١. قَدْ طالَ شَوقِي إِلى الأَحْبابِ والفِكَرُ
وقَدْ عَرانِي لِذاكَ الهمُّ والسَّهَُر
٢. وَكَم يَجيشُ الهوَى قَلبِي فَيَترُكُنِي
لا أَسْتَفِيقُ لِما آتِي وما أذَرُ
٣. وكَم نَصيحٍ أتَى يَومًا لِيعْذِلَنِي
فَصَارَ يَعْذُرُنِي فِيهِمْ وَيَعْتَذِرُ
٤. يَا لائِمًا في الهوَى صَبًّا أَضَرَّ بِهِ
طُولُ البِعادِ عَنِ الأَحْبابِ مُذ هَجَرُوا
٥. فَبَاتَ يَرعَى الذَّرَارِي مِنْ تَشوُّقِهِ
قَدْ بَاتَ مِنْهُ الحَشَا وَالقَلْبُ يَنْفَطِرُ
٦. لَو كُنْتَ تَدْرِي الهوَى أَوْ قَدْ بُلِيتَ بِهِ
وَذُقْتَ آلامَهُ كَالنَّارِ تَستَعِرُ
٧. لَما نَطَقْتَ ولَمْ تَنطِقْ بِلائِمَةٍ
لَوْمُ المُحِبِّينَ ذَنْبٌ لَيسَ يُغتَفَرُ
٨. دَعْ عَنْكَ ذِكْرَ الهَوى والمُولَعِينَ بِهِ
وَانْهَضْ إِلَى مَنْزِلٍ عَالٍ بِهِ الدُّرَرُ
٩. تَسْلُو بِمَرْبَئِهِ عَنْ كُلِّ غَالِيَةٍ
وَعَنْ نَعِيمٍ لِدُنْيا صَفْوُهُ كَدرُ
١٠. وَعَنْ نَدِيمٍ بِهِ يَلْهُو مُجالِسُهُ
وَعَنْ رِيَاضٍ كَسَاها النَّوْرُ وَالزَّهَرُ
١١. اِنْهَضْ إِلَى الْعِلْمِ فِي جِدٍّ بِلا كَسَلٍ
نُهوضَ عَبْدٍ إِلَى الْخَيْراتِ يَبْتَدِرُ
١٢. وَاصْبِرْ عَلَى نَيْلِهِ صَبْرَ المُجِدِّ لَهُ
فَلَيْسَ يُدْرِكُهُ مَنْ لَيْسَ يَصْطَبِرُ
١٣. فَكَمْ نُصوصٍ أَتَتْ تُثْنِي وَتَمْدَحُهُ
لِلطَّالِبِينَ بِها مَعْنًى وَمُعْتَبَرُ
١٤. َمَا نَفَى اللهُ بَيْنَ الْعَالِمِينَ بِهِ
وَالْجَاهِلِينَ مُسَاوَاةً إِذا ذُكِرُوا
١٥. وَقَالَ لِلْمُصْطَفَى مَعْ مَا حَبَاهُ بِهِ
اِزْدَدْ مِنَ الْعِلْمِ فِي عِلْمٍ بِهِ بَصرُ
١٦. وَخَصَّصَ اللهُ أَهْلَ الْعِلْمِ يُشْهِدُهُمْ
عَلَى الْعِبَادَةِ والتَّوْحِيدِ فَاعْتَبرُوا
١٧. وَذَمُّ خَالِقِنَا لِلجَاهِلِينَ بِهِ
فِي ضِمْنِهِ مَدْحُ أَهْلِ الْعِلْمِ مُنْحَصِرُ
١٨. وَفِي الْحَدِيثِ انْ يُرِدْ رَبُّ الْوَرَى كَرَمًا
بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ والمَخْلُوقُ مُفْتَقِرُ
١٩. أَعْطَاهُ فِقْهًا بِدِينِ اللهِ يَحْمِلُهُ
يَا حَبَّذا نِعَمًا تَأْتِي وَتُنْتَظَرُ
٢٠. أَمَا سَمِعْتَ مِثَالاً يُسْتَضَاءُ بِهِ
ويَسْتَفِزُّ ذَوِي الأَلْبَابِ إِنْ نَظَرُوا
٢١. بِأَنَّ عِلْمَ الهُدَى كَالْغَيْثِ يُنْزِلُهُ
عَلَى الْقُلُوبِ فَمِنْهَا الصَّفْوُ وَالْكَدَرُ
٢٢. أَمَّا الرِّيَاضُ الَّتِي طَابَتْ فَقَدْ حَسُنَتْ
مِنْهَا [الرُّبَى] بِنَبَاتٍ كُلُّهُ نَضِرُ
٢٣. فَأَصْبَحَ الْخَلْقُ والأَنْعَامُ رَاتِعَةً
بِكُلِّ زَوْجٍ بَهيجٍ لَيْسَ يَنْحَصِرُ
٢٤. وَبَعْضُهَا سَبَخٌ لَيْسَتْ بِقَابِلَةٍ
إِنْبَاتَ عُشْبٍ بِهِ نَفْعٌ وَلاَ ضَرَرُ
٢٥. يَكْفِيكَ بِالْعِلْمِ فَضْلاً أَنَّ صَاحِبَهُ
بِالْعِزِّ نَالَ الْعُلاَ وَالْخَيْرَ يَنْتَظِرُ
٢٦. يَكْفِيكَ بِالْجَهْلِ قُبْحًا أَنَّ صَاحِبَهُ
يَنْفِيهِ عَنْ نَفْسِهِ وَالْعِلْم يبْتَكرُ
٢٧. يَكْفِيكَ بِالْجَهْلِ قُبْحًا أَنَّ مُؤْثِرَهُ
قَدْ آثَرَ المَطلَبَ الأَدْنَى وَيَفْتَخِرُ
٢٨. أَيُّ الْمَفاخِرِ تَرْضَى أَنْ تُزَانَ بِهَا
أَجَهْلُكَ النَّفْسَ جَهْلاً مَا لَهُ قَدَرُ
٢٩. أَمْ بِالجَهالَةِ مِنْكَ فِي شَرِيعَتِهِ
كَيْفَ الصَّلاةُ وَكَيْفَ الصَّوْمُ وَالطُّهُرُ
٣٠. أَمْ كَيْفَ تَعْقِدُ عَقْدًا نَافِذًا أَبَدًا
كَيْفَ الطَّلاقُ وَكَيْفَ الْعِتْقُ يَا غُدَرُ
٣١. أَمِ افْتِخارُكَ بِالجَهْلِ الْبَسِيطِ نَعَمْ
وَبِالمرَكَّبِ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ
٣٢. تَبًّا لِعَقْلٍ رَزِينٍ قَدْ أَحَاطَ بِهِ
مَعَ الجَهَالَةِ دَيْنُ الذَّنْبِ وَالغَرَرُ
٣٣. كَمْ بَيْنَ مَنْ هُوَ كَسْلانٌ أَخُو مَلَلٍ
فَمَا لَهُ عَن ضَيَاعِ الوَقْتِ مُزْدَجَرُ
٣٤. قَدِ اسْتَلانَ فِرَاشَ الْعَجْزِ مُرْتَفَقًا
حَتَّى أَتَى المُضْعِفانِ الشَّيْبُ وَالْكِبَرُ
٣٥. وَبَيْنَ مَنْ هُوَ ذُو شَوْقٍ أَخُو كَلَفٍ
عَلَى الْعُلُومِ فَلا يَبْدُو لَهُ الضَّجَرُ
٣٦. يَرْعَى التَّوَقِّي وَيَرْعَى مِنْ تَحَفُّظِهِ
أَوْقَاتَهُ مِنْ ضَياعٍ كُلُّهُ ضَرَرُ
٣٧. لا يَستَريحُ وَلا يَلْوي أَعِنَّتَهُ
عَنِ الْوُصُولِ إِلى مَطْلُوبِهِ وَطَرُ
٣٨. تُلْفِيهِ طَوْرًا عَلَى كُتْبٍ يُطَالِعُهَا
يَحْلُو لَهُ مِنْ جَنَاهَا مَا حَوَى الْفِكَرُ
٣٩. تُلْهِيهِ عَنْ رَوضَةٍ غَنَّاءَ مُزْهِرَةٍ
أَطْيارُهَا غَرَّدَتْ وَالْمَاءُ مُنْهَمِرُ
٤٠. وَبَاحِثًا تَارَةً مَعْ كُلِّ مُنْتَسِبٍ
يَبْغِي الرَّشَادَ فَلَا يَطْغَى وَيَحْتَقِرُ
٤١. وَاهًا لَهُ رَجُلًا فَرْدًا مَحاسِنُهُ
بِالْحَزْمِ وَالْعَزْمِ هَانَ الصَّعْبُ وَالْعَسِرُ