١. أَيُّ حِرَاكٍ غَالَ مِنْكَ السُّكُونْ
وَنَارُ كَيْسٍ أَطْفَأَتْهَا المَنُونْ
٢. يَا بِشْرُ إِنْ تُودَ فَكُلُّ امْرِىءٍ
يَوْمَاً بِمَا صِرْتَ إِلَيْهِ رَهِيْنْ
٣. أَوْتُمْسِ غُصْنَاً فِي الثَّرَى ذَاوِيَاً
فَقَدْ ثَوَتْ قَبْلَكَ فِيْهِ غُصُونْ
٤. أَوْ يَبْلَ مِنْ جِسْمِكَ رَيْعَانُهُ
فَهَكَذَا تَنْمِي وَتَبْلَى القُرُونْ
٥. وَلَيْسَ مَمْلُوكٌ وَلاَ مَالِكٌ
بِخَالِدْ كُلُّ بِمَوْتٍ قَمِينْ
٦. مَنْ لِدَوَاةٍ كُنْتَ تُعْنَى بِهَا
عِنَايَةً تَعْجِزُ عَنْهَا القُيُونْ
٧. أَمْ مَنْ لِكُتْبِ كُنْتَ فِي طَيِّهَا
أَسْرَعَ مِمَّا تَتَلاَقَى الجُفُونْ
٨. أَمْ مَنْ لِحَاجَاتٍ إِذَا مَا مَضَى
فِيْهَا مَضَى وَهْوَ لِنُجْحٍ ضَمِيْنْ
٩. أَمْ مَنْ لِتَذْلِيْلِ صِعَابٍ إِذَا
بَاشَرَهَا سَهَّلَ مِنْهَا الحَزُونْ
١٠. أَمْ مَنْ لِكَأسٍ وَلِرَامُشْنَةٍ
فِيْهَا لَهُ مِنْ كُلِّ فَنٍّ فُنُونْ
١١. صَانِعُ أَلْطَفٍ تَأَتَّى لَهَا
بِحِكْمَةٍ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينْ
١٢. يَطْوِي الطَّوَامِيْرَ بِلاَ كُلْفَةٍ
وَيَلْصِقُ الإِلْصَاقَ مَا يَسْتَبِينْ
١٣. لَمْ يَنْثُرِ الدَّهْرَ سَحَاةً وَلاَ
أَثَّرَ فِي كَفَّيْهِ لِلْخَتْمِ طِينْ
١٤. سَائِسُ غِلْمَانٍ رَفِيْقٍ بِهِمْ
رِفْقَاً تَوَاخَى فِيْهِ ضَبُّ وَنُونْ
١٥. ظَبْيُ كِنَاسٍ بَزَّنِيْهِ الرَّدَى
وَالَّليْثُ لاَ يَدْفَعُ عَنْهُ العَرِينْ
١٦. وَجْهٌ عَلَى البَابِ إِذَا أَمَّهُ
زَوْرٌ وَفِي المَوْكِبِ حِصْنٌ حَصِيْنْ
١٧. يُمَيِّزُ النَّاسَ بِتَمْيِيْزِهِ
مَنَازِلاً فِيْهَا شَرِيْفٌ وَدُونْ
١٨. شِهَابُ آرِيٍّ أَطَافَتْ بِهِ
خَيْلٌ لَهَا فِي جَانِبَيْهَا صُفُونْ
١٩. يَقْرُبُ مِنْهَا وَيُرَاعِي الَّذِي
تَقْضِمُهُ حَتَّى تعِيْهِ البُطُونْ
٢٠. يَسْتَوقِفُ الجَامِحَ مِنْهَا وَإِنْ
يَرْكَبْ حَرُونَاً يَسْتَمِرُّ الحَرُونْ
٢١. طَاهِي قُدُورٍ طَيَّبَتْ كَفُّهُ
مَذَاقَهَا فَالْغَثُّ مِنْهَا يَبِينْ
٢٢. يَا نَاصِحِي إِذْ لَيْسَ لِي نَاصِحٌ
وَيَا أُمِيْنِي إِذْ يَخُونُ الأَمِيْنْ
٢٣. لَمَّا دَفَنَّاكَ رَجَعْنَا وَهِي ال
أحْشَاءِ مِنْ فَقْدِكَ دَاءٌ دَفِينْ
٢٤. أَمْتَعْتَنِي حَيًّاً وَآجَرْتَنِي
مَيْتَاً فَخَظِّي مِنْكَ دُنْيَا وَدِينْ
٢٥. كُنْتَ لِأَسْرَارِي فَأَصْبَحْتُ قَدْ
أُبِيْحَ مِنْ سِرِّي حَمَاهُ المَصُونُ
٢٦. وَكُنْتَلِي أُنْسَاً فَلاَ أُنْسَ لِي
وَكُنْتَ لِي عَوْنَاً فَمَنْ أَسْتَعِينْ
٢٧. تَاللَّهِ مَا أَسْمَحَنِي لِلْبِلَى
بِهِ عَلَى أَنِّي بِبِشْرِي ضَنِينْ
٢٨. أَيُّ مَلِيْكٍ شَانَهُ عَبْدُهُ
فَإِنَّ بِشْرِي كَانَ مِمَّا يَزِينْ
٢٩. إِنْ تُخْلِفِ الآمَالُ فِي عُمْرِهِ
فَلَمْ تَكُنْ تُخْلِفُ فِيْهِ الظُّنُونْ
٣٠. يَغْدُو مَعَ الكُتَّابِ غِلْمَانُهُمْ
وَأَغْتَدِي وَحْدِي وَمَا لِي قَرِينْ
٣١. وَلَوْ أَشَاءُ اعْتَضْتُ لَكِنَّ مَنْ
يُعْتَاضُ إِمَّا عَاجِزٌ أَوْ خَؤُونْ
٣٢. فَالدَّارُ والدِّيْوَانُ مِنْ بَعْدِهِ
كَرَسْمِ دَارٍ خَفَّ مِنْهَا القَطِينْ
٣٣. عَهْدِي بِهِ كَاسِرَ اَجْفَانِهِ
يَنْظِمُ دُرَّ الرَّشْحِ مِنْهُ الجَبِيْنْ
٣٤. فَاتِرَةٌ أَلْحَاظُهُ طَالَمَا
حُوذِرَ مِنْ ذَاكَ الفُتُورِ الفُتُونْ
٣٥. مُنْقَادَةٌ لِلْمَوتِ أَعْضَاؤُهُ
يَضْعُفُ أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُ الأَنِينْ
٣٦. أَسْأَلُهُ وَهُوَ عَلَى مَا بِهِ
مُصْغٍ لِقَوِلي وَمُجِيْبٌ مُبِينْ
٣٧. يَذْبُلُ شَيْئَاً بَعْدَ شَيءٍ كَمَا
يَذْبُلُ بَعْدَ النَّضْرَةِ اليَاسَمِينْ
٣٨. كَأَنَّهُ فَوْقَ حَشِيَّاتِهِ
رَيْحَانَةٌ أَبْطَأَ عَنْهَا مَعِينْ
٣٩. يَا مَوتُ لَو غَيْرُكَ أَوْدَى بِهِ
مَا كُنْتُ أَسْتَجْدِي وَلاَ أَسْتَكينْ
٤٠. مَا زَالَ بِشْرٌ بِتَبَاشِيْرِهِ
مُتَابِعَاً حَتَّى أَتَاهُ اليَقِينْ
٤١. فَالدَّمْعُ جَارٍ وَالأَسَى فِي الحَشَى
ثَاوٍ وَقَلْبِي مُسْتَطَارٌ حَزِينْ
٤٢. عَيْنٌ أَصَابَتْهُ فَلاَ مُتِّعَتْ
وَالعَيْنُ لاَ تَغْفُلُ عَنْهُ العُيُونْ
٤٣. وَكَيْفَ حَالِي بَعْدَ مَنْ هَذِهِ
صِفَاتُ هَذَا الخَيْرِ فِيْهِ يَكُونْ