكَ فَليَبعَث مَع المَرامِدَه
عَسى بِكُم لَنا تَتِمُّ الفائِدَه
٥١٤. وَأَلبَس سِلاحَهُ عَسى الطُروادُ
يَروعُهُم لِذَلِكَ الجِلادُ
٥١٥. إِن نَظَروهُ فيكَ وَالإِغريقُ
يَبدو لَهُم لِلراحَةِ الطَريقُ
٥١٦. جَيشُكَ إِذ مَلَّ مِنَ القُعودِ
يَبطُشُ في جَيشِ العِدى المَجهودِ
٥١٧. بِذا تَقي السَفينَ وَالخَيمَ وَعَن
عاتِقِنا تَدرَأُ أَثقالَ المِحَنِ
٥١٨. لِذاكَ فَطرُقلُ أَساً تَقَطَّرا
وَكَرَّ يَبتَغي أَخيلَ مُخبِرا
٥١٩. وَإِذ لِأَشراعِ أُذيسَ عَرَضا
حَيثُ أَقامَ القَومُ ديوانَ القَضا
٥٢٠. حَيثُ أَحَلّوا مَجلِسَ الأَعيانِ
وَنَصَبوا مَذابِحَ القُربانِ
٥٢١. بَدا أُريفيلُ لَدَيهِ عارِجا
مِن ساحَةِ الحَربِ جَريحاً عارِجا
٥٢٢. يَرشَحُ مِن جَبينِهِ سَيلُ عَرَق
وَالسَهمُ بادٍ عَضَلَ الحُقِّ اختَرَق
٥٢٣. وَالدَمُ أَسوَداً سَخيناً يَجري
لَكِنَّهُ مُعتَصِمٌ بِالصَبرِ
٥٢٤. فَرَقَّ فَطرُقلُ لِذاكَ المَنظَرِ
وَقالَ مُلتاعاً لِهَولِ المَخبَرِ
٥٢٥. وا أَسَفا يا زُبدَةَ الأَغارِقِ
أَتُهلِكَنَّكُم ظُبى المَخافِقِ
٥٢٦. عَن دارِكُم نائينَ وَالأَصحابِ
لِتَذهَبوا مَطاعِمَ الكِلابِ
٥٢٧. قُل لي أُريفيلُ أَفي الإِغريقِ
بِقَيَّةٌ لِعِبرِ ذا المَضيقِ
٥٢٨. أَم ثَقُلَت وَطأَةُ هَكطورَ فَلا
مَرَدَّ لِلخَزي الوَبيلِ فَشَلا
٥٢٩. قالَ فَبَل قَد قُضِيَ الأَمرُ وَلا
مَناصَ وَاِنظُر تَلقَ خَيرَ النُبَلا
٥٣٠. بَينَ جَريحٍ وَطَريحٍ غادي
وَقُوَّةُ الطُروادِ في اِزدِيادِ
٥٣١. هَيِّ أَغِثني وَاِصحَبَنّي لِلخِيَم
وَأَخرِجِ السَهمَ يَزُل عَنّي الأَلَم
٥٣٢. وَالجُرحَ فَاِغسِلهُ بِماءٍ فاتِرِ
وَاِسكُب عَلَيهِ بَلسَمَ القَناطِرِ
٥٣٣. سِرٌّ حَفِظتَ عَن أَخيلَ وَهوَ عَن
أُستاذِهِ خَيرونَ في ماضي الزَمَن
٥٣٤. أَمّا طَبيبانا فَفوذاليرُ
ما بَينَ دُرّاعِ العِدى مَحصورُ
٥٣٥. وَما خَوونُ ذاكَ بادي العَطَبِ
في حاجَةٍ أَضحى إِلى التَطَبُّبِ
٥٣٦. فَقالَ فَطرُقلُ سَرى الوَبالُ
وَيلاهُ ما الحيلَةُ وَالمآلُ
٥٣٧. فها أَنا أَمضي إِلى أَخيلِ
أُبلِغُ قَولَ نَسطُرَ النَبيلِ
٥٣٨. لكِن أَراني عَنكَ غَيرَ ناءِ
وَأَنتَ تَحتَ الأَزمَةِ اللأواءِ
٥٣٩. وَمِن ذِراعَيهِ بِلُطفٍ حَمَلَه
وَلِخيامِهِ سَليماً أَوصَلَه
٥٤٠. وَمُذ لَدى الأَتباع في القُربِ ظَهَر
مَدّوا لَهُ الفِراشَ مِن جَلدِ البَقَر
٥٤١. أَلقاهُ فَطرُقلُ عَلَيهِ وَقَطَع
بِالسَيفِ نَصلَ السَهمِ مِن حَيثُ وَقَع
٥٤٢. وَغَسَلَ الجُرحَ وَعِرقاً مُرّاً
بِيضدِهِ فَتَّ وَحالاً ذَرّا
٥٤٣. فالتَأَمَ الجُرحُ وَأوقِفَ الدَمُ
وَأورفيلُ زالَ عَنهُ الأَلَمُ